أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - حقيبتي السوداء















المزيد.....

حقيبتي السوداء


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7158 - 2022 / 2 / 10 - 11:39
المحور: الادب والفن
    


وأخيرًا .. جاءت الموافقة التي كنت انتظرها ..
رفعت ذراعي للأعلى كأشارة للنصر قبل أن انتقل بأصبعي إلى حقل الرسائل الخاص به فبعثت للصديق الافتراضي الجديد لوحة ورد مكتوب عليها شكرًا لقبول طلبي تبعتها بلوحة رجل يحتضن امرأة ويعصرها بقوة بين ذراعيه ثم أغلقت الهاتف استعدادًا لجولة الثانية .. بعد ساعات .. أعدت قراءة بيانات ذلك الصديق لعلي أجد شيئًا جديدًا غير كونه أرمل ويملك محلًا لبيع الملابس النسائية .. وجدت صورة له وهو يلبس في خنصره الأيمن خاتمًا ذهبيًا وساعة من الماركات الغالية ..
عرفت أن النصر في الجولة الثانية سيكون حليفي حين قرأت اعتذاره لتأخره في قبول الطلب ذاكرًا أن سفره خارج البلاد لمهمة كان خلف ذلك؟؟
أحب الرجل الثرثار .. فهذا النوع يزودك بكل ما تريد دون بذل أي مجهود ..
أجبته : لا عليك أستاذ .. المهم أننا الآن أصدقاء .. أعرف أن مفعول هاتين الكلمتين بمثابة المفتاح للعالم الذي أبغي الدخول فيه . كنت محقة حين رد بأسطر يبين فيها بشعوره الذي لا يخطىء في أنه ربما رأني من قبل .. فقلبه وإحساسه لا يخدعانه أبدًا وأنني جميلة إلى الحد الذي دعاه للنظر طويلًا في صورتي التي أظهر فيها كسيدة راقية .. وبالرغم من شعوري بحرارة ما كتبه إلا أن الإنبهار الذي بينته لحديثه الذي لم يمر على أذني من قبل كان كافيًا لتمهيد الطريق أمامي كي أصل لغايتي ..
كلمات الوداع مع الاعتذار منه وغلق الماسنجر في هذه اللحظة هي الخطة الثانية التي ستوسع الأفق أمامي .. خبرتي الطويلة مع الرجال أكدت لي أنهم يفضلون المرأة التي تشغل بالهم وتسبب لهم الحيرة والصداع .. ما حصل قبل قليل يعد بداية مشجعة ..
في صباح اليوم الثاني ..
لوحة المرأة التي تجلس وحيدة على ساحل البحر وقت الغروب التي أرسلتها له مفعولها كان يشبه السحر .. أدركت أني نجحت في إثارة فضوله حين سألني:
- يبدو أنك تعانين الوحدة !!
حديثه رفع من معدل الإيجابية التي رفعت معها معنوياتي فأجبته بسرعة:
- الحديث عنها ليس كالعيش معها .. أنها وحش كاسر لا يتركك إلا وأنت كطائر منكسر الجناح ..
كنت أعرف أن كلماتي الأخيرة التي نقلتها من كراستي الخاصة التي أدون فيها كل ما أجده من كلمات جميلة أقرأها من هنا وهناك لاستخدامها للضرورة .. كنت أعرف أنها ستثير إعجابه وتدفعه ليسألني عن حياتي .. فسألني لكن هذه المرة بطريقة ذكية حينما قال:
- وزوجك وأولادك .. أليسوا معك ؟؟
إنها قصة طويلة والكتابة تتعبني -
كنت متأكدة أن طلب الاتصال الصوتي من قبله سيأتيني فورًا إذ لطالما نجحت في هذه الحيلة من قبل .. فكتب :
- ما رأيك في التحدث صوتيًا أن لم يسبب لك ذلك إحراجًا ؟؟
- بل على العكس ..
وضعت سماعة الأذن وعدلت من جلستي قبل الضغط على علامة الاتصال ..
مرت أسابيع منذ الاتصال الأول الذي سردت فيه كل ما مر في حياتي منذ أن كنت طفلة في المدرسة لغاية انفصالي عن زوج حرمني نعمة الأمومة ليتركني وحيدة بعد أن فارق والدي الحياة وتخلى عني الجميع. أبدى تعاطفه معي من خلال الاطمئنان عني يوميًا بعد تأكيدي أن وجوده ملأ حياتي بالسعادة بدل الوحدة التي كانت تنهش في عظامي قبل التعرف عليه .. البكاء وأنا أسرد تلك الأكاذيب كان من الهوايات التي اتقنها .. فأشعر بعد ذرف الدموع كأن بركانًا داخلي هدأ واستكان ..
شكرت في سري الأصدقاء الذين كنت استعير منهم منشوراتهم عند الحاجة ..
مر الوقت سريعًا كانت الأجواء خلاله هادئة وتوحي بالألفة .. أمسى يعرف ماذا أضع في كل ركن من أركان بيتي .. لقد عرف ما يحوي كل درج .. ملابسي في الخزانة كان يعرف ألوانها بل رحت أبعد من ذلك حين بدأت بتصوير أدق تفاصيلي وأحرص على أخذ رأيه في الفساتين التي أرغب بارتدائها حتى شعر كأنه يقاسمني الحياة في كل صغيرة وكبيرة .. تيقن باهميته عندي حينما زودته بتفاصيل حياتي حتى أطلق العنان لمحاولاته ليبدو أمامي شخص متميز ومختلف عن باقي الرجال ولم يدع أية فرصة لأثبات ذلك ..
الأحاديث الساخنة بيننا ونحن على السرير لونت الليل وجعلت للنهارات مذاق آخر ..
منذ ثلاثة أيام لم تنقطع رسائله.. وأنا اقرأ طرفًا من الرسائل التي كانت تظهر على شاشة الهاتف المحمول دون الاضطرار لفتح الهاتف بعد يأسه من الاتصال الصوتي الذي لم يتلقى منه الرد .. كلماته كانت تدل على قلقه من غيابي وخوفه من أن يكون ثمة مكروه قد حدث لي .. رسالته الأخيرة وهو يرجو الله أن أكون بخير بعثت الاطمئنان داخلي من أن كل شيء يسير على خير ما يرام .. العزف على وتر الغياب دون قطعه هو الشيء الذي كنت أحسن اللعب عليه وبه ..
مضى أسبوع لتنتهي معه معاناة عبد اللطيف في مراقبة حقل الرسائل الخاص بي حين رأى الدائرة الخضراء مضاءة واتصال مني بصوت يبدو عليه الوهن والتعب قلت له:
- اعتذر عن الغياب بسبب وعكة صحية ألزمتني دخول المستشفى ..
- أرجوكِ .. أن فكرتِ في إنهاء حياتي .. كرري هذا الفعل .. كاد القلق أن يقتلني !! يبدو أنك لا تعرفين من أنتِ بالنسبة لي ؟؟
عند المساء .. صوتي بدا رقيقًا وأنا أحكي له معاناتي من سوء المعاملة التي تلقيتها من الممرضات في المستشفى الحكومي وكيف تتم معاملة الإنسان الفقير دون رحمة .. أما ثمن الدواء الذي لم استطع شراءه لغلاء ثمنه جعلني أفقد الثقة بالناس .. أنا الآن أمر بمرحلة أشعر بحاجتي للابتعاد والانزواء بنفسي ..
اعتذرت منه لأنني أقحمته في موضوع كهذا .. فأنا لا يهون عليّ أن أسبب إزعاجًا له ..
قاطعني طالبًا مني تصوير بياناتي وإرسالها عبر الماسنجر .. لم يدم استغرابي من طلبه طويلًا حين أخبرني أن يحتاجها ليرسل لي مبلغًا من المال استعين به على مرضي ثم طلب مني ترك القلق بشأن المال .. وأنهى المحادثة بأنه وماله فداء لي.
فمثل ما لكل شيء بداية فهناك ثمة نهاية ..
الجو مشمس والنهار يبدو رائعًا مع هديل الحمام الذي غطى على كل صوت آخر .. وأنا أضع المال الذي استلمته من مكتب التحويلات في حقيبتي السوداء التي بدت واسعة لي حينها .
شعرت بحاجتي للسيجارة والقهوة في هذه اللحظة .. وأنا أبعد الدخان بعيدًا عن وجهي .. جائني إشعار بموافقة صديق جديد انتظره من زمن .. فغدوت كأني أقف مسمرة فوق جسر لا نهاية له لبر ولا مركب تحته لنهر.



