أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي البدري - الشعب يثير الشغب!















المزيد.....

الشعب يثير الشغب!


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 7393 - 2022 / 10 / 6 - 16:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التهمة جاهزة أبداً، فكل شعب يطالب بحريته تتهمه حكومته بإثارة الشغب! أما الحكومات فهي راعية الحرية والديمقراطية والرفاه والمدنية وحقوق الإنسان! فهل تثور الشعوب ترفاً ومن أجل أن تُقتل بنيران أجهزة الحكومات الأمنية إذن؟
حدث هذا في سوريا التي ثار شعبها مطالباً بحريته، منذ منتصف آذار (مارس) عام 2011 وإلى اليوم، ويحدث هذا اليوم في إيران التي ينتفض شعبها مطالباً بحريته وكرامة نسائه.
الحكومتان، السورية والإيرانية، تسميان ثورة شعبيهما أعمال شغب، أما عمليات قمعهما ومصادرة حريتي الشعبين فهي عملية حفظ للنظام والسلم الأهلي وسيادة القانون!
الحرية مطلب كبير على شعوب دول العالم الثالث لأنها تزعج حكامها المتسلطين وتعكر صفو أمزجتهم، لأنها تهدد سلطاتهم ومراتع بذخهم وترفهم. لم لا يستقيم أمر الحكام المستبدين إلا بمصادرة حرية شعوبهم وحكمهم بالحديد والنار وحرمانهم من حقوقهم المدنية والإنسانية؟
كل العالم يعرف ويشهد أن ثورة الشعب السوري كانت سلمية ولم تطالب بغير الحرية والعدالة الاجتماعية، لكن بشار الأسد لم ير في ثورة الشعب المقموع غير تهديد لموقعه على رأس السلطة وتنغيصاً لصفو استبداده وتجبره، فلم يجد غير أن يصف الشعب كاملاً بإثارة الشغب والعبث باستقرار البلد وتهديد سلامته، بدفع وتخطيط من أطراف خارجية معادية، وفق نظرية المؤامرة الخارجية الجاهزة تحت وسادة كل دكتاتور.
والشيء نفسه يحدث في إيران حكم الملالي ووليها الفقيه، منذ ما يقرب من عشرين عاماً وإلى اليوم. فالشعب الإيراني الذي يرزح، منذ أكثر من أربعين عاماً، تحت دكتاتورية الولي الفقيه وميليشياته القمعية (الحرس الثوري وفيلق القدس وقوات الباسيج، وهذا من غير القوات الأمنية الرسمية طبعاً)، وهو ما يفتأ ينتفض، كل فترة، ضد دكتاتورية واستبداد علي خامنئي وبطش أجهزته القمعية، وفي كل مرة لا نسمع وصفاً لتلك الانتفاضات غير أعمال شغب وتحركات مشبوهة لعناصر ضالة، بدفع من قوى الاستكبار العالمي وشيطانها الأكبر، الولايات المتحدة الأمريكية، من دون أن يشرح النظام الإيراني ووسائل إعلامه، كيف يمكن أن تكون ثورة سكان أكبر المحافظات الإيرانية مجتمعة مجرد أعمال شغب أو تحرك لبعض العناصر الضالة والمغرر بها، وهو يقتل من متظاهري كل انتفاضة الآلاف ويغيب في سجونه السياسية عشرات الآلاف منهم، وحتى جاء مقتل الشابة الثائرة (مهسا أميني) مؤخراً، ليجدد الشعب الإيراني ثورته ضد قمع واستبداد علي خامنئي وميليشياته، طلباً لحريته وكرامته، وليس طلباً للاقتصاص من قتلة مهسا من عناصر ما يسمى (الشرطة الأخلاقية) كما يحاول النظام الإيراني التدليس على أسباب ثورة الشعب الإيراني.
ومثلما قدحت ثورة الشعب السوري (المقموع والمصادرة حريته منذ استيلاء حافظ الأسد على السلطة في سوريا عام 1970) مظاهرة شباب مدينة درعا وكتابة الصبي حمزة الخطيب لشعار معادي للنظام على جدار إحدى مدارس المدينة، قدحت عملية القتل الوحشي لمهسا أميني، الفصل الجديد من ثورة الشعب الإيراني ضد استبداد وتسلط ولي إيران الفقيه، نجد أن النظامين يتوافقان على توصيف الثورتين بأعمال الشغب، فكيف لحكومة تمثل سلطة دولة أن تسمي مظاهرات شعب بأكمله بأعمال شغب وتصف مواطنيها بالمجاميع الضالة والمغرر بها من الخارج؟ كيف ترتضي هذه الأنظمة لنفسها أن تحكم وتمارس سلطاتها على مجاميع من المشاغبين إذن؟ وماذا لو قلنا لبشار الأسد الآن أن أبيك لم يورثك سوى مجموعة من المشاغبين لتحكمهم؟ ونفس الشيء ينطبق على علي خامنئي، إذ لم يورثه وليه الذي سبقه في حكم إيران، الخميني، سوى مجاميع من صناع الشغب وعناصر ضالة يحركها الشيطان الأكبر من خارج الحدود؟ فهل أمضى الخميني سنوات ثورته، كما كان يسميها، في حكم زمر من صناع الشغب؟
ثورات الشعوب على جلاديها أكبر وأجل من كل الحكام على كوكب الأرض. الشعوب الحية لا تثور إلا على القهر ومن أجل استرداد حرياتها وحقوقها، وعليه فمن المعيب والمهين وصف ثورات الشعوب وتظاهراتها بأعمال الشغب. والأكثر إهانة هو إحاطة الحكام لأنفسهم ومراكز طغيانهم بأجهزة أمنية قمعية تحت مسمى شرطة مكافحة الشغب، وهي في الحقيقة ليست سوى أجهزة وحشية، مدربة بإحكام وحرفية، على قمع المواطنين والتنكيل بهم عندما يثورون على طغيان واستبداد حكامهم.
وفي حسابات أرض الواقع وما جرى ومازال يجري في سوريا، فهل يعقل أن يكون الأحد عشر مليون سوري الذين أجبرتهم مدافع ميليشيات بشار الأسد وبراميله المتفجرة على الهجرة من بلادهم، مثيري شغب وعناصر مضللة، بعد أن قتل من عوائل هذا العدد الضخم، الآباء والأمهات والأبناء والزوجات؟ ما يقرب من نصف تعداد الشعب السوري أجبره القتل الوحشي والتنكيل الاجرامي والجوع على ترك بلاده، فهل يعقل أن يكون نصف الشعب السوري مجرد صناع شغب ويهدف لإزعاج نظام بشار الأسد، أو كما يسميهم هو وإعلامه، خارجين عن القانون؟
والشيء ذاته حصل ويحصل منذ عام 2009 في إيران، (عام تزوير الانتخابات التي فاز فيها مير حسين موسوي المعارض، لصالح محمود أحمدي نجاد، الموالي لعلي خامنئي) عام بدء انتفاضات الشعب الإيراني المتسلسلة (تكاد تكون انتفاضة لكل عامين ونصف) على سلطة الولي الفقيه، وحتى انتفاضته الحالية، التي جاءت على أثر قتل شرطة علي خامنئي الأخلاقية لمهسا أميني، بحجة عدم مطابقة حجابها لمعايير شريعة خامنئي. فكلما جدد الشعب الإيراني تظاهرات انتفاضته ضد دكتاتورية وبطش علي خامنئي، تم توصيف تلك الانتفاضات بأعمال الشغب وتمت مكافحتها بالنار والقتل والتغييب في السجون السياسية. فهل يعقل أن يكون غالبية الشعب الإيراني من المشاغبين وأن يكون علي خامنئي وبطانته وأجهزته القمعية وحدهم الصالحين والحارسين للقانون؟
ثورات الشعوب على حكامها دائماً تكون على حق ولا يحق لأي كان أن يشكك في نزاهة دوافعها أو نبل مقاصدها وأهدافها. فهي لا تأتي من فراغ بالقطع، بل تأتي كنتيجة لما يقع عليها من ظلم وقمع ومصادرة للحريات وحرمان؛ وعليه فلا تأتي (أعمال الشغب) إلا من الحكام وأجهزة مكافحتهم للشعب، تحت مسميات قوات أمنية وشرطة حفظ النظام والقانون.



