أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مصطفى العبد الله الكفري - أبو نصر الفارابي من العلماء الألمعيين الذي يعدون فخراً للإنسانية















المزيد.....



أبو نصر الفارابي من العلماء الألمعيين الذي يعدون فخراً للإنسانية


مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق


الحوار المتمدن-العدد: 7170 - 2022 / 2 / 22 - 11:07
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


Table of Contents
نشأة الفارابي وبداياته: 2
الفارابي المعلّم الثاني ( الأستاذ الثاني )، بعد الفيلسوف اليوناني أرسطو المعلّم الأول: 3
الحرية العلمية مقيدة بقيود لا يمكن تجاهلها: 4
الفارابي المعارض والموسيقي: 5
إيمان الفارابي بوحدة الحقيقة: 6
نظرية الفارابي في الوجود: 6
فلسفة الفارابي السياسية والأخلاقية: 7
العلاقة بين الفيلسوف والنبي: 7
الوجود بالفعل والوجود بالقوة : 8
مؤلفات أبو نصر الفارابي: 9
رأي العلماء والمفكرين بالفارابي: 12
وفاة الفارابي: 12


الملخص
ولد أبو نصر الفارابي في واسج - مقاطعة فاراب بتركستان، لأب يروى أنه كان قائداً عسكرياً للسامانيين. بدأ حياته العلمية في بغداد على يد معلم مسيحي هو يوحنا بن حيلان، ارتحل بعدها إلى حلب، بعد ان قام بدراسة الموسيقى والرياضيات والفلسفة والعلوم. واستقر هناك منذ عام 941 م، في مجالس سيف الدولة الحمداني في حلب، من حلب انطلق بسفرات عدة، قاده بعضها الى القاهرة. فأنجز العديد من المؤلفات أهمها: كتاب (احصاء العلوم) وكتاب (السياسة المدنية) و(منطق أرسطوطاليس) و(كتاب الحروف) و(فصوص الحكم) وكتاب (الموسيقى الكبير) وكتاب (آراء أهل المدينة الفاضلة).
قال عنه هنري كوربان ان (نظريته في المدينة الفاضلة تحمل سمة يونانية باستلهامها الأفلاطوني، لكنها تتجاوب مع التطلعات الفلسفية والصوفية لفيلسوف اسلامي)، أما وفاته فكانت في دمشق ودفن فيها عام 950 م. عن عمر يناهز الثمانين عاماً.


أبو نصر الفارابي
من العلماء الألمعيين الذي يعدون فخراً للإنسانية
الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
أبو نصر محمد بن محمد بن أوزلغ بن طرخان الفارابي، من العلماء الألمعيين الذي يعدون فخراً للإنسانية بما قدموه للبشرية من علوم شاملة في مجالات عديدة مثل الفلك والرياضيات والفلسفة والمنطق والموسيقا، لقد كان لأبي نصر الفارابي إنجازات هامة في القضايا الفلسفية كافة، مدنية ودينية وفكرية بحتة، وإنجازات في العلوم والموسيقا والمنطق وغير ذلك من العلوم. لا تتسع هذه الدراسة للحديث عن سيرة حياته بشكل تفصيلي إنما سنحاول الحديث عن أبرز مراحل حياته.
يعد الفارابي أحد أركان الفلسفة، ومن أعلام الفكر الإنساني ورجالات الإصلاح الاجتماعي. اجتهد في شرح كتب أرسطو وإقليدس وبطليموس والإسكندر الأفروديسي، وردّ على جالينوس فيما تأوّله من كلام أرسطو، وعلى الرازي في "العلم الإلهي"، وعلى ابن الراوندي في "أدب الجدل". وقد حاول أن يوفق بين رأيي أرسطو وأفلاطون، وأبقراط وأفلاطون، وأرسطو وجالينوس. ارتبط اسم الفارابي بثلاثة أمور رئيسة: نظرية الفيض، ومحاولة الجمع بين رأيي الفيلسوفين (الحكيمين) أفلاطون وأرسطو، وتصوره للمدينة الفاضلة.
من أقواله المأثورة في الحكماء: ينبغي لمن أراد الشروع في درس الفلسفة أن يكون شاباً صحيح المزاج، متأدّباً بآداب الأخيار، عفيفاً متحرّجاً صدوقاً، معرضاً عن الفسق والفجور، والغدر والخيانة، والمكر والخديعة؛ وأن يكون خلي البال عن مصالح معاشه، غير مخل بأدب من آداب السنّة، معظماً للعلم والعلماء، ليس عنده لشيء قدر إلاّ للعلم وأهله. وعليه ألاّ يتخذ علمه حرفة ومكسباً. ومن كان خلاف ذلك فهو حكيم زور، لا ينبغي أن يُعدّ في جملة الحكماء.
عاصر الفارابي أكبر علماء الكلام بين المسلمين منهم أبو الحسن الأشعري وأبو منصور الماتريدي والطحاوي، وكانت نشأة الأول في العراق والثاني في سمرقند والثالث بمصر، ومعنى ذلك أن الاشتغال بالبحث المنطقي قد عم في أوائل القرن الثالث الهجري، من معتزلة ومتكلمين وفلاسفة وفقهاء، بين جميع الأقطار والأقوام. وربما كان الفارابي والمتكلمون قد تابعوا المعتزلة في تقسيم الموجودات إلى ضرورية وممكنة لأنهم قالوا به قبله وقبل الأشعرية.
كان الفارابي يؤثر العزلة والوحدة ليخلو إلى التأمل والتفكير، وكان يقضي معظم أوقاته خلال إقامته بمدينة دمشق، في البساتين بين الأشجار وعلى شواطئ الأنهار، فلا يكون إلا عند مشتبك رياض، حيث يؤلف بحوثه ويقصد إليه تلاميذه ومساعدوه، كما ورد في كتاب ابن خلكان (وفيات الأعيان).
