أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد فاروق عباس - على هامش التعديل الوزارى















المزيد.....

على هامش التعديل الوزارى


أحمد فاروق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7342 - 2022 / 8 / 16 - 07:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحدث أن تقوم أى دولة فى العالم بإجراء تغييرات سياسية ، وهو شئ عادى ويحدث كل يوم ، وإذا كانت الوزراء يتبعون أحزاباً معينة ، فتغيير وزير أو اكثر يكون معروف سببه بمعرفة إتجاه الحزب السياسي ..

اما اذا كان النظام الحزبى ضعيفا مثلما هو الحال عندنا ، فالحل أن تلعب السياسة دورها فى عرض الأمر على الجمهور ، وبالتالى يعرف الناس الإجابة على الأسئلة المنطقية .. من وكيف ولماذا ..

لكن الأمر هذه المرة جاء مختلفاً ، فالتغيير جاء سريعا ومفاجئا ، ووقف المرء حائرا يتساءل ، لماذا جاء من جاء ، ولماذا ذهب من ذهب؟

ربما يرى بعض المغالين ان ذلك تطفلا من الشعب على شئون الدولة !!
وربما كانت تلك هى النظرة الطبيعية للأمور في أزمنة بعيدة فى الماضى ، عندما كانت أمور السياسة والحكم حكراً على أسرة مالكة تؤمن بالحق الألهى الملوك ، أو حكراً على مجموعات اوليجاركية ترى أن الحكم من اختصاصها ، وأن رأى الناس تدخلا فيما لا يعنيهم ..

ذهبت تلك العصور ، وأصبح حق الشعب فى الفهم من حقائق العصر ، وقديما كانت البرلمانات تقوم بدور الوصل بين نبض الشعب السياسي وبين ضرورات السلطة ، ثم قامت
الصحافة فى فترات طويلة بدور الوسيط بين الشعب والسلطة ، عن طريقها عرف الشعب اتجاهات الحكم الرئيسية ، والمتغيرات التى تحكم حركته مع كل مرحلة ، وعن طريقها عرف الحاكم نبض الشعب ومطالبه ..

لكن الصحافة كفت أن تقوم بهذا الدور منذ عقدين تقريبا ، ولم يعد يقرأها أحد إلا قليلا ..

وهنا دخلنا فى معضلة ..
فصلِة الوصل بين الشعب والسلطة أصابها الاعتلال ، ولم يعد أحد يقوم بدور الوسيط بين شعب بكامله وبين حكامه ..
لم تعد البرلمانات تقوم بهذا الدور ، كما كفت الصحافة أن تقوم به ..

لم يعد أمام الناس سوى درجة الثقة في الحاكم ، وبالنسبة للرئيس السيسي فأزعم أنه مازال يتمتع بثقة الكتلة الأكبر من الشعب ، حتى مع صعوبات المعيشة والحياة ..

ولكن هل تكفى درجة الثقة في الرئيس السيسي أو غيره أن تكون بديلا ان يعرف الشعب وأن يفهم على الاقل المجرى الرئيسي للأمور ..

وبالنسبة للتعديل الوزارى الأخير ، كان من المنطقى أن يقدم كل وزير رحل نتيجة عمله فى مدة توليه الوزارة ، وأين أصاب وفيم أخطأ ، وأين هى الصعوبات وأين المشاكل ، ولأى هدف جاء ، ولماذا ذهب ؟
اما أن يذهب من ذهب بدون كلمة منه أو من غيره توضح وتشرح فذلك من غرائب الأمور ..

أضف إلى ذلك الإخراج السياسى شديد السوء للتعديل الوزارى ، وأن يظهر خبر مجهول مساء أمس أن البرلمان مدعو للاجتماع بصورة عاجلة ظهر اليوم للنظر في أمر هام ، لا يعرف أحد ما هو بالضبط ، ولا ما وجه العجلة فيه ، ولماذا التكتم حوله إلى هذه الدرجة ..

