|
أثر حضارة العراق القديم في الحضارات الأخرى
فلاح أمين الرهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 7262 - 2022 / 5 / 28 - 13:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن أعظم إنجاز حضاري قدمته بلاد وادي الرافدين في تاريخها القديم قد أفاقت منه شعوب الشرق الأدنى هو الخط المسماري الذي كان من أقدم وسائل التدوين التي توصل إليها الإنسان للحفاظ على تاريخه وتراثه ومنجزاته الذي بقي في الاستعمال عبر مسيرة طويلة من الزمن تزيد على ثلاثة آلاف سنة حيث انتشر الخط المسماري خارج حدود بلاد وادي الرافدين في عصر مبكر وكان انتشاره وشيوع استعماله في البلدان القديمة من الوطن العربي قد أوجد رباطاً وثيقاً كانت له نتائجه المهمة في انتقال كثير من المفاهيم والمعتقدات الدينية والنتاجات الأدبية والثقافية وهناك من الأدلة ما يشير إلى أن الخط المسماري انتشر في عصر مبكر إلى خارج بلاد وادي الرافدين فبعد قرنين تقريباً من ظهور الكتابة في بلاد سومر في حدود (3000 قبل الميلاد) ظهر في مدينة (شوشه) عاصمة عيلام الخط المسماري الذي سبق أن اخترعه السومريون في جنوب وادي الرافدين لأن عيلام كانت دائماً تحت تأثير المقومات الحضارية التي نمت وترعرعت في بلاد سومر وأكد ويتجلى اعتماد عيلام حضارياً على بلاد سومر بصورة أكثر وضوحاً وذلك عندما ظهر الخط المسماري المعروف في بلاد وادي الرافدين كما كشفت البعثة الإيطالية العاملة في مدينة إيلاء (تل مرديخ) في شمال سوريا عن بضعة آلاف من رقم الطين مدونة بالخط المسماري يعود تاريخها إلى عصر فجر السلالات الثالث أي إلى حدود (2450 – 2400 قبل الميلاد) وهي تشمل نصوصاً اقتصادية، وإدارية، بالإضافة إلى معاجم لغوية كما انتشر الخط المسماري من بلاد آشور إلى آسيا الصغرى في مستهل الألف الثاني قبل الميلاد أي في حدود (1950 قبل الميلاد) بدليل العثور على ما يزيد على ثلاثة آلاف رقم مسماري التي كشف عنها التنقيبات في مدينة (كول تبه) في الأراضي التركية .. وصار الخط المسماري وسيلة التدوين المتعارف عليها في الأراضي السورية والفلسطينية كما تدل على ذلك الوثائق المسمارية المكتشفة في ماري (تل حرير) التي سلطت الأضواء على العلاقات المعروفة بالعصر البابلي القديم أي ابتداءً من (1800 قبل الميلاد) كما استعمل الحثويون في الأناضول الخط المسماري، وفي حدود (1400 قبل الميلاد) كان الخط المسماري قد أصبح وسيلة التدوين للوثائق الدبلوماسية المتبادلة بين ملوك وأمراء حكام العراق وسوريا وفلسطين ومصر .. وكان (الأورارتو) في أرمينيا الذين استخدموا الخط المسماري في كتابة لغتهم في النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد آخر الأقوام التي استعادت الخط المسماري من بلاد وادي الرافدين ... وتميز العصر البابلي القديم ابتداءً من (1800 قبل الميلاد) بنشاط التجارة الداخلية والخارجية على حد سواء وتثبت المراسلات ووثائق البيع والشراء والتصدير التي كان يحملها المرسل والمدونة باللغة البابلية والخط المسماري مدى الانتشار الواسع للتجارة الخارجية التي تمتد من العراق شرقاً والبحرين جنوباً إلى (ايلا) في شمال سوريا و (كاش) في آسيا الصغرى وبلغت اللغة الأكدية ذروتها في الانتشار عندما صارت اللغة الدبلوماسية لأقطار العالم العربي القديم وما يقال عن الخط واللغة يقال أيضاً في مجال القانون والقضاء والمعتقدات الدينية ومن خلال ذلك يتبين أن أقدم القوانين المعروفة في بلاد وادي الرافدين كانت السومرية كما أن تشريع قانون بالمعنى الصحيح لم ينجز إلا في زمن حمورابي (1792 – 1750 قبل الميلاد) الذي جمع في قانونه الذائع الصيت تجارب من سبعة من المشرعين من أمثال (أورنمو). وليت عشتار، اشنونه وإن ما حمله الخط المسماري واللغة الأكدية إلى أقطار الشرق الأدنى في العصور القديمة كان تراثاً عراقياً أصيلاً في جذوره البعيدة فهو خلاصة منجزات السومريين، والأكديين، والآشوريين، والكلدانيين. المصدر : الدكتور عدنان سماكه كتاب حصاد السنين الجزء الثاني.
