أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى توفيق - شخص كان هنا أم محكيتان عن الجدة هو المسمى الأفضل















المزيد.....

شخص كان هنا أم محكيتان عن الجدة هو المسمى الأفضل


هدى توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 4860 - 2015 / 7 / 8 - 00:15
المحور: الادب والفن
    




للأديب والكاتب محمد رفاعي صدرت مجموعة قصصية تحت مسمى "شخص.. كان هنا" التي تحمل ملامح شاعرية النص، جمال اللغة، ودقة التفاصيل. تلك المجموعة تنطلق من أربعة قصص رئيسية وهي: 1- ليلة أمس 2- شخص .. كان هنا التي سميت بها المجموعة 3- محكيتان عن الجدة 4- الفخاخ.
وكل قسم يحوي عدد من القصص ما عدا قصة ليلة أمس، بدأ الكاتب مجموعته بجزء شعري بديع للشاعر الكبير الكبير محمود درويش، وكانت معبرة إلى حد ما عن أجواء وطبيعة المجموعة الشاعري المتدفق بروح المعذب، الرقيق المشاعر والأحاسيس وتتركز كل تلك المشاعر في سؤال هام لماذا تبدو الأشياء هكذا؟ والحل الوحيد هو الإنتظار، إنتظار أمل ينفخ في أرواحنا وتعيدنا إلى الحياة مرة أخرى حتى لو كان الإنتظار سيخرج لنا بشبحا طالعا من شقوق المكان تلك الكلمات هي التعبير الفصيح عن ماهية قصص المجموعة، حيث تشوب أغلبها حالة من الغياب والحضور في آن واحد بين الحنين إلى الماضي وإبراز مشاعر وتفاصيل صغيرة لا تخونها الذاكرة إطلاقا مهما مر الزمن وتغيرت الأماكن أو أصبحتأطلالا نبكي عليها، ففي قصة ليلة أمس يستهل الكاتب القصة بجزء من سفر أيوب...{ ونجوت أنا وحدي، لكي أخبرك عن صفر أيوب وهي عن شخص قلق، يراوده حلم عشر ليال متتالية وفي الليلة الحادية عشر فاجأه خمس مرات في ليلة واحدة، إنه حلم قلق مؤرق ومؤلم يدفعه إلى حد البلل في الفراش وليس أمامه سوى التذكر والتأمل الصاف لشجن الغروب، ومريم التي تركض لتسبقه في لم البلح وهذا أيضا كان في الحلم وأخيرا يستيقظ السارد ويشعر بالعذاب والوحدة والغربة الشديدة حتى يقرر أنه سيخرج من الكهف ويستكمل رحلته الطويلة وهو مليئ بالحيرة، والشك حين يتساءل بدهشة التائه المحموم بالذكريات الجميلة أكانوا هنا؟ لكن المخرج الوحيد لعذابه هو العيش غريبا، يفتش في الذكريات عن أوهامه الضائعة ويحسم قرار الفراق والحسرة عندما ينتقي عودا من الغاب يقطعه وينفخ نفسا، فيجيئه نفس الصوت الأثير القديم، إنه أشبه بأيوب الذي أخبرنا عنه الكاتب في بدء القصة، لكن بطلنا سيقاوم هلوسة الليل وهبات الريح ويبني بجوار هذه الأطلال بيتا من الحجر والشجر.
الجزء الثاني تحت مسمى{ شخص... كان هنا} يحتوي على إحدى عشر قصة، هناك خيط دقيق يربط جميع تلك القصص في شئ واحد يخص المضمون وإن إختلفت الكلمات والبناء السردي للقصص، وهو أن مضمون القصص تقريبا يعبر عن حس الإغتراب الهائل، والصمت المهلك الذي يأخذ أشخاص القصص في هاوية النسيان، والبحث عن بقايا الأشياء التي زالت وذكريات أرواح أشخاص قد فنوا إلى الأبد، فلا يظل غير السؤال المرير كما أشار الكاتب في قصة الضحى ص23 :
هو وحيد الآن، أنهى سنوات الدهشة والتساؤل
سكون الليل وصمت العالم البدائي أمامه
بينه وبين العالم بوح لا ينقطع
يعيش السارد بين اليقظة والحلم حتى يمتزجان وتصبح الأمور أمامه مختلطة حتى يمر في عقله السؤال القاسي:
هل كنت تحلم؟ أم كنت تعيش الواقع في جب؟
نلاحظ أن السارد (أي المسكوت عنه) أو المؤلف الضمني علته تساؤلات كثيرة وكبيرة المغزى عن الحياة والبشر والأماكن والذكريات، حاله تجعله كطائر حر يحلق في آفاق التأمل والتوحد مع عالم الطبيعة من نهار وليل وجبال وأشجار مليئ بروح الطبيعة الخفي الغامض قائلا نموذج لذلك:
"لم كل هذا الصمت؟ هل عقد ميثاقا لا ينفرط مع الليل الذي لا يبوح.. ص22 قصة دفء الأمكنة"
