أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - مقامات الموسيقى والمدن















المزيد.....

مقامات الموسيقى والمدن


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 6979 - 2021 / 8 / 5 - 14:34
المحور: الادب والفن
    


حوار الموسيقى الكونية
الجزء الرابع
حين يقترب موعد إفتتاح مهرجان (گناوة وموسیقى العالم) من كل عام في الصويرة التي تحتفي بتلك المناسبة لمدة ثلاثة أيام، تعج حينها المدينة بحشود غفيرة قادمة من شتى أصقاع العالم تلتف حول المنصة الرئيسية في ساحة مولاي الحسن، المنتصبة ما بين المدينة والساحل، بعد أن تنطلق الفرق الموسيقية الگناوية سيراً على الاقدام بأهازيجهم ورقصاتهم تصحبهم آلاتهم الموسيقية وهم يرتدون أبهى ملابسهم الزاهية التقليدية وبالوانها الرمزية الفاقعة ويعتمرون طاقياتهم المزدانة بالاحجار وأصداف البحر من (باب دكاله) الى الساحة.
یشکل هذا المهرجان السنوي الذي تأسس عام 1998 حدث عالمي فني يجمع ما بين الاداء الشعري والموسيقى والغناء والرقص والاحتفاء الطقوسي المتنوع مع الايقاعات (البربرية الطوارقية والافريقية والعربية والابتهالات الصوفية الاسلامية) وبمشاركة الفرق الموسيقية (الاوربية والامريكية والتاميلية والكاريبية) يجمعهم الغناء والعزف المشترك ما بين المعلمين الگناويين وكبار الفنانيين العالميين.
تعد هذه التجربة الفنية الحديثة والتلاقح الموسيقي الاممي تجارب أبداعية مهمة ورسالة أنسانية نبيلة من أجل نشر الحب والسلام ضد الكراهية والعنصرية وضد الحروب والدمار أنها دعوة لنصرة الموسيقى والشعر ضد الترسانة الحربية والاستبداد، وترسيخ الرهان ... أن مهمة الموسيقى هي دعوة لإنقاذ البشرية من تداعيات السقوط في دوامة العنف والجريمة والتخلف وكذلك تهذيب النفوس وصقل الحس الجمالي فهي اللغة الاممية المشتركة فوق هذا الكوكب.
أبتداءً من تجربة الموسيقار الاسطورة وعازف الگيتار (جيمي هندريكس) الذي زار الصويرة عام 1969 ولقاؤه مع ملك الگمبري المعلم (عبد الرحمن باكو) في قرية (ديابات) المتاخمة للصويرة والتي تحولت فيما بعد الى مركز استقطاب وعاصمة لشباب حركة (الهبيين) العالمي وقد حصل غناؤهم وعزفهم الارتجالي بالصدفة في تلك القرية الهادئة التي تقع على ساحل الاطلسي ويذكر أن الاسطورة جيمي هندريكس الذي كتب في مدينة الصويرة (أغنية قصور من الرمال) كان يفكر بشراء القرية ويحولها الى واحة للموسيقى والغناء العالمي وملتقى لحركة شباب الهبيين، لو لا الموت الذي غيبه في إحدى فنادق لندن وهو بعمر 27 سنة بعد عام واحد من زيارته للصويرة وما زال هنالك مقهى يحمل اسمه ويعرض صوره في قرية ديابات والذي يرتاده الكثير من الزوار ومن محبيّ جيمي هندريكس.
يتجلى الانسجام الموسيقي والروحي المشترك ما بين موسيقى الگناوة وموسيقى (الجاز والفلامنكو والريغي الجامايكي والكاريبي والبلوز) بمنح فضاء مطلق لموسيقى كونية وليدة ثقافات متعددة يجمعها تأريخ من الجراحات والشجن وصرخات المستعبدين من أجل الحرية والكفاح والانعتاق من العبودية ... وكذلك ما بين تناغمات (الراجا والتالا) والدعوة للمحبة والتأمل الروحي والتعايش السلمي في موسيقى الكارناكيتية والتاميلية والاغاني الهندية الراقصة على ايقاعات الطنبورة والسانتور ومع نفخات الساكسفون العميقة والقوية النابعة من تأريخ الرق وشقاء الزنوج، (والترومبون والبوق) في موسيقى (الجاز) التي تكون الاقرب الى انغام آلة (البانجو) في موسيقى (البلوز) وطبول (الريغي) الثقيلة التي توحي بصوت الثورة ضد الاستغلال والعنصرية والتهميش العرقي... مع عزف گيتار (الفلامنكو) وحسرة الفلاح الموريسكي المسلم المنكوب حين فقد أرضه وطرد قسراً خارج فردوسه الاندلسي فوجد مواساته مع ضياع الغجر ورقصة طائر النحام الوردي.
