أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي البدري - الشرق الإيراني الجديد














المزيد.....

الشرق الإيراني الجديد


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 7288 - 2022 / 6 / 23 - 18:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لماذا احتلت أمريكا العراق في 9/ابريل/2003؟ العرب لديهم ألف وألفيّ إجابة على هذا السؤال، ولكن ليس من بينها إجابة: لكي تسلمه غنيمة لإيران، سواء قصدت ذلك أم جاء كنتيجة لغباء وقصر نظر صناع قرارها.
من بين أول ما طفح على سطح التنظيرات والتحليلات العربية، استراتيجية وسياسية وإعلامية، كان انتاج شرق أوسط جديد، من دون أن ينتبه أحد، حينها، إلى أن إيران كانت هي الفاعل الوحيد في إنتاج الشرق الأوسط الجديد.
وكما أثبتت السنوات، بل الأشهر اللاحقة لاحتلال العراق، لم تعرف أمريكا ماذا تفعل بالعراق.. خربت كل شيء فيه، أجهزة دولته وجيشه وأجهزته الأمنية وأشاعت سرقة مخازن أسلحته للجميع... ثم ماذا؟ انفلت كل شيء وإلى حد أنها اضطرت أن يعمل جيشها كجهاز شرطة لحفظ الأمن الذي ضيعته ولن يعود.
ومنذ الأيام الأولى لذلك الوضع المختل، تسللت إيران إلى المشهد لترسم كل شيء وفق تصورها الطائفي - المذهبي، وهذا ما نجحت فيه بسرعة قياسية، لا من أجل أن يكون العراق تابعاً لعمامة الولي الفقيه فقط، بل ليكون قاعدة انطلاق متقدمة للحرس الثوري، لنشر المشروع الاستعماري للثورة الخمينية واحتلال المزيد من البلاد العربية.
وسواء أن الأمر قد تم بالتوافق والاتفاق مع الإدارة الأمريكية أم لا، فإن إيران نجحت فيما عجزت عن تحقيقه الولايات المتحدة وهو احتلال العراق وبسط نفوذها عليه وتحويله لقاعدة لتنفيذ مشروعها الاستعماري لدول المشرق العربي.
وعندما انطلقت ثورة الشعب السوري، في منتصف آذار من عام 2011 ، ضد طغيان واستبداد نظام بشار أسد، كانت إيران قد أتمت بسط نفوذها كاملاً على العراق، بإجبارها للولايات المتحدة على سحب قواتها العسكرية من أراضيه، وبهذا تكون قد أرست أول قواعد رؤيتها للشرق العربي الجديد، وهذا ما جعلها قادرة على تقديم كل أشكال للدعم والمساندة للنظام السوري الأقلوي، عبر الأراضي العراقي وعبر ميليشيا حرسها الثوري وميليشياتها المذهبية العراقية، وهذا ما مكنها، ليس فقط في حماية نظام بشار الأسد وقمع الثورة، بل والتغلغل في الأراضي السورية واحتلال بعض مدنها وتهجير سكانها من أجل تغيير بناها الديمغرافية.
وبالعودة اليوم إلى الارشيف الإعلامي والأدبيات السياسية التي رافقت عملية احتلال العراق، نجد أن شعاريّ الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد، لم ترسم ملامحهما ولم تنفذهما ولم تستفد منهما، على الأرض، سوى إيران.
فإيران اليوم تبسط نفوذها على كامل التراب والقرار السياسي والأمني والاقتصادي العراقي، وتبسط نفوذها وتتحكم بقرار كامل الأراضي السورية التي يدعي بشار الأسد أنها تحت سيطرة نظامه. بل وتعمل بحقد نملة وتصميمها على تغيير البنية الديمغرافية لكثير من الأراضي والمدن السورية من أجل بسط نفوذها (المذهبي – السياسي) عليها، عبر شبكة ميليشياتها الطائفية، العراقية وميليشيا حسن نصرالله اللبنانية.
ورغم تعدد القوى الفاعلة على الأراضي السورية حالياً، يتقدمها العملاقان النوويان، روسيا وأمريكا، إلا أننا نرى إيران تنفذ مشروع احتلالها وبسط نفوذها وكأنها القوة الفاعلة الوحيدة، وفي سباق محموم مع الزمن، لأنها ببسط نفوذها على سوريا تكون قد ضمنت لمشروعها الطوق الشمالي وإلى البحر المتوسط، والذي لن يكلفها أكثر من الدعاية المذهبية، والذي ستسهر على حمايته المليشيات التي تقتات على تلك الدعاية.
وكما فعلت في العراق، لم تقدم إيران لنظام بشار الأسد غير السلاح والعتاد الذي يقتل به الشعب السوري. بل إنها حرصت، وكما حرصت أن تفعل في العراق ولبنان واليمن، على تدمير البنى التحتية ونشر الفساد وتعطيل مفاعيل العملية الاقتصادية، هذا بالإضافة إلى تفتيتها لوحدة النسيج الاجتماعي، من أجل تحويل سوريا إلى بلد فاشل وإخراجه من منظومتيّ التاريخ والحضارة الانسانيتين. وهذا ما أكدته جميع مؤشرات النمو العالمية لعام 2021 ، حيث حلت سوريا في المرتبة الثالثة، من آخر قائمة الدول الأكثر هشاشة وفساداً، من بين مجموع 179 دولة، حيث سبقتها اليمن والصومال، ولم تتبعها سوى جمهورية جنوب السودان وأفريقيا الوسطى والكونغو.
وكما أوضحت السنوات العشر الماضية من عمر المحنة السورية، فإيران لا تتوقف أمام أي اعتبار أو قيمة إنسانية أو أخلاقية أو حضارية، فكل شيء مباح لها فعله في البلاد التي تستطيع الدخول إليها، من نهب لثرواتها ومن تمزيق لوحدتها الوطنية ونسيجها الاجتماعي وتهجير أهلها، من أجل إعادة بناء خارطة ديمغرافية جديدة للبلاد، تمكنها من القبض على مقاليد الأمور وخيوط التحكم بمصائر الشعوب التي تقع تحت سيطرتها.
وإيران لم تكتفي ببسط نفوذها على مناطق دولة بشار الأسد، بل حولتها إلى مخازن لأسلحتها، بصفة أن سوريا قاعدتها العسكرية المتقدمة. فهي تنقل وتخزن أسلحة في الأراضي السورية وبكميات مرعبة، وهذا ما يفتح شهية إسرائيل للقصف والتدمير في المدن السورية على هواها. ورغم دقة إصابات الطيران والصواريخ الاسرائيلية، إلا أن إيران تراهن على القليل الناجي، وهو ما يكفيها لمواصلة حربها على الشعب السوري وبسط نفوذها واحكام قبضتها على أراضي دولة النظام، التي تمثل الركيزة السياسية الأهم في مشروع شرقها الكبير، لما تتمتع به سوريا من موقع ستراتيجي، يحاذي دولة ميليشيا حسن نصرالله في لبنان، ويحاي إسرائيل، ويطل على البحر المتوسط الذي يطل عليه جنوب تركيا، عدوها المذهبي (بحساباتها الطائفية)، قبل السياسي.