إن قصص المجموعة مقسمة إلى أربعة أجزاء لا أجد له مبرر منطقي أو وظيفة فنية تخدم مسار حكي القصص، فتوالى القصص دون وضعها في أجزاء أربعة، كان سيعطي للمجموعة شكلا أبسط وأفضل دون الحاجة إلى تقسيمها إلى أربعة أجزاء خاصة، وأن قصص المجموعة تعبر عن وحدة متكاملة حيث أنها تصدر جميعها من روح واحدة، وإن اختلفت أسماء القصص وتفاوت المحتوى من قصة لأخرى، إلا أن المشاعر والتفاصيل الغالبة على جميع القصص يؤدي إلى مضمون واحد وهو الشجن، والوحدة، والإغتراب، والحنين إلى أشباح لأرواح أو أطلال اندثرت بفعل قانون الزمن الهالك وهو الزوال الذي يحكم كل الأشياء والكائنات الحية، وإن كانت قصة (الجد الأكبر) تغاير هذه المعايير إلى حد ما بإضافة بطل أقوى وأعظم وهو المكان، حيث يموت ولده الوحيد من ركام الجبل أثناء العمل في مشروع السد العالي، وحين يركض البطل (السارد) عند مدخل البلدة ليعبر الكوبري الخشبي الصغير فيواجهه الصمت التام مخيما على المكان في تلك القصة بالذات نجد براعة الكاتب في إشادة بناء هرمي من الجد والأب والحفيد مما يعمق من بناء القصة ويسرد الأحداث والتاريخ والماضي برهافة ورقة وتدفق لغوي بديع نموذج لذلك حين يقول:
ص39 قصة الجد الآخر
- جئت لك لكي أجلس معك مثلما جلس أبي لا فرق جسده ممدود على السرير.. لا حركة لا صوت.. هل كان مستغرقا في نوم عميق؟ لا رجفة قلب – هل فارقت روحه أرضنا وراحت تركض في الفضاء الواسع؟
ما الذي يمكن أن يشتريه في هذه الصحراء الخاوية ص47 قصة عربة تجمع المتروكات ،نجد أن شعور الفقد والبحث عن الجد يتواجد في العديد من القصص فمثلا في قصة عربة تجمع المتروكات يقول "جلس العجوز الذى نما داخلى"وفى قصة علب يبدأ القصة يقول:"هامسني جدي" ص51
وفي قصة الجد الآخر:"ورحت أركض خلف جدي مسرعا في شوارع البندر" ص35 .. حتى في قصة الهجرس:"يبلغكم السلام يتحدث عن الغائب الذي ربما هرب من سياط السخرة... أثناء حفر القناة ورفض السخرة ... ظهر فجأة يقاتل بجوار عرابي الكتف بمحاذاة الكتف..{ ص42-44}
إنه دائما يتحدث عن من رحلوا، وأخذوا الماضي والحاضر ولم يبق شئ للمستقبل غير الرثاء والبكاء على أطلالهم، وعن العمر الذي ضاع هدرا "وأيقن بعد كل هذا العمر والترحال أن حياته كلها عبث، بدا كأنه غريب في المكان" ص56 قصة غريب على دكة.
وأيضا كعادته الملازمة له في أغلب قصص المجموعة، لا ينس ذكر الجد حتى لو إتماما لحدث وليس كمحور أساسى، كما ذكرنا في القصص السابقة "أبي من بقي من هذه العائلة في البدء رحل جدي ص56 قصة غريب على دكة.
حتى ينتقل بنا الكاتب إلى ودائع الجدة، وشيخان، ولا أحد، ومحكيتان عن الجدة التي تشمل قصتان: 1- نبوءة 2- الأشياء، التي هي رمز الماضي وروح الحاضر ونبوءة المستقبل وهي تستحضر أشيائها بين الحين والآخر، نجد الجدة الحنون تخبرنا بالنبوءة العظيمة وهي تنتظر أمام الفرن وتحكي دون ملل عن نبوءتها مهما خانتها الذاكرة، وصارت تتوه في الزمن والبشر ودفء أماكنها ص69 قصة نبوءة وأيضا مهما تشاغلت بالحكي عن الغائب إبنها الذي عمل في حرس الحدود، وعاملا في السر،وقد كان سائقا في مصلحة الجمارك في أقصى الشمال، رغم كل هذا هي حارسة أمينة على أشيائه التي في الصندوق وهي على الدوام تخرجها وتشرع في تنظيفها وإحصائها، وقد شعرت بنشوة النصر. وتغلق الحجرة خلفها.
أما الجزء الأخير وهو الفخاخ الذي يستهله الكاتب بجزء من شعر أمل دنقل ويتكون من تسعة قصص، لا يخلو إطلاقا من نفس الحالة كامتداد شعوري قوي تحيطه الجد أو الجدة، ففي قصة فأس يذكرنا بتاريخ الأجداد ص77 قال: أوصيكم بالفأس، والساقية المركونة منذ عقود، تاريخ الأجداد يعود، لا تتعجبوا .. لا تقلقوا. وفي قصة فخاخ: أمامه جلست جدتي وأمي ص79 خاتما القصة بمقولة أثيرة "ما يزال أبي يلقم النار .. وأمي وجدتي يتبادلان الحديث ص80 ، ويبدأ قصة الإتجاه المعاكس للريح: خرجت جدتي من الحلقة ... ص81 حيث نلاحظ بقوة أن الجد أو الجدة الأكثر يخترق الأحداث ويتعمق ذكرها حتى لو كانت ميتة حتى آخر القصة "قامت جدتي وسارت على الجسر في الإتجاه المعاكس للريح.. ص83}، وتستمر هكذا في قصة ورق قديم، وفارس على جواد من طين، وكائنات حتى يصل لذروة الحدث، والمكان والزمان مع حكايات الجد والجدة في قصة صوت هامس قائلا وقد تحول إلى كيان سرمدي
يشعرانه ملك الناس والعالم، وأنه صار حقيقة مطلقة لا يزحزحه همس، أو كلمة أو حركة

