أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صوت الانتفاضة - (الدين والسلطة)














المزيد.....

(الدين والسلطة)


صوت الانتفاضة

الحوار المتمدن-العدد: 7270 - 2022 / 6 / 5 - 19:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(يجب ان نتذكر ان الأنثروبولوجي حين يحاول تأويل ملاحظاته عن المجتمعات البدائية فأنه يقارنها دائما-ولو بشكل ضمني- بما يجده في المجتمع الذي ينتمي هو اليه) ايفانز برتشارد....1902-1973.

"الدين والسلطة" هو أحد فصول كتاب "الأنثروبولوجيا السياسية" لجورج بالانديه..1920-2016، وهذا الكتاب يبحث كما يقول مؤلفه "في المجتمعات التي لم يكتمل بناء الدولة فيها، او أخرى حيث الدولة موجودة بأشكال متنوعة جدا"؛ وفي فصل "الدين والسلطة" يرى بالانديه انه "لا يمكن انكار تداخل المقدس والسياسي "انما الملوك هم أقرباء، او اشباه او سطاء الالهة"، حتى في المجتمعات "الحديثة المعلمنة"، فان "الدولة قد احتفظت دائما بشيء من طابع الكنيسة"، فمن "طبيعة السلطة نفسها ان تحتفظ بشكل ظاهر او مقنع بدين حقيقي سياسي"- اكيد اننا لا نوافق على العبارة الأخيرة، فهي بمثابة تأبيد لوجود الدين كسلطة، او تأبيد لفكرة السلطة الدينية.

في العراق قد تكون الصورة أوضح بشكل جلي، السلطة بيد رجال الدين، الدستور والقوانين هي دينية محض، والحياة الاجتماعية غارقة حد البؤس في المجال الديني؛ هنا يتداخل بقوة السياسي بالمقدس، فرجل الدين هو من يمارس السياسة-رغم ادعاء البعض من رجال الدين "الآباء المؤسسون" بأنهم مبتعدون عن السياسة، او هذا ما يحاول ان يقوله اتباعهم، الا ان الواقع غير ذلك-، هذا من جهة، ومن جهة أخرى هو يحتفظ بقداسته الدينية.

رجل الدين المقدس والسياسي في آن واحد هذا، يقنع اتباعه بأن الخطر يحدق بالمجتمع إذا حصل له مكروه، ويجعلهم امام مجموعة متناقضات "نظام-فوضى، خصب-قحط، حياة-موت، سلام-حرب"، ونحن نلمس هذه الدعايات التي يبثها رجال الدين منذ ان جيء بهم بعد احداث 2003، فهم "صمام امان" المجتمع، وبلغة اتباعهم الصريحة جدا "هذا الغبار كله لأن خالفتم السيد"، او "لو ما السيد چان أدمر العراق" او "بخت العراق كله بوجود السيد" وغيرها الكثير، هنا فأن وجود هذا المقدس معناه وجود "النظام" وبفقدانه تحل الفوضى؛ بوجوده يكون النماء والخصب، وبفقدانه سيحل القحط، بوجوده تكون الحياة، وبفقدانه سيكون الموت، بوجوده سيعم السلام، وبمخالفته او فقدانه فالحرب والدمار مصير المجتمع، "وهكذا تظهر جدلية القيادة والطاعة" كما يقول بالانديه.

"التماسك والتفكك" هذه هي المعادلة التي يقيمها رجل الدين السياسي المقدس، وعبرها يمرر كل تعاليمه ورؤاه ومشاريعه السياسية، ويحافظ على خضوع اتباعه، ويفرض سيطرته وهيمنته عليهم، يحرك مشاعرهم، ويلهب فيهم الحماسة، انه يجعل من نفسه رمز او ايقونة "الوحدة"، "العراق متوحد بوجود السيد" "لوما فتوى السيد چان العراق اتفكك وانهار".

