أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احسان جواد كاظم - - مَكر التاريخ -














المزيد.....

- مَكر التاريخ -


احسان جواد كاظم
(Ihsan Jawad Kadhim)


الحوار المتمدن-العدد: 7160 - 2022 / 2 / 12 - 08:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" مَكر التاريخ " عبارة ابتدعها الفيلسوف الألماني هيغل في معرض دراسته لفلسفة التاريخ من منطلق مثالي, حيث ارتبط التاريخ عنده, ارتباطاً وثيقاً بالروح, واعتبر الروح نفسها هي التاريخ.
لا أنوي الخوض في محيط الفلسفة المحتدم ولا سبر كوامنه المتنوعة المتناقضة بل هي مجرد ضربة كف في لجّة عابرة, تبعاً لما تحيق ببلادنا من أنواء وعواصف.
" مَكر التاريخ ", باختصار, أراد به أن العظماء وهم يصنعون التاريخ, يتوهمون ذلك, فهم لا يفعلون ذلك بمحض إرادتهم ونتيجة رغباتهم الشخصية. بل بتأثير مصدر أسمى منهم ( الروح ), استخدمهم لكي يحقق غايته الكلية في سيرورته ( التاريخ ) نحو المطلق.
وقد ردد هيغل باستمرار عبارة " مكر التاريخ " لأنه عاصر وعارض غزوات نابليون بونابرت في أوروبا والدمار الذي خلفته حروبه, ربما لأنه وجد في اندفاعه في تحقيق أهدافه دحضاً لنظريته.

نتساءل على ضوء ما سلف, أليس تجريد هيغل الأفراد والعظماء منهم من الارادة الحرة في صنع التاريخ وإحالته " مكر التاريخ " إلى الروح, يعني عدم تحميل المستبدين على مر التاريخ مسؤولية الجرائم والفظائع التي ارتكبوها واسقاطها عن كاهلهم وتبرئتهم منها ؟!!

تخريجة هيغل هذه ستجعل طغاة التاريخ ومجرميه منذ فجر التاريخ مروراً بجنكيز خان ثم هتلر وستالين حتى صدام حسين ومن جاؤوا بعده مع المحتل الامريكي وأبو مصعب الزرقاوي ودواعش دولة الخلافة, وقتلة شباب انتفاضة تشرين… مرحبين يرقصون لها اصبعتين !

زميله في الهمّ في معالجة فلسفة التاريخ, كارل ماركس الذي تبنى ديالكتيكه ونبذ مثاليته, والذي وضع نظرية " المفهوم المادي للتاريخ " قال بأن الصراع الاجتماعي الطبقي هو المحرك للتاريخ وان الإنسان الفاعل في عملية الإنتاج الاجتماعي والعلاقات الناشئة عنها, هو الذي يصنع التاريخ.

لكن حتى التنظيرات الحداثية المتعددة التي نشأت بعد مادية ماركس وانجلس التاريخية, تقف عاجزة عن إيجاد تفسير مقنع لعبارة هيغل " مَكر التاريخ " بطبعتها العراقية. بعد ان اتخذت التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا شكلاً غرائبياً مشوهاً بسبب أن الفئات المهيمنة لا تمتلك وسائل إنتاج من مصانع ومصالح وليس لها ملامح رأسمالية, لأنها مجرد تشكيلات صيرفية وتجار عقارات ومزورين وسماسرة بورصة ومهربين… لا يمكن وصفها بطبقة لعدم توفرها على خصائصها, ولا نحن إزاء قوى إنتاج حقيقية من عمال وفلاحين بعد التخريب المنظم لقطاعات الاقتصاد العراقي نتيجة حروب داخلية وخارجية متواصلة وصراعات عبثية, ولكن رغم ذلك فإن الصراع الاجتماعي لدينا محتدم بين أوليغارشية ملامحها الطبقية مشوهة, بسمات فاشية, وبين عموم باحث عن تأمين متطلبات حياته المعيشية بوسائل المانيفاكتورة, البيع المفرد من تجار جملة مقربين من الأوليغارشية التي تبتزهم بدورها رغم التخادمية في العلاقات بينها, وكذلك أعداد غفيرة من جيوش العاطلين عن العمل, في ظل تهميش قسري لدور المشاريع الإنتاجية في مجالات الصناعة والزراعة للقطاع العام والخاص ومحاربة الاستثمار الأجنبي, بل حتى في مجال الصناعات النفطية التي هي أبرز مظهر للنشاط الاقتصادي في البلاد, مكبلة باتفاقيات وصفقات استرقاقية, أعطت الشركات الأجنبية دوراً مهيمناً في التعدين والانتاج, بحضور مكثف للعمالة الأجنبية, واستبعاد للطاقات والخبرات الوطنية في هذا المجال الحيوي.

