أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى العبد الله الكفري - تطور العلاقات الاقتصادية السورية الروسية















المزيد.....


تطور العلاقات الاقتصادية السورية الروسية


مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق


الحوار المتمدن-العدد: 7152 - 2022 / 2 / 2 - 14:35
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


كان افتتاح القنصلية الروسية في دمشق أواخر القرن الثامن عشر بداية للعلاقات الرسمية بين روسيا وسورية. وقامت روسيا بعد مرور 100 سنة بفتح قنصلية لها في ميناء اللاذقية السوري.
ثم أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفييتي وسورية في عام 1944 بعد إعلان استقلال سورية. وأصرت موسكو بالرغم من اعتراض بريطانيا وغيرها من الدول الغربية، على إدراج هذه الدولة العربية في قائمة الدول المؤسسة لعصبة الأمم المتحدة (الأمم المتحدة حالياً) وقام الاتحاد السوفيتي بصفته عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي في عام 1946 بتأييد مطلب سورية بالاستقلال وسحب القوات البريطانية والفرنسية من أراضيها.
روسيا بعد انهيار الاتحاد سوفييتي:‏
كان الاتحاد السوفياتي من أولى الدول التي اعترفت باستقلال سورية وأقامت علاقات دبلوماسية معها في عام 1944. وتعززت العلاقات السورية السوفيتية لترتقي إلى مستوى التحالف الاستراتيجي في وصول الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى سدة الحكم في 1970 مع انطلاق الحركة التصحيحية في عام 1970. بعد أن تم طرد الخبراء السوفيات من مصر مما اضطر الكريملين للبحث عن بدائل في الشرق الأوسط ،آنذاك كان كل من العراق وسورية اللتان يحكمهما حزب البعث العربي الاشتراكي من أفضل البدائل فتطورت العلاقات الاقتصادية مع كل من سورية والعراق وتدفق السلاح إلى هاتين الدولتين، بالإضافة إلى الدعم العسكري الذي قدمه الاتحاد السوفييتي والدعم السياسي لسورية في الأمم المتحدة وكافة المحافل الدولية وساهم الاتحاد السوفياتي في تطوير البنية التحتية للاقتصاد السوري في القطاعات الاستراتيجية كالطاقة والتعدين والري واعتبرت الدولتان التعاون بينهما يحقق مصالحهما المشتركة.
ثمة خلافات حصلت بين الدولتين في بعض المجالات، هذه الخلافات كانت تتعلق بدرجة الدعم الذي يمكن أن يقدمه الاتحاد السوفياتي لسورية، لأن السوريين كانوا يطمحون إلى حجم أكبر من الدعم السوفياتي. وظل الاتحاد السوفيتي يقدم الدعم السياسي والعسكري لسورية في صراعها مع إسرائيل.
في عام 1963 اقيم مركز الدعم المادي التقني للاسطول البحري السوفييتي في ميناء طرطوس السوري. وكان الاتحاد السوفييتي يورد إلى سورية الأسلحة والسلع بكميات كبيرة مما أدى إلى تزايد المديونية الخارجية على سورية للاتحاد السوفييتي. وفي عام 2005 تم توقيع اتفاقية بين روسيا وسورية تقضي بشطب 73 % من الديون السورية وظل المبلغ المتبقي وقدره 2.11 مليار دولار يتم تسديدها لتنفيذ المشاريع الروسية في سورية وتصدير المنتجات السورية إلى روسيا. وتعد سورية نافذة روسيا على البحر الأبيض المتوسط.
