أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - زيارة مقبرة وادي السلام















المزيد.....

زيارة مقبرة وادي السلام


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 7398 - 2022 / 10 / 11 - 22:58
المحور: الادب والفن
    


في الذكرى الحزينة التي صادفت حلول أربعينية أخي الراحل (سيد خضر)، قصدت حينها زيارة مقبرة (وادي السلام) برفقة أخي (سيد رعد) الى مدينة (النجف الاشرف)، وقد سلكنا الطريق الترابي الضيق عبر محلة (بير عليوي) نحو مقبرة العائلة، فترآى لي ما بين اللحود قبر أخي الذي كان مشيداً من حجر المرمر الأسود وقد أحاطته الآيات القرآنية والأدعية، وصورته المحفورة على قطعة من المرمر الأسود .. وقد اعتلت القبر سقيفة بيضاء يستفيء بها القبر والزائرين ايضا. توقفت قرب القبر وأذرفت دموع الألم بحرقة الفقدان والفراق لرحيل أخي المبكر، وبعد أن ودعنا القبر وقرأنا سورة الفاتحة قصدنا زيارة قبريّ الوالد والوالدة رحمهما الله، وكذلك بقية قبور الاقرباء والمعارف.
لمحت شيخاً كان يتسلل ما بين القبور وهو يقصد مجلسنا فاخبرني الأهل بأن القادم الشيخ الدفان (أبو يحيى) ولدى وصوله جلس القرفصاء أمام قبر والدتي ثم بدأ بقراءة الفاتحة وبعدها بادر برش الماء على قبرها من قنينة كانت بحوزته، فتلك كانت مهنته أضافة الى عمله في حفر القبور التي يسترزق منها.. وقد أكرمناه بما تجود به اليد، فبرح القبر والحضور شاكراً وهو يتلو الأدعية الى روح الوالدة.
ثم عرجت نحو ضريح (سيد سروط) لأجل زيارة مرقد هذا الوليّ الجليل الذي أكن له الاحترام، وقد كانت برفقتي في الزيارة ابنة أخي، والتي أثار فضولها سبب زيارتي لهذا المقام في مقبرة وادي السلام .. فحدثتها عن مكارم هذا السيد وكرمه وعلاقته الطيبة مع الغريب والقريب دون تمييز واستضافاته في مضيفه الكبير في (قضاء المجر) للزائرين القادمين من كل مكان الى (أهوار الحويزة) وحدثتها أيضا عن استضافته الى الرحالة والمؤرخين من أمثال: كيفن يونغ مؤلف كتاب العودة الى الاهوار، وماكسويل كالفن، والرحالة ويلفريد ثيسجر وغيرهم.
التقيت بالشيخ أبو يحيى مرة أخرى وقد كان منشغلاً بمليء قناني الماء من صنابير أحواض الوضوء في حضرة ضريح سيد سروط كي يحملها ويرشها على سطوح القبور وأثناء حديثي معه وعن مهنته التي تجاوزت الخمسون عام ما بين حفر اللحود ودفن الموتى ورش الماء والاهتمام بالقبور والسراديب .. سألته: أيها الشيخ أخبرني هل شاهدت أو سمعت خلال تواجدك لنصف قرن ما بين عالم الاموات لا سيما في حلكة الظلام في مقبرة وادي السلام أي ظاهرة روحانية كسماع صوت الاموات ليلاً أو ظهور الاشباح أو بعث أرواح الموتى من قبورهم ، فأجابني: بالنفي حين أكد بانه لم يسمع أو يرى أي شبحاً أو روحاً مبعوثة سواء كانت خيرة أم شريرة من رفاتها فالقبور دائماً صامتة تغط في سكينتها !!
تطلعت نحو الآفاق الشاسعة الى أوسع مقبرة في العالم والتي يمتد تأريخها الى ما قبل الاسلام والتي كانت تضم قبور أنبياء يذكر منهم (هود وصالح) عليهما السلام وكذلك مرقد الإمام (علي بن أبي طالب) عليه السلام .. وأيضاً هنالك رفات لملوك ومشاهير وأثرياء وسادة وشيوخ وخدم ومهمشين وفقراء أيضا.. ومن ديانات وطوائف وقوميات مختلفة من مشارق الارض ومغاربها رغم أن المقبرة كانت هويتها شيعية والغالبية العظمى من القبور تعود رفاتها الى الطائفة الشيعية العراقية، لا سيما بعد أن دفن بها وشيد على تخومها مرقد الإمام (علي بن ابي طالب).
