أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - لماذا فشل حراك 17 ديسمبر 2010 في تونس؟














المزيد.....

لماذا فشل حراك 17 ديسمبر 2010 في تونس؟


عزالدين مبارك

الحوار المتمدن-العدد: 7312 - 2022 / 7 / 17 - 19:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن من أحد كان ينتظر النتائج المخيبة للآمال للحراك الاجتماعي وانتفاضة 17 ديسمبر 2010 بحيث لم يفرح الشعب التونسي بإنجازه الثوري ولو للحظات قصيرة كما لم يوفق في حصد أي شيء يذكر غير المرارة والخيبة بحيث فقئت العيون بالرش وسجن شباب الثورة ونكل بهم وقبرت قضايا الشهداء في دهاليز المحاكم والسياسة وانتشر الإرهاب وعمت البلاد الفوضى والأوساخ وتسارعت وتيرة البطالة والفقر والفساد.
وأسباب ذلك عديدة لكن من أهمها التجاذبات السياسية بين الأحزاب بعد أن انقضت على الثورة وركبت عليها فأزاحت أبناء الثورة الحقيقيين الذين لم يكونوا منظمين وموحدين ونصبت أفرادا لم تكن لهم نية الإصلاح وتحقيق أهداف الثورة بل تحقيق غايات حزبية وشخصية ونخبوية لا تفيد المواطن في شيء.
وهكذا دخلنا في مربع التمطيط والتطويل والتدوير الممل في لعبة عض الأصابع من خلال المجلس التأسيسي فأضعنا بذلك البوصلة وعم الهرج والمرج إلى حين تم الاتفاق على الدستور الذي يبقى حبرا على ورق إذا لم يفعل ويتحقق بالملموس على أرض الواقع لأن ما نعيشه لا يتماشى مع ما نقرأه في القوانين والدساتير واللوائح.
فالممارسات السياسية والإدارية في ظل الفوضى والانفلات والتسيب أصبحت لا تليق بالمجتمع التونسي ولا تحيل للحضارة والتقدم الذي وصل إليه ولا تؤكد أنه أنجز ثورة حقيقية ذات بعد انساني وثقافي وعلمي يذكرها التاريخ باحترام وإجلال.
لكن مع الأسف الشديد أن الشباب الثائر لم تكن له الدراية الكافية والقدرة المادية والمعنوية واللوجستية لاستكمال ثورته حتى النهاية وبالتالي تمكنه من تحقيق أهدافه التي نادى بها على أرض الواقع وبما أنه لم يستطع ذلك وغدر بثورته وأحلامه فكان الحصاد مرا كالحنظل وكانت الخيبة قاسية ومحبطة.
فالنخب التي كانت الغالبية منها مدجنة ومتواطئة مع النظام وتدور بفلكه لقلة الحيلة والخوف من البطش أحيانا والبحث عن الغنائم والمال والجاه في أحيان كثيرة لم تكن مهيأة لتغيير جذري وثوري في تلك اللحظة وكانت تواكب الأحداث على الربوة ممسكة أحيانا العصا من النصف في انتظار اللحظة الحاسمة وكان شق منها وخاصة المرتبط ارتباطا عضويا بالنظام يعيش لحظات الهلوسة والرعب في الدهاليز خوفا من يوم الحساب.
وقد دخلت النخب الحاكمة في رحلة التلاعب بالعقول والتصادم مع الرافضين بعد انكشاف أمر الخديعة وأصبحت الدولة مزادا علنيا والوظائف تمنح بالولاءات والاقتصاد معطلا لغياب الرشد والحكمة في التسيير في جو من الفوضى والفساد.
فالفترة التأسيسية بطولها وعرضها كانت مخاضا عسيرا وطريقا وعرة كانت الأطراف السياسية تستغلها لصالحها وكانت الغايات متنافرة ومتناقضة مما صعب عملية التوافق إلى حد تم الاستنجاد بأطراف خارجية عوض التوجه للشعب وطرح الأمر عليه وهو كما يقولون ويلوكون صباح مساء أنه صاحب السيادة والرأي الأخير.