الفارابي قنوع، زاهد، متدين، لا يهمه من أمر الدنيا سوى طلب العلم والتعليم. ذات يوم أراد سيف الدولة أن يجري عليه راتباً يكفيه السعي في سبيل العيش ليكرمه في شيخوخته، فأبى أن يأخذ أكثر من أربعة دراهم في اليوم؛ قال إنها تكفيه الغذاء والكساء.
الفارابي
نشأة الفارابي وبداياته:
(رجل في الخمسين من عمره‏،‏ عندما اقترب من أبواب المدينة كان منهكا‏،‏ ورث الثياب‏،‏ فقد قطع سيرا على الأقدام مسافة طويلة اجتاز خلالها مسالك صعبة وطرقا وعرة حتى بلغ بغداد‏...‏ وكان قد رحل إليها من بلدة اسمها فاراب في تركستان‏.‏ ولم تكن هيئة الرجل أبو نصر الفارابي ولا ملامحه، تنم عن أنه تاجر يسعي وراء الرزق، فقد بدا زاهدا ومتقشفا، وتبين أنه كان يسعي وراء العلم والمعرفة. ولعله لم يكن يفطن إلي أن بغداد التي حل بها عام 310 هجرية، كانت في الطور الثاني من أطوار الخلافة العباسية، وهو طور عصيب تبدلت فيه أوضاعها، واضطربت أحوالها، وعمت الفتن التي نجمت عن وهن الخلفاء، مما عرضهم للاغتيال في حمي مؤامرات الصراع علي السلطة).
أبو نصر الفارابي فيلسوف اُشتهر بإتقان ودراسة وتفصيل الكثير من العلوم الحكمية والرياضية وتفوق في الطب والفلسفة. ولد في وسيج، وهي بلدة من فاراب، من بلاد ما وراء النهر، في اقليم تركستان عام 874 ميلادي واستمد لقبه منها وتوفي في دمشق عام 950 ميلادية. عمل أبوه في قيادة الجيش في مدينة بغداد العراقية ثم رحل إلى سوريا وتجول في البلدان المجاورة فأقام في بلاط سيف الدولة الحمداني فترة من الزمن وأتاح له ذلك الحصول على بيئة مناسبة لتلقي مختلف العلوم والانصراف إلى التعلم وتزويد العقل بالفهم والقراءة. ثم استقر به المقام في سورية من جديد وفي مدينة دمشق تحديداً وبقي فيها حتى الوفاة. وضع الكثير من المصنفات، ويعد كتابه "إحصاء العلوم" أول موسوعة علمية، وكتابه "آراء أهل المدينة الفاضلة" من أوائل كتب الإصلاح الإداري والاجتماعي في عصره. حيث قام بشرح علوم المنطق وألف بها كتب كثيرة.
درس الفارابي اللغة التركية وأتقن لغات أخرى كالفارسية واليونانية إضافة إلى اللغة العربية بطريقة ممتازة. كان الفارابي يفضل العزلة ويتأمل ويتفكر ويقضي الكثير من وقته على ضفاف الشواطئ والأنهار والأماكن الطبيعية. تأثر به ابن سينا وابن رشد، ولقبَ الفارابي بالمعلم الثاني بعد أرسطو الذي لقب (المعلم الأول).
(خرج أبو نصر في مرحلة ما من حياته قاصداً العراق للاستزادة في التدريس، فدرس الطب في مدينة حران والفلسفة، وتراجم اللغة اليونانية، وكذلك الموسيقى والرياضيات، وساهمت كل تلك العلوم على بروز نجمه وشهرته، وكان الفارابي مولعا بالسفر والتجوال حول العالم فكان يطلب العلم ويلقيه.
بسبب انشغاله بالعلوم لم يتزوج ولم يكن له أولاد، وعاش حياة التقشف والزهد، وعلى الرغم من قربه من بلاط السلاطين إلا أنه كان قنوعا في المال وغنيا بالعلوم، ويقال أنه كان يسهر مستضيئً بقنديل الحارس للمطالعة).
الفارابي المعلّم الثاني (الأستاذ الثاني)، بعد الفيلسوف اليوناني أرسطو المعلّم الأول:
كان أبو نصر الفارابي موسيقاراً متميزاً، اخترع آلة القانون ويعد أهم من كتب في نظرية الموسيقى في العالم الإسلامي؛ كما كان فيلسوفاً متميزاً لدرجة عُدَّ المعلّم الثاني بعد الفيلسوف اليوناني أرسطو.
(قال ظهير الدين البيهقي في كتابه "تاريخ حكماء الإسلام": الحكماء أربعة: اثنان قبل الإسلام، هما أرسطو وأبقراط؛ واثنان في الإسلام هما أبو نصر، وأبو علي، يعني ابن سينا. وعندما ينسب أي من رجالات العصور الوسطى إلى الفلسفة، كأن يُعدّ فيلسوفاً، فذلك يعني أنه، أيضاً، عالم متضلّع بالعلوم الكونية، ومتضلع فوق ذلك بكتب أفلاطون وأرسطو وأتباعهما. لقد كانت الفلسفة يومئذ، كالرياضيات في أيامنا هذه، أم العلوم وصفوتها، منها تستمد العلوم الكونية قوتها ومنطقها، وعليها تستند).