في أعقاب انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي في (كانون الأول) 1991، لم يمض وقت طويل حتى استعادت روسيا الاتحادية عافيتها سياسياً واقتصادياً وبدأت محاولة إحلال التعددية القطبية محل هيمنة «القطب الأوحد» القطب الأميركي.‏
تبلور هذا الاتجاه بعد تولي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئاسة في 31 كانون الأول 1999وانتخابه رسميا في (آذار) 2000 ونجاحه في إعادة الاستقرار إلى الشيشان وإعادة الاعتبار لهيبة الدولة الروسية أفصحت روسيا عن المبادئ الرئيسة لسياستها الخارجية وعلاقاتها الاقتصادية، وجاء في مقدمتها إعطاء الأولوية لتطوير دور روسيا في عالم متعدد الأقطاب بحيث يتخلص النظام العالمي من هيمنة قوة عظمى واحدة، بالإضافة إلى البعد الآسيوي فيما يتعلق بمصالح روسيا الاقتصادية وتقوية الروابط مع الصين والهند، بعد توسع حلف الأطلسي ليصل إلى حدود روسيا مع دول الجوار القريب في أوروبا الشرقية، والتي كانت تشكل مع الاتحاد السوفييتي سابقاً حلف وارسو.‏
الرئيس بوتين: سقوط الاتحاد السوفييتي، أكبر كارثة جيو - استراتيجية‏:
(في الفترة الثانية من رئاسة فلاديمير بوتين، وخصوصاً خلال مؤتمر الأمن في ميونيخ عام 2007، كشف الرئيس الروسي أن روسيا غير راضية عن سياسة الولايات المتحدة الأميركية حيث أكّد آنذاك رفضه للقطبية الدولية الواحدة وللانفراد الأميركي بتقرير مصير العالم، ممّا اعتبر حينها نقطة تحوّل في سياسة موسكو ما بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، الذي عده بوتين أكبر «كارثة جيو - استراتيجية» خلال القرن العشرين. ومنذ ذلك التاريخ تنظر روسيا إلى السياسة الأميركية على أنّها مصدر خطر مباشر على العالم. لكن السياسة الروسية لم تكن بالضرورة عودةً إلى أجواء الحرب الباردة وإلى سباق التسلّح بين موسكو وواشنطن، بل من خلال السير بخطا ثابتة، ومبدئية قائمة على المساواة بين الشعوب واحترام المواثيق الدولية، بعكس واشنطن التي اتبعت اسلوب الغزو والاستعمار تحت ذرائع مختلفة كالارهاب وغيره).‏
‏عمق العلاقات بين سورية والاتحاد السوفييتي وروسيا:‏
عميقة جدا هي العلاقات التاريخية بين روسيا وسورية ومتعددة المستويات فهناك التعاون الاقتصادي والعسكري وتعود بدايات هذه العلاقة الى أن الاتحاد السوفييتي كان من أوائل الدول التي أعلنت اعترافها بسورية دولة مستقلة عام 1944 وأقامت علاقات دبلوماسية معها عقب استقلالها رسميا عام 1946، وأصرت موسكو - رغم مقاومة بريطانيا وغيرها من الدول الغربية - على إدراج سورية في قائمة الدول المؤسسة لهيئة الأمم المتحدة. وأيد الاتحاد السوفييتي بصفته عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي عام 1946، مطلب سورية بسحب القوات البريطانية والفرنسية من أراضيها. وقدمت القيادة السوفييتية دعما سياسيا لسورية في المحافل الدولية، كما منحت الدعم السياسي والعسكري في مواجهتها لإسرائيل تحديا للدعم الكبير الذي كانت تتلقاه الأخيرة من الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية.‏
وفي عام 1963 أقيم مركز الدعم المادي التقني للأسطول البحري السوفييتي سابقا والروسي حاليا في ميناء طرطوس السوري كأحد أشكال العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.‏
