أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - ماذا نقصد بالبطريركية والرعوية السياسية ، في الامبراطورية السلطانية ؟















المزيد.....

ماذا نقصد بالبطريركية والرعوية السياسية ، في الامبراطورية السلطانية ؟


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7294 - 2022 / 6 / 29 - 16:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نقصد بالبطريركية والرعوية السياسية ، النظام الاجتماعي القائم على سلطة البطريرك ( الاب ) Le parrain في نظام المافيا الرعوي الذي يرعاه المافيوزي الأول الكبير . فالنظام قائم على سلطة الاب والجد الذكر ، لأنه نظام ذكوري وليس رجالي . لذا فالأنثى مغيبة في هذا النظام ، في مجال ، وميدان الإدارة ، واتخاذ القرارات المصيرية التي قد تلحق الأذى بالبطريرك الرئيس ، وبالنظام البطريركي الغارق في السلطة الابوية ..
ان شخص البطريرك بحكم ألوهيته ، وبحكم رعويته التي تجعل منه فوق الرعايا التي تخضع طواعية لطقوس العائلة البطريركية .. يهيمن لوحده على النصيب الأكبر من ممتلكات العائلة الرعوية ، وثروات الرعايا التي تُفنى في خدمة البطريرك ، وخدمة الاسرة البطريركية والنظام البطريركي ، المسيطر بالقوة ، والجبر ، وحد السيف على المجتمع ، والدولة الرعوية البطريركية . فكل أموال الاسرة البطريركية من زوجة او زوجات ، هذا اذا كان متزوجا .. أولاد ، احفاد ، أبناء الأخ ، أبناء العم .. هي أمواله ومن دون منازع . بل ان البطريرك الراعي بحكم تجبره، وسلطويته الغير محدودة ، وبحكم الخوف من الاغتيالات ، والحصول على رضى الراعي البطريركي ، يتكلف ويتحكم حتى بالتزويج ، ومباركة الزواج .. وبإعطاء الأسماء للمولودين الجدد ، للتحكم في العائلة البطريركية الرعوية ، ومنها السيطرة على مجتمع الرعايا المجندين لخدمة الشخص البطريركي ، وخدمة العائلة البطريركية للبطريرك العظيم .
نظام كهذا ، هو مرتبط بالعائلة ( التقليدية ) كنظام أساسي ( قاعدي ) للمجتمع الرعوي برمته . وهذه النواة العائلية ، هي مركز النشاط الاقتصادي ، والاجتماعي ، والسياسي وغيره .. فيما تتمركز السلطة السلطوية الفاشية ، في الاب او الجد الذكر لكرزمة ما ، الذي يفرض هيبته واحترامه على الجميع من دون استثناء ..
وهذه الخلية الاجتماعية التنظيمية الأساسية ، تشكل القاعدة في كل مجتمع ، لدرجة ان المؤسسات الأخرى ، هي إعادة نسخ للعلاقات الأساسية القائمة داخل العائلة البطريركية . الاب هو مركز القرار ، وهو المنفذ ، وهو المشرع ، وهو السيد الحاكم المطاع ، والمهاب ، ولو كان اميا لا راد لا مره ، ولا من يستطيع حتى ان يرفع عينيه أمامه ، أو ان ينبس ببنت شفة .
وتبين العلوم الإنسانية ان النظام السياسي في سيطرة البطريرك على النظام ، وعلى الدولة ، هو اقرب التنظيمات الى البنية العائلية . فكأن المجتمع كله عبارة عن اسرة ، وكأن الحاكم هو أب الجميع ، وسلطة الحاكم مستمدة الى حد كبير من سلطة الاب ، بالإضافة الى انها تناظرها وتحاكيها .
ومثلما يتعلق افراد العائلة باللأب ، ويتقمصون شخصيته ، ويتماهون معه .. نجد نظير ذلك في السياسة ، حيث يعيش الرعايا علاقة مماثلة مع الرئيس ، قوامها التوحد ، والتقمص ، والتماهي ..
هذا الجذر السيكولوجي للسلطة ، هو جوهر اللاّشعور السياسي الذي يحكم علاقة المواطن الابن ، بالرئيس الاب ، ويشكل اللحمة السيكولوجية لكل سلطة ، ولكل حكم ..
تشمل هذه العلاقة مؤسسة سياسية أخرى ، هي الحزب السياسي ، يعيش فيها افراد الحزب علاقة وجدانية إيجابية ، او سلبية مع الرئيس الزعيم ، حيث تختلط في لا وعيهم ، او في متخيلهم اللاّوعي ، صورة الرئيس بصورة الاب .
لابد إذن من إيلاء هذا البعد السيكولوجي ، أهميته الخاصة عند تحليل علاقة المواطن او العضو الحزبي ، بالرئيس الزعيم . ويترجم بهذه العلاقة مظهر آخر ميتافيزيقي ، هذه المرة عندما يتعلق الامر بنهاية او استقالة ، اذ يحضر الموت الطبيعي والسياسي ، بكل دلالته الميتافيزيقية .
عندما يعلن الزعيم انه سينسحب من الحياة السياسية ، فان الجموع تعيش هذا الخبر بنظرة حدادية ، لأنها تعني في النهاية " موت الاب المادي والروحي " او " نهاية الاب " ، ومن خلالها تنتشر مشاعر سوداء حول نهاية الحياة والرعاية الابوية ، والحنان الابوي .
تتعلق الجموع بأهداب الزعيم عندما يعلن زعمه على الاستقالة ، ويعتبرون ذلك فاجعة لا تعادلها الاّ نهاية العالم ، او قيام القيامة .