درس الفارابي علوم الدين والموسيقى في نجارى. ثم رحل إلى مرو وتعرّف هناك على قِسِّ سرياني اسمه يوحنا ابن حيلان وهو العالم بالمنطق والفلسفة؛ فدرس في حضرته المنطق، وكان تلميذاً متميزاً. ثم ارتحلا معاً إلى بغداد، فانصرف ابن حيلان إلى واجباته الكنسية، ولازمه الفارابي ودرس الفلسفة. وكانت بغداد عندئذ أم الدنيا وحاضرة الثقافة والحضارة والعلم. والظن أن يوحنا ابن حيلان لم يكن يتقن اللغة العربية، وأنه كان يعلّم تلميذه الفارابي باليونانية أو السريانية أو بلغة أخرى. (أما الفارابي فتعلّم العربية في بغداد على ابن السراج. كان الفارابي يعلّمه المنطق والموسيقى ويتعلم عليه اللغة والأدب. ولقد أتقن العربية حتى صار أسلوبه نموذجاً يحتذى في الكتابة الفلسفية، ويوصف بالسهل الممتنع. وله نثر فني بديع، وشعر رقيق محبّب).
زار أبو نصر الفارابي حران مع معلمه ابن حيلان، (ثم مضى إلى القسطنطينية فقضى فيها ثماني سنوات يدرّس الفلسفة والعلوم الإغريقية في مصادرها. ثم رجع إلى بغداد فيما بين (297ـ307) فقضى فيها عشرين عاماً يكتب ويعلّم، حتى أربى ما كتبه على مئتي كتاب، بقي منها كثير، لكن ما طبع ونشر منها قليل. ومهما يكن من أمر فلقد تمتع الفارابي، في حياته وبعد مماته، بسمعة طيبة، وكان لكتبه أثر عظيم، وقد نقل بعضها إلى العبرية واللاتينية. يكفيه أن قد تتلمذ على كتبه ابن سينا وابن رشد وابن ميمون، وإخوان الصفا. لقد ظلت كتبه تدرّس طوال العصور الوسطى. أما من تتلمذوا عليه مباشرة فتعرف منهم القسّ أبا زكريا، يحيى بن عديّ المنطقي، وكان على رأس مدرسة فلسفية في بغداد، وأخاه إبراهيم بن عديّ، وقد رافق الفارابي حتى وفاته).
رحل الفارابي عن بغداد باتجاه دمشق، وهو شيخ في السبعين من عمره، لا طلباً لعلم وإنما إيثاراً للسلامة، بسبب الفتنة التي قامت في بغداد فتنة جعلت الخليفة نفسه يهرب ويحتمي في الموصل عند أمير من بني حمدان. وكان الإخشيديون يومها، وعلى رأسهم كافور، يحكمون سورية ومصر. (وهم في الأصل ضباط من فرغانة، جيران لموطن الفارابي). فرأى الفارابي أن يقيم في دمشق. ولكن ما لبث أن استقر، حتى قام صِدام بين الإخشيديين والحمدانيين، فاتجه الفارابي إلى مصر. وبعد أن احتلّ سيف الدولة حلب ودمشق، أخذ يحيط نفسه بالعلماء ورجال الفكر. فعاد الفارابي إلى دمشق. ولكنه ما لبث أن توفي في رجب سنة 339 هجرية فصلّى عليه سيف الدولة في رجال من حاشيته، ودفنوه في ظاهر دمشق خارج الباب الصغير.
الحرية العلمية مقيدة بقيود لا يمكن تجاهلها:
كان هدف الفارابي شرح أفكار أرسطو شرحاً وافياً وبيان الترابط بينها، ثم بيان ما بينها وبين أقوال النقّاد من اتفاق أو اختلاف، مع دراسة الاختلاف وبيان ما هو منه حق وما هو عن سوء فهم. إلاّ أن المرء يشعر أن انفتاح الفارابي في شرحه يحدّ من شعوره بأن الحرية العلمية في عصره مقيدة بقيود لا يمكن تجاهلها.
يعول الفارابي في السياسة على فلسفة أفلاطون، كما تبدو في الجمهورية وفي القوانين. أما في النظرية السياسية فهو يحاول أن يوفق بين رأي أفلاطون ورأي أرسطو، مع الحفاظ على الخصائص المميزة لكل منهما، وهذا يجعل قارئه يشعر أن الاختلاف بينهما هو من طبيعة العلم وينصب على أمور مستعصية فيه.
الفارابي المعارض والموسيقي:
وضع الفارابي عدة كتب في غير حقل الفلسفة. فقد شرح كتاب "الأصول" لإقليدس في الرياضيات، و"كتاب المجسطي" لبطليموس في الفلك. غير أن كتبه الرياضية استعراضية، تقليدية، لا تجديد فيها يذكر. وكتب، أيضاً، في العلوم الطبيعية، وهو في هذا الميدان يقف موقف المعارض. فقد عارض تفسيرات جالينوس عن آراء أرسطو في تقسيم الحيوانات؛ وعارض آراء فيليبونس في نقده لأرسطو عن أبدية الكون وأزليته، وحركته. وعارض الرازي في آرائه عن المادة والذرّات والزمان والمكان.
الحقل الثاني بعد الفلسفة عند الفارابي كانت الموسيقى. فقد وضع فيها عدة كتب أهمها "كتاب الموسيقى الكبير"، وضعه استجابة لطلب الوزير أبي جعفر الكرخي. ولعلّه أعظم كتاب عربي في الموسيقى. (فيه كتب عن تاريخ الموسيقى، وعن النظرية الموسيقية، وآلات الطرب. وقد نشر كتاب الموسيقى الكبير، ولكنه نادر. وبيه يتبين أن الفارابي قد ألمّ بكل ما لدى الإغريق عن نظرية الموسيقى، ويتبين، أيضاً، أنه بحق موسيقار مبدع بارع. وقد أعطى الفارابي معظم ملامح الموسيقى في عصره، ووضع مئات المصطلحات العلمية والموسيقية. وإذا كانت هذه المصطلحات قد انزوت من حياتنا الآن، فليس ذلك لأنها لم تعد ذات أهمية، ولكن لأن الموسيقى نفسها لم يعد لها قيمة تذكر في حياتنا الثقافية، بل هي في حياتنا الاجتماعية لا تعدو كونها أداة حزن أو فرح ولهو).
