أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - روايات الحصار














المزيد.....

روايات الحصار


ميثم سلمان
كاتب

(Maitham Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 7250 - 2022 / 5 / 16 - 06:09
المحور: الادب والفن
    


في الثاني من آب عام 1990 أمر صدام حسين قواته بغزو دولة الكويت. هجوم بشع وغبي كبد العرقي الكثير وترتب عليه عقوبة مجلس الأمن الدولي اللعينة بفرض حصار اقتصادي على البلد لمنع النظام من استيراد المواد التي قد تدخل في برنامج تطوير أسلحة الدمار الشامل.
وما ضاعف من قسوة هذا الحصار على المواطن العراقي هو سوء أدارة الدولة للوضع الاقتصادي العام وتفشي حالة الفساد الإداري والمتاجرة بقوت المواطن من خلال بيع المواد الغذائية والطبية المستوردة (على قلتها) في السوق السوداء. في وقت كان يعاني منها المواطن من تردي الخدمات وتدني الأجور والرواتب للموظفين إلى أدنى مستوياتها، فضلاً على ارتفاع نسبة البطالة مما تبعها تفشي الجريمة بشكل مهول في ظل ضعف سلطة القانون.
نعم، كان المواطن المسكين يجد الكثير من الأدوية والمستلزمات المعيشية في المحلات وعلى الأرصفة لكنها بأسعار خيالية. فالعين بصيرة واليد قصيرة. حسب مذكرات الطبيب الخاص لصدام الدكتور علاء بشير والتي نشرها بعد سقوط نظام القمع الصدامي أن نسبة تأثير الحصار على الشعب بسبب العقوبات الدولية هي عشرين بالمئة، لكن النسبة الأكبر هي بسبب مسؤولي الدولة.
يقول في مذكراته إن أبن صدام جنى الملايين من الدولارات من شركته "الأمير وشركاؤه" التي تستورد كل أنواع المواد وتبيعها في السوق السوداء في تلك الفترة. وزوجة الرئيس الأولى هي أيضاً مع أختها كانتا تتاجران بالأجهزة الطبية التي لم تكن في حاجة ماسة لها في تلك المرحلة قياساً بمواد أخرى ضرورية لإنقاذ حياة المرضى. والدافع هو فقط لكسب الأموال الطائلة من العمولات. وهذه السمسرة تصل إلى أصغر موظف في المستشفيات ووكلاء الحصة التموينية.
الجميع كان يستثمر الحصار (بما فيهم بعض الأصوات العربية والأجنبية من خلال الحصول على كيبونات النفط التي أشترى صدام ولاءاتهم وسخر أصواتهم لاستنكار الحصار بالأحرى التضامن مع النظام) عدا المواطن العراقي المغلوب على أمره.
حينئذ، كان الهم الأعظم لنظام صدام هو توظيف موت الأطفال بسبب قلة الغذاء والدواء لتكريس الخطاب الدعائي الحكومي من أن الذي يقتل الشعب العراقي هو أمريكا وبريطانيا ومن يؤيد هذا الحصار، وليس الموت بصفته فقدان الإنسان. فعبيد الإيدلوجيا والكلائش الجاهزة لا تعنيهم الجريمة الإنسانية بجوهرها قدر ما تعنيهم هوية من يقوم بها أو من تقع عليه.
طفحت هذه الآلام إلى سطح ذاكرتي وأنا أعيش أجواء رواية "هروب وردة" للروائي ضياء الخالدي والصادرة عن "منشورات نابو" التي تقص حكاية بائع الكتب بسام والشابة وردة وأسباب هروبها من أهلها. ورغم أن الحكاية تبدأ من سدني عام ٢٠٠٧ إلا أنها تأخذنا إلى جذور تعارفهما وانقاذها من رجال الأمن في إحدى أحياء بغداد خلال صيف عام ١٩٩٥. نقرأ على لسان الراوي لمحة مؤلمة تسجل الحالة العامة في تلك اللحظة: "تتنوع البسطات بما هو قديم ولافت للنظر، فالحصار الاقتصادي أخرج من البيوت كل ما هو ثمين مادياً ومعنوياً. إذ يبدو الأمر معتاداً قدوم شخص ما إلى بسطات الأرصفة حاملاً روقة مجعدة ثُبتت عليها أسماء حاجيات أو عناوين كتب مختلفة. خرجت مقتنيات الناس التي جُمعت في سنوات الرخاء إلى السوق. تحولت الكتب والأنتيكات والتحف واللوحات وخواتم الفضة والموبيليا إلى الباذنجان والدقيق الأسمر وزيوت الطعام وراشيتات الأطباء والملابس المستعملة" ص ١٩. قد تكون لي وقفة أخرى مطولة مع هذه الرواية الشيقة.
هذه هي الرواية الثالثة التي أطلع عليها (بعد رواية "اللاسؤال واللاجواب" لفؤاد التكرلي ورواية "غايب" لبتول الخضيري) من "روايات الحصار" والتي تتناول معاناة المواطن العراقي أبان أعوام القحط الشامل، سنين العوز والعسرة، زمن القهر المضاعف.
ولا أعرف سبب قلة توفر الروايات العراقية التي تغوص وتستقصي هذه المرحلة العصيبة من تاريخ العراق قياساً بمرحلة الحرب العراقية الإيرانية أو مرحلة ما بعد سقوط الدكتاتورية.
ألا تستحق هذه الأعوام العصيبة أن تكرس لها خانة في المكتبة تبوب تحت باب: روايات الحصار!؟



#ميثم_سلمان (هاشتاغ)       Maitham_Salman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذه إدمنتون
- النهايات المفتوحة في مجموعة (مدن)
- كورونا
- العجائبية في (صانع الحلوى) كوسيلة للتهكم
- ما هي الذهنية الرثة؟
- النوم في حقل الجماجم
- رواية -قتلة-... محاول لتفسير العنف في العراق
- عندما تكون الرواية شهادة في محكمة
- عرض لكتاب (آلهة في مطبخ التاريخ)
- عن الرواية العراقية
- نفق مظلم
- سيد الفراغ
- كذبة نيسان
- أرق طويل الأمد
- محاولة في فهم فكرة المهدي المنتظر (٥)
- محاولة في فهم فكرة المهدي المنتظر (٤)
- محاولة في فهم فكرة المهدي المنتظر (3)
- محاولة في فهم فكرة المهدي المنتظر (2)
- محاولة في فهم فكرة المهدي المنتظر
- أصحاب التل


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - روايات الحصار