مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق
الحوار المتمدن-العدد: 7162 - 2022 / 2 / 14 - 12:06
المحور:
الادارة و الاقتصاد
يرى بعض المحللين والخبراء الاقتصاديين أن الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية في الولايات المتحدة، التي تنذر بالركود الاقتصادي، تذكر بملامح أزمات اقتصادية سابقة، مثل الركود الكبير في الولايات المتحدة خلال الثلاثينات من القرن الماضي، والانكماش الاقتصادي الذي حصل في اليابان خلال فترة التسعينات، والركود التضخمي العالمي في السبعينات. حيث نلاحظ أن الوضع الاقتصادي الحالي في الولايات المتحدة يتضمن ملامح وعناصر ظهرت بشكل واضح خلال تلك الأزمات لهذا يبدو الأمر مخيفاً إلى حد كبير.
(إن الأزمة الاقتصادية الحالية تتضمن أوجه شبه كثيرة مع فترة الانكماش الاقتصادي الطويلة التي شهدتها اليابان بعد الركود عام 1989. وما ساهم في حدوث وتفاقم الأزمة أن المصارف التقليدية استحدثت منتجات مالية اتسمت بتعقيد متزايد على أمل زيادة أرباحها، بدون أن تتمكن من ضبط المخاطر الناتجة عنها. يبدو أن ثمة مشكلة بنيوية في النظام المصرفي، مثلما كان الحال في اليابان آنذاك، وفرص تسوية هذه المشكلة بشكل سريع ضئيلة).
غير أن العديد من الاقتصاديين يرى في هذه الأزمة مؤشرات الركود التضخمي الذي حصل في السبعينات حيث اقترن ركود في النمو بتضخم ضاغط. وقد أكد الرئيس السابق للاحتياطي الفدرالي آلن غرينسبان أن الأزمة المالية الأميركية هي بدون شك الأخطر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويرى خبراء آخرون أن هناك أوجه شبه مذهلة مع حركة الذعر التي عمت المصارف عام 1907 وأثارت أزمة ساهمت في إنشاء الاحتياطي الفدرالي.
(أسرفنا في الإنفاق كما في العام 1929، وها نحن الآن أمام أزمة 1930. الأزمة المالية الحالية هي بصورة إجمالية نسخة حديثة عن موجة الذعر الذي اجتاحت مصارف البلاد قبل ثلاثة أجيال). وإذا لم يتم التوصل إلى حل فان السنوات المقبلة ستكون رديئة جدا. لن نشهد على الأرجح تجدد أزمة الركود الكبير ولكنها ستكون أسوأ أزمة في العقود الأخيرة.
مما تقدم يتضح أن أهم الأسباب الرئيسة للأزمة هي: وجود مشكلة بنيوية في النظام المصرفي. حيث استحدثت المصارف التقليدية منتجات مالية اتسمت بتعقيد متزايد على أمل زيادة أرباحها، دون أن تتمكن من ضبط المخاطر الناتجة عنها.
خرجت مبالغ مالية طائلة من النظام المصرفي التقليدي لتتوزع على (نظام مصرفي خفي) خارج عن سيطرة السلطات النقدية تقريباً، مثل القروض العقارية العالية المخاطر.
يشير العديد من الاقتصاديين إلى قواسم فريدة في الأزمة الحالية لا تذكر بأي وضع سابق. على سبيل المثال، يشير كايث همبر، إلى أن المصارف الأميركية مرغمة على تخفيض خسائرها على وجه السرعة، ما يحول دون بقاء القروض ذات المخاطر لفترة طويلة في دفاتر حساباتها. كما أن السلطات الأميركية سارعت إلى معالجة الوضع فطبقت خطة إنعاش بقيمة 168 مليار دولار فيما نشط الاحتياطي الفدرالي على جميع الأصعدة، على عكس ما حصل بعد أزمة 1929. وقال همبر: لا اعتقد أن الظروف الراهنة مطابقة لأي حقبة ماضية. ويقصد بذلك أن الأزمة تنذر بأمور أسوأ بكثير مما سبقها.
فهل يستطيع رئيس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي (البنك المركزي) بن برنانكي، والآمال معقودة عليه في الظروف الراهنة، أن ينجح في إخراج البلاد من الدوامة، حيث تترابط أزمة الثقة بالأزمة المالية فتغذيان بعضهما البعض. وهل يعيد التاريخ الاقتصادي للأزمات نفسه؟
جامعة دمشق – كلية الاقتصاد
#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