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميزان القوى الدولية على الأراضي السورية
- حرب الحمار والدب الكبيرين
- نزال غير مثير
- رصاصة جيب التاريخ الأخيرة
- روسيا والغرب والعقد التاريخية
- المدونة الفلسفية كأساس للذاكرة الثقافية
- في الحرب الأوكرانية... هناك روسيا النووية وليس بوتين فقط
- بيت السكن المهدد بالهزيمة
- أنا أكره قاطع التذاكر
- برلمان لمحاسبة البرلمان على فساده!
- عندما تربح الديمقراطية وتخسر الوطن
- لو نجح كوفيد 19
- عقبة القصور (وجودية كولن ولسن الجديدة)
- انتخابات جديدة بخلافات قديمة
- كعادتها، بغداد تصلني متأخرة
- تفاح أحمر يزاحم المارة
- طرق حب لم تخترع بعد
- عندما تكونين شاعرة
- أمريكا وميزان الإرهاب الإيراني الأفغاني
- طالبان، عقدة السياسة أم عقدة الأيديولوجيا؟


المزيد.....




- خامنئي ينتقد إسرائيل بسبب شن هجوم على إيران في ظل المفاوضات ...
- الإعلام الإيراني يستعرض لقطات يزعم أنها لمسيّرة إسرائيلية تم ...
- لافروف ونظيره العماني يؤكدان ضرورة وقف القتال بين إسرائيل وإ ...
- زاخاروفا: روسيا تبذل كل ما بوسعها لدرء الكارثة
- استخبارات الحرس الثوري تفكك شبكة سيبرانية عميلة للموساد
- صعود أسعار الغاز في أوروبا... ورغم ذلك: وداعًا للغاز الروسي! ...
- كيف تتحسب أنقرة من تهديدات إسرائيل بعد الهجوم على إيران؟
- ثوران بركان في إندونيسيا يتسبب بإلغاء عشرات الرحلات إلى بالي ...
- -كل اللي فات إشاعات-.. محمد رمضان يعلن عن الصلح بين نجله وزم ...
- وفاة الطاهية والشخصية التلفزيونية الشهيرة آن بوريل عن عمر 55 ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي البدري - الشرق الإيراني الجديد