أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد قاسم علي - دو فو، أعظم شعراء الصين، حياته و بعض من قصائده.















المزيد.....

دو فو، أعظم شعراء الصين، حياته و بعض من قصائده.


محمد قاسم علي
كاتب و رسام

(“syd A. Dilbat”)


الحوار المتمدن-العدد: 7389 - 2022 / 10 / 2 - 09:05
المحور: الادب والفن
    


دو فـو 杜甫 (712-770)، العصر الذهبي للصين، ولِدَ دو فو قٌبيل أشهر من إعتلاء منغ هوانغ 明皇 ــــ أي «الإمبراطور النابه» العرش، أمبراطواراً للصين (حكم 712-756)، سنسمع عن دو فو لأول مرة قادماً الى العاصمة تشانغان لتأدية أمتحاناً في حال نجاحه فيه سيتقلد منصباً حكومياً، لكنه فشِل في إجتياز الإمتحان، مما احبطه ذلك من إستلام المنصب. يُعزى فشله في إجتياز الإمتحان لسببين شائعين، أحداها في كونه شاعراً أكثر من كونه بيروقراطياً أما السبب الثاني و الذي يُرجحه المؤلف وليام هونغ فيكمن في أنه تم الإيقاع بـ دو فو جراء فضيحة أضرت بجميع الطٌلاب في تلك السنة.
في الأيام الخوالي عندما كُنتُ يافعاً، باكراً كان لي مكاناً بين المتقدمين للإمتحان.
في القراءة أديت عشرة آلاف* مخطوطة، بدا كما لو أن الآلهة ساعدتني في إستخدام الفرشاة.
إعتقدت انني سأكون إستثنائياً للغاية، و أشغل في ذات الوقت موقعاً حاسماً.
في نهاية المطاف تلك الافكار أصبحت قاتمة، ذهبت أُنشدٌ ، لم أتوارى بعيداً.
إحبط دو فو من خدمة مولاه إبن السماء كما أنه إحبط من تقديم خدمات جليلة تصب في مصلحة الأمة و تعمل على ترسيخ دعائم البلاد. يذكر دو فو في أحدى الابيات أنه كان يرمي إلى جعل حٌكم الإمبراطور أعظم من عهدي الأباطرة في العصور الغابرة كـ ياو و شون.
ِلما شهده من أحداث جسيمة طرأت على سلالة تانغ إثر تمرد آن لوشان العظيم 安祿山 755-763، ولتدوينه مفاصل الحياة و الأمور التي ينظر اليها حينئذ على أنها أمور هامشية، و لكتابته عن الأمور التي كانت تُفصح عن العواقب الإجتماعية للسياسة، سيٌشار الى دو فو فيما بعد بـ "الشاعر المؤرخ".
تم تقديس دو فو في القرن الحادي عشر في عهد سلالة سونغ الحاكمة، كونه كان يٌمثل تجسيداً للقيم الكونفوشيوسية و كونه شخصية بارزة في سلالة تانغ. هكذا كان يُنظر الى دو فو من قِبل تشو شي 朱熹، سيد الكونفوشيوسية الجديدة في عهد أسرة سونغ الجنوبية. تشو شي يعتقد أن هناك خمس شخصيات عظيمة في تاريخ الصين. الأول كان تشوغ ليانغ 诸葛亮 من أسرة هان، ثم دو فو، و يان جنتشينغ 颜真卿 و هان يو 韓愈 من أسرة تانغ، و أخيراً فان جونغيان 范仲淹 من أسرة سونغ الشمالية. كانت كلمات تشو شي عنهم أنه وصفهم بالإستقامة و تفتح الذهن، و أن بإستقامتهم أصبحوا قدوة للآخرين من حيث الشخصية. من الواضح أن هذا ليس تقييماً أدبياً، بل تقييماً أخلاقياً، تقييماً ثقافياً.
كان دو فو مثالاً للولاء، غير معترف به و غير مكفول من السلالة الحاكمة لأسرة تانغ، على الأقل هذا ما شهدناه في عهد حٌكم تانغ منغ هوانغ ــ «إمبراطور تانغ النابه» ــ ، رغم أنه لم يتم الإلتفات إليه، فقد تحدث الى النظام السياسي، و أثنى على المستحقين، و إنتقد ما لا يستحق الثناء. تعاطف مع عامة الناس، إجتمع شِعره المنتقى حول هذه القيّمم.