وبحث الفارابي بحثاً شيّقاً في النغمة والدرجة والفترة، وأتبع ذلك بعرض مفصّل للأصوات الموسيقية والنغم. ثم انتقل إلى الجانب العملي فبحث في آلات الطرب، ومنها القانون، والعود والطنبور الخراساني والطنبور البغدادي.
رسم من كتاب "الموسيقى الكبير" لـ آلة موسيقية تُدعى "شهرود".
إيمان الفارابي بوحدة الحقيقة:
كان الفارابي يعتقد أن الحقيقة الطبيعية الفلسفية واحدة وليس هناك حقيقتان في موضوع واحد بل هناك حقيقة واحدة وهي التي كشف عنها أفلاطون وأرسطو، ويرى أن كل الفلسفات التي تقدم منظومة معرفية ينبغي أن تحذو حذو أفلاطون وأرسطو. ولكن بين أفلاطون وأرسطو تناقض أساسي وكان الفارابي يعتقد أن فلسفة أفلاطون هي عين فلسفة أرسطو، ووضع كتاب (الجمع بين رأيي الحكيمين أفلاطون وأرسطو). كلاهما يبحثان في الوجود من جهة علله الأولى، وعند أفلاطون الوجود والعلل الأولى هي (المثل) وأرسطو (العلل الأربعة) ولكن الفارابي كان يعتقد في كتابه أنه لا فرق وحاول أن يوفق بين الفيلسوفين وقدم مجموعة من الأدلة ليقول إن هؤلاء كشفا الحقيقة وكل من جاء بعدهما يجب أن يحذو حذوهما.
نظرية الفارابي في الوجود:
نظريته في الوجود، وهنا تبدو النظرية التي تسمى بالصدور والفيض وهي أبرز ما يميز الفارابي فهو يميز بين نوعين من الموجودات:
1 - الموجود الممكن الوجود،
2 - الموجود الواجب الوجود.
(هنالك موجودات ممكنة الوجود كثيرة، لكن موجود واحد واجب الوجود.
الموجود الممكن الوجود: الموجود الذي متى فُرِض موجودا أو غير موجود لم يعرض منه محال. يعني وجوده أو عدم وجوده ليس هناك ما يمنع ذلك. لكن إذا وجدت لابد لها من علة وكل الموجودات التي تحقق وجودها حوادث.
الموجود الواجب الوجود: الموجود الذي متى فرضناه غير موجود عرض منه (الهاء تعود على الفرض) محال. يعني لا يمكن إلا أن يكون موجودا وهو في المصطلح الديني (الله) فنحن لا يمكن أن نقول الله ليس موجود؛ لأنه لا يمكن لنا أن نقول بعد أن قلنا الله ليس موجود كيف وجد العالم. (مؤيس الأيسات عن ليس) تعني موجود الموجودات من العدم (أليس أي أوجد).
س/ لا نستطيع أن نفهم كيف وجدت الموجودات الممكنة عن واجب الوجود؟ وكان جواب الكندي هو (مؤيس.....) أما الفارابي يقول أن واجب الوجود طبيعته عقل محض واحد من كل الجهات جوهر عقل محض يعقل ذاته وموضوع تعقله هو ذاته، خلافا لنا نعقل ذاتنا ونعقل أيضا الموجودات الطبيعية ولكن واجب الوجود عند الفارابي يعقل ذاته فقط ويقول الفارابي أنه من تعقله لذاته يفيض عنه عقل أول، يكفي أن يعقل واجب الوجود ذاته حتى يصدر عنه عقل أول أي فعل التعقل فعل مبدع يصدر على سبيل الضرورة لا الإرادة والقصد. يصدر عقل من تعقله لما فوقه يصدر عقل آخر ومن تعقله لذاته يصدر فل.. الخ العقل الأخير هو العقل الفعال والفلك الخاص به فلك القمر).
فلسفة الفارابي السياسية والأخلاقية:
وضع الفارابي في كتابه "آراء أهل المدينة الفاضلة" دستوراً للمدينة الفاضلة يضم مؤسسات وقواعد ومسالك تستهدف تطوير المعرفة الإنسانية، أو على الأقل إزالة العراقيل من طريقها. ويتضح لمن يقرأ الكتاب أنه فريد من نوعه في الفكر العربي القديم، يجمع تلك الأمور الثلاثة في حزمة واحدة. تعرّض الفارابي لأعنف درجات الهجوم من بعض المتكلمين الإسلاميين، وعلى رأسهم الإمام أبو حامد الغزالي (في كتابه تهافت الفلاسفة) الذي بدّعه وكفره في معظم مسائله، وتحديداً بسبب الكثير من الأفكار والطروحات التي جاءت في (آراء أهل المدينة الفاضلة). رغم تحامل الغزالي على الفلسفة والفارابي، لا يزال الكتاب حياً حتى اليوم، وعلى الأقل في جانبه السياسي - المدني، إذ يعد، في تاريخ الفكر، واحداً من تلك الكتب التي كان همّها ان تبحث للإنسان عن محيط فاضل يعيش منه وفيه.
المدينة الفاضلة في نظر الفارابي هي المدينة أو المجتمع الذي تتحقق فيه السعادة للأفراد على أكمل وجه ، وذلك كجمهورية أفلاطون تطغى عليها مبادئ العدالة والحق ويعيش فيها الأفراد على نحو من التكامل والوفاق ،علماً بأن السعادة التي ينالها الأفراد في المدينة الفاضلة لا يمكن أن تتحقق وتكون شاخصة إلا إذا تعاون الأفراد واحدهم مع الآخر ، واختص كل واحد منهم بالعمل الذي يحسنه وبالوظيفة المهيأ لها وفق طبيعته البيولوجية أو الوراثية ، والمدينة الفاضلة تشبه البدن الصحيح الذي تتعاون أعضاؤه كلها على تكامل الحياة وعلى حفظها وحمايتها واستمراريتها .
