أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمة عناب - ما وراء الأفق... تأملات في مجموعة (وراءَ هذا الغموض تتكورُ قناديلي راعشةً) للشاعرة رحمة عناب./ بقلم : د. كريم عبد الحسين الربيعيّ














المزيد.....

ما وراء الأفق... تأملات في مجموعة (وراءَ هذا الغموض تتكورُ قناديلي راعشةً) للشاعرة رحمة عناب./ بقلم : د. كريم عبد الحسين الربيعيّ


رحمة عناب

الحوار المتمدن-العدد: 7368 - 2022 / 9 / 11 - 23:07
المحور: الادب والفن
    


تلفت هذه المجموعة الشعرية القارئ الى ملاحظتين واضحتين، وهما:
إن الأديب المنتج لها أنثى، ويمكنك بسهولة أن تتعرف الى ذلك من اللغة الأدبية الشفافة التي كتبت بها فضلا عن القرائن اللغوية التي تدلك على ذلك.
وثاني الملاحظتين أنك من خلال لغتها يمكن أن تجزم أن الأديبة هي من بلاد اغتصبت وجثم على صدرها المجرمون الذين عاثوا في أرضها (أي أرض الأديبة) فسادا، وما ذلك الا بسبب (الالتزام) الذي اختطته لنفسها منهجا، فالاديبة ملتزمة بقضايا مجتمعها في أعلى درجات الالتزام؛ إذ إن ألفاظها أفصحت عن ذلك، فتجد الألفاظ التي شاعت في ظل القضية الفلسطينية، والتي طغت على الاستعمال الاعلامي والادبي والسياسي وفي كل المحافل الاخرى بادية واضحة، ولكن للابداع دخلا في توظيفها، فهنا الأديبة أخذت هذه الألفاظ التي كانت مطروحة في الطريق كما قال الجاحظ قديما، ووظفتها توظيفا شعريا رائعا وأفصحت من خلالها عن هويتها وعن قضايا مجتمعها، فلن يعجزك التعرف الى ذلك لوضوحه وبيانه عن هذا المعنى.
فالاديبة من خلال التزامها لم تشارك هموم شعبها ومجتمعها فحسب، بل هي كانت تحمل همَّ الوطن على طول خريطته دون استثناء بقعة واحدة منها، فنثرت ألفاظها هنا وهناك فكان الوطن الجريح المستباح في كل تجلياته حاضرا بين عيني الأديبة، فانظر الى تلك الألفاظ التي شاعت في هذه المجموعة ولك مثالا منها وهي كلمة (التشريد) التي ترد في قولها: (أمَّة تسلقت سلالم التشريد) وانظر الى جمال تعبيرها، وكيف وظفت تلك المفردة، وكأن تلك الأمة صارت – على خلاف الاخرين – تسير في طريق الضياع بعد أن ضاع وطنها، وليس لها غير التشريد نهاية وغاية، وألفت نظر القارئ الى أن استعمال لفظة التشريد فيها من الدقة التي تصف حال ذلك الوطن، فليس هو (نزوح)؛ لأن النزوح بعده عودة، والتشريد لا عودة بعده، حتى صارت (العودة) عند الانسان العربي المشرد حلما، تقول رحمة عناب: (خمسونَ خريفاً وقيظُ أنين العودةِ يقضُّ عروشَ الحُلمِ). والتشريد ليس له وطن إلا المنافي، ولهذا تقول: (أنوثة حديقة يشربها الصقيع يدلّل قلقاً يستظلّ شرفات المنافي بمواسمه الشاتية).
ومن ألفاظها التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالتشريد (اللجوء) و(اللاجئ)؛ إذ تقول: (تفيضُ أَنهارُ الكرامةِ، تستحيلُ أمواجاً عاتية تَلتَهِمُ سفينةَ اللّجوء، لاجئٌ في خيمةٍ يقتاتُه بردٌ يتقاسمُه آخرَ قطرة دفءٍ) واللجوء ليس وراءه استقرار، بل هو بحث دائم عن وطن، وتستنزفه (الخيام) التي يفقد معها الانسان كرامته، وينسى بها طعوم الحياة الجميلة، ومن ألفاظها (الانتفاضة) التي تجيش كالمرجل في نفس ذلك الشعب المشرد، تقول: (وثكلى صدحت بأوتار الخوف تبحث عن طفولة هاربة تلتقطها يد دثّرها زغب الانتفاضة لتحتمي بفكّ الفراغ)، والانتفاضة تنتهي بالشهادة إذ تقول: (فاكهة السوق ترمق سيل رعب مَنْ فرّوا تنزّ مسكاً ينذر بالشهادة) الشهادة التي خلفتها (المذبحة) فتقول: (وركام المباني يؤنس أشلاء الليل يؤرّخ المذبحة)، وحتى الصور التي توظفها أو تقترضها تقصدها قصدا، فصورة العذراء التي ألجأها المخاض الى جذع النخلة لم تغب عن بال الشاعرة، فتقول: (شفتاك حبتا رطب جنيتان كلّما هززت جذع الأمنيات تساقط في حضن أحلامي جنين سومريّ ينبجس معجزة) فكأنها تومئ الى موطن الحدث وهو وطن المشردين.
وصورت ذلك المغتصب بأجمل الصور من حيث اللغة الشعرية، وأقبح الصور من حيث ما يناسب واقع ذلك المغتصب، فكيف عبرت عنه وصورته؟ فقد وصفته بـ(السلاحف) إذ تقول: (عندما اشتهت سلاحف هتلر الزحف إلى غزّة كانت قد عبّدت مسالكها بطاغوت الكراهية) وما ينطوي عليه ذلك الوصف من احتقار له، وفي موضع آخر تصف ذلك المغتصب بـ(الجراد) الذي حصد سنابل الوطن أي خيراته فكيف يمكنك أن تتصور أن الجراد لم يُبق شيئا، فهو من عادته أنه يجرد كل ما على الارض، فيحيلها الى خراب وهو كذلك، بل هو لم يحصد تلك السنابل فحسب بل حصد من زرعها ومن هي تعود اليه، تقول: (يبكي خضرة َسنابل وطنٍ حصدَه جرادٌ أرْعَن....).
وحاولت الأديبة أن توظف في موضع آخر أسطورة أو رمزا من أسطورة فكانت موفقة في اختيارها وفي توظيفها، فتقول:

