أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - اللا زمن في الزمن ... ووهم الجنة والنار














المزيد.....

اللا زمن في الزمن ... ووهم الجنة والنار


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7334 - 2022 / 8 / 8 - 20:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا كانت اليوتوبيا هي فكرة اللا زمن في الزمن كما يعرفها غالبية المنظرين والمفكرين بأعتبار أنا تتعلق بواقه مأمول فيه ومنه حدث، الحدث هذا حتى يكون واقعي لا بد له من مكان سواء أكان مخيل أفتراضي ذهني أو ربما مكان مجرد من الزمن والماهية التي تمنحه خاصة خصوصية، فهي أي اليوتوبيا أساسها المكان الذي يشغله مجتمع لتطبيق النظرية، لذلك كان التعريف بها أنها اللا مكان في المكان، سؤالي هنا هل من الممكن أن نتصور وجود يوتوبيا أخرى تتعلق بالزمان أي "اللا زمن في الزمن" تماما ليشير لحالة تتجرد من المكان فقط وتعلق الفكرة فقط في دائرة الزمن وحده.
اليوم الأخر.. يوم الحساب.. قيامة الله أو يوم القيامة والكثير من المصطلحات الزمنية التي تركز على وجود عالم بلا زمن، ربما لا يمكننا أن نتصور لا زمن في عالم يتحرك ضمن إطار المكان داخل الزمن والزمن في عمق المكان، هذا الطرح الذي يخرج الزمن من عمق المكان وينتزع منه زمنا لا معلوما ولا محددا ولا موصوفا بحدود ما يحسب على أنه زمن، يرجعنا إلى دائرة اليوتوبيا حيث اللا مكان هو دائرة الحدث المتخيل فيه، لكن في حالة اليوم الأخر حيث لا مكان مقرونا بلا زمان أعطى تجريدا تاما للفكرة فوق ما هي متجردة أصلا بطبيعتها الموضوعية، فكيف لزمن أن يولد في لا مكان إلا إذا كان صورة ذلك المكان ذهنية فقط لا إمكانية لتحققها.
اليوتوبيا المكانية ممكنة من خلال صورة الحدث طبعا ممكنة في حدود التصور العقلي ولا تجاوزه أبدا، مثلا الجمهورية الفاضلة الأفلاطونية يقبلها العقل ويتعامل معها وتفاصيلها فقط عبر الذهن التصوري، لكن الواقع المادي يعلنها مرفوضة ولا يمكنه أن يسلم بها حتى لصورة أقل منها، طالما أن الزمن يتحرك داخل المكان وفي عمقه، المدينة الفاضلة ترتكز على ثبات الحدث وعدم تغيره وعدم قبول حركة الزمن داخله، المكان الحقيقي الطبيعي الواقعي لا يمكنه القبول بهذا الفرض، لا يقبل ولا يقر بالثبات لأن الثبوت في قاموس المكان هو توقف عن حركة مستمرة في داخل الجوهر المادي له، فقبول الثبوت يلزم أنفجار المكان وتلاشيه لتصادم حركة المكونات النهائية داخله، إذا في اليوتوبيا المكانية مجرد التسليم بها يؤدي إلى أنفجار المكان كون الزمن لا بد أن يمر من خلاله، المسألة عندما نقول أكثر تجريدا هنا هو نفي الزمن وإخراجه من المكان وعزل المكان عن مكانه في سلسلة من الأفتراضات المستحيلة.
إذا الزمن هو الوجه الأخر للمكان عندما يتحرك الوجود كله ضمن دائرة مغلقة لا بداية لها ولا نهاية، وهذا يعني أن الزمن في عمق المكان يكون بالنتيجة أنه موجود لازم وبدي ولا يقبل الأنفصال في أصغر نهائي لوجه المادة التي هي المكان محسوبا على أتجاه الحركة للأمام وجوديا، وطالما كان الزمن في عمق المادة فهو قرين لها لا نهائي وليس له بداية، المادة لا تفنى ولا تستحدث والزمن لا يبدأ ولا ينتهي ولا يفنى ولا يستحدث طالما أنه وجه المادة، فعبارة لا مكان في المكان تصدق لقولنا لا زمان في الزمان لكون أحدهما في الأخر.
إن عدم المكان لأي سبب سواء أكان العدم ذاتي بتغير شكل المادة مثلا كما يقول علماء الفيزياء وتحولها إلى طاقة، أو يكون العدم موضوعيا عندما لا تدرك المادة أصلا لكونها موضوع يحتاج لوعي أخر بها، ينتج عن ذلك عدم الزمن أو انعدام الزمن أما ذاتيا في الحالة الأولى أو موضوعيا في الحالة الثانية، بالرغم من كون هذا قانون فعلي لكنه ليس قانونا مطلقا من حيث الجوهر، المادة والطاقة ليستا وجودين منفصلين فالطاقة سواء كانت أثر مثل المغناطيسية أو تحول نوعي مثل الحرارة والضوء هي شكل مادي بسلوك أخر، أي أن الطاقة هي المادة لكن في شكل حركي أخر، فكلاهما الطاقة والمادة هما الوجود الوحيد في الوجود.