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما رأيك ؟
- الباقي .. قطعتان من الشطرنج
- قصيرة ولكن
- طه الأسمر
- بقايا جسد
- حينما نمسك بالقلم
- ساخن جدًا جدًا
- أبيض وأسود
- حتما سيأتي .. فالحلم يغفو ويفز
- إشعار بعد الثانية فجرًا
- زهايمر
- تحت بشرة الحلم
- خطر على بالي
- غمامة حب
- الموعد
- حلم شجرة البلوط
- حلم مع وقف التنفيذ
- ولادة في السماء
- العشاء الأخير
- عانقني


المزيد.....




- تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على نايل سات أفلام وأغاني لل ...
- مصر.. نسرين طافش تصالح بـ-4 ملايين جنيه-
- الفنان عبد الجليل الرازم يسكن القدس وتسكنه
- أسعدى وضحكي أطفالك على القط والفار..تردد قناة توم وجيري 2024 ...
- منصة إلكترونية أردنية لدحض الرواية الإسرائيلية في الغرب.. تع ...
- “نزلها الان” تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 2024 لمشاه ...
- مشاهير الموضة والموسيقى والسينما.. في مهرجان ميت غالا حمل عن ...
- متحف -للنساء فقط- يتحول إلى مرحاض لـ-إبعاد الرجال-
- إيران تقيم مهرجان -أسبوع اللغة الروسية-
- مِنَ الخَاصِرَة -


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - حقيبتي السوداء