وها هي الانتخابات على الأبواب ولعبة الكراسي تعود من جديد في ظل عزوف شبه عقابي وانذاري من الشعب الصابر على الضيم وذلك نتيجة لعدم ثقته في النخب التي تعد ولا تفي وغايتها الغنيمة والمنصب فقط وبعد ذلك تغلق الأبواب على نفسها وتمنح العطايا بالولاء والمحسوبية الحزبية والعائلية وتدخل في دائرة اللصوصية والفساد وكأن المكان الذي تتولاه منة إلهية وحقا مكتسبا وموروثا أبديا وما تتقاضاه من رواتب وعلاوات وامتيازات خيالية ريعا ومالا سائبا.
فالحصاد المر هو عنوان الفترة التي تلت الانتفاضة وكل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تدلل على ذلك فالرابح الأكبر هي النخب المتلونة كالحرباء والمنبطحة لأصحاب النفوذ داخليا وخارجيا وما بقي من الشعب الكريم هو المنسي والمهمش في الفيافي ومدن الصفيح والبؤس والأوساخ والفقر والبطالة.
فلا يمكن مطلقا المراهنة على نخب كانت تعيش في أحضان الأنظمة السابقة وتتبنى أطروحاتها وتغطي على فسادها وتحتقر الشعب وتتعالى عليه كما لا يمكن الوثوق في نخب كل رصيدها منبثق عن الأجنبي ولا تفكر إلا في خدمة مصالحه للتمكن من الحكم والبقاء فيه.
وأكثر الأشياء مفارقة وسريالية هو التكلم باسم الشعب وكأنه شخص وهيكل متجانس يمكن تحويل إرادته إلى فعل حقيقي كما يمكن مساءلته وأخذ رأيه كلما جد جديد. فمنطق الانتخابات هو المعوض لهذه الإرادة الهلامية في ظل اللعبة للديمقراطية التي كثيرا ما تلاعبت بها النخب وزورتها وأفقدتها وظيفتها.
كما أن الانتخابات لا تكون معبرة عن الإرادة الشعبية عندما يكون الوعي ضعيفا فيمكن التأثير عليه بسهولة وكذلك عندما تكون الاستقلالية المادية منعدمة في ظل انتشار الفقر والبطالة بحيث يسهل شراء الذمم بأبخس الأثمان والجوع كافر كما يقال.
كما لا يمكن الحديث عن انتخابات معبرة عن الإرادة الشعبية دون الحصول على نسبة 80 أو 90 بالمئة من أصوات الناخبين الذين يحق لهم الانتخاب وليس عدد المسجلين فقط. فالعزوف عن الانتخابات يعتبر في حد ذاته موقفا شعبيا وانتخابا سلبيا لا يمكن التغاضي عنه وكأن شيئا لم يكن. وبذلك يمكن اعتبار الانتخاب السلبي من أصدق المواقف المعارضة للسياسة المتبعة وللنخب الطامحة للحكم فيجب الانتباه لذلك بالعمل على معالجة الأمر بتغيير السياسات والمقاربات التي لم تحقق النتائج المرجوة وكذلك الأشخاص والأفراد الذين لم يكونوا في مستوى المسؤولية.



#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى كل من يدعي في السياسة فلسفة
- كيف يتحول المال إلى فساد؟
- المرض بالسلطة
- بلادي أحبك
- الديمقراطية والوعي الشعبي
- سوسيولوجيا السلطة في دول الهشاشة
- التعليم العالي وسوق الشغل والثورة الرقمية
- لماذا قيس سعيد يتغلب على جميع خصومه السياسيين؟
- إستفتاء 25 جويلية والجمهورية الجديدة
- مسار 25 جويلية والفرز بين عالمين في تونس
- السلطة والسلطة الموازية
- فخ الديون الخارجية : حالة تونس
- الصحافة والتحول الديمقراطي
- حدود شرعية الحكم
- المبادئ الأساسية للدستور التونسي الجديد (مقترح)
- الاقتصاد الجهوي لتحقيق العدالة الاجتماعية
- بؤس السياسة في واقع مهزوم
- لماذا يخافون من ديمقراطية الإستفتاء؟
- الحيل الشيطانية في الإدارة التونسية
- لماذا النخب القديمة تعادي مشروع قيس سعيد؟


المزيد.....




- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - لماذا فشل حراك 17 ديسمبر 2010 في تونس؟