واذا كان من مقتضيات الديمقراطية التجديد في البنيان والأفكار ، وتداول السلط داخل الدولة ، وداخل الحزب نفسه ، فان الحزب نفسه يجد نفسه ممزقا بين متطلبات الديمقراطية وهي متطلبات عقلانية ، وبين البنية السيكولوجية للعلاقات المزدوجة بين الرئيس والأعضاء .
، وهذه الأحروجة لا يمكن ان يحلها الاّ الموت ، لأنه ينزل على الجميع كقدر لا مرد منه . وهكذا يبدو ان الموت هو الكائن الديمقراطي الوحيد في منطقتنا ، وذلك بمعنيين . أولهما انه اعدل الأشياء قسمة على الناس . وثانيهما انه هو الحل الديمقراطي الوحيد ، لإمكان تجدد نظام الحكم ، وتجدد الديمقراطية الحزبية .
1 – تغلُّب المشروعية التاريخية على المشروعية العقلانية ، والزمن على العقل ، والماضي على الحاضر .
المشروعية التاريخية ، تستند الى اسطورة سياسية تشكل العمود الفقري لإيديولوجيا الحزب : المقاومة ضد الاستعمار ، وراثة السر السياسي ، والايديولوجي ، والتنظيمي للحزب من الجيل السابق ، وعلى وجه الخصوص من الرئيس السابق مما يجعله رمزا للاستمرارية . فالماضي والتاريخ ( السلف ) حاضر هنا بقوة ، على حساب الحاضر المتجدد . انه انعكاس بدرجة او بأخرى لحكم الماضي ، وسلطة الاسلاف والاجداد ، وسيطرة الأموات على الاحياء .
2 – هيمنة النظام البطريركي الابوي الرعوي في المجال السياسي . فهذا النظام يعيد انتاج نفسه عبر العائلة ، وقيمها ، وتراتباتها ، وسلطاتها .. وعبر التنظيمات السياسية هي أيضا بتراتباتها ، وسلطاتها ، وقيمها . فالحزب عائلة كبيرة ، ورئيسه هو الاب السياسي للحزب ، ومناضلوه هم أبناؤه البررة ، له عليهم حق الطاعة ، والامتثال ، والولاء ، والاصغاء ، والاحتذاء .. الانضباط .
3 ) هيمنة الشخصية النموذج ، والمثال ، الكاريزما ، الشيخ المُلهِم والملهَم الذي تستمد منه البركات ، وتلتقط من أقواله الحكمة ، ومن توجيهاته النعمة ، لا مثيل له ، ولا راد لرأيه ، ولا مجادل لقوله ، له السلطة ، وله الحكمة ، وله الشكر والامتنان ببقائه على رأس الدولة ، او رأس الحزب ..
أليست هذه الحالة السيكولوجية ، المرضية ، الدكتاتورية ، الاستبدادية .. تعبير عن أن المناضل لم يفطم ثقافيا ، ولم تنضج لنفسه شخصية مستقلة ذات حس نقدي ؟
أليس ذلك تعبيرا عن ضمور الحس النقدي ، وفضيلة الاستقلال الشخصي ، وعنوانا على انخفاض درجة العقلانية السياسية على الرغم من الشعارات واللاّفتات ...
وبالنظر الى قوة الوشائح النفسية السلطوية العميقة ، التي تشد كل عضو الى الرئيس الزعيم ، فانه من العسير على المناضل ان يكسر هذه الاغلال السيكولوجية ، ويتمرد على السلطة الحزبية ، ممارسا عملية القتل السياسي للأب البطريركي .. واذا ما وُفّق الى امتلاك هذه القدرة ، فيكون عليه ان يعي قانون التكرار التاريخي المتمثل في الطابع القدري لاستبدال أب بأب ..
ومع ذلك يظل من مظاهر الحداثة السياسية ، الانتقال من سلطة الشخص الى سلطة المؤسسة ، ومن الإلهامات الفردية الى القرار العقلاني الجماعي ، الى نحو ثقافة سياسية ديمقراطية .. يغدو معها القتل السياسي للأب البطريركي ، مشروعا إنْ لم يكن واجبا ... وقس على ذلك ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نزاع الصحراء الغربية بين الحكم الذاتي ، وتقرير المصير ..
- هل تم استبدال منتدى - كرانس مونتانا - الفاشل بمدينة الداخلة ...
- آخر ملك
- قضية زكرياء المومني ، وقضية فريد بوكاس
- خطاب احياء العقل ، وخطاب قتل العقل / الفرق بين العقل الفلسفي ...
- المدير العام للبوليس السياسي عبداللطيف الحموشي يزور واشنطن
- هل سينزل رعايا السلطان ، ضد السلطان ، الى الشارع في 17 يوليو ...
- بيدرو سانشيز اليتيم .
- النظام الجزائري يخوض حرب وجود ضد النظام المغربي وبالمكشوف .
- النظام الجزائري يهدد بالاعتراف بالجمهورية الريفية . النظام ا ...
- ماذا ينتظر نزاع الصحراء الغربية المغربية خلال السنتين القادم ...
- من له مصلحة في اشعال الحرب بالمنطقة ؟
- موت ثقافة التغيير .. لا مثقف جماهري ولا مثقف نخبوي
- ويستمر نظام السلطان في الكذب على الرعايا . هل حقاً انّ الجمه ...
- مجلس النواب الاسباني
- هل يُحضّر النظام السلطاني المغربي ، لتنزيل الحكم الذاتي من ج ...
- الصراع داخل القصر السلطاني المغربي .
- قصيدة بعنوان : اضطهاد
- تصريحات كاذبة . تصريحات مفندة . وتصريحات مضادة . هل تخطت الص ...
- معارضة الخارج بين المعارضة البوليسية ، والمعارضة الارهابية .


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - ماذا نقصد بالبطريركية والرعوية السياسية ، في الامبراطورية السلطانية ؟