كٌل هذه القيّم التي يحملها صحيحة و مٌثبتة في شِعره (حتى وإن كٌنا الآن نميل الى ملاحظة أخطائه السياسية الجسيمة من خلال سيرة حياته التي أفصح عنها في أبياته الشِعرية)، لم يمر أي شاعر في عهد سلالة تانغ بالعديد من الأدوار و المواقف الإجتماعية، كما هو عليه الحال مع شاعرنا دو فو، في شِعره الرجل الناشئ من عائلة ذات مٌستوى أجتماعي جيد يتجول مع النٌخبة المٌعاصرة في تشانغان، الزوج و الأب الذي يٌحاول إخراج عائلته من طريق الأذى، مسؤول في الديوان في حضور وثيق على الإمبراطور، المسؤول المحلي الصغير الذي يشكو كٌثرة الأعمال الورقية الرتيبة. المتجول مع عائلته يبحثون عن الطعام و السكن، الزوج الذي تشاركه زوجه الأملاق، المٌتملق الذي يعتمد على المسؤولين المحليين، جار الفلاحين الذي يشتكي قلة المال، كٌل ذلك داخل الهيكل المتداعي داخل إمبراطورية تانغ.
يجدر الإشارة الى ان تمرد آن لوشان العظيم عام 755 للميلاد، كان له عظيم الأثر في دو فو إنساناً و شاعراً، لم نكن لنعرف دو فو بتلك الأبيات الشعرية الخالدة لولا آن لوشان. إن إحباط دو فو من شغل منصب جنبه حتفه حينما وقع أسيراً بيد الثوار. شق طريقه فيما بعد الى القوات الموالية، حينها حصل على منصب إقليملي بعدما إستعادت القوات الموالية للعاصمة تشانغان، ينطوي منصبه على الكثيرمن الأعمال البيروقراطية و الكآبة، مما إضطره الى الإستقالة. فيما بعد حصل على منصب فخري بحت في مجلس الاشغال، حمل شارات منصبه بفخر لبقية حياته.
لِقاء لي تاي باي 李太白 كان هو الآخر ذا أثر عظيم على حياة الشاعر، فقد أعتبر دو فو لي باي كمٌعلم و أخً أكبر له، كان لي تاي باي حينها شاعر الصين الذي ذاع صيته و سطع نجمه، و إلى يومنا هذا يُعد لي باي أشهر شاعر في تأريخ الصين. أثناء إقامته بالعاصمة تشانغان تبادل دو فو الأغاني مع لي باي، و أخذ يتردد على الحانات مٌسدياً ثمن ما يتناوله من خمر شِعراً، و قد كتب ذات يوم عن لي باي يقول :
أُحب مولاي كما يحب الاخ الأصغر أخاه الاكبر،
ففي الخريف وفي نشوة الخمر ننام تحت غطاء واحد، وفي النهار نسير معاً يداً بيد.
إلا أن الشٌهرة ما لبثت وإن فرقتهم، فكتب دو فو في لي باي يقول :
الفُراق بالموت، ليس بوسع المرء قول شيئ حياله، لكن الفراق في الحياة يترك المرء قلق على الدوام.
كان لدى دو فو إحساس قوي بالحق، يحمل مٌعاناة الناس ينتقد البذخ في البلاط الحاكم، يكتب عن الجوعى الهالكون من فرط الجوع في العراء خلف بوابات القصر، هو ذاته طالته المجاعة حتى فتكت بطفله الرضيع الذي كان في كنف الأسرة بعدما أرسلهم دو فو الى القرية قٌبيل إندلاع الثورة. كان يكتب بغزارة عن الطعام و الدواء، كان يتوسل للحصول على الطعام، يبتهج به عندما يتغذى، يشتكي عندما لا يكون الطعام المخصص من الخضار يرتقي إلى مستواه. كان يحتفل بالساشيمي**، يٌضايق أحد أقاربه من أجل عٌشب الثوم الصيني الجيد، و يشكر صديقاّ بشدة على قدر من الخضار و صلصة الفاصوليا، وفي الأوقات العصيبة كان يٌظهر الإمتنان لما يٌسمى ب "طعام المجاعة"، كان يكتٌب عن الدواء بالقدر ذاته الذي يكتب فية عن الطعام، كان يٌعاني من الكثير من الأمراض طوال حياته، لقد عانى من مرض السٌكري و إلتهاب الرئة و الربو و الحصى و الأوجاع و الآلام نحن أنفسنا نتألم لتشخيص أمراضه، نراه في نهاية عقده الثالث كان يشكو من أنه أصبح كهلاً، ظل شيخاُ في مٌعظم حياته الشِعرية.