وقد تعززت العلاقات بين البلدين بعد وصول الرئيس الخالد حافظ الأسد إلى رئاسة الجمهورية العربية السورية عام 1970، ووقع الرئيس الأسد وليونيد برجنيف في 8 (تشرين الاول) عام 1980 معاهدة صداقة وتعاون بين البلدين.‏ ونشطت هذه العلاقات بين موسكو ودمشق بصورة أكبر عام 2005 و ازداد التبادل التجاري بين البلدين وخاصة في مجال الأسلحة وبلغ حجم التبادل التجاري بين الدولتين عام 2008 ملياري دولار.‏
العلاقات الاقتصادية بين سورية والاتحاد السوفييتي وروسيا:
بدأ التعاون التجاري بين كل من سورية والاتحاد السوفييتي في عام 1957. وقام الاتحاد السوفييتي بتشييد 63 مشروعاً لتطوير البنية التحتية في سورية، من أهمها بناء سد الفرات في مدينة الطبقة وسلسلة المحطات الكهرمائية على نهر الفرات والعقدة المائية مع المحطة الكهرمائية في سد البعث والمنشأة المائية مع المحطة الكهرمائية في سد تشرين والمرحلة الأولى للمحطة الكهرحرارية تشرين ومد 1.5 ألف كيلومتر من السكك الحديد و3.7 آلاف كيلومتر من خطوط الكهرباء وبناء عدد من منشآت الري. وأسهم الاتحاد السوفييتي في اكتشاف حقول النفط في شمال شرقي سورية وقام بإنشاء خط أنابيب لنقل المشتقات النفطية بين حمص وحلب بطول 180 كم، ومعمل الأسمدة الكيميائية في حمص ما سمح بتوفير نسبة 22 % من الطاقة الكهربائية ونسبة 27 % من النفط ومساحة 70 ألف هكتار من الأراضي المروية. لكن حجم التجارة بين الدولتين انخفض إلى حد كبير في مطلع التسعينات من القرن العشرين.
بدأ التبادل التجاري يزداد باطراد من جديد في السنوات الأخيرة متجاوزاً المليار دولار في عام 2007، في حين كان وصل في عام 2005 حوالي 459.8 مليون دولار وفي عام 2006 حوالي 635 مليون دولار. وتزيد حجم التبادل التجاري بين روسيا وسورية ليصل في عام 2008 إلى حوالي 2 مليار دولار.‏ وأبدت الشركات والمؤسسات الروسية العامة والخاصة اهتماماً كبيراً بالتعاون الاقتصادي مع سورية، وخاصة في مجال النفط والغاز. وتم توقيع عقود من قبل شركة (تات نيفت) في آذار عام 2005 وشركة (سيوز نيفت غاز) في عام 2005 وشركة (ستروي ترانس غاز).‏
في عام 1993 تم توقيع اتفاقية التعاون الاقتصادي والتقني بين سورية وروسيا، تشكلت بموجبها اللجنة الروسية السورية المشتركة الخاصة بالتعاون في مجال التجارة والاقتصاد والعلم والتقانة. وعقد في موسكو في تشرين الثاني 2009 الاجتماع السابع لهذه اللجنة. وفي أيلول عام 2004 تم تشكيل مجلس الأعمال الروسي السوري برعاية مجلس الأعمال الروسي العربي.
(تُشكِّل سورية أحد أهم الشركاء العرب التجاريين لروسيا إذ تشكِّل التجارة الروسية-السورية ما نسبته 20% من إجمالي التجارة العربية-الروسية، كما أنها تشهد تنامياً إذ ارتفعت التجارة الروسية - السورية إلى 1.92 مليار دولار عام 2011 بزيادة تصل إلى 58% عن عام 2010. من ناحية أخرى تصل الاستثمارات الروسية في سورية إلى حوالي 20 مليار دولار، كما أن الشركات الروسية لا سيما في القطاع الطاقوي تُعد من أبرز الشركات العاملة في سورية مثل شركة تانتفت وشركة سويوز منتغاز وبعض فروع شركة غازبروم).‏
التعاون الاقتصادي في مجال النفط والغاز:
لم تتوقف المباحثات في مجال النفط والغاز في المرحلة السابقة وبعدها مستمرة، وقد بدأت شركة روسية بأعمال المسح والاستكشاف للنفط في المياه الإقليمية السورية، ولكن هناك فرق بين أعمال الاستكشاف في البحر كمنطقة آمنة، وبقية أعمال التنقيب في مناطق أخرى تعتبر غير آمنة حالياً، حيث إن الشركات الروسية متحمسة لإقامة مشاريع لها ضمن الأراضي السورية ولكنها تنتظر عودة الأمان لكل المناطق للمباشرة بهذه المشاريع، فمثلاً إقامة مشروع مصفاة نفط في منطقة الفرقلس تحتاج للأمان لتنفيذها بشكل كامل.