عرض
هدى توفيق

المصدر:
المجموعة القصصية
شخص ... كان هنا
للكاتب :محمد رفاعى
الناشر : سلسلة كتابات جديدة الهيئة العامة للكتاب
الطبعة الأولى 2010



#هدى_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تغريدة الشجن والحب والموت
- الجانب المعرفي في رواية دموع الإبل
- متعة القراءة بالعامية في النص الروائي
- دراما السياسة وفيولا في رواية فيوليت والبكباش
- التباين في الخط السردي في رواية خمس نجوم
- نصف ضوء وعالم النساء المهمش
- مفردة التخييل بين الفن والمصادرة
- أصوات الواحة التي ألهمتني
- نحو عالم محمد ناجي
- كيف قرأ عبد المنعم تليمه كتاب {في الشعر الجاهلي }
- حكاية اليهود
- الأراجوز يتحدث لنا
- أحلام شهرزاد
- كوميديا الحكم الشمولي
- عبق الأمل في مجموعة روح الفراشة
- تأثير الدين على الابداع
- يوتوبيا سيد قطب الدرامية
- الماضي والراهن :حول كتابات محفوظ التاريخية
- محفوظ كاتبا مسرحيا أيضا
- ازدواجية المتعة في عالم نجيب محفوظ الروائي بين القراءة والفر ...


المزيد.....




- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى توفيق - شخص كان هنا أم محكيتان عن الجدة هو المسمى الأفضل