لسنا متأكدين أبداً من كيفية قراءة شكواه. إشتكى من الفقر، وبالفعل يبدو أنه كان مٌعدماً في أجزاء من حياته، لكن في ريعان شبابه كان ينتمى إلى أٌسرة في مقدورها الإنفاق على تعليمه، وتحمل نفقات ترحاله بين مٌدٌن الإمبراطورية المٌزدهرة، لذلك فأن الفقر نسبي. عندما كان يغادر كويزهو، علمنا أن بستانه كان يمتد حوالي ستة أفدنة، و التي لم تشمل حدائقه و حصتها من حقول الأرز. عندما كان يأتي موسم حصاد الأرز، كان يٌقيم منزله في الحقول للإشراف على الحصاد. نحن نعرف حجم فدانه من الفاكهة لأنه على عكس أي من مٌعاصريه أو أي شاعر لاحق تقريباً، يٌخبرنا في شعره. نراه يٌخبر أحد أقاربه الذي أنتقل مؤقتاً الى موطنه كويزهو بأن لا يبني سياجاً، حتى لا تشعر الأرملة التي تعيش بالجوار بأنها غير مرحب بها و أنها غير قادرة على قطف الثمار من شجرة التمر الخاصة به، و التي دائماً ما أذِنَ بالقطف منها. كان بالإمكان إيصال ذلك شفوياً، لكن تدوين دو فو لهذه الأحداث في شِعره، ليس إثباتاً للمعاصرين و للأجيال اللاحقة بأنه شخص جيد، بدلاً من ذلك، يبدو أنه يكتب في شِعره كل ما يعتقد بأنه مهم تماماً. إنه ليس مثل أي شاعر تانغ آخر، غالباً ما يبدو أنه نسي تماماً ما يقع عادة خارج مجال الخِطاب الشِعري، إن تفاعل دو فو مع التجارب الحية، كان دائماً محط إهتمام، لذا كانت أعماله عبارة عن "تأريخ مؤرَخ بالشِعر".
بعد تمرد آن لوشان أخذ دو فو عائلته في حلقة كبيرة، من المنطقة المُحيطة بالعواصم الى الشمال الغربي الكئيب، ثم نزولاً عبر الجبال في رحلة مٌروعة الى تشنغدو، بعد ذلك شق طريقه الى كويزهو و عبر بحيرة دونغتينغ وصولاً الى تشانغشا في هوان. بقيت الأسرة في بعض هذه الأماكن لسنوات، طوال ذلك الوقت، كان دو فو ينقل مخطوطات مجموعته الشعرية المتزايدة و التي نجى منها 1400 قصيدة.
ذابت روحي، هرباً من السِهام الطائرة،
تسللتُ بخوف بين تلكم الذئاب و أبناء آوى.
صيّرتُ نفسي أتحمل وخز الشوك،
وأصلت المسير رغم الجروح و القروح.
إبني ، قادماً من بعيد ، حضرنا عن كثب،
كانت بجوارنا فتاة مازالت ترضع.
في هذا المشهد الدرامي علينا ان نتخيل شخصاً يحمل معه 1400 قصيدة، ليست مكتوبة في سِجل مضغوط بل كما تٌخبرنا تلك الايام أنها كانت على شكل ستين لفة كٌل منها مٌغلف بغلاف، كان في هروبه يضع القدم الواحدة على الأُخرى علامة على الخوف الشديد.
إن أكثر ما يٌثير الدهشة في قصائد دو فو هو قدرته على توظيف مشاعره بما ينسجم مع طبيعة الموقف الذي يلتمسه، يتحدث عن معاناة الناس، نراه يتعاطف مع الناس حتى و إن كان هو في أشد ما يكون من المصائب و أحوج ما يكون لتعاطف الناس، لهذا ظل دو فو الى يومنا هذا يحتل مكانة مٌميزة لدا الصينيين.
في أثناء رحلة دو فو من تشانغان الى مقاطعة فنغشيان، والتي سبقت إجتياح الثُوار العاصمة، نرى دو فو يٌسطر ملحمته الشِعرية التي تدور مٌعظم أحداثها حول مٌعاناة الناس، في الأبيات التي تقع في الرُبع الأخير من القصيدة، نراه ما لَبِث وقد أشار الى آلام الناس و مصائبهم رغم ما حلت به من فاجعة :
عندما وصلت عتبة الدار سمِعتُ نحيباً،
إبني الاصغر مات من فرط الجوع.
لم أستطع كتم جهش البٌكاء،
حينما كان الممر بأكمله يبكي.
