أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الفيل في المنديل- شيطنة الفضول














المزيد.....

الفيل في المنديل- شيطنة الفضول


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7396 - 2022 / 10 / 9 - 14:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ليس الفيل فقط، بل الكون وما ورائه والحياة وما بعدها والكائنات ما ظهر منها وما بطن حتى يرث الله الأرض ومن عليها كله موثق ومعلوم طي كتاب بحجم الجيب. ما فرط الكتاب في شيء. كثيرون يصدقون، بل الأغلبية الساحقة. لكن سذاجتهم تلك لا تغني بشيء. هم في نهاية المطاف يعيشون حياتهم كما دأب الناس منذ آلاف السنين، مصدقين أيضاً في أساطير شتى لكن بمسميات مختلفة. الأسطورة لا تخلق واقعاً ولا يمكنها العيش خارج مخيلة المؤمن بها، لأنها في الأصل غير ممكنة أو قابلة للتطبيق في الواقع المعاش. الحياة المعاشة الفعلية ترفضها وتلفظها. لكن مع ذلك، وكما كان الحال مع أساطير أخرى كثيرة قبلها، تؤدي هذه الأسطورة الإسلامية وظيفة بالغة الأهمية لهؤلاء الذين أنشأوها ويسهرون على حفظها وبقائها على قيد الحياة- شيطنة الفضول ومحاصرته والقضاء عليه.

الفضول هو زاوية نظر جديدة للأشياء، حتى لو كانت هذه الأشياء نفسها موجودة منذ ملايين السنين والنظرة السائدة لها حالياً يزيد عمرها على ألف سنة. هكذا كانت زاوية نظر نيوتن للتفاحة الساقطة فوق رأسه جديدة ومخالفة للسائد والمألوف، ليفجر علوماً وطاقات جديدة. كذلك الحال مع النفط الكامن في بطن الأرض منذ ملايين السنين، حين ظهرت زاوية النظر الجديدة انقلبت أحوال البشرية والعالم الإسلامي رأساً على عقب خلال عشرات السنين الأخيرة فقط. ولا يقتصر الأمر على التفاحة والبترول، بل يسع كل ما في الكون من موارد وكائنات طبيعية، موجودة بحالتها في الطبيعة كما هي منذ ملايين السنين. لكن حين تظهر زاوية النظر الجديدة لها، تظهر في ركابها أيضاً استخدامات ومنافع جديدة لا تعد ولا تحصي. الطيران عبر الكوكب وإلى الفضاء قد نشأ بفضل زاوية نظر جديدة إلى الطير المحلق بجناحين في عنان السماء؛ والغواصات تمخر المحيطات من زاوية نظر جديدة إلى الحيتان.

حتى الإنسان ذاته غير آمن ولا محصن من زوايا النظر الجديدة عبر العصور. بفضل زاوية نظر جديدة قبل بضع مئات السنين، تحرر الإنسان من الرق والعبودية لإنسان آخر. وبفضل زوايا النظر الجديدة لشؤون الإنسان في الحياة، نشأت الديمقراطية والشمولية والرأسمالية والشيوعية وحقوق الإنسان والأقليات والمرأة وصولاً إلى الإجهاض والمثليين. كل شيء في حياة الإنسان في تغير وتطور مستمر بفضل زوايا النظر الجديدة لشؤونه من حين لآخر ومن عصر لآخر. حتى الأديان نفسها، ونظرة الإنسان وممارسته لها، غير بعيدة أبداً عن هذا التغير والتطور المستمر الذي لا يتوقف ولا ينتهي وليست له نهاية معلومة. لكن، من جهة أخرى، كل ذلك التغير والتطور لكي ينهض ويستمر لابد من توفر شرط مسبق أساسي- عقل فضولي.

