أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - توفيق أبو شومر - فايروس (الضد)!














المزيد.....

فايروس (الضد)!


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 7336 - 2022 / 8 / 10 - 07:34
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


اعتاد كثيرون في فترات الهدوء القليلة التي تفصل بين الحروب في غزة أن يسخروا من وعود السياسيين ورجال الأحزاب، لأنهم ظلوا يُهددون صباح مساء بشن هجمات صاروخية على إسرائيل ولكنهم لم يُطلقوا صاروخا واحدا! فهم في نظر هؤلاء الساخرين جبناءُ مأجورون لم يُوفوا بوعودهم حتى الآن! الغريب أن أحد هؤلاء الساخرين كان مواظبا على الاتصال بي خلال كل الحروب التي شنها الاحتلالُ على غزة، كانت أمنيته الوحيدة؛ أن يوقف رجالُ الأحزاب إطلاق الصواريخ، كان يردد: " فليوقفوا إطلاق (المواسير)، كفانا ما أصابنا من خراب ودمار وقتل!
سأظلُّ أذكرُ موقفا يؤكد انتشار ظاهرة هذا التناقض عند إحدى الشخصيات التي أعرفها عندما قال لي ساخرا قبل عدة شهور في يومِ مطرٍ شديد: هل رأيتَ رجال البلدية وهم ينصبون قفصا خشبيا صغيرا على مجرى سيل صغير، ليتمكن العابرون أن يجتازوا السيل؟! واصل هازئا: هذا المشهد أخجل مهندسي الصين وقرروا الحضور إلينا لاقتباس هذا الاختراع الفريد!
ظنَّ هذا الساخر أنني سأبتهج بما قال من سخرية جارحة تشوه العاملين الكادحين، وهم يقومون بواجبهم وفق ما يملكونه من قدرات وإمكانات، ولكنه عندما شاهد عدم الرضى في نبرة صوتي، ولم يظفر بتعليقٍ ساخر ليزداد مُتعة، حاول تغيير مسار الحديث وشجب تقصير البلدية وفشلها لأنها أعلنتْ استعدادها عن مواجهة الكوارث! هذا (الساخر) هو نفسه كان يجلس أمام المدفأة وهو يسكن على بعد أمتار قليلة من هذا السيل، يلعب بأنامله على لوحة مفاتيح كمبيوتره الخاص، لم يتطوع حتى بمساعدة صغار السن من اجتياز السيل أمام بيته العامر!
أعرف شخصا آخر مصابا بهذا الفايروس اعتاد أن يشجب كلَّ الذين يفرحون بإزعاج غيرهم، حينما يطلقون المتفجرات في الأفراح والمناسبات، وكان يتمنى أن تُفرض عقوبات رادعة على بائعي هذه المتفجرات وعلى مطلقيها، حتى أنه أعرب أثناء لقائه مع مسؤول الشرطة عن رغبته في فرض عقوبة السجن على كل من يُطلق المتفجرات ويزعج الجيران، هو نفسُه تخلى عن عقيدته السابقة عندما اجتاز ابنُه الثانوية العامة هذا العام، منح أبناءه المال لشراء المتفجرات وغض النظر عن إزعاج الجيران من الصباح إلى المساء، قال وهو يبتسم لجيرانه: فليفرحوا بالنجاح!
ومن مشابهي هذه الشخصية شخصيةٌ أخرى اعتادت الاحتجاج على فوضى الأسواق، لأن البائعين يغلقون الأسواق، ويعرقلون حركة السيارات، ثم نسيَ بعد فترة وجيزة احتجاجه السابق، بعد أن رأى أفردا من الشرطة، يزيلون العربات المخالفة من الأسواق لفتح الشارع ويعتقلون المخالفين، قال وهو يشير بيده إلى أفراد الشرطة: إنهم يطاردون البائعين المساكين، يحرمونهم من أرزاقهم، يعتقلونهم، إنهم مجرمون!
كذلك تمنى أحد المصابين بهذا المرض تنظيف الشوارع من المتسولين، لأن المتسولين يُسيئون لسمعة الوطن، هو نفسه احتجَّ بعد فترة وجيزة على شرطي اعتقل أحد المتسولين من الشارع، قال في صفحته الإلكترونية: ها هم رجال الشرطة تركوا واجباتهم الرئيسة وأصبحوا يعتقلون المتسولين الفقراء، اتركوهم يتسولون!
إن هذا التناقض ليس هو النقد التصحيحي المطلوب لتحقيق الإنجازات وتعديل المسار، بل هو نقدٌ استشفائي مَرَضي، ينتشر في المجتمعات المريضة العاجزة عن التغيير وإقرار القوانين، هو فايروس خطير يتفشى بسرعة عبر وسائل الاتصال الرقمية، غايته الرئيسة إحباط بقايا العاملين المخلصين، وإفشال كل الجهود التطوعية المخلصة خوفا من التعرض لهذه السخرية المرضية، ومن أخطر نتائج هذا الفايروس أنه ينشر مرض اليأس والقهر والإحباط وهو مرض الأوطان المهزومة بلا حروب عسكرية، الأوطان العاجزة عن اللحاق بركب الحضارة، الأوطان الغائبة عن المنافسة الرقمية والتكنلوجية!
سأظل أردد قول الشاعر الراحل مظفر النواب: " قتلتْنا الردة، قتلتنا أنَّ الواحدَ مِنَّا يحملُ في الداخل ضِدَّه"



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب شهادة التوجيهي!
- حركة فتح بين العالمية والمحلية!
- ماذا تعني (صهيونية) جو بايدن؟!
- لا تخسروا الجزائر!
- هل إسرائيل أرض اللبن والعسل؟
- الفريق السياسي الإسرائيلي فريق رياضي
- الكاتب الإسرائيلي اليساري (المزيف) ا.ب يهوشوع!
- مخطط غلعاد إردان، نائب أمين عام الأمم المتحدة!
- سارق شعار سيارة رابين(الكاديلاك)!
- غضبهم من علم فلسطين!
- حركة كاخ الإرهابية!
- رعب في جثمان شيرين أبو عاقلة!
- مستقبل إسرائيل!
- طائفة السامريين في فلسطين
- الثقب الأسود عند شلومو صاند
- يائير لابيد علماني يلبس زي الحاخام!
- شعوذة في عصر التكنلوجيا الرقمية!
- سلاح القمح
- إسرائيل وأزمة أوكرانيا
- هل المرأة دُمية؟


المزيد.....




- أسموها -قاعة هند-.. طلاب متضامنون مع الفلسطينيين يغلقون مدخل ...
- هدى عبد المنعم.. 2000 يومًا من الاحتجاز التعسفي
- كيف تتصرف إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء؟
- المكسيك تتهم الإكوادور بانتهاك القانون الدولي وترفع دعوى ضده ...
- من الشام إلى المهجر البرازيلي..
- زيارة لوزير أوروبي إلى دمشق هي الأولى من نوعها منذ بدء أزمة ...
- حماس: العرض المصري الحالي هو أفضل ما قدم لنا والتوصل إلى اتف ...
- الصين تقول إن حماس وفتح تبديان رغبة في المصالحة بعد محادثات ...
- قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي الصبرة بمدينة غزة
- الاحتلال الإسرائيلي يدمر قسم غسيل الكلى في مستشفى الشفاء بغز ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - توفيق أبو شومر - فايروس (الضد)!