وكان الملحق التجاري في سفارة جمهورية روسيا الاتحادية بدمشق قد أوضح أن التعاون كبير جداً بين الحكومة الروسية والقطاع الخاص الروسي في مجال مشاريع الطاقة التي تنفذ خارج الأراضي الروسية، ولذلك تهتم الحكومة الروسية بتوفير الأمان للعمال الروس لضمان سلامتهم في تنفيذ المشاريع، والاهتمام بمشاريع النفط والغاز في سورية يعتبر بالغ الأهمية لدى الحكومة الروسية والشركات الخاصة الروسية، مع وجود ثقة تامة بعودة الأمان إلى جميع الأراضي السورية، ومن ثم البدء بهذه المشاريع الحيوية المهمة.
الميزان التجاري بين سورية وروسيا:
تنامى حجم التبادل التجاري بين سورية وروسيا بوتائر عالية، (وارتفعت قيمة صادرات روسيا الاتحادية إلى سورية من 95 مليون دولار في عام 2000 إلى 138 مليون دولار عام 2002. في حين ارتفعت صادرات سورية إلى روسيا الاتحادية من 11 مليون دولار عام 2000 إلى 16 مليون دولار عام 2002. وفي عام 2005 تم توقيع اتفاق روسي ـ سوري للتعاون الصناعي والتكنولوجي. في الزيارة التي تمت عام 2005 للرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو تم الابرام على اتفاقيات ضخمة ومشاريع كبيرة زادة على 100 مشروع تجاري واقتصادي وتم بموجب هذه الزيارة شطب 73 % أي 9.8 مليار دولار من صافي ديون سورية لموسكو، البالغة 13.4 مليار دولار).
تؤكد البيانات المتعلقة بالميزان التجاري بين سورية وروسيا بأنه لا يوجد توازن بين الصادرات والواردات، حيث تشير الأرقام في عام 2014، أن حجم الصادرات من روسيا إلى سورية يصل إلى حوالي 600 مليون دولار، بينما لم يتجاوز حجم الصادرات السورية إلى روسيا مبلغ 20 مليون دولار، وهذا لأسباب عديدة أهمها: إن التعاون الاقتصادي بين الدولتين كان مقتصراً في مراحل سابقة على التعاون بين القطاع العام في سورية والقطاع العام في الاتحاد السوفييتي وروسيا، على حين كان التعاون بين القطاع الخاص في كلا الدولتين ضعيفاً نسبياً وشبه معدوم في مراحل سابقة خصوصاً خلال فترة الاتحاد السوفييتي، (إضافة إلى أن العقوبات الخارجية التي فرضت على سورية سواء خلال الأزمة أو قبلها، والعقوبات المفروضة على روسيا ساهمت في الحد من تطوير التعاون بين القطاع الخاص في الدولتين، وتتسبب العقوبات في إضعاف مصادر التمويل الخارجي في البلدين، حيث إن العقوبات منعت المصارف الروسية من تمويل التبادل التجاري وإقامة المشاريع، وبالمثل تتسبب العقوبات في سورية بعدم وجود دعم وتمويل للتبادل التجاري الخارجي، وقد تم البحث خلال الجلسة التاسعة للجنة المشتركة الروسية السورية التي عقدت في مدينة سوتشي خلال شهر تشرين الأول 2015 في تشجيع العلاقات بين رجال الأعمال الروس والسوريين، وتم الاتفاق على تطوير العلاقات بين القطاع الخاص في البلدين).