وحتى تكتمل صورة قداسة رجل الدين السياسي، فانه يحيط نفسه بمجموعة خاصة من الوكلاء، الذين ينشرون عنه الخوارق والمعجزات، في عملية "اسطرة" مدروسة بشكل دقيق جدا، "السيد ايده بركه" او " اول ما شافني عرف شريد" او "السيد يدري بگلبك شضام" او "السيد بس يصلي يروح التراب والغبار كله او يخليها تمطر"، وتتجلى أكثر هذه الاسطرة عندما تذهب لزيارة احد هؤلاء في "البانثيون المقدس"، فبعد مرورك بعدة طقوس للطهارة والتفتيش الدقيق، وبعد الوقوف بطابور طويل جدا، يطلب منك عدم التكلم مطلقا معه، فقط عليك ان تقبل يده؛ وهو أيضا يدرك جيدا الدور المناط به "الديني-السياسي"، فتجده مادا يده لك لتقبلها، وهو يؤديه بكل حرفية، فهذه المراسيم جزء مهم واساسي للحفاظ على صورته الدينية لدى اتباعه، انه يصور نفسه انه مفصول عن العمل السياسي لكنه هو من يديره؛ وهذا احد الأنواع "الرئيسية" من رجل الدين السياسي المقدس.

جميع اتباع رجال الدين يعيشون حياة مقدسة مع من يتبعون، فعندما يطلب لقاءهم في تجمع "ديني-سياسي" معين، يهرعون فرحين بلقائه، تحدوهم رغبة عارمة برؤيته او بلمسه، بل حتى بأخذ احدى حاجاته او بقايا طعامه او بكل ما لمسته يده، فاذا ما أراد ان يكسب تعاطفهم أكثر، ويلهب فيهم الحماسة نحو مشروع سياسي محدد، فانه يبدي غضبه او "زعله" منهم بسبب معصيتهم له، او يذكرهم ب "أبائه واجداده المقدسين"، او يذكرهم بأعدائه، وأخيرا يقول لهم بأنه "سيموت"، وهذه الكلمة ذاتها تقضي عليهم، فهم يعتقدون-او هذا ما زرع بهم- انهم بفقدانه سينتهون، فالعلاقة بينه وبينهم مقدسة، ويجب الحفاظ على هذه القداسة.

ان احدى المهمات الاساسية هي في تفكيك هذه العلاقة، القائمة بين السلطة والمقدس، بين السياسي ورجل الدين، بين رجل الدين واتباعه، وهذه المهمة لا تقوم فقط بالفكر والتثقيف، بل بالنشاط والممارسة السياسية.

قدمت إحدى الصحف في عام 1789 الشعار التالي: ((يبدو الكبير كبيرا في أعيننا. لأننا نركع فقط. ألا فلننهض)). وعلق ماركس عليها قائلا ((ولكن حتى ننهض لا يكفي أن ننهض في الفكر))

ملاحظة: "السيد" هنا ليس على وجه التحديد رجل دين معين.
#طارق_فتحي



#صوت_الانتفاضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم -التداول السلمي للسلطة- لدى الإسلاميين
- (نمو اقتصادي، تجريم التطبيع) من هزليات سلطة الإسلاميين
- انسداد سياسي ام طريق مسدود
- الوشاح والعامري وحرية التعبير والعمل السياسي
- تماثيل لرجال دين
- الثقوب السوداء
- كشف ومحاكمة قتلة المتظاهرين!
- حاكم الزاملي والتربية
- (الحملة الايمانية) عند هادي العامري
- بصدد القصف التركي لإقليم كوردستان
- كرسي الاشانتي
- صناعة المشهد
- الطوطمية وحرية التعبير
- التاسع من نيسان سفر الألم الذي لا ينتهي
- فراش الموت والاعترافات اياد علاوي وفائق زيدان
- التوجهات (المدنية) للمجاميع المنبثقة من الانتفاضة
- قيادات التظاهر.. هل هي بمستوى طموح الجماهير؟
- استراتيجية التظاهر: لماذا لا تطور الوعي الثوري؟ وهل من افق ل ...
- في نقد التصورات المثالية - القسم الرابع
- في نقد التصورات المثالية-القسم الثالث


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صوت الانتفاضة - (الدين والسلطة)