#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمام الحكومة القادمة في العراق عمل ضخم من الإرث للحكومات الم
...
-
الجهل السياسي وتأثيره على الحكم في العراق
-
المطلوب من القوى الفائزة بالانتخابات إنجاز الاستحقاقات الدست
...
-
الأسس التربوية (البيت والمدرسة)
-
الوعي الفكري والديمقراطية
-
فاقد الشيء لا يعطيه (2)
-
رداً على الأستاذ منير كريم المحترم
-
العراق في رحاب حركة التاريخ وحتميته
-
المناصب والكراسي في العراق أصبحت عدوى وليست من أجل الشعب
-
ألا يكفي تجربة حكم استمر تسعة عشر عاماً ؟
-
الشعب هو الكتلة الكبرى
-
التناقض بين الظاهر والمضمون
-
ضعف الدولة العراقية سيؤدي إلى ظهور الحواشد الشعبية في العراق
-
الموقف السياسي للمستقلين غامض ومحير لا معنى له
-
ما هي صفات وواجبات النواب المستقلون في مجلس النواب ؟
-
الإنسان والطبيعة والدولة والديمقراطية
-
أمام العراق وطن وشعب الفرصة الأخيرة
-
مصادر المعرفة عند الإنسان ودورها في المجتمع
-
هل تمتص ارتفاع أسعار النفط نفقات الدولة والفساد الإداري وتأم
...
-
أهداف النواب المستقلون وتحالف إنقاذ الوطن تصب في مصلحة العرا
...
المزيد.....
-
تحليل لـCNN: مكاسب كثيرة لإسرائيل و-حماس- من تمديد الهدنة..
...
-
مستشفيات غزة على شفا الانهيار
-
الديوان الأميري يكشف عن الحالة الصحية لأمير الكويت عقب دخوله
...
-
الإعلام الفرنسي يناقش بوتيرة متزايدة الفشل الواضح لهجوم كييف
...
-
الحوثيون: سنستهدف السفن الإسرائيلية
-
واشنطن تتوقع طرح أحداث غزة على طاولة الزعماء خلال قمة المناخ
...
-
قبل ساعات من انتهاء الهدنة بغزة.. وزير الخارجية الأمريكي يصل
...
-
?? مباشر: الإفراج عن 14 رهينة من غزة وبلينكن يصل إسرائيل للض
...
-
بيانات ملاحية: أكثر من 160 رحلة عسكرية جوية من دول الناتو لإ
...
-
وصول الرهائن الإسرائيليين والتايلانديين إلى إسرائيل
المزيد.....
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو جبريل
-
كتاب مصر بين الأصولية والعلمانية
/ عبدالجواد سيد
-
العدد 55 من «كراسات ملف»: « المسألة اليهودية ونشوء الصهيونية
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الموسيقى والسياسة: لغة الموسيقى - بين التعبير الموضوعي والوا
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
العدد السادس من مجلة التحالف
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
السودان .. أبعاد الأزمة الراهنة وجذورها العميقة
/ فيصل علوش
-
القومية العربية من التكوين إلى الثورة
/ حسن خليل غريب
-
سيمون دو بوفوار - ديبرا بيرجوفن وميجان بيرك
/ ليزا سعيد أبوزيد
-
: رؤية مستقبلية :: حول واقع وأفاق تطور المجتمع والاقتصاد الو
...
/ نجم الدليمي
-
یومیات وأحداث 31 آب 1996 في اربيل
/ دلشاد خدر
المزيد.....
|