أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - لحظة حاسمة














المزيد.....

لحظة حاسمة


كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي


الحوار المتمدن-العدد: 7347 - 2022 / 8 / 21 - 23:43
المحور: الادب والفن
    


عبد الرؤوف الشريفي : القرار لك
حين يكون فكره حيويا وحواسه متيقظة , وهو يواجه محنة اتخاذ قرار خطير , فكل ما تستطيع ان تقدمه له هو ان تعاونه ليفكر ,كنا قبل ان يثقل العمر بالاف التجارب نتوقع اننا قادرون على غسل دماغ او مغنطسته , الان اقصى الطموح هو مشورة ان رفضها (فلعل له عذرا وانت تلومه ).. هكذا سحقنا ثلاث ساعات ونحن في حوار وجدل حتى اقتنص القرار .
غادرت صاحبي بعد المنتصف , بعد حوار مجهد مر متوجا ليوم متعب ثقيل , الدرب مقفر حتى من الدود والحشرات , الابواب مقفلة تماما ,الرياح وحدها تحرك الاشياء , مخلفة عددا لا يحصى من الاصوات ..الاوراق تحلق فتتهاوى ..اكياس نايلون سود تحاول الافلات من شيء اعتقلها ..قناني البلاستك الصغيرة تتدحرج معلنة بالصوت عن هويتها ...
الرايات تخفق فوق السطوح معلقة بالاعمدة ..اصوات منوعة : خافتة وصاخبة ... منغمة وبفوضى تسح انتباهك اليها ...لا شيء من صوت حي سوى نباح من بعيد تدفق واختفى .
هل هجعوا خلف الابواب المغلقة .. او واصلوا موتهم ... هل تعبوا ام خدروا بمسكن الواقع ... يصحو العراقي للحرب .. انت محارب في حروب لا حصر لها : انتظار الراتب , زوجة مشاكسة او بطرة , الانتظار لساعات في الدوائر الحكومية , اللحظات الخانقة تقضيها في سرادق المآتم والاعراس , تفاهات المجاملات اللامتناهية , اطفال صاخبون لعبتهم الاولى هي المعركة يقتلون بعضهم ببنادق من الخشب او النايلون .. حرب الحصول على الطعام... النساء وحدهن يداهمهن القلق قبيل الغروب والسؤال المكرر (ماذا اعد للعشاء ؟!)...
الرياح تتدافع تخترق المشبكات وصناديق الفاكهة المثقبة تتحرر من اسرها وتمضي ترتطم بالجدران فتجنح او تتهاوى فتستقيم او تتكور او تمضي في دوائر يكشفها الغبار , تخترق الثغرات في البيوت غير المحكمة فتغزو ...الصفيح يعزف انغامه المفزعة .. التراب عبثا يتشبث في الارض .. الريح تطرق الابواب الحديدية ضيفا ثقيلا لا احد يفتح له .
ترى من أي براري اتت واية مفازات قطعت ..واية خيام وانهار تحدت فعبرت , اية صفقات عقدتها مع التلال والاغصان والجبال فمرت ..هل تدعونا لليقظة والحذر من زلزلة بشرية قادمة ؟!.. انهم يغطون بالنوم او يطورون الوهم عبر الفيسبوك والمسلسلات .. في هذه اللحظة بعد المنتصف كم فتاة تراود وكم رجل يكرر لهاثا بلا لذة او ضرورة .. كم عاطل عن العمل يقلب خيارات صعبة ويصحو متورم الاجفان .. كم ارملة ومطلقة تختم يومها بشهقات وهما تنظران بطونا غضة جائعة او صفعا يتوالى طيلة النهار على صغارهما ..
الان وحدها الريح وأنت تقطع مئتين من الامتار , ظل لفمين ينهاران لحظة التقبيل .. انه مهرجان وتلتقط الاحتضار البشري وهو يترشح بسكون وصمت وغربة وفزع .
ظلال على الحائط يشكل ما يشبه خارطة للوطن العربي ,مهتزة وممزقة , بترت بعض اجزائها ..ظل اخر لفيل بلا خرطوم يترنح فيسكن , ظل لفمين ينهاران لحظة التقبيل .. انه مهرجان للظلال والاصوات .. الشواخص والاشياء تتخلى عن هويتها ثم تنتمي لذاتها .. انها فرصة للاعلان .. علب الدهون وقوارير العطر المفزعة , اوراق الامتحان لصغار كسالى تنتقل من سطح لسطح , الكتابات المرمزة لعاشقة شبه يائسة تتقافز من منعطف لاخر بين الازقة الضيقة الخانقة ...
وانت تخطو مفكرا بلحظة حاسمة تمكن فيها صاحبك ان يتخذ القرار المر الخطير , حيث تستعد الاعصاب للصهر الكلي .
(من مجهر على القاع)



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شبح جمهور 
- الطفولة نجاة
- بيت مهجور 
- كتاب البريكان (مجهر على الاسرار وجذوور الريادة )ج4
- بيت الجمل (قصة قصيرة )
- رسالة مرمزة (قصة قصيرة )
- (قصيدتان )
- نظرة الى الامام مذكرات ج7
- مذكرات لالة
- من 6 الى السبعة مساء(العشار ).
- نظرة الى الامام مذكرات ج6( منتدى الجمعة الادبي )
- كتاب (البريكان :مجهر على الاسرار وجذور الريادة )ج3
- ازعاجات قط لحظة الكتابة
- ديوان الابواب
- البريكان : مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج2
- البريكان : مجهر على الاسرار وجذور الريادة (ج2)
- تعال معي نطور فن الكره
- مقطع من رواية (تعال معي نطور فن الكره )
- اله صغير (مجهر على القاع )
- التعليم في العراق / الهبوط بمظلات التخلف


المزيد.....




- لتوعية المجتمع بالضمان الاجتماعي .. الموصل تحتضن اول عرض لمس ...
- -شاعر البيت الأبيض-.. عندما يفتخر جو بايدن بأصوله الأيرلندية ...
- مطابخ فرنسا تحت المجهر.. عنصرية واعتداءات جنسية في قلب -عالم ...
- الحرب في السودان تدمر البنية الثقافية والعلمية وتلتهم عشرات ...
- إفران -جوهرة- الأطلس وبوابة السياحة الجبلية بالمغرب
- يمكنك التحدّث لا الغناء.. المشي السريع مفتاح لطول العمر
- هل يسهل الذكاء الاصطناعي دبلجة الأفلام والمسلسلات التلفزيوني ...
- فيلم جديد يرصد رحلة شنيد أوكونور واحتجاجاتها الجريئة
- وثائقي -لن نصمت-.. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل ...
- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - لحظة حاسمة