أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سليم يونس الزريعي - حق الاعتراض(الفيتو).. بداية المأزق ( 1/6)















المزيد.....

حق الاعتراض(الفيتو).. بداية المأزق ( 1/6)


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 7308 - 2022 / 7 / 13 - 12:46
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


مدخل
لم تأبه الولايات المتحدة الأمريكية للممانعة التي أبدتها الدول الصغرى، على تضمين الميثاق امتياز حق الاعتراض، وقصره على عدد محدد من الدول وبأسمائها، فالولايات المتحدة ومنذ وقت مبكر كانت تهيئ المناخ السياسي الدولي خلال العام الأخير من الحرب، لفرض ذلك التوجه، خاصة وأنها كانت تمسك بمفتاح النصر في يدها.
ذلك أن الإدارة الأمريكية أرادت الاستفادة من لحظات التقدم باتجاه نصر كاسح على ألمانيا النازية، لتجني من وراء ذلك مكسبها السياسي من التنظيم الجديد، الذي كان يجري تكوينه.
فحق الاعتراض(الفيتو) بحدوده التي حددتها الولايات المتحدة الأمريكية، كان هو الهدف، بصرف النظر عن مدى قبوله أو رفضه من بقية دول العالم التي تشكل الأمم المتحدة.
فكان أن عملت الولايات المتحدة الأمريكية، على استغلال تلك اللحظة التاريخية الملائمة لزرع بذور الهيمنة على التنظيم الدولي والإرادة الدولية، من خلال منح نفسها وبعض حلفائها في ذلك الوقت، وضعا قانونيا تساوي فيه أي دولة من الدول الخمس، منفردة، بقية دول العالم، من خلال امتياز حق الاعتراض(الفيتو)، الذي يبقى حقا دائما ثابتا، مادام تنظيم الأمم المتحدة قائما.
ولم يكن وضع الدول الذي اجتمعت في مدينة سان فرانسيسكو أمام خيارين، إما القبول بمنظمة دولية تمتع فيها الدول الخمس بحق الاعتراض(الفيتو)، أو نسف فكر الأمم المتحدة كليا، إلا ممارسة للإكراه، خاصة وهو يأتي من دولة ظهرت في أعقاب الحرب بأنها الأقوى في كل المجالات، بعد أن حققت النصر مع شريكها المؤقت آنذاك" الاتحاد السوفيتي".
فكان النص على امتياز حق الاعتراض(الفيتو) لدول بعينها في الميثاق تحت ضغط وإرهاب الولايات المتحدة الأمريكية لبقية دول العالم، شكل بداية مأزق المنظمة الأممية منذ عام 1945، والممتد ما استمر بقاء هذا الامتياز في صيغته الراهنة في ميثاق الأمم المتحدة.
النصر.. وجني مكاسب الحرب
في شهر أيار/مايو 1944 وقبل عام من بعث الأمم المتحدة، أكد وزیر خارجية الولايات المتحدة الأمريكية في مناقشته المشروع التمهيدي لميثاق الأمم المتحدة مع مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، أن مبدأ الفيتو ضُمن المشروع بادئ ذي بدء بسبب الولايات المتحدة الأمريكية، وأشار إلى أنه فيما يتعلق بمجلس الأمن المقترح فإن الحكومة الأمريكية لن تبقي يوما واحدا دون الاحتفاظ بحقها في سلطة الفيتو(۱)، وبهذا التصميم سعت الولايات المتحدة بشكل حثيث بالاتفاق مع الدول الأخرى ذات المصلحة في التميز والعلو على إرادة مجموع دول العالم، على بلورة فكرة التنظيم الجديد، بتحديد الامتيازات الخاصة بالدول المتحالفة قبل أن تنتهي الحرب.
وبقدر ما كانت فكرة التنظيم الجديد من بنات أفكار الرئيس الأمريكي روزفلت، كان امتياز الاعتراض ووفق الشكل الذي خرج به، فكرة أمريكية بامتياز، عملت الولايات المتحدة الأمريكية من خلالها على تلافي ما كان قائما في ميثاق عصبة الأمم، من تمتع جميع الدول بحق الاعتراض(الفيتو)، مع أن العصية وعهدها أيضا كانت فكرة أمريكية، غير أن الاستهدافات قد تغيرت في الأمم المتحدة عنها في العصبة.
ومع ذلك فإن حق الاعتراض شكل سمة رئيسية مشتركة بين عهد العصبة وميثاق الأمم المتحدة، إلا أن أساس ودوافع كليهما مختلفة، ففي حين كان حق الاعتراض في العصبة يحول دون سيطرة أي قوة دولية على التنظيم الدولي، جاء حق الاعتراض في التنظيم الجديد ليعطي عددا محدودا من الدول سلطة السيطرة على النظام الدولي بتحكمها في هذا الحق.
وقد عزت الدول الكبرى التي استحوذت على ذلك الامتياز، تمتعها بذلك الحق، إنما
يأتي في إطار مسؤوليتها الخاصة في تحمل عبء المحافظة وضمان الأمن والسلم الدوليين، كون تلك الدول ترى أن قوتها هي ضمان أي نظام أمن جماعي يراد له أن ينجح(2)، مع أن تلك الدول لا تمثل المجتمع الدولي في كافة تراكيبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومع ذلك جاء تقاسم المقاعد الدائمة بين تلك الدول عند إنشاء الأمم المتحدة بالشكل الذي جاءت به، رغم إرادة مجموع الدول الأخرى(3) التي رفضت الصيغة المقترحة لدول الفيتو.
