أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي البدري - عندما تربح الديمقراطية وتخسر الوطن














المزيد.....

عندما تربح الديمقراطية وتخسر الوطن


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 7143 - 2022 / 1 / 22 - 17:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ عام 1971 (عام تأسيس الدولة الاتحادية لدولة الامارات العربية المتحدة) وحتى عام 1991 ، حول الشيخ زايد آل نهيان الامارات السبع الصغيرة التي شكلت الدولة الوليدة، من صحراء إلى دولة زاهرة ينظر الجميع إليها بالإعجاب.
تحقق هذا للشيخ زايد ولكنه لم يتحقق للطبقة السياسية التي خلفت صدام في حكم العراق، خلال نفس المدة الزمنية، ببساطة لأن الشيخ النبيل زايد سعى مخلصاً لتأسيس دولة، في حين أن الطبقة السياسية العراقية لم تسع لغير تأسيس الحكم والسلطة لنفسها ولفصائلها.
إذاً الطبقة السياسية العراقية لم يكن هدفها من الوصول إلى السلطة سوى تأسيس قواعد الحكم لفصائلها والقبض عليها بيد من حديد، وهذا ما تأكد للشعب عبر تشكيل كل حزب أو تكتل أو كتلة سياسية لمجموعة مسلحة تحمي لها سلطتها وتديم نفوذها في مؤسسات الدولة وعلى الشارع (المواطنين) طبعاً.
وبالعودة للمقارنة مع المثال الاماراتي في مرحلة التأسيس، فدولة الامارات العربية لا تمتلك أي مؤسسة ديمقراطية (لا مفوضية انتخابات، لا انتخابات دورية، لا قانون انتخاب، لا صناديق اقتراع، ولا تغيير للوجوه الحاكمة) لكن هناك دولة بمؤسسات رصينة وتعمل بجد (اقتصادية، خدمية، اجتماعية، وسياسية تحرص على صيانة أم البلاد وسيادتها وكرامة الوطن وعيشه الكريم ورفاهه)، أما في العراق فإن شكل الدولة القائم يتوفر على جميع هياكل المؤسسات الديمقراطية آنفة الذكر، ولكن من دون سيادة وطنية ومن دون عملية اقتصادية ناجحة ومن دون كرامة عيش واحترام لإنسانية المواطن ومواطنيته وحقه في بلده.
عشرون عاماً تأسيسية، صنعت من صحراء ورمال الامارات العربية المتحدة (تكاد لا تحوي أي شكل من أشكال المؤسسات بل وحتى المباني حتى عام استلام الشيخ زايد للسلطة في أبي ظبي عام 1969) دولة محكمة المؤسسات وتعمل لخدمة المواطن، يقابلها عقدين من الهدم والتهشيم لما كان قائماً في العراق من هيكل الدولة ومؤسساتها التي يزيد عمرها على مئة عام. لماذا؟ ببساطة لأن الشيخ زايد ومن خلفوه عملوا على بناء دولة، في حين أن من منحهم الأمريكان حكم العراق، بعد 9/ نيسان/2003 لم يعملوا على غير تأسيس الحكم الذي يكرس سبل استحواذهم على السلطة وثروات البلاد.
وجه آخر للمقارنة وهو أن السلطة في الامارات العربية، والتي لم تأت نتيجة عملية انتخاب ولم يغير وجوه رموزها غير الموت، تقيم على أراضي بلدها عملية اقتصادية بمنتهى المتانة والتنوع، وعملية عمرانية تحسدها عليها حتى دول أوربا الغربية، ورفاه للمواطن هو مضرب مثل بين دول الشرق الأوسط أجمعها، هذا إضافة إلى احترامه وصون كرامته داخل الامارات وخارجها، وبالمقابل ماذا قدمت سلطات العراق الديمقراطية للعراق ككيان ودولة وللمواطن؟ التطويح بسيادة الدولة وتهشيم مؤسساتها والبطالة واهانة واذلال المواطن قبل قتله على دينه وطائفته ورأيه السياسي، بل وحتى على ضميره.
والآن نصل إلى السؤال الأهم: أين الديمقراطية العراقية وأدواتها مادام المواطن غير قادر على تغيير الوجوه التي تحكمه من خلالها؟