يقول الفارابي أن القصد في المدينة الفاضلة الإبانة عن الجماعة التي تسود فيها السعادة والمدينة الفاضلة هي التي يطلب جميع أهلها السعادة والمدن المضادة يطلب فيها أهلها أشياء مضادة. السعادة عند الفارابي مرتبطة بتصوره للتركيبة الإنسانية والنفس الإنسانية والسعادة تكون عندما تسيطر النفس العاقلة (وفضيلتها الحكمة) على النفس الغضبية (وفضيلتها الشجاعة) والنفس الشهوانية (وفضيلتها العفة) فيصل الإنسان للسعادة. المدينة الجاهلة: عكس المدينة الفاضلة، يطلب أهلها السعادة الآتية من النفس الغضبية والشهوانية. المدينة الفاسقة: هي التي عرف أهلها المبادئ الصحيحة وتخيلوا السعادة على حقيقتها ولكن أفعالهم مناقضة لذلك.
سار الفارابي في بنائه لـلمدينة الفاضلة على خطى أفلاطون الذي كان بنى عالماً مشابهاً في بعض أقوى فصول كتابه «الجمهورية». ومع هذا ثمة الكثير من أفكار أرسطو السياسية متواجد في (آراء أهل المدينة الفاضلة) للفارابي، ويمكننا القول أن الفارابي في هذا الكتاب، سعى الى التوفيق بين فيلسوفي العصر الاغريقي الكبيرين، توفيقاً، لم يكن على أية حال، موفقاً، الا في النتيجة النهائية التي أدى اليها: (توليفة المدينة التي رسمها أبو نصر، والتي استلهم منها المفكرون ودرسوها وما زالوا يدرسونها. ورب قائل: المؤسف، طبعاً، هو انها لم تستلهم ممن كان يجب ان يعنيهم الأمر، أكثر: الحكام. فمدينة أبي نصر الفاضلة، ظلت خيالية حتى يومنا هذا، ما يجعلها، على رغم واقعيتها، تصطف الى جانب مدن توماس مور وكامبانيلا وبيكون وغيرهم).
شبه الفارابي المدينة الفاضلة بالجسم الكامل التام، الذي تتعاون أعضاؤه لتحقيق الحياة والمحافظة عليه، وبما أن أجزاء الجسم الواحد مرتّب بعضها لبعض، وتخضع لرئيس واحد، هو القلب، كذلك يجب أن تكون الحال في المدينة. لأن القلب هو أول ما يتكوّن في الجسم، ومن ثم تتكوّن بقية الأعضاء فيديرها القلب، كذلك رئيس المدينة.
حدد الفارابي التفصيل خصال المؤهل للرئاسة، لأنه لا يتصور مدينة فاضلة لا يحمل رئيسها صفات تقرّبه كثيراً من صورة الفيلسوف الذي به ينيط أفلاطون تسلم الحكم في الجمهورية. والفارابي يلفت الى انه إذا (لم يوجد انسان واحد اجتمعت فيه هذه الصفات، ووجد اثنان، أحدهما حكيم والثاني فيه باقي الصفات، كانا هما رئيسين في هذه المدينة). الرئيس انسان تحققت فيه الإنسانية على أكملها. فكيف يبدو للفارابي هذا «الرئيس» المستعار أصلاً من أفلاطون؟ يرى الفارابي أن الرئاسة تكون بشيئين: الأول - أن يكون رئيساً بالفطرة والطبع معداً لها، والثاني - بالهيئة والملكة الإرادية، حيث (أن الرئيس الأول في جنس لا يمكن ان يرأسه شيء من ذلك الجنس)، و (أن ذلك الإنسان يكون إنساناً قد استكمل فصار عقلاً ومعقولاً بالفعل). وحدد الفارابي خصال عدة فطر عليها الرئيس أهمها: أن يكون تام الأعضاء، جيد الفهم والتصور، جيد الحفظ لما يفهمه ولما يراه ويسمعه، جيد الفطنة ذكياً، حسن العبارة يؤاتيه لسانه على إبانة كل ما يضمره، وأن يكون محباً للتعليم والاستفادة، غير شره على المأكول والمشروب والمنكوح، أن يكون محباً للصدق وأهله، كبير النفس محباً للكرامة، أن يكون الدرهم والدينار وسائر أعراض الدنيا هينة عنده، محباً للعدل وأهله، أن يكون قوي العزيمة على الشيء الذي يرى أنه ينبغي أن يفعل.
المدينة الفاضلة عند الفارابي ليست خيالية ولا تنتمي أبداً الى عالم الخيال، انها مدينة ممكنة، وتنطلق من الفكرة البسيطة التي أخذها الفارابي عن أفلاطون، ويفصّل الفارابي رأيه بالمدينة الفاضلة، عبر تعريفه لمضاداتها، كالمدينة الجاهلة (التي لم يعرف أهلها السعادة)، و المدينة الفاسقة (وهي التي تعلم كل ما يعلمه أهل المدينة الفاضلة، ولكن تكون أفعالها أفعال أهل المدن الجاهلة)، و المدينة المتبدلة (وهي التي تكون آراؤها في القديم آراء أهل المدينة الفاضلة وأفعالها، غير انها تبدلت)، وأخيرا المدينة الضالة (وهي التي تظن السعادة، ولكنها غير هذه).
وضع الفارابي كتابه آراء أهل المدينة الفاضلة، أثناء إقامته في دمشق، وراجعه خلال زيارته لمصر عام 337 هجرية. لكن الكتاب وانتشر بشكل واسع بعد طباعته في عام 1895 ميلادية، وصدرت إحدى طبعاته المصرية في عام 1906، والجدير ذكره أن الكتاب قد ترجم إلى اللغة اللاتينية، ويعزى للفارابي وابن رشد وابن سينا الفضل في تعريف أوروبا إبان عصر النهضة بالتراث الفلسفي اليوناني.
الفارابي كما يظهر على عملة جمهورية كازاخستان.
