أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - رواية -قتلة-... محاول لتفسير العنف في العراق















المزيد.....

رواية -قتلة-... محاول لتفسير العنف في العراق


ميثم سلمان
كاتب

(Maitham Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 7097 - 2021 / 12 / 5 - 05:30
المحور: الادب والفن
    


نرى في العديد من روايات ما بعد التغيير غوصاً في تاريخ العراق الحديث كمسعى لإيجاد تفسيرات للوضع السياسي والاجتماعي وما يتخلله من عنف يعصف بالبلد. وهذا الهوس في البحث عن أجوبة لفهم ما يدور في عالمنا والحياة عموماً هو السبب في وجود الرواية كما يقول ميلان كونديرا في كتاب الستارة: "... والأمر الوحيد الذي بقي لنا إزاء هذه الهزيمة المحتومة التي ندعوها الحياة هو محاولة فهمها. وهنا يكمن سبب وجود فن الرواية". هذا الفهم نسبي، يتنوع مع تنوع فهم الروائيين للعالم. ويتراوح مدى موضوعية تفسير الروائي تبعاً لدرجة استقصاءه للمعلومة التاريخية واعتماده لمصادر غير منحازة. فالرواية مطالبة بأن تطرح رؤى متوازنة وعلمية.
هذا المطلب لا يعدم من أن تطرح الشخصيات رؤاها الخاصة. حيث الشخصية الروائية هي عبارة عن فرد مصنوع في لحظة تاريخية. أي أن: "المتكلم في الرواية هو دائماً، وبدراجات مختلفة، مُنتج إيدولوجيا وكلماته هي دائماً عينة إيدولوجية. واللغة الخاصة برواية ما، تُقدم دائماً وجهة نظر خاصة عن العالم تَنْزَعُ إلى دلالة اجتماعية" ميخائيل باختين (الخطاب الروائي). وشرط الموضوعية المفروض على الروائي يُفرض كذلك على الناقد، إذ يتحتم عليه أن يكون مجرداً بتقييمه للعمل الروائي. وأن يفصل بين الإنساني والفني، أي يعزل بين فنية الرواية وطروحاتها الفكرية. لا أن يلعنها ويجلد صاحبها لأنها تتعارض مع فهمه للعالم حتى ولو كانت متكاملة العناصر الفنية- أحياناً يحدث العكس حيث تُمجد روايات هابطة فنياً فقط لأنها تتواءم فكرياً مع متبنيات الناقد.
نجد في بعض روايات ما بعد التغيير رغبة في تدعيم تفسيراتها لما يدور حاليا في العراق من خلال مسح تاريخي للمشهد السياسي العراقي يمتد عميقاً في تاريخ العراق الحديث كمحاولة لوضع الحاضر ضمن سياق تاريخي متسلسل. وهذا المسعى ضروري، في رأيي، لتأكيد فكرة أن العنف والمشاكل السياسية المعقدة الحالية هي جزء من سلسلة احتلالات وتدخلات الجيران والدول العظمى وانقلابات وحروب وتهميش وقمع ونفي وحرمان وتهجير وحصار أدت الى خلق خريطة سياسية اجتماعية معقدة نراها الآن طاغية على الساحة.
ربما يساعد هذا البحث التاريخي في جذور المشاكل بإزالة الغموض واللغط الطاغي على المشهد السياسي العراقي الذي يزداد تأزما منذ عام 2003. فلا بد إذاً من إجابة ما، وبتفصيل سردي طويل في نص أدبي. فهل هناك أكثر من الرواية من له القدرة على استيعاب تناقضات المرحلة وطرحها بشكل مسهب ومشوق سعياً لفك التباسات الواقع؟
في هذا المسعى تحاول رواية" قتلة" للروائي العراقي ضياء الخالدي، الصادرة عن دار التنوير عام 2012 ، تقديم فهمها الخاص عن العنف الأهلي الذي عم العراق بعد الاحتلال الامريكي باعتمادها المبحث التاريخي من خلال مشاهدات الراوي/البطل (عماد الغريب)، العجوز الذي عاصر أحداثاً مهمة مر بها العراق منذ ستينيات القرن المنصرم.
تبرز هذه الحقيقة منذ الصفحة الأولى حيث ينقلنا البطل بتداعياته الداخلية الى التأريخ: "أفكر في تاريخ هذا البلد. أقلّب الأحداث التي ارتكبها رجال من بلدي." الرواية ص7. مبرراً هذه التداعيات المتكررة بتوق البطل للبوح بحسراتهِ.
اضافة الى مشاهداته الشخصية، يكشف الراوي عن ولعه بتاريخ العراق واهتمامه بالوثائق التاريخية: "حين علم حمدان بولعي منذ الستينات وحتى الآن بتاريخ بلدنا أفضى لي بحكاية عن وجود وثيقة لدى سلمى موقَّعة من قبل سياسي عراقي في زمن الأخوين عارف، تشر إلى ما سيحدث للبلد بعد أربعين سنة. نبوءة غريبة أو تخطيط لمصالح الدول العظمى." الرواية ص50.