"مَكر التاريخ " مجرداً من الاسقاطات الفلسفية بل بتجريد لفظي, كان على العراقيين شديداً على مر العصور, خصوصاً بعد ان اكتسب صراع القوى, اليوم, بعداً جديداً, فهو اليوم لم يعد صراعاً على حكم ومصالح فقط, بل اقترن ايضاً بنزعة متغولة للرجوع بالبلاد إلى الظلامية والتخلف والتقسيم لخاطر عيون دول خارجية تدفع بها قوى الإسلام السياسي بالخصوص, وترحب بها أطراف التعصب القومي, بيد ان عموم العراقيين يعارضها.

وبينما صاغ هيغل عبارته " مَكر التاريخ " فإن ماركس أظهر تناقض تمثلات هذا التاريخ عندما قال: " إنّ التاريخ يعيد نفسه مرتين, مرة على شكل مأساة, ومرة على شكل مهزلة ".

ما أفضعها من مهزلة مُوجعة !



#احسان_جواد_كاظم (هاشتاغ)       Ihsan_Jawad_Kadhim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مظلومية العراقيين… من لها ؟
- مشهد كاريكاتوري للفجيعة !
- مكيافيلي والعرافة البلغارية فانغا, معاً بلسان واحد !
- المالثوسية*- معادلة الديموغرافيا والحرب, عراقياً !
- رئيس وزراء - حوك -* وليس - قح - !
- حل الميليشيات والمهدي المنتظر !
- مصطفى الكاظمي ليس - الأم تيريزا -* !
- فاتورة حرب وفاتورة فساد !
- فرضوا مدخلاتها وتمردوا على مخرجاتها !
- محنة مفوضية الانتخابات أم محنة شعب ؟!
- محنة اللاجئين على حدود بيلاروسيا وبولونيا… استغلال جائر !
- عرس انتخابي أم مأتم الانتخابي ؟
- هل من سبب مقنع لتغيير اسم - الحزب الشيوعي العراقي - ؟
- الأنتخابات العراقية المبكرة - حرية انتخاب قامعيكم !
- يكرهون الأمريكان… يعشقون محاصصتهم !
- من هم أبناء السفارات الحقيقيين ؟
- حرف الأنظار أمرٌ من المحال !
- غُراب احلامي الابيض
- فقاعة ستنفثيء في أي لحظة !
- اغتيال إيهاب الوزني شرارة تحرق بطاقات إنتخاباتهم المزورة !


المزيد.....




- -نايكي- تُحيي فنًا عمره 5000 عام في أول تعاون لها مع علامة أ ...
- قتلى وجرحى ودمار جراء القصف الإيراني على إسرائيل
- مصر: الحكومة تضع حلولا بعد غلق إسرائيل أكبر حقولها للغاز.. و ...
- هل الهدف هو تغيير النظام الإيراني أو القضاء على البرنامج الن ...
- إيران وإسرائيل تعلنان أحدث حصيلة لقتلى الهجمات المتبادلة بين ...
- بعد أن أثار جدلا.. كاتس يتراجع عن تهديد سكان طهران
- حاملة الطائرات الأميركية -نيميتز- نحو الشرق الأوسط: هل تلوّح ...
- الجيش الإسرائيلي يسحب الفرقة 98 من غزة ويحشد عند حدود مصر وا ...
- فرقة -كوستروما- تؤدي عرضا بأوبرا القاهرة
- بن غفير يأمر الشرطة بإيقاف أشخاص يصورون أماكن سقوط الصواريخ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احسان جواد كاظم - - مَكر التاريخ -