أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبله عبدالرحمن - لست احقد عليك.. مدام بوفاري














المزيد.....

لست احقد عليك.. مدام بوفاري


عبله عبدالرحمن
كاتبة

(Abla Abed Alrahman)


الحوار المتمدن-العدد: 7376 - 2022 / 9 / 19 - 23:49
المحور: الادب والفن
    


مدام بوفاري رواية من الادب الواقعي، للكاتب فلوبير جوستاف. تعرّض كاتب الرواية الى محاكمة شهيرة بحجة انه كتب عمل غير اخلاقي، بيدا ان الكاتب وهو يدافع عن مدام بوفاري او عن روايته، قال: (ان في وسع الناس الا يحبوا الحقيقة وفي وسعهم ان يرونها جريئة ومزعجة، ولكن، إن الاخلاق حين تخاف سماع صوت الحقيقة ليست جديرة بهذا الاسم). امام صوت الحقيقة لا يسعنا الا ان نحزن على مصير مدام بوفاري، وعلى مصير اخريات هن مدام بوفاري بحياتهن البائسة ونزقهن وانتظارهن للأفضل الذي لن يأتي ما دامت القرارات المصيرية تؤخذ على عجلة بحجة الهروب من شيء ما، بيدا انهن يهرولن الى حتفهن والى حياة غير مستقرة. لست احقد عليك.. لست احقد عليك، عبارة قالها شارل زوج مدام بوفاري حين لمح في ذلك الوجه الذي احبته شيئا منها! ليكمل عبارته في نهاية الرواية انها غلطة القدر. ليس هناك غلطات للقدر وانما نحن من يغلط ويحمل القدر تبعات سوء الحظ، بالعمل وحده ينحصر معنى الحياة. كم من المصائب قد تحل بحياتنا بسبب الكسل، والكسل هنا عكس العمل. ان قرارات مدام بوفاري لم تكن اسعد حظا من تطريزها، كلها لم تحظ بأكثر من الخيوط الاولى ثم تلقي بها في الصوان، وتشرع في تطريز غيرها، لتلقي بها بدورها. وهكذا لم تكن تشرع في قراءة كتاب حتى تطرحه جانبا وتتناول سواه. مدام بوفاري كان العمل بالنسبة لها هو الذي تحقق منه غذاء مباشر لقلبها، كانت تبحث عن العاطفة اكثر مما تبحث عن المنظر، ومن هنا كان ينبع تمردها على نظام حياتها حين يتعارض مع مزاجها فيصيبها الملل البائس. فكانت تخطئ دائما في تقدير العاطفة الخارجة التي طالما بحثت عنها ولم تستطع ان تتصور ان السكينة الناعمة التي تعيش فيها هي السعادة التي كانت تحلم بها، بيدا انه كلما زادت الالفة بينها وبين زوجها ازداد شعورها بانطواء روحها، واتسعت الهوة بينهما، فكان يظنها سعيدة وهي في الواقع عكس ذلك، تزهد في اقرب الاشياء اليها، ولا تتوانى من انتقاد ما يرضي الناس حتى تهوى امورا لا تستقيم مع الاخلاق. كانت تمسك بطرف مظلتها وتردد بينها وبين نفسها" يا الهي لماذا تزوجت" والملل ذلك العنكبوت الصامت الذي كان يغزل نسيجه في الظلال، وفي كل ركن من اركان قلبها يشعرها بأن حياتها باردة كالمخزن الذي اوتي نافذة شمالية. حياة مدام بوفاري كانت في معظمها ثغرات متفاوتة ومتباينة، تذهب منها تفاصيلها ويتبقى لها الحسرة. وكل فصل من فصول حياتها كانت ترى به فصلا سيئا وبائس، وفي كل مرة كان يستقر في نفسها ان الشطر الباقي من حياتها سيكون الافضل الى ان تناولت سم الزرنيخ للتخلص من الخيانة والرذيلة والكذب الذي سقطت به. حين فشلت بسداد ديونها التي تراكمت عليها بالفائض لأنها تتبع غريزتها وتسرف بالصرف عليها، حتى قال احد عشاقها اشعر بأنني عشيقها وبأنها ليست عشيقتي.
مدام بوفاري التي ماتت بغلطة من القدر كما قال زوجها شارل او بسبب سوء قراراتها واقام ذلك الحاجز بين صباح امسها ومساء يومها، ما تزال تعيش بيننا وان بصور متعددة. وجدتني اصرخ في وجه احداهن انك مدام بوفاري! وحكاية مدام بوفاري الجديدة انها قبلت الزواج من احد اقاربها وهي تعلم ان لديهم امراض وراثية وحتى تتجاوز سوء اختيارها تقول بأنها ستعمل على انتقاء اجنة وان هذا متوفر في وقتنا الحاضر. انني اقول لها اي جنون واي شكوك ستعيشين بها بعد ان تخلعين ثوب الزفاف وكل ما يحيط بالزفاف من اعدادات مسبقة وتلمسين الواقع وتلبسين صدى التفكير الحزين على الاشياء التي لا رجعة عنها. وسيكون حالك حال مدام بوفاري التي لم يلحظ احد عليها بعد يوم الزفاف اي نوع من الفرح او الحزن.



#عبله_عبدالرحمن (هاشتاغ)       Abla_Abed_Alrahman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حالة طلاق لا تنسى
- عروس بفستان اسود!!
- زوج في ملكوت الاخرى
- مخيم الزعتري ومال ليس لنا!!
- عريس لابنتي!!
- مخيم الزعتري وشعوب ستبقى ضائعة!!
- التوجيهي.. وماذا بعد!!
- اعترافات تولستوي
- طعام.. صلاة .. حب!!
- قليلا من المربى!!
- هل كانت مجنونة!!
- نجاح الكوتا ليس نجاحا!!
- الحلول لا تأتي خلعا!!
- الارتزاق بالتمويه!!
- الزنبقة السوداء للكاتب الكسندر دوماس
- جنون الثرثرة ام جنون الابداع فرجينيا وولف
- عمل المرأة في بيتها!!
- كورونا وحصار طروادة
- المرأة بصورتها المشرقة
- رائحة الجوافة العطنة!!


المزيد.....




- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن
- فنانون ينعون الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد ...
- بعد ضجة واسعة على خلفية واقعة -الطلاق 11 مرة-.. عالم أزهري ي ...
- الفيلم الكويتي -شهر زي العسل- يتصدر مشاهدات 41 دولة
- الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو ...
- تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري ...
- وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر يناهز 75 عاماً ب ...
- “أفلام تحبس الأنفاس” الرعب والاكشن مع تردد قناة أم بي سي 2 m ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبله عبدالرحمن - لست احقد عليك.. مدام بوفاري