أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم كطافة - اسم (الله) المئة في روايتين..!!















المزيد.....

اسم (الله) المئة في روايتين..!!


كريم كطافة

الحوار المتمدن-العدد: 5407 - 2017 / 1 / 20 - 19:18
المحور: الادب والفن
    


الاسم المئة في رواية (رحلة بالداسار) للبناني أمين معلوف الصادرة سنة 2000 والمترجمة عن اللغة الفرنسية، هو كل الرواية المكونة من أكثر من 400 صفحة. يخوض (بالداسار) تاجر الكتب والتحفيات الجنوي (جنوى الإيطالية) من القرن السابع عشر، رحلة طويلة تبدأ من مدينة (جبلة) الللبنانية. تدوم الرحلة لأكثر من سنة ونصف وهو يتسقط أخبار كتاب كان بيده في (جبلة) قبل أن يفلته لمصلحة قنصل فرنسا والذي دفع به (كنزاً) من المال. عنوان الكتاب (الاسم المئة) لفقيه مسلم لعله فارسي اسمه (الزندراني) ومكتوب باللغة العربية. لم أعثر في المراجع على شيء يخص هذا الفقيه، لعله من اختراع الكاتب. زمن الأحداث هو 1666. السنة التي توافقت عليها روايات يهودية ومسيحة أنها سنة نهاية العالم وظهور المسيح الدجال الذي سيهيء ظهور المسيح المخلص. كان العالم المسيحي في ذلك الوقت رازحاً تحت سلطتين إحداهما أسوأ من الثانية، قسماً منه رازح تحت السيطرة العثمانية والقسم الآخر مشظى بين ثلاث عقائد دينية مسيحية هي البابوية (الكاثوليكية)، البروتستانتية، الأرثوذكسية الشرقية. كلٌّ منها تزعم أنها الدين الحق والآخر هو الباطل الكامل. والصراع والتكفير على أشده بينهم. وكما بات معروفاً؛ أن الإنغلاق الديني بل وكل انغلاق فكري- عقائدي سيجعل المؤمن به ليس في حرب مع معتنقي العقيدة الأخرى، بل حتى مع كل من لا يشاطره الرأي من داخل معتقده. والأرضية الصالحة لهكذا حروب، كانت وما زالت؛ الجهل والأمية والفقر والقمع والاستبداد السلطوي دنيوياً كان أم دينياً. ومن المنطقي في هكذا أحوال أن تنتعش الرؤى الخلاصية في المجتمعات، خصوصاً وأن لكل عقيدة دينية رواية خلاصية عن نهاية الظلم والاستبداد والعذاب الدنيوي بظهور مخلّص (منتظر) من داخل الدين ينشر العدل والرحمة والسعادة لجمهور المؤمنين.
هنا تكون رحلة بالداسار أشبه برحالة أو صحفي جوال يسجل مشاهداته في المدن والبلدات التي يمر بها. يمر بجماعات شتى كلها منشقة من عقائدها الأصلية، يبدأها بجماعة سرية صغيرة في حلب منشقة عن الدين الإسلامي الرسمي، لها طقوسها الغريبة في العبادة.. كما يصادف ظهور رجل شبه مجنون متحول من العقيدة اليهودية التي كان عليها إلى العقيدة المسيحية.. يزعم أنه المسيح المنتدب من الإله (الأب). يشق طائفته إلى نصفين؛ من آمن به ومن اعتبره مجدفاً وخارجاً عن الملة. يرفض كل ما هو سائد في عقيدته اليهودية بما فيها الصلوات وطقوس التعبد الأخرى، بما فيها الأناشيد الدينية (المزامير)، إذ يستبدلها بأغنية إسبانية رومانسية عن الحب والعشق. يقوم بجولات يومية تشبه التظاهرات يتقدم أتباعه مرددين خلفه تلك الأغنية وهم يجوبون شوارع المدينة وسط ضحك وتهكم الحراس الإنكشاريين الذي تصلهم تعليمات من (الباب العالي) أن لا يتحرشوا به. رغم أن هذا الداعية لم يخف أن هدفه هو إسقاط تاج السلطنة العثمانية وكل التيجان في العالم. ليكون هو الملك الأوحد.
