أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - ثمل ليلة الانتخابات














المزيد.....

ثمل ليلة الانتخابات


كاظم حسن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 7358 - 2022 / 9 / 1 - 02:31
المحور: الادب والفن
    


قال العسكري وقد قضم اخر لقمة: (لفة ثانية > , قالها ذلك الشرطي للبائع وكأنه يصدر امرا, مستعرضا شاربيه الكثين ...وكان صاحب اشهر سمبوسة في العشار بملابس رثة وسمرة غامقة ـ يستقر على كرسي صديء ويعد النقود ـ ..والمحل الضيق يزدحم بالزبائن ..حشر لنا السندويجتين بكيس من النايلون ولبى طلبنا بقطعتين من السمبوسة التي تذكرك باكلات الهنود ..تناولت من الارض قطعة ناصعة من المقوى لاني توقعت ان نتناول على ضفة شط العشار , لكن الادامة منعتنا فقد كشطت الدكة الاسمنتية.. وتقدمنا نحث الخطى كالمتقافزين لان الوقت ليلا داهمنا .. من زقاق لزقاق ...قال صاحبي ..عبرنا ثانية المكتبتين التي دخلناهما قبل نصف ولم نجد فيهما ,الكساد سمة المحال.. الناس معبؤون بضجيج الانتخاب انه يوم الصمت الانتخابي 2018...العراق يمر بمنعطف , الناس متخمون باليأس ...(لن انتخب ) اكثر الاجوبة شيوعا ..الوجوم سمة الوجوه الا مراهقات مبتهجات مثل صغار يتقدمون بلا علم على ارض ملغمة.
التفت اليه .. رجل تقدم في السن لكنه ما يزال متماسك الجسد والروح .. وهو يسحب انفاسا عميقة من الناركيلة .. كان يستقر على تخت المقهى قربي (حاج .. هل تتذكر البيان رقم واحد في ثورة الزعيم قاسم ؟).. فاستدار بجسمه , فاصلا ساقيه المتراكبتتن على بعضهما , وبدا وجهه زاخرا بذكريات بعيدة مضببة محاولا شحذها :(النصر بسبب التمويه .. كانت الدبابات قد كتب عليها او تحمل لافتات مؤيدة للزعيم , الخدعة نجحت ...كنت عسكريا بسلاح الجو, واجبي استقر جوار الطيار في الهليكوبتر, اعد الطائرة واسلمها للطيار ,ووصلت بصعوبة الى وحدتي في معسكر الرشيد من جوار سجن رقم واحد ..).. كانت الانفجارات تتواصل والجو مدخنة .
(انت تتكلم عن الانقلاب ضد الزعيم وانا سألتك عن نجاح ثورته ..) فاجاب وهو ينفث الدخان الكثيف : < ها صحيح> وايد قولي رجل ستيني واسع العينين برفع وخفض رأسه مرات وهو يحدق بي وبه نافثا الدخان ..تخوت فارغة خارج المقهى وقطع قماش حمر ثلاثة داخلها ’ تتدلى من خيط افقى رسم عليها صورة واسم <ابو الفضل العباس>..وقد انتصب الخيط والرايات في اخر جزء من المقهى , جزء غامض اشبه بجزء من سجن امني تراكمت عليه سلع مجهولة في موقع شبه مظلم ..
دخل الثمل في الثلاثين .. جثة ثقيلة ينقذها طول معتدل ,, سمرة وبنطلون وقميص فحميان متسخان مع لطخات من لون رصاصي .. بصعوبة يوازن جسمه, قدمان تكادان تخشيان الارض كلما ارتفعت منها وحاولت الاحتكاك ,, انه يترنح ويده تقطر دما يقطر على البلاط الناصع. بين تختين وناركيلتين متقابلتين ومتقاربتين يترنح ويعتذر ويكرر اعتذاره وهو يسح المفردات بصعوبة (سامحوني انا اخوكم .. اخوكم الصغير ).. وطالبه بعض الجلاس ان يمضي فيغسل ويضمد يده فقال (لا شيء ).. الشاي على نار الفحم ينضج بنكهة مسكرة .. احد العاملين يوزع ابتسامة بلهاء ويمازح صاحب المقهى .. وراحت قطرات الدم من يد الثمل ترسم لوحتها على البلاط ..فتقدم لاحد :(ابو ناجي سامحني ) وقبله فحاول هذا ان يحمي وجهه بيديه ..لكنه قال فيما بعد (يجب ان اغتسل لاني ساصلي )..كانت الدبابات قد اجهزت على الزعيم ونظامه .. بغداد تشتعل بالدخان ...الهاتفون له تعبوا ...كانت الصور تتوالى في ذاكرة الرجل قربي , وكاد الثمل ان يهوي فسحب ناركيلته وقال (سامحناك فاغسل يدك ).. وغادر الثمل فحل شبه سكون ,وهاجم الحوار الانتخابي ثانية (كلهم مفسدون ولن انتخب ... لا يتغير شيء ),(غير المجرب مثل المجرب )(النتيجة معدة مسبقا ونحن في خدعة )..كان الناس ليلة الانتخاب حائرين ... تترنح وتتأرجح اراؤهم مثل هذا الثمل ..اليأس يكفن الخيارات ..وعاد الشاب السكران ...في يده خرقة وهو يردد (سامحوني .. سامحوني .. ارجوووكم سامحوني )..وركع بصعوبة ثم جلس على قدميه ليمسح الدم من البلاط .. قوة تجذبه للخلف واخرى تكاد تسقطه .. من كل خمس محاولات تنجح خرقته المتسخة بمسح بعض القطرات ...ونهض بمشقة ..وببطء... والقى علينا نظرة ضبابية (سامحوني انا ..ـ وفتح راحته مشيرا الى الارض وهبطت معه ــ صغير .. اصغر.. واصغر.. ) كان يواصل انحناءه مشيرا لحجمه براحته محدقا بالارض حتى لم يبق سوى شبر بين راحته والارض ؟ . ثم اختفى ...فيما ظهر جرذ بدين يعبث بين التخوت حذرا من الارتطام باقدامنا وتخفى لحظات ثم ظهر فعبر, فداهمتنا السخرية وانحسر بعيدا الحوار الانتخابي .



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقابر البصرة قصيدة
- نظرة الى الامام مذكرات ج11
- ثلاثة نصوص
- حي سليطة
- تصدع القوقعة ( نصوص شعر )
- قصة (لا تقبروني في عزلتي : الحل ليس حلا)
- قصيدة
- ثلاث قصائد
- البريكان (مجهر على الاسرار وجذور الريادة )ج5
- ام نسرينقصة
- نظرة الى الامام مذكرات ج10
- نص من رواية ( حي سليطة)
- شعر: ( استعارة..و..من الدوام وبعد ذلك)
- نظرة الى الامام مذكرات ج9
- نصان :(البريكان يهوي بالطعن) و(تجارب في تحنيط السأم )
- نظرة الى الامام مذكرات ج8
- قصة (عمائم التوبة )
- لحظة حاسمة
- شبح جمهور 
- الطفولة نجاة


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - ثمل ليلة الانتخابات