العلاقة بين الفيلسوف والنبي:
(التمييز الذي قام به الفارابي بين النبي من ناحية والفيلسوف من ناحية: المعرفة تكون بتجريد المعاني الكلية من المحسوسات، النبي والفيلسوف كلاهما يتلقى حقائق وينقلها للآخرين. يقول الفارابي أن معرفة الحقائق القصوى كلها مصدرها الله لكن فرق بين حقائق النبي وحقائق الفيلسوف فالفيلسوف يتلقى الحقائق بواسطة العقل الفعال فتكون طبيعتها عقليه وليس حسية، الرسول تأتيه المعارف منزلة من عند الله بتوسط الملك جبريل ويتلقى الوحي بالمخيلة ثم يتم تحويل الصور المتخيلة إلى صور ومعاني تنقل للناس. المعارف النبوية هي معارف المخيلة أساس فيها).
الوجود بالفعل والوجود بالقوة:
يعد الفارابي أول الفلاسفة المسلمين الذين تتلمذ لهم ابن سينا نوعًا من التلمذة، فقرأ له وانتفع بما قرأ في فهم مضامين الفلسفة اليونانية. وكان المعلم الثاني الفارابي "المعلم الأول أرسطو" ( معلمًا كاملًا له في معضلات الفلسفة الإلهية بجملتها؛ لأنه أضاف مسائل الحكمة الدينية إلى مسائل الحكمة المنطقية، وأدخل مسألة التوفيق بين العقل والوحي في حسابه، وقد كانت من المسائل الحديثة في الإسلام، فلم يبل فيها أحد بلاء الفارابي ولا جاوز أحد فيها مداه الذي انتهى إليه وإن اتبعه في هذا المجال كثيرون … ومن توفيقاته أنه سمى العقل الفعال بالروح الأمين، وسمى العقول بالملائكة، وسمى الأفلاك التي فيها العقول بالملأ الأعلى، وقال إن صفات الله الأزلية هي المثل الأولى).
كان مذهب الفارابي جامعًا بين مذهب أرسطو عن الحركة ومذهب أفلوطين عن الصدور ومذهب أفلاطون عن «المثل» الأبدية ومذهب الرواقيين في النفس العاقلة وانبثاثها في الأجسام … فمنذ الأزل وجدت الأشياء في علم الله وهذا هو علة وجودها، والله جل وعلا يعقل «فالعقل الأول» صادر عنه فائض من وجوده، وهذا العقل الأول هو الذي يحرك الفلك الأكبر وتأتي بعده عقول الأفلاك المتوالية إلى العقل العاشر الذي يعقد الصلة بين الموجودات العلوية والموجودات السفلية.
فالوجود إذن ثلاث مراتب: أولاها الوجود الإلهي، وثانيتها وجود هذه العقول المتدرجة، وثالثتها وجود العقل الفعال. ومن هنا نفهم كيف تعددت الكثرة عن الواحد الذي لا يتعدد، وكيف جاءت الصلة بين المعاني المجردة والمحسوسات. ثم تصدر النفس من العقل الفعال فهي بالمرتبة الرابعة، وتأتي «الصورة» وهي أقل من النفس وأشرف من المادة فهي بالمرتبة الخامسة، وتتلوها جميعًا المادة في العالم الأسفل فهي أخس الموجودات، ولولا قبولها للصورة لكانت معدومة بالفعل. النفس الإنسانية فالنفوس الجزئية من فيض العقل الفعال، وهي جواهر تتلبس بالأجسام، ومن هذه الجواهر النفسية ما يتلبس بالأجرام السماوية وتحسب من الملائكة، ومنها ما يتلبس بجسم الإنسان.
(وعلى هذا يكون الخلق في رأي المعلم الثاني هو الإخراج من الإمكان إلى الفعل، ويكون الوجود بالفعل مصاحبًا للزمان. أما الوجود بالقوة فهو في علم الله الذي لا زمان ولا مكان؛ لأن الله أبدي لا أول له ولا آخر، وإنما يقترن الزمان بالموجودات والمتحركات. وهذا ولا ريب اجتهاد من المعلم الثاني في تفسير كلام المعلم الأول، ولكنه استحسن هذا الاجتهاد لأنه قرأ كتاب «الثاؤلوجيا» أو الربوبية كما سماه وظنه من تواليف أرسطو … وهو على ما تقدم من آراء أفلوطين وتفسير ملك الصوري وإسكندر الأفروديسي. ولهذا استطرد الفارابي بعد الكلام السابق قائلًا: ومن نظر في أقاويله في الربوبية في الكتاب المعروف بأثولوجيا لم يشتبه عليه أمره في إثباته الصانع المبدع لهذا العالم. فإن الأمر في تلك الأقاويل أظهر من أن يخفى، وهناك تبين أن الهيولى أبدعها الباري جل ثناؤه لا عن شيء وأنها تجسمت عن الباري سبحانه ثم ترتبت) .
• مؤلفات أبو نصر الفارابي: نشر أبو نصر الفارابي عدداً كبيراً من الكتب والأبحاث أغنت المكتبة الإنسانية منها:
• رسالة في إثبات المفارقات: تحدّث الفارابي في هذا الكتاب عن مراتب المفارقات الأربعة وهي: الموجود الّذي ليس لوجوده سبب. العقول الفعّالة. النّفوس السّماويّة. النّفوس الإنسانيّة.
• كتاب تعليقات الحكمة: وضع الفارابي في هذا الكتاب تسعين تعليق، وتم ترجمة هذا الكتاب إلى اللغة التّركيّة.
• كتاب عيون المسائل: في هذا الكتاب يتحدّث الفارابي عن مباحث العلم الإلهي والمباحث الطّبيعيّة.
• الجمع بين رأيي الحكيمين أفلاطون وأرسطو: يوضح الكتاب مدى معرفة واطّلاع الفارابي على الكتب اليونانيّة الفلسفيّة والّتي كانت لها ترجمات عربيّة، وفيه أيضا يوفِّق الفارابي بين رأي كلٍّ من أفلاطون وأرسطو.