حوار رجال الأعمال الروس والسوريين في سوتشي:
يؤكد الملحق التجاري في سفارة جمهورية روسيا الاتحادية في دمشق الدكتور إيغور ماتفيف أن الحوار الذي جرى في سوتشي بين رجال الأعمال الروس والسوريين كان نشيطاً ومهماً جداً، وقد جرى العديد من زيارات لرجال أعمال سوريين إلى روسيا من بعده، إضافة إلى الزيارة الأخيرة لرئيسة هيئة التخطيط والتعاون الدولي السورية إلى موسكو، خلال اجتماعات سوتشي في عام 2015 تم التباحث في العديد من النقاط أهمها:
• قرية للصادرات والواردات في اللاذقية،
• افتتاح فروع للمصارف الروسية في سورية،
• وتمويل المشاريع من المصرف المركزي في البلدين بالعملة الوطنية،
• وإقامة مناطق للصادرات بين البلدين،
• إطلاق خط الممر الأخضر البحري بين البلدين،
• مشروع لتجميع المحولات الكهربائية،
• قرية للصادرات والواردات في اللاذقية.
وقد الاتفاق على افتتاح فروع لشركات روسية ضمن الأراضي السورية، والعمل جار حالياً لإقامة قرية الصادرات والواردات السورية الروسية في مدينة اللاذقية، وأصبح المشروع على قائمة المشاريع القريبة التنفيذ حيث يتوقع الانتهاء من إنجازها خلال تشرين الأول 2016.
(حيث سيتم ضمن هذه القرية تجميع الصادرات السورية إلى روسيا وبالعكس تجميع الصادرات الروسية القادمة إلى سورية، ومن خلال هذه القرية ستتم إقامة فروع لمعامل وشركات روسية في سورية، وهي تعتبر الخطوة الأولى الحقيقة والأهم في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وفي مرحلة ثانية ستتم إقامة البيت التجاري السوري في روسيا، بهدف دعم وتمويل عمليات التبادل التجاري لهذه القرية وغيرها من المشاريع المشتركة، والحوار قائم بهذا الخصوص بين رجال الأعمال في البلدين إضافة للتواصل مع مصرف سورية المركزي بانتظار تحديد الجدول الزمني للبدء بهذا المشروع. وعند الانتهاء من إقامة قرية الصادرات والبيت التجاري ستصبح الحاجة ملحة لإيجاد مصادر تمويل للمشاريع في البلدين، وعندها سيتم افتتاح فروع للمصارف الروسية في سورية لتمويل المشاريع، فلا يمكن للمصارف أن تفتح فروعاً لها في أي بلد إن لم يكن هناك حاجة لها).
أهم القطاعات الاقتصادية التي تهم رجال الأعمال الروس في سورية:
(يعد القطاع الزراعي من أهم القطاعات التي تهم رجال الأعمال الروس وخصوصاً في مجال البنية التحتية في محافظتي اللاذقية وطرطوس، وسيكون التعاون في إقامة مشاريع لها بشكل مستقل من الشركات الروسية، إضافة إلى تعاون مع مؤسسات الأمم المتحدة، كما أن قطاع الكهرباء يحظى باهتمام جيد وهناك مشروع مشترك سيقام في فترة لاحقة لتجميع المحولات الكهربائية في الأراضي السورية وممكن أن يتم تنفيذه بشكل مستقل أو ضمن قرية الصادرات في اللاذقية، إضافة إلى مشروع لأعمدة الكهرباء يتم الاتفاق عليه بين رجال الأعمال بين البلدين، كما أن هناك مشروعاً للمياه في اللاذقية سيتم العمل على تنفيذه بالتعاون بين البلدين).
هناك شركات روسية ضخمة تسعى للدخول إلى السوق السورية كشركات الغاز، حيث سيتم العمل مع شركة روسية لبناء محطة تشرين الكهربائية الثالثة في ريف دمشق، مع وجود خطة عمل في قطاع تكنولوجيا البناء السريع والعمل جار للبدء بتنفيذ مشروع ناجح قبل نهاية العام الحالي، إضافة إلى بدء تنفيذ مشروع مطحنة للحبوب في منطقة تلكلخ في محافظة حمص من شركة روسية، وهو مشروع مهم جداً وعلى أساسه سيتم العمل على بناء ثلاث مطاحن أخرى بدعم وتعاون مع الشركة الروسية نفسها.