وكان التاجر بالداسار كلما يمر بمحنة جديدة من محن الطريق، يداورها بعقله المتشكك إن كانت هي إشارة على طريق لم يكن طريقه بل أُختير له من قبل إرادة غامضة لعله (الله)، أم هي مجرد مصادفة.. إنما ومع كثرة المصادفات يزداد فضوله للعثور على كتاب (الاسم المئة)، على الأقل لمعرفة أهميته في ظل الفوضى التي يعيشها العالم.. حتى يلتقي بأمير فارسي على ظهر المركب المتجه إلى لندن. إذ يقع على أهمية وفائدة ذلك (الأسم المئة).. يطلعه الفارسي على أحجية تأويلية تنتمي للتراث الإسلامي حول ورود آية في القرآن لثلاث مرات في أماكن مختلفة بذات الصياغة (سبح باسم ربك الأعظم). منهم من قال أن (الأعظم) تعود إلى الأسم وبالتالي ثمة اسم لـ(الله) غير معروف وعلى المؤمن البحث عنه. وهذا الرأي اصطدم بمنطق الجماعة الأخرى القائل أن الأسماء للاشخاص والأشياء والله ليس شيئاً ولا شخصاً بالتالي لا يحتاج إلى اسم و(الله) في الأصل هو (الإله) وليس اسماً وكل الاسماء الـ(99) هي صفات.. إذن (الإعظم) وفق منطق هذه الجماعة عائد إلى الرب.. لكن هؤلاء كذلك تورطوا بتأويل مضاد من قبل خصومهم، فحواه لغوي، الرب الأعظم تعني أن هناك أرباب عظام آخرين لكنه أعظمهم.. وهذا شرك بوحدانيته.. حتى دخل الشيخ الزندراني بتأويل يخالف الاثنين؛ أن خلافكم التأويلي هو مقصود من قبل الإله نفسه، لسبب كذلك منطقي؛ أن الله لا يمكن أن يجعل كلامه غامضاً هكذا إلا لغاية.. وهذه الغاية ستكون هي موضوع كتابي القادم (الأسم المئة). لكن الشيخ كتب كتابه وجعله سراً مكيناً مدوخاً، لم يقطع أحد أن كان الشيخ كتبه أم لا.. لتظهر لاحقاً نسخاً مزيفة عنوانها (الأسم المئة) ولا أحد يعرف ايها هو كتاب الزندراني. ينهي الأمير الفارسي شهادته؛ أن (الأسم المئة) هو كتاب خلاصي من ينجح بفك شيفراته والوصول إلى الأسم الأعظم سيكون قد حصل على نجاته وخلاصه من شرور العالمين الدنيوي والآخروي..!! لكن بالداسار المسيحي المتشكك دوماً بالعقائد لم تعنه هذه الفوضى التأويلية بقدر ما كان يعنيه ما هو الدافع الذي جعل راهب مسيحي ارثوذكسي (أركيحاي) يقطع ربع مساحة العالم قادماً من أقاصي روسيا إلى (جبلة) بحثاً عن الكتاب الذي كتبه فقيه مسلم.. وما الذي دفع عجوز يهودي متدين أن يرسل إبنه الشاب (ميمون) إلى القسطنطينية برحلة تستغرق أربعين يوماً لمجرد البحث والحصول على هذا الكتاب.. وما الرابط بين هذا الهوس وبين ما يجري أمام عينيه من تداول أتباع العقائد المختلفة والمتخاصمة على أن العالم سينتهي بطوفان من النار هذا العام 1666..
هذه الأسئلة التي قادت رحلة التاجر الجنوي من جبلة قاطعاً نصف العالم القديم لن يجد لها القارئ أجوبة شافية في الرواية. لأن التاجر وحتى بعد حصوله على الكتاب في حانة منزوية في مدينة لندن، الواقع شعبها بين ملك متهم بالانحراف الديني لزواجه من أميرة (كاثوليكية – بابوية) وشعب بروتستانتي متعصب.. أقول حتى بعد حصوله على الكتاب فأنه لم يفلح بقراءته، لأن الكتاب وفق أحاجي ذلك الزمن الغابر كان محروساً بتعويذة أو تميمة من نوعٍ ما تجعل النور ظلاماً ما أن يبدأ القارئ في القراءة.. هذه النتيجة لعلها هي رسالة الرواية أن الخلاص والحلول أيها القارئ هي خارج هذا النوع من الكتب.. هي في الحياة نفسها.. هناك ستجدها فيما لو بحثت عنها..