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل الأطراف تحتاج الأسد في السلطة
- الشعب السوري وأزمات المجتمع الدولي
- تغيير العالم يأتي من أوكرانيا
- لأننا الجار الأضعف فقط
- العرب وطاولة الأسئلة الصعبة
- ناتو شرق أوسطي.. ماذا لو نجحت إسرائيل في لم شمل العرب!
- الشرق الإيراني الجديد
- ميزان القوى الدولية على الأراضي السورية
- حرب الحمار والدب الكبيرين
- نزال غير مثير
- رصاصة جيب التاريخ الأخيرة
- روسيا والغرب والعقد التاريخية
- المدونة الفلسفية كأساس للذاكرة الثقافية
- في الحرب الأوكرانية... هناك روسيا النووية وليس بوتين فقط
- بيت السكن المهدد بالهزيمة
- أنا أكره قاطع التذاكر
- برلمان لمحاسبة البرلمان على فساده!
- عندما تربح الديمقراطية وتخسر الوطن
- لو نجح كوفيد 19
- عقبة القصور (وجودية كولن ولسن الجديدة)


المزيد.....




- بعد مظاهرات.. كلية مرموقة في دبلن توافق على سحب استثماراتها ...
- تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة وأفراد عائلات الرهائن في غزة
- مقتل رقيب في الجيش الإسرائيلي بقصف نفذه -حزب الله- على الشما ...
- دراسة تكشف مدى سميّة السجائر الإلكترونية المنكهة
- خبير عسكري يكشف ميزات دبابة ?-90? المحدثة
- -الاستحقاق المنتظر-.. معمر داغستاني يمنح لقب بطل روسيا بعد ا ...
- روسيا.. فعالية -وشاح النصر الأزرق- الوطنية في مطار شيريميتيف ...
- اكتشاف سبب التبخر السريع للماء على كوكب الزهرة
- جنود روسيا يحققون مزيدا من النجاح في إفريقيا
- الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لأوكرانيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي البدري - الشعب يثير الشغب!