خط نقل مباشر بين مطار اللاذقية ومطار كرازنادر الدولي:
تمت مباحثات سابقة لإقامة خط نقل مباشر بين مطار اللاذقية ومطار كرازنادر الدولي على الأقل للموسم الصيفي ولكن لأسباب تتعلق بظروف الأمن والأزمة في سورية تم الاكتفاء بإقامة خط لنقل المساعدات الإنسانية الروسية إلى مطار اللاذقية، ولكن الاهتمام موجود في مجال الطيران بين روسيا وسورية، إنما حالياً لا يوجد إمكانيات ملموسة حقيقية لإقامة هذا التعاون بانتظار تحسن الظروف لبدء المباحثات والتطبيق على أرض الواقع، مع الإشارة إلى أنه عند الانتهاء من تنفيذ مشروع قرية الصادرات في اللاذقية سيكون هناك حاجة ملحة لتطوير وسائل النقل بين البلدين ولن يتم الاكتفاء بالنقل البحري. وبشكل عام فإن التعاون والتباحث بين رجال الأعمال بدأ بالنشاط بشكل قوي سواء بين الشركات الكبرى أو المتوسطة وحتى الشركات الصغيرة لإيجاد اتجاهات مثمرة للتعاون بين سورية وروسيا.
اهتمام الشركات الروسية بقطاع الطاقة في سورية:
المباحثات في مجال النفط والغاز لم تتوقف في المرحلة السابقة وبعدها مستمرة، وقد بدأت شركة روسية بأعمال المسح والاستكشاف للنفط في المياه الإقليمية السورية، ولكن هناك فرق بين أعمال الاستكشاف في البحر كمنطقة آمنة، وبقية أعمال التنقيب في مناطق أخرى تعتبر غير آمنة حالياً، حيث إن الشركات الروسية متحمسة لإقامة مشاريع لها ضمن الأراضي السورية ولكنها تنتظر عودة الأمان لكل المناطق للمباشرة بهذه المشاريع، فمثلاً إقامة مشروع مصفاة نفط في منطقة الفرقلس تحتاج للأمان لتنفيذها بشكل كامل.
التعاون كبير جداً بين الحكومة الروسية والقطاع الخاص الروسي في مجال مشاريع الطاقة التي تنفذ خارج الأراضي الروسية، ولذلك تهتم الحكومة الروسية بتوفير الأمان للعمال الروس لضمان سلامتهم في تنفيذ المشاريع، والاهتمام بمشاريع النفط والغاز في سورية يعتبر بالغ الأهمية لدى الحكومة الروسية والشركات الخاصة الروسية، مع وجود ثقة تامة بعودة الأمان إلى جميع الأراضي السورية، ومن ثم البدء بهذه المشاريع الحيوية المهمة.
صراع القوى الكبرى على الشرق الأوسط، الغاز أولاً:
يشكل الغاز مصدر الطاقة الرئيس في القرن الواحد والعشرين كبديل للنفط بعد أن تراجع احتياطي النفط العالمي، أو من حيث كون الغاز يمثل مصدر الطاقة النظيفة. ولهذا، فإن السيطرة على مناطق الاحتياطي المؤكد من الغاز في العالم يعد بالنسبة للقوى العظمى (القديمة والحديثة) ومنها روسيا أساس الصراع الدولي في تجلياته الإقليمية.
بعد سقوط الاتحاد السوفياتي أدرك الروس أن الصراع على التسلح قد أنهكهم وسط غيابهم عن مصادر الطاقة الضرورية لأي دولة صناعية، فيما كان الأمريكيون يتحركون في المناطق الغنية بالنفط لعقود من الزمن طويلة الأمر الذي مكنهم من النمو والسيطرة على القرار السياسي الدولي بلا منازع. لهذا تحرك الروس باتجاه مصادر الطاقة (مكامن النفط والغاز). وعلى اعتبار أن القسمة الدولية لا تحتمل المنافسة في قطاعات النفط كثيراً، عملت موسكو على السعي إلى ما يشبه (احتكار) الغاز في مناطق إنتاجها أو نقلها وتسويقها على نطاق واسع.