• فصوص الحكم: يعد الكتاب من الكتب الفلسفيّة الّتي تحدّث الفارابي فيها عن التّوحيد ويَستند فيه إلى الأدلّة المنطقيّة، على الرّغم من أنّه ينهج منهج المتصوفة.
• المسائل الفلسفيّة والأجوبة عنها: أوضح الفارابي في هذا الكتاب مجموعة من المسائل الّتي سُئل عنها وأجاب بشكل مختصر وكان عددها اثنتان وأربعون مسألة.
ما تميز به الفارابي بعد تميزه بالمنطق هو السياسة والأخلاق، وله العديد من المؤلفات في مجال الفلسفة والموسيقا والسياسة والمنطق ومن أشهر كتبه:
• كتاب الجوهر.
• صناعة علم الموسيقى.
• التوطئة في المنطق.
• الواحد والوحدة.
• كتاب الموسيقى الكبير
• آراء أهل المدينة الفاضلة
• الجمع بين رأي الحكيمين - حاول فيه التوفيق بين أفلاطون وأرسطو
• التوطئة في المنطق
• السياسة المدنية
• احصاء العلوم والتعريف بأغراضها
• جوامع السياسة
• فصوص الحكمة
• آراء المدينة الفاضلة. الذي يقول الفارابي عن المدينة الفاضلة في كتابة «آراء المدينة الفاضلة» أن (الرئيس) أو (الملك) له صفات:
1. تام الأعضاء
2. جودة الفهم والتصور
3. جودة الحفظ
4. جودة الذكاء والفطنة
5. حسن العبارة في تأدية معانيه
6. الاعتدال في المأكل والمشرب والمنكح
7. محبة الصدق وكراهية الكذب
8. كبر النفس ومحبة الكرامة (أي تقدير الذات)
9. الاستخفاف بأعراض الدنيا
10. محبة العدل بالطبع وكره الجور
11. قوة العزيمة والجسارة والإقدام
12. ويتوج هذه الصفات بالحكمة والتعقل التام
13. جودة الإقناع
14. جودة التخيل
15. القدرة على الجهاد ببدنه
تصنيف مؤلفات الفارابي
في الفلسفة
كتاب «الجمع بين رأي الحكيمين»
كتاب «الخرافة الكبير»
كتاب «الواحد والوحدة»
كتاب «الجوهر»
كتاب «الزمان»
كتاب «المكان»
كتاب «الخلاء»
كتاب «العقل والمعقول»
كتاب «التوطئة في المنطق»
كتاب «منطق الفارابي»
في الموسيقى
كتاب «صناعة علم الموسيقى»
كتاب «الموسيقى الكبير» في المنطق
كتاب «الأخلاق إلى نيقوماخوس»
كتاب «العلم الطبيعي»
كتاب «الآثار العلوية»
رسالة «النفس والعالم»
في السياسة والاجتماع
كتاب «آراء أهل المدينة الفاضلة»
كتاب «السياسات المدنية»
كتاب «جوامع السياسة» في العلوم
إحصاء العلوم والتعريف بأغراضها
في التصنيف
كتاب «المقولات» (قاطيغورياس)
كتاب «القول الشارح» (القضايا والتعريف)
كتاب «أنا لوطيقا الأولى والثانية» (تأليف القياس المنطقي)
كتاب «طوبيقا» (الجدل)
كتاب «سفسطيا» (السفسطة)
كتاب «ريطوريقا» (الخطابة)
كتاب «بوطيقا» (أي الشعر)
نظرية الفارابي في الإنسان:
يؤكد الفارابي: إنّ فطرة كلّ إنسان أن يكون مرتبطاً فيما ينبغي أن يسعى له كإنسان، أو ما يسعى له ناس غيره. وكلّ إنسان من الناس بهذه الحال، يحتاج الناس الآخرين، فيما له أن يبلغ هذا الكمال، كما يحتاج إلى مجاورة ناس آخرين، واجتماعه معهم هنا يظهر المجتمع والتعاون بين أفراده. والفطرة الطبيعية لهذا الحيوان (الإنسان) أن يأوي ويسكن مجاوراً لمن هو في نوعه؛ فلذلك يُسمّى الحيوان الإنسي، والحيوان المدني. فيحصل علم آخر، ونظر آخر، يفحص هذه المبادئ العقلية، وعن الأفعال والملكات التي بها يسعى الإنسان نحو الكمال، فيحصل من العلم الإنساني، والعلم المدني.
