أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - كريم كطافة - يمين.. يسار.. يمين وأيمن منه..!















المزيد.....

يمين.. يسار.. يمين وأيمن منه..!


كريم كطافة

الحوار المتمدن-العدد: 7215 - 2022 / 4 / 11 - 19:45
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


هناك حكمة لا أدري أين عثرت عليها، تقول؛ خصمك يشكّلك كما أنت تشكّل خصمك. فهمت منها أنك حين تكون قوياً ستدفع خصمك ليدخل إلى ساحتك ويحاول تقمص مصادر قوتك.. والعكس صحيح.
لدي مثالان أحدهما (أوربي) والآخر (عراقي) لمفاعيل هذه الفكرة.
منذ بداية خمسينات القرن المنصرم إلى حد قبل عقدين من السنين، كان التنافس في أوربا، بين يمين ويسار، على اختلاف تدرجات ألوانهم. وكان اليسار في ذلك التنافس هو الأقوى والأوسع قاعدة اجتماعية. ونتجت عن ذلك التنافس مكاسب كبيرة لصالح بعض شعوب هذه القارة. حصلوا على ما سمي بـ(دولة الرفاه)، نظم للرعاية الاجتماعية متطورة، رعاية وخدمات صحية متطورة وشبه مجانية، تعويضات معقولة للبطالة، يوم عمل من 8 ساعات والكثير على صعيد الرفاه الاجتماعي والبحبوحة الاقتصادية. كل تلك المكاسب كانت في صلب مطالبات وبرامج النقابات العمالية والأحزاب اليسارية الشيوعية والاشتراكية الأوربية. تحقق معظمها في ظل قيادة الأحزاب الاشتراكية الموصوفة بـ(اليسار). والملفت حتى في الفترات التي فاز بها اليمين وشكلوا حكومات، لم يجرؤوا على الهجوم على تلك المكاسب والقوانين التي شُرعت في عهد اليسار. لم يزل الخصم متربص وقادر على قلب الطاولة عليهم.
الآن، وبعد التراجع الشامل الذي ألمَّ بعموم اليسار الأوربي، وفي العالم، ومنذ عقدين من السنين، يبدو أن اليسار على وشك الخروج من المنافسة. بات الصراع والتنافس يدور بين يمين وأيمن منه. بين يمين معتدل وآخر متطرف.. يمين وسط وآخر شعبوي.. وظهرت نتائج هذا التطور سريعاً على حياة الأوربيين.. هجوم منظم ومتدرج على كل تلك المكاسب التي حصلوا في البحبوحة اليسارية. بدءاً من أنظمة الرعاية الاجتماعية التي قفزت في الزمن اليساري بالمستفيدين منها إلى بضعة نقاط فوق مستوى خط الفقر، آخذة الآن بالهبوط إلى نقاط تحت مستوى هذا الخط اللعين .. تجميد الأجور (عملياً) مقابل ارتفاع مستدام للأسعار، حتى لم تعد فوارق كبيرة بين العامل والعاطل عن العمل.. انتهت عملياً عقود العمل الدائمة لصالح عقود مؤقتة تتحكم بها مكاتب سمسرة ووساطة تكاد تكون مجردة من أية التزامات كانت تضمنها قوانين العمل للعامل والموظف.. ارتفاع حاد في أقساط التأمين الصحي الشهرية التي يدفعها المواطن، يقابله تقليل في مساهمات أرباب العمل في هذا التأمين، حتى باتت الكثير من الأدوية الآن غير مغطاة، على المريض أن يشتريها.. ارتفاع مستمر في أجور المساكن المؤجرة من الشركات الكبرى ، يقابله تراجع قيمة الدعم الضريبي للمؤجر.. الوضع المعاشي للمواطن الأوربي الآن من الصعوبة بحيث انتشرت ظاهرة ما يسمى بـ(بنوك الغذاء) الخاصة بالفقراء، وهذه وصفة تشبه وصفة الحصة التموينية في البلدان التي عانت من الحروب.. هذا غير أن المواطن الأوربي في طريقه لنسيان العادة القديمة؛ ان يسافر سنوياً إلى إحدى المنتجعات أو الشواطئ السياحية لقضاء العطلة الصيفية.. أصبح هذا التقليد ترفاً يمكن الاستغناء عنه أو ممارسته كل بضعة سنين. حدث هذا في هولندا وفي الدانمارك والسويد وفرنسا. والملفت أن اليسار نفسه قد تغير وأصبح قريباً من اليمين، وفي مواقف ومحطات معينة صار أكثر يمينية من اليمين.
