أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم كطافة - من يرسم خرائط حديدان..؟














المزيد.....

من يرسم خرائط حديدان..؟


كريم كطافة

الحوار المتمدن-العدد: 3997 - 2013 / 2 / 8 - 16:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شخصياً، كرهت كما كره غيري وهم كثر مصطلح (المكونات) الشائع استخدامه هذه الأيام. أجده مصطلحاً عفناً تزكم عفونته أنوف العراقيين. وهو إلى ذلك نتاج ذهنية غبية. لكن رغم غباءه الواضح نرى سياسيي الصدفة هذه الأيام يعلكون به كما تعلك عاهرة علكة لا تدري شيئاً عن محتواها. يردده بعضهم بخجل ظاهر وبنية مبيتة وبعضهم يردده بفرح وكأنه يهدد خصومه. مباراة تجري فصولها على جسد خارطة البلد بين مكون سني ومكون شيعي ومكون كوردي ولكل مكون واجهات سياسية وشركات تلفزيونية داعمة ودول راعية ترعى الواجهات وتسهر عليها كما تسهر شركات الإعلان على برامجها الترويجية. بسبب كل هذا القبح البيّن اخترت توصيفاً آخر للكارثة قلت (خرائط فرعية).
هذه الخرائط الفرعية كنت أجهلها كما كنت وما زلت أجهل أموراً كثيرة. ربما لعدم اهتمامي أو حاجتي لتلك المعرفة، لم تكن تعنيني كثيراً أو قليلاً معرفة أصل وفصل الذي يلاعبني في أزقة وساحات الطفولة، ليكن ما يكون. الذي كان يعنيني وقتها أكثر من معرفة أصله وفصله هو صداقته التي فضلتها على صداقة غيره. ولما كبرت كبر معي الجهل وتلك اللاإبالية بالتدقيق في أصل وفصل أصدقائي على يد الشيوعيين هذه المرة. وهؤلاء (الشيوعيون) فصيلة من البشر لا تعرف لهم لوناً عرقياً أو قومياً أو طائفيا، يداهمك الواحد منهم بحضوره الشخصي الفاعل والمؤثر إلى حد عدم الحاجة إلى أسئلة زائدة حول الأصل والفصل. ثم تكتشف لاحقاً والاكتشاف سيكون متأخراً، بعد استشهاد أو موت الصديق، أو بعد عشرين سنة صداقة، أن ذلك الرفيق والصديق كان كوردياً أو مسيحياً أو تركمانياً أو صابئيا أو سنيا أو شيعياً.. حينها لن تكون للمعرفة الجديدة أية قيمة أو معنى خاص. لذلك كله لم يكن غريباً جهلي بشؤون وشجون الخرائط الفرعية.
تظهر على الواجهة هذه الأيام وبشكل قبيح أربعة خرائط داخل الخارطة الأم، أكبرها الخارطة الشيعية الممتدة بشكل طولي متصل من الفاو جنوباً إلى تخوم الخارطة الكوردية شمالاً ومن أقصى الشرق إلى عمق الخارطة السنية غرباً، خارطة بانحناءات ونتوءات وتعرجات ستشكل منها أغرب لوحة سريالية في عالم الخرائط. الخارطة الثانية التي تأتي بعدها مباشرة من حيث الحجم وأقل منها سريالية من حيث الالتواءات والتعرجات والنتوءات هي الخارطة الكوردية، الممتدة من آخر قمة كوردية لا تطالب بها تركيا شرعاً من الشمال إلى داخل صرة بغداد جنوباً ومن أقصى الشمال الشرقي إلى أقصى الشمال الغربي. وبمناسبة ذكر (بغداد) وللعلم دون غيره؛ أن عدد نفوس هذه المدينة من الكورد بألوانهم المختلفة هو أكبر من عددهم في أي مدينة كوردية، بمعنى أن بغداد هي أكبر مدينة كوردية، كما هي أكبر مدينة شيعية، كما هي أكبر مدينة سنية وهذه مأساة بغداد. الخارطة الثالثة هي الخارطة السنّية التي أرادوا تثليثها، لكنها تأبى على التثليث.. وهذه تمتد من أقصى الغرب حيث الرمال الممتدة مع تمدد السراب العربي إلى أقصى الشرق من الخارطة الأم، ومن جنوب الخارطة الكوردية شمالاً حتى دواخل بغداد جنوباً، مع وجود تمددات داخل الجسد الشيعي المجاور لها جنوباً.. بمعنى أنها تشق جسد الخارطة الأم عرضياً. ثم أخيراً ولعله ليس آخراً، تأتي الخارطة التركمانية وهذه سيكون حظها في التوحد يشبه حض الدولة الفلسطينية الحديثة، لأنها مكونة من كتلتين متباعدتين لا تواصل أرضي بينهما إحداهما غرب الموصل والثانية في كركوك ونواحيها. أذكر ما قاله مرةً أحد صحفيي اليمين الإسرائيلي (وهذا استدراك قد يبدو خارج الموضوع، لكني أصر على صلته بالموضوع) قال ذلك الصحفي: يا فلسطينين، يا عرب، يا أمريكا، يا إسرائيل، يا عالم.. يا هووو.. كل من يقول لكم ستكون هناك دولة فلسطينية قولوا له: أنك كاذب!! والسبب يا سادة بسيط ويأتي من خارج كوني إسرائيلي أو يميني، السبب هو الواقع الجغرافي.. انظروا بأعينكم وأحكموا هل توجد دولة في العالم تتوزع أشلائها بالأقساط داخل دولة أخرى.. هل توجد دولة تحيطها دولة أخرى بشكل دائري.. وهل توجد أخيراً دولة مكونة من كتل متباعدة تربط بينها جسور معلقة. لهذا أقول: مساكين التركمان ستكون دولتهم مستحيلة هذه المرة استحالة حل القضية الفلسطينية وفق وصفة (حل الدولتين).
سوف لن تخلو كل خارطة من هذه الخرائط الفرعية الكبيرة من تشكلات خريطية أخرى، ستكون فرعية كذلك إنما داخل الفرعية الأولى، مثلاً داخل الخارطة الكوردية هناك ثلاثة خرائط معروفة لحد الآن السورانية والبادينية والأيزيدية.. تفصل هذه التشكلات حدود كانت حتى الأمس القريب سبباً لحرب طاحنة طحنت الجسد الكوردي. وداخل الخارطة السنية ثمة جزر شيعية وتركمانية وكوردية.. مثلما ضمن الخارطة الشيعية كذلك ثمة جزر سنية وكوردية ومسيحية وصابئية. هذه النتوءات أو الجزر يمكن وصفها بـ(مخلب القط العائد للجيران). لكن يبقى الأكثر سريالية في رسم هذه الخرائط هي خارطة الصابئة المندائيين، وجدت شكلها يشبه تمدد النهرين وهذا متأت من خاصية تعلق هؤلاء القوم بالأنهر تعلقاً عجيباً وكأنه سيقضى عليهم تماماً فيما لو فارقوا تلك الضفاف التي غارت في طينها عروق أسلافهم الأباعد. وهناك خارطة أكثر عجباً وتعجيزاً حتى من خارطة الدولة الفلسطينية الحديثة، أنها خارطة المسيحيين من الكلدان والآشوريين والأرمن، هذه الخارطة وعن حق يمكن وصفها بـ(شذر مذر) موزعة في داخل كل الخرائط الفرعية، لا تخلو خارطة فرعية من جزرة مسيحية. لا أقول بحق هؤلاء القوم غير الله يعينهم على بلواهم لأن شياطين الأرض وملائكتها سيعجزون عن توحيد مزق هذه الخارطة.
أخيراً، سيكون للجميع مشاكل حدودية مع جيرانهم القدامى – الجدد وسيكون تقديس الحدود أكثر من تقديس حياة البشر. وستكون لكل خارطة فرعية دولة مجاورة أو غير مجاورة ترعاها، وبسب من خلافات الدول الخارجية فيما بينها سيشتد الطلب على مخالب القط داخل الخرائط الفرعية. سنجد في جسد كل خارطة فرعية مخلب صغير أو كبير لذلك القط العائد للجيران. وستزدهر في الخرائط الجديدة أناشيد صد المؤامرات الخارجية الدنيئة وسينتعش سوق متعهدي المسيرات الجماهيرية المليونية و(بالروح بالدم نفديك يا حديدان).