(الشموخ يتلوّى بسمّ الهزيمة يتأمل الأجساد العارية مِنْ خلف بوابات خضراء يتغشّاها الموت جباهُ نور تدنو وكارتا فيلوس تقرعه اللعنة يبعثر طلقات شعواء على حصون السلام)، و(كارتا فيلوس) هو حارس يهودي لعن على لسان المسيح و يمثل الاثم الاكبر الذي ارتكبه اليهود في الاسطورة اليهودية، ومازال هذا اليهودي يرتكب الآثام ففي كل يوم يقتل طفلا، ويهدم بيتا، ويحرق سنبلة لما يحن حصادها...
وهناك الكثير الذي ذكر في هذه المجموعة الشعرية للشاعرة رحمة عناب تستحق وقفة ودراسة تأملية، لا تتناسب مع هذه العجالة.



#رحمة_عناب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- | د. خالد بوزيان موساوي : التشكيل والدلالة في قصيدة النثر؛ ن ...
- نواقيس الخوف
- جئتُكَ ...
- بأي المجازات
- (يا من أدْمتني ضحكتها ….. بقهقهات الظنون)
- أيتها الغيابات
- (( غموض شعري يتمتّرسُ في قناديلِ الشاعرة رحمة عناب وهي راعشة ...
- أيّ هذا الضياع
- نجومٌ في الابد
- أنا….مُريدتُك
- تُراكَ
- منابع الشرفات
- خزّاف الكلمات
- منحوتة التيه.... وجيعة مشروخة
- أكتبُ
- في مُقتَبلكِ .... أَجثو طائعاً
- وشوشاتُ الشوق
- بعدكَ ... لا شيءَ أصيرُ إليهِ ..
- بيادق الرحيل
- مالي وذاك الوحي


المزيد.....




- المدارس العتيقة في المغرب.. منارات علمية تنهل من عبق التاريخ ...
- تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على نايل سات أفلام وأغاني لل ...
- مصر.. نسرين طافش تصالح بـ-4 ملايين جنيه-
- الفنان عبد الجليل الرازم يسكن القدس وتسكنه
- أسعدى وضحكي أطفالك على القط والفار..تردد قناة توم وجيري 2024 ...
- منصة إلكترونية أردنية لدحض الرواية الإسرائيلية في الغرب.. تع ...
- “نزلها الان” تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 2024 لمشاه ...
- مشاهير الموضة والموسيقى والسينما.. في مهرجان ميت غالا حمل عن ...
- متحف -للنساء فقط- يتحول إلى مرحاض لـ-إبعاد الرجال-
- إيران تقيم مهرجان -أسبوع اللغة الروسية-


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمة عناب - ما وراء الأفق... تأملات في مجموعة (وراءَ هذا الغموض تتكورُ قناديلي راعشةً) للشاعرة رحمة عناب./ بقلم : د. كريم عبد الحسين الربيعيّ