أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى توفيق - ذكريات عن الحرب














المزيد.....

ذكريات عن الحرب


هدى توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 7254 - 2022 / 5 / 20 - 14:01
المحور: الادب والفن
    


ذكرى عن قصة ( أنا والحصاد الجنوني )
هذا الحديث بالطبع يخصني ،لا أتقن الكتابة عن المناسبات الوطنية ، أو بمعنى أدق التفاعل معها بقدر كبير إلى حد التعبير القصصي أو الإبداعي بشكل عام. ربما لأني أشعر أنه حدث كبير في حينه أو حتى بعد وقت مروره. من الصعب أن يستوعبه عقلي كاملًا ؛ لجلل هذا الحدث. فقصدية ترتيب الكلمات وتطويعها لصنع عمل أدبي شئ شديد الصعوبة علي. فالكتابة بالنسبة لي حالة نستلهمها بعد عناء وتأمل وتفكير ليس بالقصير، حتى تأتي بعفوية وشفافية بينما تكون مشاعري مفعمة بالفرح أو العكس، على حسب اختلاف المشهد الوطني ؛ الذي أستقبله ، وهذا ربما لشعور يملأني بالعجز في أحيان كثيرة للتعبير عنه ، رغم الصدق التام تجاهه ، وتباين المشاعر نحوه.
كل عام نحتفل بذكرى الحرب والإنتصار، كل عام يتأرخ فيه مجد الوطن ، ودماء الشهداء النبيلة. بإجازة رسمية ، واحتفال عسكري كبير، ونحن نستلقي على فراشنا في آمان وسلام وطمأنينة ، وندعو للجندي المجهول ، وفداءه الوطني بالرحمة والنور ؛ الذي وهبنا روحه ، وانطلقت إلى سر خالقها من أجلنا. أسترخي على فراشي بكسل ، وأنا أرتشف قهوتي الصباحية ، وأفكر فيه ، وأسأله كيف أنت أيها الجندي المجهول ؟! ما حال أمك الآن ، وهي لا زالت ترتدي السواد ، وتنظر إلى صورتك الموشاه بعلامة الحداد الأسود لإبنها الشهيد .... ثم تبكي ، ولو قطرات من كثرة مابكت ، وتوجع قلبها ؛ رغم إيمانها أنك شهيد وفدائي ، ومثواك جنة الخلد ، وكنت تُلبي أعظم واجب في الوجود. ما حال كل من أحبوك ؟ ، ويعانون فقدانك ؟ ، ورحيل كل الذكريات معك مهما مرت السنوات من حياتهم ؟! .. لا تغضب ، لا تخف ، مؤسسات الدولة الرسمية ، والتاريخ يكتبون حروف اسمك الموشاه بفخر في سجلات موتى الحرب الأبطال ، وأحبائك وأحفادك يمجدونك ، ويتعالون بين الجميع بفخر وشرف ، وكبرياء . بأنهم ينتمون لإسمك وجلال شرفك الوطني. نعم .. نعم .. لا تقلق أيها الجندي المجهول. يتذكروك بالإحتفال في ذات نفس اليوم الذي دفنت فيه سواء كان قبله أو بعده من ذكرى الحرب ؛ لترفع في النهاية علم الوطن منتصرًا ومتباهيًا بكل عنفوان. لأي غادر يمس جلال الأرض الذي هو من جلالك. وأتذكر معك أنا أيضًا أيها الجندي المجهول : الوطن ، الأرض ، الإنتماء. استشهادك كل تلك الإكليشيهات ؛ التي ترتجف لها روحي وجسدي بوخزات الحنين والشفقة عليك ، وعلى كل أمثالك الأبطال. وأريد أن أفصح لك بخجل عن هاجس شيطاني يأتيني أحيانًا : أنني أخاف كثيرًا أيها الجندي المجهول على وطني من خائنين الأوطان ، وأنت لم تعد موجود.
كيف أصفك ؟ كيف أتخيلك ؟ كيف أجد الكلمات. بل أقوى التعبيرات ، وأصدقها لأجسد كتابة لحظات قتالك ودفاعك عن الوطن كيف ؟! هل توجد كلمات تضاهي كل بسالة وتضحيات هؤلاء الجنود المجهولين. أظن أن : الكلمات ، وأنا ، وكل أجساد الآخرين المستلقاه الآن بكسل واسترخاء تام. بعد رحيلك عائدًا فقط بانتصارك . ولم يعد يتبقى من حضورك الحي ياصديقي الجندي المجهول غير ذراعاك ترفع علامة النصر ، وعلم الحرية في ذاكرة التارخ إلى أن يموت كل الكسالى مثلي ، وغيري ، ومن سيأتي بعدنا. بل إلى أن تفنى البشرية ، ولن يبق غيرك أنت أنت فقط ، بخلود المعركة والنصر.
في عام 1998م مثل كل عام من حياة الوطن تمر الذكرى ، ذكرى الحرب والإنتصار، وتحرير الأرض بفضل الجندي المجهول ، وتمر ونحن أمامها وخلفها وبجانبها كالعادة والمألوف ذكرى .. ذكرى ستمر ، وننتظرها العام القادم ، وأسعد مثل كل أبناء وطني ؛ بالنوم الممتد بإجازة رسمية ، دون الإستيقاظ مبكرًا للذهاب إلى العمل الروتيني ، لكني شعرت فجاة بتفاهة شعوري هذا ، وسألت نفسي لما لا أكتب عن هذا ؟ لما يا قلمي ؟ ولكني للأسف لم أعش هذا اللحظات بكاملها ؛ لأني كنت بعد طفلة لا تستوعب مدى أثمان الحروب ، وجسارة الجنود وفداحة الخسارة ؛ من أجل تحرير الأرض والعبور. ( وأنا أتحدث هنا بشكل خاص عن حرب العبور 1973م ). حتى قرأت إعلان يتكرر كل عام عن مسابقة أدب الحرب ، فتأملت رغبتي التي أسرها داخلي من وقت أثناء الاستلقاء الا مبالي عام بعد عام ، وأنا أتمتع بالإجازة الرسمية ؛ فأيقنت مدى تفاهة حالي ، وصورة الجندي المجهول في مخيلتي تسخر بتلك الا مبالاة أمام بطولاته من أجل الجميع ، فقررت أن أحسن صورتي الخجلى ، ولو بعض الشئ أمامه ، وهتفت بهمس أخاطب نفسي الشقية : الخيال أعظم محرك ، ودافع لكتابة ما نريده ، حتى لو كنا بعيدين عن المشهد التاريخي وقت حدوثه ، وكان هذا بمثابة اختبار لقدراتي الأدبية على استخدام ملكة التخييل لكتابة قصة عن أدب الحرب سواء فشلت أو نجحت التجربة ، والمحاولة هي افضل معلم لإنجاز المهام الصعبة ؛ رغم أني أعتقد ، ولازلت أن الكتابة الأدبية التي تخص أدب الحرب أو المناسبات الوطنية عامة ، من أصعب أنواع الكتابة لدي ، ولا أتقنها كما ذكرت في بدء حديثي اطلاقًا إلا في حالات نادرة ، وتلك القصة كانت من أروع حالاتي النادرة ؛ لأنها كانت بمثابة اختبار صعب ظل كامن في عقلي لسنوات. لا أعرف كيف أحققه ؟ بعناد وتحدي شخصي حتى تم سواء كان جيد أولا ، وأتمنى أن يتكرر مرة أخرى ، وأنا في انتظاره ؛ فالأرض خالدة والحرب ميثاق التاريخ باق لا يزول حتى لو فني جميع البشر ، ونحن نحاول ولو بجزء صغير أن ندخل ذاكرة الوطن والتاريخ ؛ بالكتابة عنه ، وهذا بالتأكيد على المستوى الشخصي البحت ، فاليوم 25/4/ 2017م. ذكرى تحرير سيناء الذي سبقه ذكرى العبور والإنتصار ، وسوف يتكرر كل عام بفضل الجندي المجهول ؛ هذا الخالد والباق دومًا وأبدًا دون الكسالي الآخرين مثلي.
25/ 4/ 2017م