السياسة ليست نوع من الكهنوت ، أو هى مهنة الأسرار والطلاسم ، بل هى نشاط انسانى لتنظيم أمور جماعة بشرية معينة ، وبالتالى فالحركة على مسرح حكم هذه الجماعة لابد أن تكون مفهومة وواضحة ، على الاقل فى خطوطها الرئيسية ..

الغريب أن ذلك ما كان يتم فى مصر نفسها حتى وقت قريب ، وكانت الوسائط - وخاصة الصحافة - تقوم بهذا الدور بكفاءة أحيانا أو بدرجة متواضعة من الإقناع فى أحيان أخرى ..

وهذا من طبائع الأمور ، ويجعل المحكومين على درجة من الوعى والعلم بالخطوط الرئيسية لتطورات السياسة فى بلادهم ، وبالتالى لا يصبح الأمر بالنسبة للفرد مجرد ثقة فى حاكمه بدون علم وبدون فهم ، ولكن هى ثقة العالمِ الواعى ، المتفهم للدواعى والضرورات ..

نظرة وفهم أعمق لمعنى السياسة ضرورى فى بلادنا ، وهى ليست ترفا ، وإلا أصبح الشعب فى واد وحكامه في واد آخر ، وفى هذه الفجوة أو الثغرة يمكن أن يظهر مجال لأى عابث أو متربص ينتظر فرصة ..

وعلى صعيد السياسة الخارجية ، ظهرت أيضا فجوات عديدة ، ومنها مثلا :
١ - ليس لمصر خطاب سياسي مناقض للخطاب التركى ، على اعتبار أن تركيا فى العقد الأخير كانت رأس الحربة فى شن الغارة الكبرى على مصر والعالم العربي ، والخطر الأكبر على مصر ليس من الجيش التركى - ولا من أي جيش أخر - إنما الخطر من الخطاب التركى الذي يؤثر في أقسام معينة فى الشارع العربي ..
ومصر إزاء الخطاب التركى أمامها خطابان مضادان :
أ - الخطاب الوطنى : وتركيزه على الوطنية المصرية ، وهو الخطاب المتبع حاليا ، ومشكلته أنه يحارب الإخوان والأتراك وخطابهم في مصر فقط ، فمن ذا الذي يتعاطف مع خطاب مصري محلى يخص أهل مصر فقط فى بلدان كسوريا وليبيا والسودان والعراق ولبنان وتونس والأردن ... وباقى البلاد العربية ؟
ب - خطاب القومية العربية أو التقارب العربي : وربما كان هو الخطاب الأنسب أمام خطاب الأتراك بالهيمنة على العالم العربي باسم الإسلام ، ولدينا أقسام هائلة من السكان في كل بلد عربي مستعدة أن تسمع وترى ذلك النداء بشروط ، وهى :
- ليس المقصود بالقومية العربية غلبة جنس أو عرق معين فى تلك المنطقة متعددة الاعراق ، بل هو تعبير عن الجزء الأكبر من السكان في تلك المنطقة من العالم ، والذين يجمعهم اللسان العربي والثقافة العربية ووحدة التاريخ والآلام والمصير ، وبالتالى فالاكراد والامازيغ والأقباط جزء لا يتجزأ من حياة ومستقبل هذه المنطقة ..
- أن يقدم خطاب وحدة العرب بأسلوب جديد يتلافى ما حمل به هذا الخطاب فى العقود الماضية جراء استخدامه من هذا النظام أو ذاك ..
- تركيزه على وحده العرب في مقابل المشاريع القادمة من الخارج وذات الطابع الدينى ، ممثلة في المشروع الإيراني ذو النفس الدينى الشيعى ، والذي استقطب جزءا من الوجدان العربي ، وخصوصا في أماكن تواجد الشيعة العرب ، والمشروع التركى الاخوانى ذو النفس الدينى السنى ، والذي استقطب جزءا آخر من الوجدان العربي ..