(كانت البداية عام 1995 حين رسم بوتين استراتيجية شركة غاز بروم لتتحرك في نطاق وجود الغاز من روسيا فأذربيجان فتركمانستان فإيران (للتسويق) وصولاً إلى منطقة الشرق الأوسط (مؤخراً)، وكان من المؤكد أن مشروعي السيل الشمالي والسيل الجنوبي سيكونان وسام الاستحقاق التاريخي على صدر فلاديمير بوتين من أجل عودة روسيا إلى المسرح العالمي ومن أجل إحكام السيطرة على الاقتصاد الأوروبي الذي سيعتمد لعقود على الغاز بديلاً من النفط أو بالتوازي معه ولكن بأولوية أكبر لصالح الأول. وهنا كان على واشنطن أن تسارع إلى تصميم مشروعها الموازي (نابوكو) لينافس المشروع الروسي على قسمة دولية على أساسها سيتعين القرن المقبل سياسياً واستراتيجياً).
دور الاتحاد السوفييتي وروسيا في تطوير البنية التحتية والمشاريع الاقتصادية السورية:
تطورت العلاقات الاقتصادية السورية - السوفيتية الروسية بشكل واضح منذ منتصف الستينيات وحتى بداية التسعينيات من القرن العشرين. حيث بلغ عدد المشاريع الكبيرة المنفذة في سورية بمساعدة الاتحاد السوفييتي أكثر من ستين مشروعاً، ساعدت سورية على تحقيق أمنها الاقتصادي. ومن أهم هذه المشاريع سد الفرات الذي حصلت سورية بموجبه على قرض من الاتحاد السوفييتي قيمته /120/ مليون روبل في عام 1966، وهو من أهم المشاريع المائية الكهربائية. كما شهدت الاتفاقيات اللاحقة مشاريع لبناء مصانع مختلفة كمصنع لإنتاج الحديد والصلب، ومصنع لإنتاج قضبان وصفائح الألمنيوم، ومصانع للنسيج والغزل، والسكر، والكونسروة، والإطارات وغيرها. (واستناداً لاتفاقية التعاون الاقتصادي الفني الموقعة في 1972، تعهدت موسكو بتقديم قرض قدره /25/ مليون روبل، لتمويل مشاريع النفط وتسوية قيمة التجهيزات والمواد وقطع التبديل المشتراة من الاتحاد السوفييتي. كما أدى التعاون إلى إنشاء خطوط حديدية يبلغ طولها أكثر من 1500كم، وتجهيز القطر بشبكة من السكك الحديدية، ربطت بين مناطق الإنتاج الزراعي والموانئ في طرطوس واللاذقية، وقامت الحكومة السورية بشراء قاطرات الديزل والعربات الخاصة بنقل المسافرين، وعربات الشحن من موسكو. كما ساهمت مجموعة من الخبراء السوفييت في إقامة مركز لتدريب عمال السكك الحديدية بحيث تتوفر الخدمة الفنية والميكانيكية محلياً).
يسعى ويحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستعادت روسيا مكانتها السياسية الاقتصادية وأعادت بناء قوتها العسكرية، ورسم تحالفات اقتصادية واستراتيجية مع مجموعات وأحلاف كحلف شنغهاي ومجموعة دول ”البريكس”. والنتيجة أصبحت روسيا قوة عالمية لا يستهان بها. ومع أنها استعادت الكثير من قوتها العسكرية إلا أنه تم إغلاق جميع موانئ الشرق الأوسط أمام أسطولها البحري ما عدا ميناء طرطوس السوري. ولو فقدت روسيا ميناء طرطوس، لتم حصار أسطولها فقط في البحر الأسود، الذي يعتبر شبه داخلي لا يربطه مع بحار العالم سوى مضيق البوسفور التركي، وتركيا جزء من حلف الناتو، والذي يعتبر الغاء حصار روسيا داخل حدودها جزءا من استراتيجيته العظمى.