أيضا يكون للزمن عمق في داخل حركة الطاقة لكنه يتبع شكل وماهية الطاقة، أما في الشأن الموضوعي وهو وعي الخارج بالمادة وبالتالي بالزمن ليس أمرا منشئا للزمن، بل هو كاشف لجهة الوعي فقط، فالزمن كما قلنا هو قرين المادة ومستلزم لوجودها والعكس صحيح، فالقانون الذي يقول بتحول المادة إلى طاقة والمسمى قانون حفظ المادة والطاقة يجب أن يفهم على شكل أخر ومضمون أحدث وهو " أن المادة والطاقة وجهان لحركة وفعل واحد كامن في جوهر وجود المادة في حدها الأصغر النهائي"، بمعنى أن التبدل الخارجي المظهري لماهية المادة مرتبط بحرمة الفعل داخل جوهر المادة المتناهي في الصغر، أي تغير في زمن أجزاء المادة ذاتها عندما تتغير حركتها بشكل غير أعتيادي.
الخلاصة التي نقولها من خلال بحث العلاقة بين المادة بصفتها "المكان" والزمن هي علاقة ذهنية فقط غير حقيقية، الحقيقي الذي فيها أن المكان هو عبارة عن " زمن المادة" أو المادة وهي تتحرك بفعل جوهرها الغير ثابت، فالزمن يبدأ من هناك داخل عمق المادة ليكونا لنا المكان الذي هو تمظهر خارجي للمادة في عمقها زمن وتتحرك في دائرة المنحنى المغلق الوجودي بلا توقف، إذا المكان هو مظهر وجود المادة الخارجي والذي لا يمكن أن يكون ثابتا ولا يمكن أن يكون نهائي لأنه أصلا بلا بداية، فكل حدث بلا مكان هو في الحقيقة حدث بلا زمان بالنتيجة.
المشكلة في اليوتوبيا الدينية تنفي المكان وتثبت الزمان على أن المكان ممكن أن ينشأ لاحقا، لكنها مصرة على أن الزمان يجب أن يكون أولا أو حتى بلغ في بعض الفهم الديني تصور أخر ربما يكون المكان أفتراضيا فقط، عندما قالت أن الحدث سيكون جوهريا معنويا رمزيا لا ماديا في زمن اليوم الأخر، وكأنها تريد أن تقول ولكن بشكل غير مباشر أن الزمن أيضا سيكون جوهريا لا حقيقيا، وبالنتيجة فاليوم الأخر هو زمان خارج المكان ومكان خارج الزمن، أي أن الموضوع سيكون مجرد تجريد ذهني خالص لا مصداق له بالواقع ولا يمكن حدوثه لفقدان المادة أصلا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعطيل أعمال مجلس النواب وحله من خلال أستقالة رئيس مجلس النوا ...
- المهدي الموعود فاضل مؤجل
- الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار ح2
- على سبيل الفرض والافتراض ح7
- الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار
- على سبيل الفرض والافتراض ح6
- على سبيل الفرض والافتراض ح5
- الموقف السياسي العرافي اليوم
- رسالة إلى حامل الأختام المقدسة
- غي خضم الوضع العراقي الراهن مواقف واراء
- على سبيل الفرض والافتراض ح4
- على سبيل الفرض والافتراض ح3
- على سبيل الفرض والافتراض ح2
- على سبيل الفرض والأفتراض
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 21
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 20
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 19
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 18
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 17
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 16


المزيد.....




- -أزالوا العصابة عن عيني فرأيت مدى الإذلال والإهانة-.. شهادات ...
- مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف ...
- هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون ...
- -تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - اللا زمن في الزمن ... ووهم الجنة والنار