ثم يختتم قصيدته متذكراً مآسي عامة الناس:
يجب أن يكون عامة الناس يائسين حقاً.
أٌفكر بصمت في أولئك الذين فقدوا سٌبٌل العيش،
وعندما شبت نار الثورة و أغرقت الأحقاد و المطامع أرجاء الإمبراطورية في بحر من الدماء حوّل دو فو شِعره الى موضوعات حزينة، و أخذ يُصور الناحية اللإنسانية من الحرب، ومن أشهر قصائده التي يٌدين بها الحرب و ما تٌخلفه من مآسي، قصيدة «أناشيد عربات الحرب» جاء فيها :
أناشيد عربات الحرب
العربات تٌقرقع،
الخيول تصهل،
والرجال يتمنطقون بالقِسى و النبال.
الأمهات و الآباء، الزوجات و الأطفال يٌشيعونهم،
يٌثيرون غباراً يكاد يحجب جسر شيانيانغ.
يعترضون طريقهم ، يتشبثون بملابسهم مُنتحبين ضاربين الارض بأقدامهم،
عويلهم يخترق عنان السماء.
ويسأل أحد العابرون ، رجل من المسيرة،
رجل المسيرة يقول "إنهم يستدعون القوات غالباً الآن."
الفتيان في الخامسة عشر يحرسون النهر في الشمال،
وبعد الأربعين يٌساقون للعمل في الثكنات العسكرية في الغرب.
شيخ القرية عصب رؤسهم بالعمائم قبل الرحيل،
مازالوا يُرابطون على الحدود و قد عم الشيب رؤوسهم.
الدم الذي تدفق على الحدود يٌمكن ان يٌشكل مياه المُحيط،
و خطط الأباطرة المحاربين لتوسيع الحدود لم تنتهي بعد.
ألَــم تسمع
بأن مائتي ولاية شرق جبال منزل الهان،
آلاف القُرى وعشرات الآلاف من القُرى الصغيرة لم تنبت سوى الهشيم.
على الرغم من وجود زوجات قويات يمسكن المعزقة و الحرث ،
تنمو الحبوب على منحدرات الحقل و لا يمكن تمييز الشرق من الغرب.
و الاسوأ من ذلك بالنسبة لقوات تشين التي تحملت أشد المعارك ضراوة،
يتم زجهم كالكلاب و الدجاج.
على الرغم من أنك يا سيدي قد تطرح السؤال،
هل يجرؤ المُجند إعلان إستياءه.
و الآن في الشتاء هذه السنة،
المُرابطون على بوابة البلاد الغربية لم يُسرَّحوا.
و الحُكام يشددون على دفع الضرائب،
من بوسعه الدفع؟.
علمتنا الأيام أنه من السئ أن يكون لك ولداً،
من الأفضل أن يكون لك بنت عوضاً عنه.
إذا كان لك بنت، لا يزال بمقدورك تزويجها لجارك،
و إن كان لك إبن فسيُدفن تحت النباتات.
ألا ترى
العظام النخرة،
عظام بيضاء من العصور الغابرة لم تُسترد بعد؟.
الأشباح الجديدة تُعذب لاخطائها، و الأشباح السابقة تبكي وحسب،
و نشيجهم يتردد أعلى فأعلى في اليوم العاصف المطير.
خلال العامين التي قضاها في الترحال في ظل عهد الثورة، يطوف بأنحاء الصين، كان دوفو مٌعدماً قد بلغ من فقره أنه كان يستجدي الناس الخبز، و من ذلته أنه خر راكعاً يدعو بالخير للرجل الذي آوى أٌسرته و أطعمها حيناً من الزمان. ثم أنجاه القائد الرحيم يـن وو 嚴武 فعينه أميناً لسره، و غفر له اهواءه و أطواره الشاذة، و أسكنه كوخاً على ضفة نهر، وصف دو فو نهر اليانغتسي كالمحيط العظيم، حصل لنفسه على مزرعة صغيرة تربو على تل، زرع الخٌضار و جنى الدجاج و كتب الشعر بغزارة ، مئات القصائد. و لم يطلب اليه ين وو أكثر من أن يقرض الشعر. و عاش شاعرنا حينئذ سعيداً طروباً يتغنى بالأزهار و الأمطار و القمر و الجبال. نراه يولي أهتماماً كبيراً في إيصال أفكاره ذات المشاعر الآنية، أن يرى الصورة و يرسمها بضربة و يسجل الفلسفة في بضعة سطور، و ان مثله الاعلى ان يجمع المعاني الكثيرة في أنغام قليلة، تلبية لخاصية من خصائص الشعر الصيني.