ثار الشعب العراقي في أكتوبر من عام 2019 على طغيان وفساد واحتكار أبطال النظام الديمقراطي للسلطة وأسقط حكومتهم، ليصل في النهاية إلى انتخابات مبكرة يزيحهم عن طريقها عن سلطة الحكم، وهذا ما تحقق (جزئياً على الأقل)، ولكن هذا لم يعجب من تبجح ومازال يتبجح بإرساء قواعد وآليات الديمقراطية وها هم يرفضون مغادرة مقاعد الحكم والسلطة بشتى الحجج والممارسات غير الديمقراطية، بل إن بعض الخاسرين في الانتخابات يهددون بحرق المعبد (البلد) كاملاً، على رؤوس الناخبين العاقين الذين يريدون إزاحتهم عن مقاعد الحكم وامتيازات السلطة. فما قيمة مؤسسات وآليات الديمقراطية مع من لا يؤمن بها أو من يريد أن يطبقها لخدمة وصوله للحكم فقط ولا يرضى بحكمها عندما يكون ضد موقعه من السلطة؟
عشرون عاماً من حكم الشيخ (غير الديمقراطي!!) زايد آل نهيان أسست دولة بمشاريع اقتصادية وعمرانية وخدمية وثقافية يعمل فيها آلاف العراقيين، تقابلها عشرون عجاف من حكم الديمقراطية العراقية التي فلشت خلالها ما كان قائماً من مؤسسات الدولة ومشاريعها الاقتصادية ومصانعها وبناها التحتية التي كان يعمل فيها العراقيون، لتكون حصيلتها ضياع أغلب الخدمات الأساسية لحياة المواطن، مع نسبة أربعين بالمئة من العاطلين عن العمل، ممن يتطلعون للعمل في مشاريع دولة الامارات العربية غير الديمقراطية!
وللمفارقة سأذكر هنا بأن من بين أهم من أرسى قواعد نهضة دولة الامارات، غير الديمقراطية، ووحدتها السياسية والوطنية، كان عراقياً، وهو وزير الخارجية الأسبق، الدكتور عدنان الباجه جي، الذي وضع لهذه الدولة قانون وحدتها وأرسى لها قواعدها القانونية وسياستها الخارجية؛ وأيضاً كان لأساتذة جامعة بغداد، التي تأسست قبل تأسيس دولة الامارات بعشرين عاماً، دوراً مهماً في إرساء قواعد التعليم العالي وتخريج الكفاءات التي تدير حالياً مؤسسات دولة الامارات الناهضة على كافة الصعد والمجالات!
فبورك عصر ديمقراطيتك الزاهر يا عراق، ليس لأنه لم يبق فيك سيادة وطنية وعملية اقتصادية ومؤسسات خدمية تكفي مواطنيك شر البطالة والحاجة فقط، بل لم يبق فيك مساحات خضراء - وأنت أبو الرافدين وأرض السواد – تضاهي مثيلاتها في رمال صحراء الامارات، التي تستورد التراب من دول العالم لتدفن به الرمال، وتحلي ماء البحر الأجاج لتسقي مزروعاتها، من حدائق عامة وأشجار، بل وحتى حقول خضار وبساتين!



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو نجح كوفيد 19
- عقبة القصور (وجودية كولن ولسن الجديدة)
- انتخابات جديدة بخلافات قديمة
- كعادتها، بغداد تصلني متأخرة
- تفاح أحمر يزاحم المارة
- طرق حب لم تخترع بعد
- عندما تكونين شاعرة
- أمريكا وميزان الإرهاب الإيراني الأفغاني
- طالبان، عقدة السياسة أم عقدة الأيديولوجيا؟
- للوطن جيش واحد وللأحزاب جيوش
- صباح عادي مع رولان بارت، رغم تأخره
- ليست مرثية يا سعدي، بل هو وجعنا... إذ يتصبب على أسوار الوطن
- قراءة في مقال السيد الرئيس
- التشرذم السياسي العراقي
- إذ يكون الشعب عاقاً!
- صاحب القوة هو الذي يحدد ما هو الصواب
- حماس وقرار الحرب الفلسطيني
- طبقة سياسية هرمة
- الانتخابات العراقية والجهد المهدور
- صورة لعالم ما بعد الجائحة


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي البدري - عندما تربح الديمقراطية وتخسر الوطن