العقل الفضولي وحده هو القادر على إطلاق شرارة التغيير والتطوير الأولى وبعدها ينتشر ويعم من تلقاء نفسه حين يستطعم جمهور الناس العاديين جدواه وحلاوته. لكن، للأسف، مثل هذا العقل الفضولي نادر، بل شديد الندرة وغير متاح بسهولة ويحتاج حتى ينهض إلى بيئة داعمة وظروف مواتية خاصة. إذ رغم كثرة تعداد الناس، سنجد من هم على شاكلة نيوتن وسقراط وابن حيان والفارابي وابن سينا وابن رشد يعدون على أصابع اليد في كل العصور والأزمان. وقلة أعدادهم في حد ذاتها تغري أعدائهم وتسهل من عملية اصطيادهم. دائماً وأبداً تحتاج الأقليات في كل المجتمعات إلى ضمانات وحماية خاصة. لكن إذا ما سحب عنهم لسبب أو آخر غطاء الحماية، حينئذ يأتي دور الأسطورة- محاصرة هذه الأقلية من أصحاب العقول الفضولية بواسطة تهييج الجماهير الغفيرة ضدهم، وقد يصل الأمر إلى محاكمتهم وإعدامهم أو حتى الفتك بهم على أيدي الغوغاء في الشوارع والميادين أو على فراشهم داخل بيوتهم. لكن، من جهة أخرى، من هم هؤلاء الذين يهيجون الجماهير ضد الفضوليين، وما هي مصلحتهم؟

لكل عصر وزمان أساطيره وخرافاته، وكان ولا يزال الغرض الأساسي من الأساطير والخرافات عبر العصور والأزمان المختلفة هو الحفاظ والإبقاء قدر الإمكان على الوضع والنظام القائمين في كل عصر وزمن مختلف كما هما من دون تغيير أو تطوير. ودائماً وأبداً في كل العصور والأزمان، كان الحريصون أشد الحرص على الإبقاء على الوضع والنظام القائمين من دون تغيير أو تطوير يُذكر- وإن كان لابد لا مفر ففي اتجاهنا ومصلحتنا- هم هؤلاء أصحاب المصلحة الأكيدة في استمرار الوضع والنظام القائمين في حينه. وفي الحقيقة، هؤلاء هم أنفسهم الذين أنشأوا الأسطورة وهم الذين يصونون بقاؤها.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلهٌ بحجم الجيب
- الكتالوج الرباني
- مسلمون بحالة المصنع
- ماذا تعني ’التعبئة الجزئية‘ الروسية؟ 2
- ماذا تعني ’التعبئة الجزئية‘ الروسية؟
- آلهة وبشر في علاقة تبادلية
- ثلاث سيناريوهات لنهاية حرب بوتين 2
- ثلاث سيناريوهات لنهاية حرب بوتين
- البيض الأمارة - نظرة ثقافية
- الدين في العالم القديم 4
- الدين في العالم القديم 3
- الدين في العالم القديم 2
- الدين في العالم القديم
- -حاجة لله- - المفهوم الاجتماعي للنص
- شرعية المحكومين المهدرة
- استعلاء الثقافة العربية على الفرد
- في الحكم في تربية العجول
- ورثة الملك وخبيئة الباشا
- مَكْؤُونات مصطنعة
- الأزمة السورية: خطة تركيا الكبرى


المزيد.....




- بعد مظاهرة داعمة لفلسطين.. يهود ألمانيا يحذرون من أوضاع مشاب ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف ميناء حيفا بصاروخ -الأرق ...
- يهود ألمانيا يحذرون من وضع مشابه للوضع بالجامعات الأمريكية
- المقاومة الإسلامية بالعراق تقصف ميناء حيفا الإسرائيلي بصاروخ ...
- المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها ...
- الطوائف المسيحية الشرقية تحتفل بأحد القيامة
- أقباط مصر يحتفلون بعيد القيامة.. إليكم نص تهنئة السيسي ونجيب ...
- إدانات لإسرائيل.. إسطنبول تستضيف مؤتمرا دوليا لمكافحة العنصر ...
- مفتي رواندا: المسلمون يشاركون بفاعلية في تنمية الدولة
- هاجروا نحو -الجنة- في أوروبا... أسر تونسية تبحث عن أبنائها ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الفيل في المنديل- شيطنة الفضول