وهكذا ولد حق الاعتراض(الفيتو) كامتياز للدول الخمس دون أن تكون تلك الدول متساوية، لا من حيث القوة العسكرية أو الاقتصادية أو المساهمة في إلحاق الهزيمة بدول المحور احتوته المواد ۲۳، ۲۷ من الميثاق.
والنص من ثم على حق الاعتراض( الفيتو) في ميثاق الأمم المتحدة، وجعل ذلك الحق مُكنة في أيدي بعض الدول دون غيرها، يطرح موضوعة القواعد المجحفة في القانون الدولي، وما إذا كانت الضرورة تتطلب وجود قانون دولي ينظم العلاقات بين الدول، فإن تلك القواعد التي تفرضها أقلية من الدول من خلال استغلال مركزها الغالب في لحظة تاريخية محددة، أو باستعمال القوة المعنوية، أو القوة المادية، أو التهديد باستخدامها، لا يمكن إلا أن تكون قواعد غير عادلة ومجافية لمبادئ القانون الدولي وقواعده، بينما القواعد العادلة هي التي تساهم في تكوينها والتراضي بشأنها غالبية الدول.
والثابت فقها أن المعيار الموضوعي هو الذي يبين أيا من القواعد القانونية تراعي شرط العدالة من غيرها، وإذا ما حاكمنا حق الاعتراض(الفيتو) وفق هذا المعيار لوجدنا أن هذه القاعدة غير عادلة لأنها لم تكن من إنشاء أغلبية الدول المشاركة، هذا أولا، ولأن الدول المنتصرة في الحرب وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية، قامت بفرضها من خلال التهديد الصريح ثانيا، لذلك فإن هذه القاعدة لا تقوم على الأساس الصحيح التي يفترضها إنشاء القواعد القانونية، الأمر الذي يفقدها صفة القاعدة القانونية الدولية العامة.
وهو استنتاج يتفق مع ما تنتهي إليه معايير القانون الدولي في هذا الجانب، ذلك أن قيام القاعدة القانونية يحددها شرطين لابد من توفرهما، ويحتويهما، وهما شرط التراضي وشرط العمومية.
وفي غياب شرط التراضي عند إقرار تلك القاعدة في مؤتمر سان فرانسيسكو من قبل الدول الأخرى، لجأت الدول الكبرى المنتصرة في الحرب إلى التهديد الصريح، لإقرار ذلك الامتياز في مواجهة معارضة الدول الصغرى المشاركة، ولذلك لم يكن النص على هذه القاعدة في الميثاق ناجم عن اتفاق الدول المشاركة جميعها، بقدر ما كان نتاجا للتهديد والابتزاز، إما أن تكون هناك منظمة دولية أو لا تكون.
وفيما يتعلق بركن العمومية، فالثابت قانونا أن العمومية تفترض أن يوجه خطاب القاعدة للدول دون تعيينها أو تحديدها بذواتها، وإن كان ذلك لا یعني عدم تحديدها بصفاتها، مما يكسب القاعدة صفتها كقاعدة قانونية.
ولا يوجد أدل على ذلك من اختيار الأعضاء غير الدائمين لعضوية مجلس الأمن، فالاختيار يكون دون تحديد لذوات الدول، فيما يجري عكس ذلك بالنسبة للأعضاء الدائمين الذين يحددهم الميثاق بذواتهم، وعلى سبيل الحصر، كما قررت ذلك المادة الثالثة والعشرين الفقرة الأولى من الميثاق، وهو تحديد من شانه تجريد العمل القانوني الدولي من صفة العمومية.
وبذلك تكون الدول المنتصرة قد كافأت نفسها، وجعلت السلطة السياسية العالمية حكرا عليها دون غيرها من الدول، باعتبارها حقا مطلقا من الصعب تجاوزه أو تعديله دون موافقة تلك الدول وفق نص الميثاق.
ومن ثم فقد تمكنت تلك القلة في لحظة تاريخية معينة من الاستيلاء على حق إقرار السياسة العالمية، وأن تتحكم في مصير العالم باسم القانون الدولي وتحت مظلته، وبالضد من إرادة الأغلبية الساحقة من دول العالم.
ولعل في تلك الواقعة التي يرويها الفقه القانوني، ما يكشف حال الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن في مواجهة بقية دول العالم، التي يحضر فيها مفهوم الأغلبية المعكوسة، فقد رُوي أن الرئيس الأمريكي لنكولن جمع وزراءه السبعة وعرض عليهم إحدى المسائل، لأخذ رأيهم فيها، فكان رأي الوزراء السبعة يخالف رأى الرئيس، هنا رد الرئيس الأمريكي بعبارته الشهيرة "سبعة أصوات بالرفض، صوت واحد بالقبول، الأغلبية للرأي الأخير"
وهو ما يتجسد في تنظيم الأمم المتحدة في حق الاعتراض(الفيتو)(4).
----------
المصادر
(1) محمد العالم الراجحي، مصدر سبق ذكره، صفحة 81.
(2) د. عدنان طه مهدي الدوري، مصدر سبق ذكره، صفحة 71-72.
(3)د. محمود صالح العادلي، مصدر سبق ذكره، صفحة 50.
(4) د. محسن خليل، النظم السياسية والقانون الدستوري، منشأة المعارف، مصر، طبعة ثانية 1971، صفحة 407-408