حين استمع الى موسيقى الروح الكونية التي تتداخل بها التوليفات الموسيقية وانسجام التناغمات القادمة من آفاق بعيدة لتجتمع في لقاء التلاقح الموسيقي والاندماج الثقافي والانساني كنت أتمنى لو يكون هنا في مهرجان الصويرة لموسيقى العالم حضور للغناء الريفي العراقي وأطوار الابوذية أيضاً مثل (المحمداوي والصبيّ والزهيري) حين يكون مشروع وتجربة مشتركة مع ايقاعات الگناوة أو الجاز أو الايقاعات التاميلية تصاحبها ايقاعات (الدنبك والمطبگ والخشبة العراقية والناي) بأنينه الشجي الذي يستحضر تمايلات قصب البردي وترانيم الهور الى ساحل الاطلسي أو حين يشترك الايقاع الجسدي لرقصة الچوبي والهجع مع رقصة الغناوة أو الفلامنكو يرافقه تناغم ونين المطرب العراقي الذي يحمل همومه وأشجانه وعشقه منذ سومر وأكد!!
أن التراكمات السمعية والايقاعات الموسيقية وكتابات القصائد الشعرية والتمعن في القراءة التأريخية والمقارنة ما بين موسيقى الگناوة وموسيقى البلوز مع الابوذية والغناء الريفي العراقي جعلتنی أدرك أن هناك ثمة تشابه ووشائج تجمع بين هذه المذاهب الغنائية لاسيما في روحية البوح الحزين الذي يفيض من الاعماق الانسانية المعذبة التي تنشد الخلاص، فحين يشدو المغني أنينه وأوجاعه وغربته وشكواه وهذا ما يفيض به غناء البلوز لدى الزنوج المعذبين في امريكا والنازحين من أفريقيا لا سيما في زمن العبودية في القرن السابع عشر مع المغنيين الريفيين والاهواريين الذين هم أشبه بسدان الحزن في المعابد السومرية حين ينشدون عذابات الناس المقرونة بالقهر الاجتماعي والسياسي الذي مر بالوطن ويوصفون أيضاً بساطة وجمال الطبيعة لاسيما في البساتين والاهوار ويرتلون هيامهم ولوعتهم وحبهم العذري لحبيباتهم باصواتهم الشجية والساحرة حين يشدوا القصب الملتاع بماء الاحزان أنينه في هزيز الريح حتى يعبر الونين واستمرارية الشجن الى قصبة أخرى وسط جمهرة المنشدين من أجمة القصب هذا الفن المقرون بالنعي والتظلم، مع ايقاع مجاذيف المشاحيف في سكينة الهور وشدو الطيور التي تتوارى وراء أجمة القصب والصرائف ووراء أساطير وأسرار إنكي (إله الماء) لدى السومريين.
ومثلما زنوج أمريكا المهجرين قسراً من جذورهم ومن أوطانهم وهم يرددون أغاني حرث الارض وتبذيرها ثم الحصاد في حقول مالكيها الغير شرعيين من البيض ومعاناتهم في حمل الاخشاب والصخور وتصاعد ايقاعات أوتار البانجو والقيثار مع رفع عقيرتهم وهم ينشدون لكفاحهم وبؤسهم من اجل الانعتاق والحرية.
وفي حضرة هذا المهرجان كنت أتخيل سماع أغنية كونية ينشدها الگناوة ايقاعاتها قادمة من آلة گمبري بمحاذاة أسوار مراكش العتيقة أو مطربي البلوز والجاز وهم يصدحون بالغناء الحزين من دلتا المسيسبي بصحبة الساكسفون والبانجو مع مغني الابوذية والغناء الريفي أو منشد الچالغي البغدادي بغنائهم المنساب من أهوار الجبايش وبساتين نخيل الجنوب ومقاهي ومقامات شناشيل بغداد.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدينة الرياح وأساطير البحر
- مراكش/ رحلة في أروقة الگناوة
- مراكش وهارمونية الاطياف الحضارية / الجزء الاول
- حكايات من جزيرة الواق واق / الجزء 5
- حكايات من جزيرة الواق واق الجزء/ 4
- حكايات من جزيرة الواق واق / الجزء / 3
- حكايات من جزيرة الواق واق/ الجزء /2
- حكايات من جزيرة الواق واق
- مكابدات الرحّال / الجزء الأخير
- مكابدات الرحّال / الجزء السابع عشر
- مكابدات الرحال / الجزء السادس عشر
- مكابدات الرحال / الجزء الخامس عشر
- مكابدات الرحال / الجزء الرابع عشر
- مكابدات الرحال/ الجزء الثالث عشر
- مكابدات الرحّال/ الجزء الثاني عشر
- مكابدات الرحّال/ الجزء الحادي عشر
- مكابدات الرحّال/ الجزء العاشر
- مكابدات الرحّال / الجزء التاسع
- مكابدات الرحال/ الفصل الثامن
- مكابدات الرحّال ظ


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - مقامات الموسيقى والمدن