إنسج قفصها عريضاً عن قصد، عليك معرفة أن تلك الحركة يُمكن ان تضر ريشها.
لا تدعها تُحدق بحزن في السُحُب، خارج الماء، دعها تصرخ كما تشاء.
أجنحتها تمت قصقصتها، إذا طارت بمفردها فلن ترتفع أبداً.
مع ذلك فهي لا تقلق بشأن الصقور و الطائرات الورقية، لا تُمانع الجهد المبذول لإبقائها هنا.
و أحبه القائد الطيب القلب حُباً أفسد على الشاعر راحته، لانه رفعه الى منصب عالِ في الدولة، إذ جعله رقيباً في تشانغان، ثم مات القائد فجأة، و شعر دو فو بخيبة امل كبيرة عندما سمه الأخبار، كان يعلم أنه فقد دعمه في الحياة ، و ثارت الحروب حول الشاعر، فأمسى وحيداً لا سند له إلا عبقريته، و سرعان ما وجد نفسه فقيراً معدوماً، و أخذ أطفاله و قد اذهب عقلهم الجوع يسخرون منه لقلة حيلته، و كان في آخر أيامه شيخاً مُهدماً بائساً وحيداً، يؤلم العين منظره، و أطاحت الريح بسقف كوخه و سرق الاطفال قش فراشه، و هو ينظر اليهم و لا يستطيع لضعفه مقاومتهم، و أنشد في هذه الحادثة شعراً متمنياً فيها بأن يأوي جميع السادة الفُقراء في العالم. فقد لذة الخمر، و لم يعد بوسعه ان يحل مشاكل الحياة كما يحلها لي باي.
ثم لجأ آخر الأمر الى الدين و وجد سلواه في البوذية، و عاجلته الشيخوخة وسرعان ما أضرت به الأمراض و أنهكته.
في رحلتي أنا مريض والسنوات تتعدى عليّ.
أسى الديار يعتريني أثناء تحديقي في الطقس الباردة،
ولما كان في الثامنة و الخمسين من عمره، حج الى جبل هون المقدس ليزور فيه معبداً ذائع الصيت، و هناك عثر عليه حاكم من الحُكام قرأ شعره، فآواه الى منزلة و اقام له وليمة تكريماً له، صُفت فيها صحاف الشواء و كؤوس الخمر، و لم يكن دو فو قد رآى ذلك من عدة سنين فأكل اكل الجياع. ثم طلب اليه مضيفه ان ينشد الشعر و يغني، و لكنه سرعان ما خارت قواه و سقط على الارض و مات في اليوم التالي.



#محمد_قاسم_علي (هاشتاغ)       “syd_A._Dilbat”#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما أحوجنا الى التضامن و التعاطف.
- العواقب الإجتماعية للسياسة
- صِراع الإسلام السياسي الشيعي في فيما بينهم ، ماذا يُريد مقتد ...
- جماعة التيار الصدري و حزب الدعوة، عناكب تأكل عناكب، ولكن
- الزواج الثاني جريمة تهدد الأسرة في ظل غطاء شرعي إسلامي ، هذا ...
- تَدَخٌل قوانين الشريعة الإسلامية الفج بالقوانين المدنية بمبا ...
- بوش يٌدين الغزو الهمجي الغير مبرر على العراق و مقتدى يٌدين ا ...
- ما الذي تريده الولايات المتحدة الأمريكية من العالم الخارجي؟
- الذلة و الهوان على وجه عمار و الجريمة التي ازالت اللثام عن ح ...
- شيخ المخازي يقف أمام جلالة المرأة
- المأساة في الأحتكام الى السلاح
- جريمة إغتصاب الطفلة و النكِرات من رجال الدين
- الهروب من القبيلة
- دو فو : قصيدة من 500 كلمة، إفكار منعكسة على الطريق من العاصم ...
- هل إستخدمت أمريكا السلاح النووي ضد العراق؟
- مٌحاولة إغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي و دور الميليشيات ف ...
- يبدو أن قادة الميليشيات قد أسرفوا بالتمادي
- الطائفية ، كيف يٌمكن أن يكون ذلك طبيعياً؟
- -فرقة الموت- التي قتلت الصحفي البصري أحمد عبد الصمد في قاعة ...
- باسكال-علاقة القلب بالإيمان المسيحي


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد قاسم علي - دو فو، أعظم شعراء الصين، حياته و بعض من قصائده.