تدور معظم أحداث الرواية في بغداد خلال فترة القتل الطائفي التي انتشرت بعد تفجير الإمامين العسكريين في سامراء. وتُسرد على لسان رجل مسن متقاعد ينتمي إلى إحدى مجاميع القتل. يقنعه (ديار)، وهو صديق قديم عاد لبغداد بثروته بعد السقوط، بالانضمام لمجموعتهم التي تسعى فقط ل: "... اغتيال السيئين. تنظيف البلد من الانتهازيين والجهلة والمجرمين واللصوص." الرواية 34. فهي: "ليست ميليشيات حزبية أو طائفية. بل وطنية." الرواية ص48.
يسجل الراوي شهادته عن تلك الحقبة الرهيبة التي مرت بها بغداد، وعن القتل المجاني التي تمارسة الجماعات المسلحة بحجة مقاومة الاحتلال: "الأعداء في كل مكان يصعب التفريق بينهم. ليست لهم ملامح واضحة. من يقاتل الأمريكان يمكن أن يسحق العراقي. جثة الأمريكي غاية قصوى، وللحصول عليها يمكن أن ندفع عشر جثث عراقية، أو أكثر. التاريخ كفيل لكل مجموعة مقولة تُختظف منه لتبرير هذه المعادلة... تاريخ منفلت، وفي متناول الجميع." الرواية ص106.
كلٌ له تبريره في القتل. فالبطل يحاول عبثا إرضاء ضميره بالقول: "الجريمة يعاقب عليها القانون لأنها ارتبطت بنوازع تافهة، وبطموحات فردية ضيقة. أما إذا أصبحت منظمة واجتماعية، صارت نضالاً من أجل المجمتع." الرواية ص114. و (غسان)، الشاب الذي انتمى لإحدى المليشات انتقاماً لمتقل أبيه الذي يظن أنه قتل على الهوية الطائفية، يبرر: "نحن نقتل السيئين، وكل من يساند الحيوانات التي تفجر نفسها." الرواية ص102. و (الشيخ مؤيد، القائد العام للقوات الملثمة) له تبريره وميليشاته التي يزعم إنها تستهدف: "المرتزقة الذين يعملون مع الاحتلال." الرواية ص106.
هناك خيط آخر يحاول الراوي تمريره بين أجزاء تاريخ العراق خلال العقود السابقة، وهو سيطرة أبناء الريف على الحكم: "ذاكرتي تحمل بغداد أخرى... بغداد النظيفة من دون أحزابها ومغامرات جنرالاتها الريفيين." الرواية ص120. وتتكرر انتقادات (عماد/ البطل) لسلوكيات أبناء الريف الذين اجتاحوا العاصمة وشوهوا مظهرها المدني المتحضر.
عندما يكتشف (عماد) أن مجموعته ترتكب أخطاء فادحة بقتلها عراقيين أبرياء، وأن هدفها الأهم هو إبقاء العراق في دوامة القتل، وأن من يحركها هي أياد خارجية؛ يترك العمل معها ويختبئ عند صديقه من الطائفة الأخرى. ثم يهرب وزوجته الى كركوك للحفاظ على حياته فتطارده المجموعة لقتله. لكنه يقرر العودة الى بغداد في تاكسي. لتنتهي الرواية بمشهد يحتمل عدة تأويلات ويعكس فنطازيا الواقع العراقي. حيث يضطرون للوقوف في منتصف الطريق بسبب وجود رتل عسكري أمريكي. تتجمع خلفهم السيارات. يظلون هكذا عالقين في العراء خلف الرتل الامريكي إلى أن يحل الظلام. تنام زوجته في المقعد الخلفي. ينزل السائق ليحتسي من قنينة العرق التي كان قد ذهب الى كركوك لشرائها: "كنت أنظر إلى مشهد سوريالي غريب: الجنود يصوبون مصابيحهم ويصرخون. والسائق يمسك قينية العرق بيده اليمنى ويصب في قدح يحمله باليسرى. لم ينظر إليهم. كان غير مبال بهم، ولا برشاشاتهم. حين وصلو إليه، ابتسموا، وقال أحدهم: Good" الرواية ص189. ثم يشاركه (عماد) القنينة ويغط في نوم عميق على حصيرة القش في الشارع والأمريكان مازالوا في مكانهم.



#ميثم_سلمان (هاشتاغ)       Maitham_Salman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تكون الرواية شهادة في محكمة
- عرض لكتاب (آلهة في مطبخ التاريخ)
- عن الرواية العراقية
- نفق مظلم
- سيد الفراغ
- كذبة نيسان
- أرق طويل الأمد
- محاولة في فهم فكرة المهدي المنتظر (٥)
- محاولة في فهم فكرة المهدي المنتظر (٤)
- محاولة في فهم فكرة المهدي المنتظر (3)
- محاولة في فهم فكرة المهدي المنتظر (2)
- محاولة في فهم فكرة المهدي المنتظر
- أصحاب التل
- حكاية الحزن الخام
- جاروبا نوشو
- حلول ولكن!
- أربع قصائد مترجمة للشاعرة الكندية أرن موريه*
- سؤال المنفى في رواية -القنافذ في يوم ساخن-
- المعمار السردي في رواية -حجاب العروس-
- صداع مزمن


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - رواية -قتلة-... محاول لتفسير العنف في العراق