#هدى_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات عن شهر رمضان
- ناصية القراءة - هاجر-
- ناصية القراءة - وطن بكف المنفى -
- مونتي وثقافة الفساد في مصر
- شهرزاد الحكاءة في المريض العربي
- قصص قصيرة
- السيمفونية التي أبدعت أسطورة حب عصرية
- دراسة لديواني الشاعر مدحت منير والشاعر حاتم مرعي
- النقد القصصي عند الدكتور محمد مندور في كتابه النقدي (نماذج ب ...
- قراءة نقدية في قصص مختارة لهدى توفيق
- النساء في المناطق المهمشة تطبيقا على واقع بني سويف
- قصة للأطفال للكاتبة هدى توفيق بعنوان هناء وشيرين
- قراءة في مجموعة قصصية للكاتبة هدى توفيق بعنوان (كهف البطء)
- قراءة في مجموعة قصصية للكاتبة هدى توفيق بعنوان (مذاق الدهشة ...
- زغرودة تبطل مفعول قنبلة قصة قصيرة
- قصة قصيرة بعنوان السلام يعم الغابة
- فأر الذاكرة الذي ابهجني وأبكاني في كأنه يعيش
- مفتاح الفردوس في رواية صانع المفاتيح
- شخص كان هنا أم محكيتان عن الجدة هو المسمى الأفضل
- تغريدة الشجن والحب والموت


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى توفيق - ذكريات عن الحرب