أما المثال العراقي؛ فبعد وصول البعث إلى السلطة بانقلابه الثاني، يبدو أنه حلل ميزان القوى في الساحة فوجد أن خصمه الأخطر لن يكون سوى الشيوعيون، لقاعدتهم الشعبية الواسعة ونفوذهم الواضح في أوساط المثقفين والإعلاميين. وعلى أي حال كان هناك تأريخ دموي بين الحزبين. ولأن البعث جاء بشعار (جئنا لنبقى)، فما عليه سوى تبريد ساحة المنافسة. ماذا يريد الشيوعيون؟ علاقات مع الاتحاد السوفيتي..؟ ها هي معاهد ة الصداقة والتعاون الاستراتيجية.. تأميم النفط؟ حصل التأميل. لتبدأ العلاقة الجديدة تسير بحدين، الحد الأول مفاوضات لعقد تحالف والحد الثاني عمليات اغتيال منتقاة بدقة لكوادر وقياديين شيوعيين يقابلها إطلاق سراح سجناء شيوعيين. وحصل التحالف، مفاوضات تحت سطوة السلاح..! لكن، الذي حدث بعد التحالف أن البعث تقمص كل ما كان يخص خصمه. كل ما كان الشيوعيون يناضلون لتحقيقه.. أممت الثروة النفطية، سن قانون عمل متطور جداً لصالح العمال، إصلاح زراعي ونظام ري متطور، أخذت الصناعة تنمو وتتطور بما فيها الصناعات الثقيلة، تأمين صحي راق ومجاني، تعليم إلزامي مجاني، محو الأمية، تعليم عال متطور، ضمان من البطالة والعوز، وفرة نقدية ورفاه نسبي لحياة المواطنين. لأول مرة يصل البلد تقريباً إلى الاكتفاء الذاتي في كثير من مفردات العيش. كانت فترة ذهبية ذاق فيها العراقيون لأول مرة ما كان حكراً على الأغنياء من مباهج الحياة. وظهر فيها البلد قوة إقليمية يُحسب لها الحساب. كل تلك المكاسب كانت بالأساس في لب برامج الشيوعيين ونضالاتهم الطويلة بدءاً من تأسيس حزبهم في ثلاثينات القرن الماضي. كان على راس وزارة الري وزير شيوعي (مكرم الطالباني) وعلى راس المجلس الزراعي الأعلى مدير شيوعي بدرجة وزير (كاظم حبيب) وفي معظم الوزارات كان هناك مدراء ووكلاء وزارة شيوعيون، حتى صحافة البعث كان فيها الكثير من الكوادر الشيوعية بين محرر وفني.
لكن، هذه البحبوحة لم تستمر بعد أن صعد إلى قيادة البعث (صدام حسين)، الشخص الذي كان يمتلك رؤية ومشروعاً خاصاً به، وهو الذي كان المحاور والمبادر لفكرة التحالف مع الشيوعيين في بداية السبعينات. ظهر أن كل ما حصل لم يكن غير مناورة سياسية ذكية ضمن مشروعه؛ تحييد الخصم الأقوى لضرب الخصوم الأقل قوة، الحركة القومية الكردية والحركات الإسلامية ومن ثم تصفية الخصوم من داخل حزبه؛ ليختصر من الآن شعار (البعث جاء ليبقى) إلى (صدام جاء ليبقى)..! استفاد من انكشاف الشيوعيين خلال سنين الجبهة في عملهم شبه العلني. ليشن حملة أمنية مخابراتية شاملة لإبادة الشيوعيين وإخراجهم من المعادلة تماماً. وهؤلاء لم يكونوا متهيئين لهذه الردة والواضح أنهم حتى لم يفكروا ملياً بنوايا خصمهم- حليفهم ويحسبوا له الحسابات. أُخذوا غدراً ودفعوا ثمناً باهضاً من الأرواح ومن الوجود داخل البلد.
لكن، ماذا كانت النتائج على صعيد المكاسب التي حصل عليها العراقيون..؟ كل شيء قد أخذ بالتراجع والتلاشي. ليس أقل من إلغاء الطبقة العاملة بجرة قلم وتحويلهم إلى موظفين على ملاك الدولة. تدهور الزراعة والصناعة وصولاً إلى التورط بسلسلة حروب، لم تبق ولم تذر. تآكلت معظم تلك المكاسب، حتى وصل حال العراقيين خلال سنين الحصار إلى شعب جائع مهتوك الكرامة وخاضع لعصابة من الذئاب مستعدين ليحرقوا البلد كله لو ضمنوا بقاءهم على سدة الحكم.
انتهى الفلم بتسليم البلد إلى الاحتلال الأمريكي، بل إلى عديد من الاحتلالات. الآن لم يُحسب للعراق حساباً في أي محفل إلا بوصفه تابعاً لهذه الدولة أو تلك.



#كريم_كطافة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سجينة طهران
- اسم (الله) المئة في روايتين..!!
- ما قبل الصفر الإستعماري
- قراءة ليست أدبية لرواية (حفلة التيس)
- زيف الأحزاب القومية.. البارزاني نموذجاً
- التحكم في سوق الأديان.. والاستهلاك الديني
- أيها المثقفون ما هي حلولكم..!!؟
- قصة قرية كوجو.. وقصة الجد البعيد
- شعواط يتصاعد من مطبخ الإقليم
- فؤاد يلدا... الجرح الناتئ في روحي
- ماذا يريد الأنصار..؟
- ما يخفيه النص
- بيت اللعنات...!!!
- بين كلابنا وكلابهم دماء تنزف..!!
- الحزب الشيوعي العراقي وسؤال الهوية الوطنية
- من يرسم خرائط حديدان..؟
- التاريخ المنسي في فلم (سنوات الجمر والرماد)
- النقاط الثلاث الساحرات في الانتخابات الهولندية
- التجمع العربي ومشروع صديقي الكوردي
- طائفة الغراب الأبيض..!!


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - كريم كطافة - يمين.. يسار.. يمين وأيمن منه..!