وبعد أن غادرنا المقبرة، قصدنا زيارة مرقد الإمام علي عليه السلام .. وأثناء سيرنا في شارع الرسول أثار إنتباهنا وجود طابور من الرجال يقفون أمام أحد أزقة (شارع الرسول) فسألنا الشرطي الذي كان واجبه مراقبة الطابور فأجابنا: بان هؤلاء الناس يطلبون زيارة الإمام (علي السيستاني) فسألني أخي إذا كنت أود زيارة الإمام : فأبديت رغبتي بزيارة دار السيد وانها بالطبع ستكون فرصة مهمة أن نلتقي بتلك الشخصية الأستثنائية المرموقة والزعامة الروحية التي تمثل الطائفة الشيعية حول العالم، والتي أثارت قضية وجوده من عدمها تساؤلات وتكهنات مختلفة ومتناقضة فالبعض ما زال يظن انه مات ودفن سراً وقد أخفيت المعلومات عن موته والبعض يظن أن هنالك شبيه لشخصية الإمام .
لكني كنت على يقين أن الامام وآية الله العظمى علي السيستاني لم يزل حياً وحضوره حقيقي، وقد رأيته بأم عيني وسمعت حديثه.
بعد الاستفسار عن معلومات شخصية وتفتيش واعطائنا كمامات وزعنا، حرس الحماية الى مجموعات كان يسمح لها أن تدخل الى صالة بسيطة تتسع الى خمسة عشر شخصا وكانت الصالة في غاية النظافة وجدرانها مطلية باللون الابيض وقد شاءت الصدفة ان يكون موقع جلوسي مقابلا لكرسي أية الله العظمى الذي ناهز عمره الثانية والتسعون عاما وكان يجلس بجانبه رجل ربما كان ابنه محمد رضا ، وكان للمكان حضور مفعم بالهيبة والاحترام والصمت في ذات الركن الذي التقى به بفخامة بابا الفاتيكان( فرنسيس) وذات الزاوية المقدسة التي أطفأ بها الامام السيستاني بدايات سعير حروب طائفية كثيرة وفتن داخلية، فكان يستحق أن ينعت بصمام (أمان العراق) ويرشح الى جائزة نوبل للسلام، ومنها أيضا أعلن الجهاد الكفائي ضد داعش والعصابات الارهابية والتنظيمات السلفية.
استهل الإمام بعد لقاءه بالضيوف في تراتيل الدعاء، فرفعا أكفنا وأثناء الدعاء حدق بيّ مبتسما بوجه كان يشع بالبراءة والطيبة والتسامح ونحن نردد وراءه، وكان مقطع من دعاؤه يتلوه بلكنته الفارسية بصوته الهادىء والذي عادة ما يردده مع نفسه ومع الضيوف : اللهم إحفظ العراق وأهله.
بعد نهاية الدعاء حاول الحاضرين تقبيل يد السيد لكن التعليمات كانت مشددة تحضر عدم التقاط الصور الفوتغرافية وكذلك تحضر التقرب من الامام ولمس كفه ،رغم أن سادة الحوزة لا يمانعون من العامة من تقبيل ظاهر أكفهم وقد ذكرني موضوع تقبيل أكف السادة والعلماء بحكاية الشاعر (مظفر النواب) لدى زيارته الى استراليا عام 1998 وهو يذكر لمستقبليه في ولاية سدني انه ولدى زيارته الى ايران أثناء الحرب العراقية الايرانية في زيارة الى دار (الامام الخميني) وكانت بدعوة للشعراء والنخب الثقافية ورجال الدين تقدم الجميع نحو الإمام وقبلوا كفه باستثناء مظفر الذي مر وصافح يد الامام دون تقبيلها، فرفع الخميني نظره من الارض متسائلاً عن الشخص الذي صافحه وحين أخبروه انه الشاعر مظفر هز رأسه وارتسمت على ملامحه ابتسامة تدل على معرفة سابقة باسم الشاعر النواب .
غادرنا بيت السيد السيستاني بعد أن القينا تحية الوداع بينما كان آخرين ينتظرون دورهم للقاء الإمام.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العزلة في يلوا/ الجزء الثاني
- العزلة في يلوا / الجزء الاول
- تجليات الأبواب
- القبر المنسي في أنقرة
- رحلة الموت وفجيعة البحر/ الجزء الثاني
- رحلة الموت وفجيعة البحر
- أبوذية الغناء وصوفية العشق
- إحفيظ ومملكة الاساطير والخوف/ الجزء الاول
- تجليات الالوان والرموز في مقامات السجاد
- مقامات هجرة السنونو
- تجليات سادن العرفان
- مقامات الغربة والاسفار
- فراديس الاهوار / الجزء الثالث
- فراديس الأهوار / الجزء الثاني
- فراديس الاهوار
- أوريكة
- مقامات المدن والموسيقى
- مقامات الموسيقى والمدن
- مدينة الرياح وأساطير البحر
- مراكش/ رحلة في أروقة الگناوة


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - زيارة مقبرة وادي السلام