أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - ما وراء خطاب الحماية














المزيد.....

ما وراء خطاب الحماية


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 7249 - 2022 / 5 / 15 - 22:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يكثر الحديث عن العلاقة الوطيدة بين السياسي والديني ولكن قلّما ينتبه المحللون والدارسون إلى الوشائج التي تصل السياسي بالنظام البطريكي،مع أنّ إدارة الحكم تستند إلى مجموعة من التمثلات الاجتماعية وتوظّف التصورات الخاصة بالذكورة /الأنوثة في توزيع الأدوار بين الجنسين وطريقة الأداء والسلوك والخطاب وغيرها من المسائل التي تشكّل جوهر النظام البطريكي. وقد يفسّر عدم الاكتراث بتحليل الزوج السياسي/البطريكي في نظرنا، بصعوبة الإقرار بأن المواطنين الذين يسلّمون أمرهم للسياسي زمن الأزمات والصراعات وينقادون لأوامره دون أدنى اعتراض إنّما يتماهون مع النساء والأطفال الذين يتحتّم عليهم الخضوع لربّ الأسرة وطاعة أوامره باعتباره المسؤول عن حمايتهم.

ولئن كان يفترض في الأنظمة الديمقراطية القطع مع هذا المنطق البطريكي فإنّ التجارب أثبتت أنّ بعض الأنظمة استغلّت خوف المواطنين أو غضبهم لتروّج لسردية الحاكم/السياسي/الحامي يكفي أن نتذكّر خطابات «بوش» بعد 11 سبتمبر التي شرعنت بروز الدولة المتسلّطة التي شنّت الحرب على عدد من الدول بهدف إخضاعها واستغلال خيراتها و«تأنيثها». ففي سياق الحرب على الإرهاب سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى بسط نفوذها على العالم من خلال سياسات مقاومة الإرهاب وجرّدت مجموعات كثيرة من حقوقها الأساسية وانتهكت حقوق البعض الآخر باسم حماية الأمريكيين من التهديدات وحاجتهم إلى البطل الهركولي المخلّص بل إنّها غزت أفغانستان بدعوى تخليص النساء من الهيمنة الذكورية وتحريرهن.

وليس الخوف من الإرهاب هو المبرّر الوحيد لفرض منطق الحماية وانتظار المنّ والولاء من الجميع . ففي ظلّ هيمنة مشاعر الإحباط والخوف واليأس وانسداد الأفق تسلّم الجماهير بالأمر الواقع طمعا في الخروج من المأزق لاسيما إن كانت بنية الخطاب الرسمي ولغته قائمة بالأساس على الاستثمار في الخوف من المؤامرات والدسائس والفتن والخطر الداهم وتذكير الجميع بأنّ التصدّي للأشرار والخونة والفاسدين... يتطلبّ تغيير سلّم الأولويات وتقديم بعض التنازلات في ملفّ الحريات والحقوق. ويزداد الأمر خطورة عندما يقدّم السياسي نفسه في صورة المخلّص/الحامي الذي لا حلّ أمامه سوى تعطيل العمل بالقيم الديمقراطية والمؤسسات التي توفر الحدّ الأدنى للرقابة والمحاسبة ... وتغيير قواعد اللعبة.

تنخرط شرائح من التونسيات والتونسيين في هذا المنطق الحمائي البطريكي فالمهمّ في نظر الكثيرين/ات هو إخراج النهضة/العدوّ وتوابعها من الحكم وتغيير المسار ولذلك يؤثر البعض الصمت أو التواطؤ أو تقديم المبررات أو الاكتفاء بالملاحظة والانتظار بينما يميل البعض الآخر إلى المساندة «سعيد لست وحدك» والبحث عن موقع حتى وإن تنكّر المرء لمبادئه وقيمه. وسيان إن تحدثنا عن الفريق الأول أو الثاني فالحاصل هو الاقتناع بأهميّة الحماية التي يوفرها الحاكم الذي لا يظهر في صورة الراغب في بسط الهيمنة الذكورية، بل في صورة ممثل الرجولة الكاملة/العادل/الشهم الذي لا يتأخّر عن حماية النساء والأطفال والشيوخ والضعفاء... إنّه الرجل الصالح والمحافظ والورع و«الزاهد في السلطة» المكلّف بحمل الأمانة، والذي يتجشّم مسؤولية حماية النساء والرجال على حدّ سواء ولذلك تستميت بعضهن في الدفاع عن نزاهته و«نظافة يده» و...لا من موقع الإذعان والخضوع والطاعة للرجل المهيمن بل من موقع الإعجاب بهذا الرجل الاستثنائي في الزمن الاستثنائي .

لاشكّ عندنا أنّ الهشاشة تدفع بأهلها إلى ابتكار السرديات والترويج لها والدفاع عنها وأنّ الخوف وضبابية الرؤية وانسداد الأفق وغياب البدائل كلّها عوامل تدفع بعضهم إلى المطالبة بالحماية حتى وإن كانت في صورة ذكورية Masculinist protection وفي لبوس محبّة الأب لأبنائه «ولكن ألا يترتب على هذا الوضع التسليم بديمومة الحماية وإيهام النفس بأن لا مفرّ من الرضوخ لمنطق الحماية الذكورية؟

وعندما تقدّم الدولة نفسها في صورة الرجل الحامي وتنتظر من المواطنين التسليم والخضوع والطاعة والولاء والاعتراف بالجميل فإنّنا في إطار دولة تساس بقيم النظام البطريكي.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خفوت النشاطية وانحسار دور المجتمع المدني
- تعميم الفقر ومأسسة الجهل ...
- «أهل الهشاشة» بين التناول الدرامي والتعاطي الإعلامي
- مجلس الشعب: الغائب الحاضر في حياة التونسيين
- موت السياسية
- المهمّشات: بين أنظمة الاضطهاد والهيمنة وواجب المقاومة
- تحية إكبار «لشباب/ات تونس» في أوكرانيا
- في علاقة الدولة بالمجتمع المدني
- الهامش يتحرّك
- لا ثقة بعد اليوم في القانون
- نساء الحكومة المحجوبات والصامتات
- لقاء احتفالي أم تصفية للحسابات ؟
- الاستشارة الإلكترونية؟
- 14 جانفي وأشكال توظيف التواريخ
- أن تكون نصف مواطن/ة
- واقع الحقوق والحريات بعد 25 جويلية
- هل تحوّل موقع المؤسسة العسكرية؟
- «صمت الدولة يقتل النساء»
- الأحزاب المعارضة وأزمة إثبات الوجود
- رئيسة الحكومة من «صمت القصور» إلى «كسر حاجز الصمت»


المزيد.....




- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...
- غزة تشيع نضال وكندة.. رضيعان قتلهما الحصار الإسرائيلي
- رئيس وزراء إسرائيل يتحدث عن فرص جديدة لتوسيع -اتفاقات السلام ...
- مصدر إسرائيلي: دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو جزء من تحرك لإ ...
- هل يثير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران زخما لوقف ح ...
- أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طالت ا ...
- مصادر إسرائيلية تتحدث عن قتال صعب وإجلاء جنود جرحى بخان يونس ...
- هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟ ...
- تزايد اختطاف الأطفال على يد جماعات مسلحة بموزمبيق


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - ما وراء خطاب الحماية