وتمثل سورية بموقعها الجيوبوليتيكي وعلاقاتها العميقة مع روسيا صديقة الشعوب أهمية كبرى بالنسبة للروس لدرجة ان هناك من يقول سياسياً إن «الحرب ضد الإرهاب»، سواء على الأراضي السورية أم في منطقة القوقاز، تعتبر مفروضة على روسيا وسورية في آن معا، ومن الطبيعي في ظل التخوف من عودة الارهابيين في هذة الأزمة التي تمر بها سورية إلى القوقاز، أن تعتبر روسيا الجبهة السورية خطها الدفاعي الأول.
وعلى العموم فإن الموقف الروسي تجاه الأزمة في سورية يتعلق بمحاور رئيسية ، فمن ناحية أولى تهدف موسكو الى تكوين نظام عالمي جديد قائم على التعددية والمساواة بين الشعوب واستعادة روسيا مكانة لائقة كدولة عظمى في النظام الدولي، ومن ناحية ثانية يبدو بوتين حريصا على عدم تكرار ما يعتبره «خديعة» أو «خيانة» لبلاده عندما استخدمت دول غربية قرارا لإقامة منطقة حظر جوي (قرار مجلس الأمن رقم 1973) للتدخل عسكريا من أجل غزو ليبيا ومن ناحية ثالثة يبدو أن الروس يلتزمون أو بالأحرى مدعومون بموقف توافقت عليه مجموعة الدول الناهضة المعروفة باسم «بريكس».‏
تظل العلاقات الاقتصادية بين سورية وروسيا الاتحادية أمراً استراتيجياً مهماً للدولتين، وبما يحقق مصالح الشعبين الصديقين.

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
كلية الاقتصاد – جامعة دمشق
دمشق ص ب 12341 سورية
Email: [email protected]



#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الظاهرة القرآنية كتاب من تأليف مالك بن نبي
- م ع ك التقرير الاقتصادي الأسبوعي رقم 371/ 2022 M E A K -Week ...
- عرض لكتاب: إمبراطورية العار (سادة الحرب الاقتصادية – الإقطاع ...
- ‏مذكرة تفاهم ضمن إطار -مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير
- الحرب الكونية الظالمة عل سورية وخسائر الاقتصاد السوري
- تأثير الانتخابات الأمريكية على الاقتصاد والأسواق المالية
- المصارف التقليدية والإسلامية في الجمهورية العربية السورية
- م ع ك التقرير الاقتصادي الأسبوعي رقم 370/ 2022
- التحديات التي تواجه المصارف العربية في ظل عولمة الخدمات المص ...
- أزمة الأسواق المالية واتساع دائرة التعامل مع الأصول المالية
- السياسات الاستثمارية السليمة تؤدي إلى جذب المزيد من الاستثما ...
- أزمة النظام الاقتصادي العالمي أزمة أخلاقية قبل أن تكون أزمة ...
- هل تتكامل الدول العربية اقتصادياً؟
- المؤتمر الحادي عشر لرجال الأعمال والمستثمرين العرب
- النتائج الاقتصادية للسنة الأولى من إنضمام بولنده للاتحاد الأ ...
- مصطلح اقتصاد السوق
- الاقتصاد الصيني قوة هائلة
- التعاون البحثي بين الدول العربية والدول الأوروبية
- النماذج العالمية للتنمية
- العولمة الاقتصادية وفرض هيمنة الاقتصاد الرأسمالي


المزيد.....




- بايدن يعلن إنتاج الولايات المتحدة أول 90 كغم من اليورانيوم ا ...
- واشنطن تتمسك بالعراق من بوابة الاقتصاد
- محافظ البنك المركزي العراقي يتحدث لـ-الحرة- عن إعادة هيكلة ...
- النفط يغلق على ارتفاع بعد تقليل إيران من شأن هجوم إسرائيلي
- وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
- هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى العبد الله الكفري - تطور العلاقات الاقتصادية السورية الروسية