#كريم_كطافة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التاريخ المنسي في فلم (سنوات الجمر والرماد)
- النقاط الثلاث الساحرات في الانتخابات الهولندية
- التجمع العربي ومشروع صديقي الكوردي
- طائفة الغراب الأبيض..!!
- دعاء البدل.. صلاة البدل
- اليسار.. فقدان الحاضنة الاجتماعية..!!
- إحصاء المنصور...!!
- شؤون وشجون شباك الدائرة..!!
- كراديس جيش المهدي..!!!
- أطفال البعث.. يا لهم من أطفال..!!
- المواطن يسأل .. ورجل الدين يجيب..!!
- سقوط شماعة الباطون السلفي..!!
- هل من يبحث عن عوائل مه راني
- أنا شخص لا يحلم.. لكني حلمت..!!
- روايتي بين المطير والنمري..!!
- دين الشيطان أخيراً...!!
- بورصة الشرف والانتخابات..!!
- شهادة رجل خرج من الموت تواً..!!
- مركز وأطراف
- وسائل الاحتجاج والنصر المؤزر..!!


المزيد.....




- الناشط الفلسطيني محسن مهداوي يوجه رسالة قوية لترامب وإدارته ...
- -تيم لاب- في أبوظبي.. افتتاح تجربة حسيّة تتجاوز حدود الواقع ...
- كأنها تجسّد روح إلهة قديمة.. مصور كندي يسلط الضوء على -حارسة ...
- المرصد السوري يعلن مقتل 15 مسلحا درزيا الأربعاء في -كمين- عل ...
- الأردن.. دفاع المتهمين بـ-خلية الصواريخ- يعلق لـCNN على الأح ...
- ثلاثة قتلى جراء غارة إسرائيلية على سيارة في جنوب لبنان (صور) ...
- خشية ملاحقتهم دوليا.. إسرائيل تكرم 120 جنديا دون كشف هوياتهم ...
- ماذا تخبرنا الفيديوهات من صحنايا وجرمانا في سوريا عما يحدث؟ ...
- وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر ناهز 116 عاماً
- حاكم خيرسون الروسية: 7 قتلى وأكثر من 20 جريحا بهجوم مسيرات أ ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم كطافة - من يرسم خرائط حديدان..؟