أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - تدمير مزدوج للدولة وللمجتمع المدني














المزيد.....

تدمير مزدوج للدولة وللمجتمع المدني


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 7352 - 2022 / 8 / 26 - 14:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أدت الحروب والتمزقات التي شهدتها وتشهدها بلدان عربية مفصلية: العراق، سوريا، ليبيا، اليمن، فضلاً عن تلك البلدان التي لم تسلم من شظايا الانفجارات الجارية حولها، إلى تضعضع وضعف، وحتى انهيار، الدولة الوطنية في تلك البلدان، على الأقل من زاويتين رئيسيتين.

أولى هاتين الزاويتين هو عجز السلطة المركزية عن بسط سلطتها على كامل التراب الوطني الذي منه تتشكل الدولة المعنية، حيث أصبح الكثير من أراضي هذه الدول تحت هيمنة وتسيير ميليشيات محلية وخارجية، كلها ذات طابع مذهبي أو مناطقي من لون واحد.

أما الثانية فهي تمزق النسيج الوطني لهذه الدول، الذي لم يكن التنوع عائقاً دونه فيما مضى، وإنما على العكس كان عامل إثراء خلاق له، قبل أن يجري تفكيكه، ورده إلى تكوينات فرعية متنافرة، متصارعة، وحتى متحاربة بقوة السلاح.

أدى هذا إلى إعاقة عملية ترسيخ بنية الدولة الوطنية العربية التي قطعت شوطاً لا يصح الاستهانة به، وثمة إشارة للدكتور سمير أمين بهذا الخصوص يتوقف فيها أمام منجزات ما وصفه ب «المرحلة الوطنية» من تاريخ الدولة العربية الحديثة من خلال استراتيجيات التصنيع والإصلاحات الاجتماعية، كالإصلاح الزراعي وتوسيع نطاقات التعليم، ما نجم عنه تعديل توزيع الدخل وتوسيع قاعدة الطبقات الوسطى، وهو ما أضفى تماسكاً اجتماعياً أتاح للمجتمع تبنيه لمشروع التحديث المجتمعي.

لكن ليس هذا هو الوجه الوحيد للتدمير الذي نعيشه، فتدمير الدولة الوطنية يؤدي بدوره إلى تدمير المجتمع المدني، كون نشأته وثيقة الارتباط بنشوء هذه الدولة الوطنية، حتى لو كان دوره يختلف عن دورها، حد المعارضة الجذرية لها أحياناً، لكن ما إن تنهار الدولة حتى يفقد المجتمع المدني، من حيث هو مؤسسات أهلية حديثة، الفضاء الذي يتحرك فيه، لأن البلد بكامله يرتد إلى عصبيات تقليدية، محافظة لا بل ورجعية، سابقة لقيام الدولة ومعيقة لديناميات ترسيخ بنية الدولة ونفوذها
.
كل الدول التي هي اليوم ضحية الحروب والاقتتال، وبدون استثناء، فقدت دور مجتمعها المدني الحديث المستقل، أو في أحسن تقدير اضمحل وانكمش هذا الدور في أضيق النطاقات، ففي الحروب تختلف الأولويات كلية، حين تختفي مهمة البناء أمام منطق التدمير، الذي يراه كل طرف من أطرافها، ضرورياً لإلحاق الهزيمة بالخصم، غير آبه بحجم الخراب الذي ينجم عن ذلك، لا على صعيد تدمير المدن والبلدات وحدها، وإنما تدمير نسيج المجتمع نفسه.

علينا أن نتخيل الآن ثقل المهام الماثلة أمام الشعوب بعد توقف الحروب، وهو أمر سيحدث آجلاً أو عاجلاً، حين يتعين لا إعادة بناء الدولة المركزية المنهارة وحدها، وإنما أيضاً ترميم أو إعادة بناء المجتمع المدني المنهار هو الآخر.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين ابن خلدون وابن رشد
- أثر الفراشة
- عنصريّة (هوليود)
- قضايا الشباب في يومهم
- أبعد من حقوق الإنسان
- امرأة شجاعة من السودان
- نظراء الحرباء
- ما قبل الحداثة
- المرأة ماركيز
- صراع الهُويّات
- ما يقدّمه التلفزيون
- المجتمع المدني التونسي ينتصر لسيادة الوطن
- التدمير المزدوج
- عن رجلٍ صادق نهراً
- عن الجاهزية للتقدّم
- 23 يوليو 1952
- الأديب ليس المثقف
- لماذا نحبّ تشيخوف؟
- -بلاش فلسفة-
- ما الفواصل الزمنيّة؟


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - تدمير مزدوج للدولة وللمجتمع المدني