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاكسات أي عمالة..!.... ناتو.. الأدوات المحلية..!
- مقاربة في موقف حماس من اجتياحات الأقصى والقدس
- الأمم المتحدة وسيطرة الخمسة الكبار(4)
- الأمم المتحدة وسيطرة الخمسة الكبار(3)
- الأمم المتحدة وسيطرة الخمسة الكبار(2)
- الأمم المتحدة وسيطرة الخمسة الكبار(1)
- المشروع الصهيوني في فلسطين.. العد التنازلي
- الغرب الاستعماري.. وشريعة القوة
- عندما يخدم خطاب الفصائل الفلسطينية العدو
- معركة أوكرانيا.. وتدشين عالم متعدد الأقطاب
- الناتو.. حصار روسيا..أم دفاعا عن أوكرانيا..؟
- مشاكسات.... -أمن روحي-.. ! مجرد كلام..!
- الصهاينة العرب واليهود.. وشرط التصدي الفلسطيني
- مشاكسات.. من بدأ العدوان؟/ نفاق..!
- شيطنة روسيا..وما هو أبعد من ذريعة أوكرانيا
- مشاكسات سطوة..الدرهم/ مفارقة..الموقفين!
- التنسيق الأمني مع الاحتلال.. أي دور وظيفي لأمن السلطة
- مشاكسات.. الأجانب الأكثر عروبة.. والحوثيون.. حماس أولا..!
- جريمة وعد بلفور.. ونهاية الخرافة
- تصريح -قرداحي-.. يظهّرِ ثقافة البيعة


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سليم يونس الزريعي - حق الاعتراض(الفيتو).. بداية المأزق ( 1/6)