أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سهير فوزات - أرجوكم اضحكوا!














المزيد.....

أرجوكم اضحكوا!


سهير فوزات

الحوار المتمدن-العدد: 7313 - 2022 / 7 / 18 - 20:31
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


ثقافتنا ثقافة حزن، بالسوري نقول توجسا حين نكثر من الضحك "يعطينا خير هالضحكة"، وتقول أمي "الله يجيرنا من هالضحكة" وكأن الضحك إثم تدعو الله أن يحمينا من عقابه.
من عبارات التعزية التي لفتت نظري كثيرا جملة (الله لا ينسيكم حزنه) وكأن الذاكرة هي سلسلة أحزان فلا يذهب حزن إلا بآخر أكبر منه وهذه الكناية هي دعاء لأهل الميت بألا يأتيهم حزن أو مصيبة أكبر.
كنت أظن أن جيلي هو جيل الحزن: جيل ساندي-بيل وريمي وسالي (النسخة المطولة عن سنديلا)، ورعب (هانسل وغريتل) اليتيمين في الغابة. جيل الدراما والأغاني المصرية بكل تشوهاتها وأحزانها المستوردة، الرحايا وأسير بلا قيود وليالي الحلمية... جيل هاني شاكر وعبد الحليم وأم كلثوم وأيضا الكثير من فيروزـ"الورق الأصفر" والهوى الـ"بلا أمل".
جيل مستقبل ترسمه علامات الفحص النهائي في الثانوية وعبارة قانون الاستيعاب الجامعي (فرع يقبل جميع المتقدمين) ويكون غالبا في الجهة الأخرى من الأحلام. ومستقبل اجتماعي تحدده عشرات شروط لا يدخل الحب بينها. جيل يخاف -إن رفع صوته- من جاره الواشي وإن خفضه يخاف من "أذن الحائط". جيل الخوف لا من إسرائيل عدو الجميع بل ممن يخوّن باسمها، ولا من الله بل ممن يكفّر باسمه.
لكن لا! الحزن في ثقافتنا أقدم من جيل وأطول من قرن، إنه ثقافة عريقة، نورثها لأبنائنا كما نورث لون عيوننا وملامحنا.
أقدم من جيل النكبة والنكسة والهزائم والحروب وأبعد من عقد لبست فيه البلاد ثوب حدادها على شبانها وأطفالها ونسائها ومستقبلها وعقود قبله لبست فيه ثوب الصمت الموشى بأفراح كاذبة و(إكسسوارات) على ذوق الدكتاتورية.
ثقافة عين تبكي من خشية الله وروح وهبناها لحبيب "ضيّعها سلمت يده" وقلب يذوب حزنا في غرام المحبوب المحجوب الذي لا سبيل لوصاله إلا بالزواج المؤبد. ثقافة مجانين الحب المفضوحين ومجنوناته الموؤودات. ثقافة شتم من لا يجيد الحداد واعتبار الحزن المستمر الطريقة الوحيدة للوفاء، ثقافة خطوط حمراء تخنق الأفق وتحاصره ولا سبيل لمقاومتها سوى الانكفاء على الذات أو الهرب بعيدا عن جذورها ومداواة أحزانها بحزن الغربة الأشد فتكا بالروح.
وها أنا قد فتحت الصفحة لأطلب من أحبتي أن يضحكوا، فتحتها لأكتب عن الفرح فوجدتني أكتب عن الحزن. أليسا وجهين لعملة واحدة؟ أليسا كفتي ميزان الحياة وبهما كليهما تتوازن؟ والآن ماذا بقى للحزن في ديارنا أكثر مما أخذ؟ لا يمكن أن يكون هناك شيء أسوأ مما هو حاصل اليوم. كفاها كفّة الحزن انتصارا. السوري الذي لا يضمن خبز غده أليس أحرى به أن يعيش ضحكه (كفاف يومه)؟ أن يكسر شوكة المستحيل بالسخرية ويداوي الألم بالنكتة؟ وهل من وسيلة أخرى بعد أن فشلت كل الوسائل لابتلاع أيام الحياة كما لو كانت حبات دواء وهمي!
ما هم إن كانت ضحكة من القلب أو من الروح؟ أصلا من منا يذكر آخر مرة ضحك فيها من قلبه؟ اضحكوا ما استطعتم إليه سبيلا، اضحكوا كلما داهمكم العجز. اضحكوا من طريقة عيشكم المعجزة، اضحكوا من خيمة نزوحكم الشاهد على مهزلة العصر، اضحكوا لذكرى أمواتكم الذين نجوا من المهزلة، اضحكوا للشتات الذي فضح زيف شعارات خدرتنا طويلا وأعاد للحروف نقاطها المسلوبة. اضحكوا ضحكة السخرية والاستقواء لا ضحكة البلاهة والتفاهة، سوريي الداخل تحديدا أرجوكم اضحكوا!
لكي تمنحوا كل من يحمل في عروقه تلك اللعنة بعض قوة الفرح وتضيفوا لمسة معنى لحيواتنا الملونة بألف لون على خلفية لون ثقافتنا القوي، علنا نستبدله بلون جديد: لون الفرح.



#سهير_فوزات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نَسَوي أم نِسْوَنْجي؟*
- الحياة امتحان أم محنة!
- المرأة المسلمة في مرآة غربية -قراءة في كتاب
- التوريث والأحلام المسروقة
- الحقيقة القاتلة :قراءة في فيلم صندوق العصفور Bird box 2018
- رسالة ثروت أبو عمار الأخيرة
- الرجل والعادة الزرّيّة
- الأمومة ليست مجرد الإنجاب وليس الطفل ملكية
- تائي المربوطة: أما آن لها الانعتاق؟
- لم أتعلّمْ!
- الباب المتبقّي
- رمضان يزيد غربتي
- حبرٌ أبيضُ
- إن كنت مثلي
- المُسقّف العربي وذو اللحية الزرقاء
- ما هو إلا بعض الخدر
- قبل الطلقة الأخيرة
- قليل من الوقت الإضافي
- الحب... وفخ العيش المشترك
- بحيرة الحقيقة


المزيد.....




- مصير الرهائن - الهجوم الإسرائيلي على رفح يؤجج غضب المتظاهرين ...
- الفصائل الفلسطينية تخوض الآن اشتباكات دامية مع الجيش الإسرائ ...
- فلسطين.. ستة أشهر من الإبادة الجماعية والمقاومة
- فيديو.. الجامعات الاميركية تخذل الطلاب المتظاهرين
- ماكونيل يدعو وكالة الخدمة السرية إلى إبعاد المتظاهرين عن الم ...
- على حافة حرب نووية: مقابلة مع فيدل كاسترو من أرشيف بي بي سي ...
- الرفيق جمال براجع يعزي الجبهة الديمقراطية في استشهاد القائد ...
- البيان الختامي للمؤتمر السابع للحزب الشيوعي العمالي العراقي ...
- الإسرائيلي يورام هازوني.. معبود اليمين المتطرف في العالم
- ادعموا “طلاب من أجل فلسطين” ضد قمع النظام


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سهير فوزات - أرجوكم اضحكوا!