الخطاب العربي أمام مشاريع الهيمنة القادمة من الخارج سواء المشاريع الجديدة ( تركيا - إيران ) أو القديمة ( إسرائيل - الغرب ) هو الكفيل بأعادة الحياة وروح الكفاح فى تلك المنطقة التى تعيش زحام المشاريع الخارجية التى تريد وراثتها موقعا وثروة وبشرا ..

٢ - من ضمن ما ظهر من فجوات في الفترة الأخيرة هو عدم وجود طبقة فكرية وثقافية وطنية مصرية تقدم الاجتهادات - حتى ولو كانت مخالفة - وتفتح المسالك وتنير الطرق ، وتوسع مدى الرؤية ، أغلب ما هو موجود مجموعات من المتحمسين أو المشجعين ، وأينما وجهت وجهك لن تجد أحد يتحدث بآراء ومدارس فكرية وسياسية أخري رصينة ، وعقل مصر - فى الجامعات ومراكز الأبحاث وفى الصحف - يبدو معطلا ..
وهناك اجتهادات رصينة قدمت فى السنوات والعقود الماضية تحتاج إلى إعادة قراءتها ، مثل اجتهادات العظيم الراحل د . أنور عبد الملك فى توجه مصر نحو الشرق ، ومنها إقتراحه بإنشاء جامعة للدراسات الشرقية أو الآسيوية ؛ تقدم للعقل المصري أبرز تراث الفكر والثقافة والسياسة والعلوم فى بلاد الشرق الكبري ( الصين واليابان والهند وكوريا وفيتنام ... إلخ ) وتعقد الصلات مع أهل الفكر والثقافة والسياسة والعلوم والإقتصاد في تلك البلاد التى فيها سيتقرر مصير العالم ، وبعد أن ظل العالم العربي أسير الغرب لعقود طويلة ..

٣ - إن مصر مازلت تحارب الارهابيين ولا تحارب أفكارهم ، وتحارب الإخوان ولا تحارب منطقهم ، ومازلنا على جبهة الدفاع ولسنا على جبهة الهجوم ، ومحاربة الإرهاب وأفكاره والإخوان ومنطقهم تحتاج إلى استراتيجيات أخري منها الفيلم والمسلسل والمسرح والأغنية والوثائقيات ، والأهم فتح الأرشيف المصري فيما يخص هذه القضايا أمام الباحثين حتى يتكلم من يريد أن يتكلم بعلم ودراية وليس بكلام إنشائي ..

٤ - إن مشروعات مهمة مثل مشروع مكتبة الأسرة ، أو مشروع المركز القومى للترجمة لابد أن يتم دعمها وبشدة ، وأن تنشر فيها كتب تناسب اللحظة الراهنة وأن توزع في كل مكان ، فالغريب أن أمريكا ربحت الحرب الباردة بالكتاب ونشره وتوزيعه عبر العالم كله ، وهنا في مصر مازلنا غافلين عن هذه القضايا الجوهرية !!
.. هذه القضايا تستحق فتحها والنقاش حولها ، وأن يتكلم الجميع بما لديه من علم أو خبرة ، حتى نصل إلى بداية طريق يمكن أن يعصمنا من المستقبل وتطوراته ..



#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر وتركيا ... وفلسطين
- المصروفات السرية
- السلطة والمجتمع .. وحرية الرأي
- المال السياسي
- السياسيين .. ومذكراتهم التى لم يكتبوها
- السادات .. مجرد ملاحظات
- الجانب الآخر من الصورة
- الانقطاع والاستمرارية فى السياسة والاقتصاد المصرى
- هل كان الأمر طبيعياً ؟!
- وجهين لعملة واحدة ..
- إعادة بعث الماضى .. فى السياسة
- مقتل رجل ليست له قيمة ..
- أستاذ الجامعة ... نماذج
- لماذا تتعثر الديموقراطية فى العالم الثالث ؟
- كيرة والجن ..
- هل الديموقراطية هى الحل ؟ نعم ولكن ..
- المطالبة بالديموقراطية
- معضلة التنظيم السياسي
- تركيا .. وقصتها الطويلة معنا
- حرب الأفكار


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد فاروق عباس - على هامش التعديل الوزارى