أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - قَرْنَان














المزيد.....

قَرْنَان


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7358 - 2022 / 9 / 1 - 02:28
المحور: الادب والفن
    


ينهض في الصباح زاعقا في الفراغ بأقذع الشتائم :

_تبا لكم يا أبناء ...

يرسل كلمةً نابيةً كالقذيفة في الهواء راكلًا إِياه بقدميْه الحافيتيْن المُتقرحتيْن من كثرة ارتطامهما بالفراغ.إِنه لا يعرف شيئا آسمه حذاء أو نعلا ولا لباسا مُهندَما لائقا ولا حالةً سويةً..فقط يعيش هكذا.فوضَوي هو كما هي أيامه ولياليه.لا عائلةَ له لا أصدقاء..وحدها نفسه تثقل كاهلَه ببَوَارها وكسادها.يحدق في المرآة(نعم، لا عجب،حتى هو يهتم بصورته منعكسة على الزجاج الشفاف)، ينظر الى الشخص الماثل أمامه.يبدو أنه يعرفه،هو عينه تماما،لم يتغير البتة.لازال كما تركه مساء البارحة..العينان هما العينان..الفم هو الفم والأنف والأذنان...حتى القَرنان مازالا هناك في مكانيْهما فُوَيْق جبهته. يتحسسهما ليطمئن على وجودهما.يستشعرهما كما كانا دائما.يتنفس الصعداء.يبتسم بعض الشيء قائلا :

_كلهم ذهبوا وبقيتُ وحدي.

يَصْمُتُ برهةً ثم يردف مخاطبا أعلى جبهته ماسكا بالقرنيْن:

_الحمد لله أنكما لازلتما مكانيْكُما..المهم هو أنتما..لا يعنيني أن يتغير العالم أو يذهب الى الجحيم..يا عزيزَيَّ..

أراد تقبيلهما، لكنه لم يجدْ لذلك سبيلا، فاقترب من المرآة التصق بها زامًّا شفتيْه مطبقا على صورتهما المنعكسة قُبلة مَديدة أنْهاها بقهقهة عريضة لم يستطعْ على إِثرها إِمساك توازنه، فسقط على الأرض مغشيا عليه ...

* * *

يستيقظ وسط زريبة في فلاة تصخبُ بالثُّغاء واليُعَار.ينظر حوله مُتفقدا حاله غير مُدركٍ بالتحديد الوضع الذي يوجد عليه..أين هو؟؟ماذا يفعل في ذا المكان المُحاصَر بآلاف الوعول والماعز والغزلان المُتوجَة بآلاف القرون الناتئة والمُنحنية والمُحْدَوْدَبَة..؟؟..يتشممه هذا الحشد من البهائم،ثم ينصرفون تاركين إِياه غارقا في تساؤلاته..ما شأن هذه الحيوانات؟مَنْ جمعها هاهنا؟ما هذا المكان؟ووو..وَضع يديْه على جبهته ثم تَنفس عميقا.وعندما هَمَّ يقف لم يستطعْ الثبات الا ثواني معدودات،إِذْ سرعان ما هوى بيديْه على الأرض ليضبط توازنه..انه التنمل..لقد نام كثيرا..لا بد أن يكون الأمر كذلك..هذا أكيد..سوف يستريح قليلا قبل أن يحاول النهوض من جديد...
مرَّ وقت.لم يره أحد، لكنه مر.دخل الزريبة رجل متجهم.منتفخ الأوداج.أحمر الخديْن، ففرت الحيوانات لَدَى رؤيته إِلا هو ظل في مكانه مُستلقيا على جانبه الأيمن لا يلوي على شيء.يَخِزُهُ الرجل بقدمه ثم بقبضة قوية متحكمة خاطفة من يده اليسرى يطوق بدنه رافعا إِياه الى الأعلى ليطرحه أرضا،وفي لمح البصر يمرر الشفرة على حلقومه.لم يحدثْ شيء بعد ذلك..فقط كانت مجموعة من الأوعال تنظر بأعين باردة الى تيسٍ صغير يضرب بظلفيْه المشقوقيْن المتقرحَيْن الهواءَ ودم كثيف يسيح من عنقه جائرا:

_ تبا لكم يا أبناء الــ...

ولم يكدْ ينهي جملته حتى هوى الرجلُ بساطور على قرنيه..ثم لا شيء..



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُمَارسةُ آلموت
- اِقْرَأْ وَإِلَّا قَتَلْتُكَ
- فْشِي شْكَلْ
- رَحِيل
- الجوكر أو الأقنعة الموروثة
- التتارُ الجدد
- شَدْوُ آلْفِجَاجِ
- سَيَمُرُّ آلْقِطَارُ بُعَيْدَ قَلِيل
- زَنَابِقُ آلْحَيَاةِ، بخصوص قصيدة-يا صبر أيوب-للشاعر عبد الر ...
- مُجَرَّدُ شَخيرٍ لا غير
- سُعَال
- دُودُ سِكَّةِ آلْحَديد
- شَرْخ
- سُلَالةُ قابيل تُكملُ آلمهمة
- بخصوص شريط(حَلاق درب آلفقراء)لمحمد الرَّكاب)
- السيد(بِيغُونْجِيهْ)في مواجهة قطيع القرون ...
- بخصوص(Voyage au bout de la nuit)لفرديناد سيلين
- ثُمَّ هَوَى
- رغم الصخب والجؤار...(قراءة في رائية أبي الصعاليك)
- تَصْفُو حِينَ تَرْتَجِزُ


المزيد.....




- عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم
- العربية في اختبار الذكاء الاصطناعي.. من الترجمة العلمية إلى ...
- هل أصبح كريستيانو رونالدو نجم أفلام Fast & Furious؟
- سينتيا صاموئيل.. فنانة لبنانية تعلن خسارتها لدورتها الشهرية ...
- لماذا أثار فيلم -الست- عن حياة أم كلثوم كل هذا الجدل؟
- ما وراء الغلاف.. كيف تصنع دور النشر الغربية نجوم الكتابة؟
- مصر تعيد بث مسلسل -أم كلثوم- وسط عاصفة جدل حول فيلم -الست-
- ترحيل الأفغان من إيران.. ماذا تقول الأرقام والرواية الرسمية؟ ...
- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - قَرْنَان