(نظرية الفارابي في الإنسان هي التي عرضها ليس في فلسفته السياسية فحسب؛ بل في فلسفته العملية، بشقيها السياسية والأخلاقية، وفي فلسفته النظرية (وأساساً، العلم الإلهي، والسيكولوجيا، والبيولوجيا)، فلسفة هي، في مجملها، حاصل التوفيق بين الفلسفة والدين، كما أنّ فلسفة الفارابي العملية قد تأسست على مبادئ ونتائج الفلسفة النظرية (الفيزياء والعلم الإلهي). من هذا الأساس استمدّت قيمتها وحدودها. وهي الفلسفة التي شيّدها من خلال عمل تركيبي إبداعي كان ينتصر فيه كلّ مرّة لحلٍّ أو منحى من النظر الذي يلائم قصده في الموضوع المحدد الذي ينظر فيه؛ لذلك لم يكن في مواقفه في الموضوع المحدّد، أو ذاك، تابعاً لأفلاطون، ولا لأرسطو، ولا لأفلوطين، تبعية مطلقة؛ بل كان قارئاً حذراً، ومؤولاً لآراء الفلاسفة، بحسب الحاجة، والغاية التي كان يرومها، فكان بفعله هذا في المتن أشبه بفعل الحائك أو النساج في النسيج))
(فإذا كان الإنسان يتحدّد من خلال مكوّنه الإلهي والمدني (المفارقة والمحايثة)، فإنّ العالم، أيضاً، مكوّن من أجسام سماوية، وغير سماوية، وأعلاها الإنسان بحمولته الجامعة بين ما هو فيزيائي –طبيعي وآخر روحي - إلهي، إلا أنه أسمى بقوّته الناطقة؛ أي سيكولوجيته. لذا، الإنسان حامل لتشكّلين أو بعدين؛ النقص والكمال. والأفق الفلسفي للفارابي ينتصر لفكرة التعقُّل طريقاً للكمال والاستكمال، ومسلكاً لتجاوز النقص. والغرض من ذلك الوصول إلى مرتبة العقل الفعال؛ حيث إمكانية تحقّق السعادة الكاملة: فهل إنسانية الإنسان مشروطة بحدٍّ معيّن؟ وهل هذا التحقُّق هو تماهٍ بالموجودات المفارقة من أجل البناء المستمر للقوّة الناطقة؟)
وتتمثّل أطروحة ليو شتراوس في كون فلسفة الفارابي في الإنسان مؤسّسة على الوحي في علاقته بفلسفة أفلاطون، والجمع بينهما، مجسّداً فلسفة سياسية موضوعها الإنسان. وهي، في عمقها، تعديل لفلسفة أفلاطون. كما أن لروزنتال أطروحة ترى أنّ فلسفة الفارابي في الإنسان تركيبٌ لفلسفات أفلاطون، وأرسطو، وأفلوطين، والملّة، وهي فلسفة مرتبطة بالميتافيزيقا والفيزياء.
الانتصار للقوّة الناطقة، في بناء الوجود الإنساني، يمنح مكانة وسلطة لهذا الوجود بيولوجياً وأنطولوجياً. ويتجسّد من خلال مرتبة الإنسان الجامعة ما بين الوجه الروحي والجسماني. بهذا البناء الفكري المؤسَّس على فعل التعقُّل، تتحقّق إنسانيّة الإنسان؛ فكيف يمكن أن ننتقل من الحديث عن الوجود الإنساني، كقضيّة ميتافيزيقيّة محدّدة فيما هو عقلي - صوري، إلى فعلٍ وجودي أكثر قوّة، ممثّل في إنسانية الإنسان؟ فهل هذا يضعنا أمام نزعة إنسانية تعطي العالم معنى ودلالة مشروطة بهذا الوجود الإنساني، وتجعل من هذا الأخير أصلاً ضامناً للعالم ووجوده؟
رأي العلماء والمفكرين بالفارابي:
عبقريّة الفارابي وقدرته على الاستمرار في تحصيل المعرفة والعلم، جعلته من أهم مفكري وفلاسفة عصره، وتحدث عن عبقريّته وعلمه وفلسفته العديد من المفكرين والفلاسفة في مؤلفاتهم وكتبهم، منهم: المستشرق الفرنسي ماسينيون، الّذي تحدّث عن الفارابي وذكر أنّه من أهم الفلاسفة المسلمين، وأَذكرهم للعلوم القديمة كما أنّه هو الفيلسوف لا سواه. والمستشرق روجر باركر، الذي اعتبر أنّ مؤلفات الفارابي مهدت الطريق لظهور ابن رشد وابن سينا وأنّها كانت النّور الّذي يضيء درب حُكماء الغرب والشّرق. والمفكر دي فو، الذي يؤكد أن للفارابي شخصيّةً غريبةً وقويّةً، وأنّه يَنجذب إليه أكثر من ابن سينا.
وفاة الفارابي:
أكد معظم المؤرخين أن الفارابي توفي بدمشق في شهر رجب سنة 339 هجري ، وقد صلى عليه في جنازته الملك سيف الدولة في أربعة عشر أو خمسة عشر من خواصه ، و دفن الفارابي بظاهر دمشق في مقبرة الباب الصغير، ويؤكد المؤرخون أنه قد توفي وفاة طبيعية.
الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
كلية الاقتصاد – جامعة دمشق
Email: [email protected]



#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تعمل منصات النفط الكبيرة للحفاظ على النظام لتحقيق الأربا ...
- الأزمات المالية في الاقتصاد الأميركي تاريخ الأزمات يعيد نفسه
- الحصاد الاقتصادي في سورية خلال العقد الأول من القرن الواحد و ...
- الأزمة المالية والاقتصادية العالمية أزمة ثقة نخرت نظام الائت ...
- هل فشل النظام الاقتصادي العالمي؟ أم ما زال يعمل بكفاءة؟
- الأمن الغذائي العربي
- (إلى أين يذهب العرب؟) كتاب يمثل رؤية ثلاثين مفكّراً عربيّاً ...
- الأزمة القادمة التي لا نعرفها، وباء الكورونا (الفيروس الاقتص ...
- النتائج المبهرة للاقتصاد الصيني
- ابن سينا الشيخ الرئيس ظاهرة فكرية عظيمة
- إستراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك
- التنمية المستدامة، تحسين ظروف معيشة جميع الناس
- برامج التصحيح وإعادة الهيكلة في الدول العربية
- تطور العلاقات الاقتصادية السورية الروسية
- الظاهرة القرآنية كتاب من تأليف مالك بن نبي
- م ع ك التقرير الاقتصادي الأسبوعي رقم 371/ 2022 M E A K -Week ...
- عرض لكتاب: إمبراطورية العار (سادة الحرب الاقتصادية – الإقطاع ...
- ‏مذكرة تفاهم ضمن إطار -مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير
- الحرب الكونية الظالمة عل سورية وخسائر الاقتصاد السوري
- تأثير الانتخابات الأمريكية على الاقتصاد والأسواق المالية


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مصطفى العبد الله الكفري - أبو نصر الفارابي من العلماء الألمعيين الذي يعدون فخراً للإنسانية