بهذه النتيجة استدعيت من أرشيف ذاكرتي رواية قرأتها منذ زمن بعيد حتى أني نسيت عنوانها لكني اتذكر مؤلفها على الأقل هو الكاتب الأردني الذي توفى منذ بضعة سنين (سالم النحاس).. في تلك الرواية كان (الأسم المئة) ليس هو موضوع الرواية، بل موضوع حوار بين سجّان وسجين في سجن صحراوي أردني. سأورده هنا بتصرف وليس حرفياً. كما قلت قراءتي للرواية قديمة وهي غير متوفرة تحت يدي الان. السجّان يشعر بالضجر ويكتشف ربما لأول مرة في حياته أنه هو الآخر سجين في تلك القلعة الصحراوية.. لا فرق بينه وبين السجناء.. هو في هذه الغرفة وهم في تلك الغرف.. لذا ولتزجية الليل الطويل، يرسل بطلب أحد السجناء. لم يجد شيئاً واضحاً في ملفه الموضوع على الطاولة باستثناء تقولات تقول أنه (زنديق). يعرف أن الزندقة هي شتيمة أكثر منها تهمة.. لا أحد يريد أن يكون زنديقاً. يطلب شاياً للسجين ويجلسه أمامه باحترام. يعطيه سيكاره. ويواصل النظر إليه وهو يدخن بحرقة المدخن المحروم من التدخين. يسأله هذا السؤال البريء: أنت تبين إنسان محترم.. لماذا يقولون عنك زنديق..؟
يجيبه هذا بتورية استغلقت على السجان:
- هذا، لأني اكتشفت الأسم الناقص من أسماء الله..!!
نطت عيون السجان للمفاجأة. كان السجين هو الآخر يشعر بالضجر والحاجة للتدخين وربما للمناكفة، لذا حاول إطالة الحديث. سأل السجان إن كان يعرف أسماء الله الحسنى كلها. وهذا الأمر لم يستعص على السجّان، إذ كانت الأسماء موضوعة في لوحة مذهبة في غرفته خلف رأس السجين. وبعد أن انتهى من العد ووصل للأسم الأخير الـ(99). قال بفرح:
- وأيش هو الأسم الناقص..؟
هنا قال السجين وبعد أن أرتوى من التدخين وشرب الشاي:
- ألا ترى معي أن هذه الأسماء هي كلها صفات للإنسان، لكنها فقط غير مكتملة ومتواجدة في شخص واحد.. الإنسان ممكن أن يكون رحيم لكنه غير قادر أن يكون رحيم وجبار في نفس الوقت.. ممكن أن يكون مقتدر لكنه لن يكون حكيماً في ذات الوقت.. وهكذا.. هذه الصفات لا يمكنها أن تجتمع كلها في إنسان واحد. لذا أحالها الدين إلى الله. كرر السجان سؤاله بنفاذ صبر هذه المرة:
- وأيش هو الأسم الناقص؟
أجابه السجين:
- الإنسان.
لا أتذكر نتيجة هذه الحوارية في الرواية لعله نادى على الشرطي الواقف عند الباب:
- يا مسرور تعال خذ هذا الزنديق وأرجيه العذاب اللي يستحقه..!!!!!!!!!!!



#كريم_كطافة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما قبل الصفر الإستعماري
- قراءة ليست أدبية لرواية (حفلة التيس)
- زيف الأحزاب القومية.. البارزاني نموذجاً
- التحكم في سوق الأديان.. والاستهلاك الديني
- أيها المثقفون ما هي حلولكم..!!؟
- قصة قرية كوجو.. وقصة الجد البعيد
- شعواط يتصاعد من مطبخ الإقليم
- فؤاد يلدا... الجرح الناتئ في روحي
- ماذا يريد الأنصار..؟
- ما يخفيه النص
- بيت اللعنات...!!!
- بين كلابنا وكلابهم دماء تنزف..!!
- الحزب الشيوعي العراقي وسؤال الهوية الوطنية
- من يرسم خرائط حديدان..؟
- التاريخ المنسي في فلم (سنوات الجمر والرماد)
- النقاط الثلاث الساحرات في الانتخابات الهولندية
- التجمع العربي ومشروع صديقي الكوردي
- طائفة الغراب الأبيض..!!
- دعاء البدل.. صلاة البدل
- اليسار.. فقدان الحاضنة الاجتماعية..!!


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم كطافة - اسم (الله) المئة في روايتين..!!