أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الطيب طهوري - لماذا نحن هكذا؟















المزيد.....

لماذا نحن هكذا؟


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 7152 - 2022 / 2 / 4 - 21:31
المحور: المجتمع المدني
    


وأنا أزور متحف هيبون الأثري في عنابة وأطلع على مافيه من تماثيل عجيبة وآثار بعيدة الغور في القدم وأستمع إلى الصديقة الشاعرة والناشطة الثقافية العزيزة لميس مسعي وهي تشرح لنا حكاية كل تمثال وكل أثر، وباستفاضة ، حاصرتني هذه الأفكار..وها أنذا أسجلها متألما..
الجزائر، هذه القارة بمساحتها الواسعة التي تعد الأولى افريقيا وعربيا ،تعتبر بلد التنوع،بامتياز،ثقافيا، حضاريا،لغويا،عرقيا،سياسيا،اقتصاديا وسياحيا..
ثقافيا هي أمازيغية، عربية، افريقية ومتوسطية،عاداتها وتقاليدها متعددة..
حضاريا،عرفت عديد الحضارات، مما قبل التاريخ إلى ما بعده..الفينيقيون عاشوا هنا..النوميديون، الونداليون،البيزنطيون ، الرومانيون،العرب،العثمانيون، الفرنسيون..كل هؤلاء تركوا آثارهم شاهدة على تواجدهم..
لغويا، نجد الأمازيغية بتنوع ألسنتها، من قبائلية إلى شاوية إلى طارقية إلى شلحية إلى ميزابية...نجد العربية بفصحاها ودارجتها..نجد الفرنسية..
عرقيا، يعيش في الجزائر الأمازيغ والعرب..
سياسيا، نجد اليسار بكل تنوعاته..اليمين،بكل فروعه..الإسلاميون بتعدد مذاهبهم واتجاهاتهم..
اقتصاديا، أرض الجزائر فلاحية بامتياز..من الشمال إلى الجنوب نجد الغابات..السهول الخصبة وأبرزها سهل متيجة الذي يعتبر ثالث سهل خصب في العالم..حقول القمح والشعير الشاسعة..مختلف أنواع الأشجار المثمرة ..من شجر الزيتون شمالا إلى شجر النخيل جنوبا..
لكننا، وألماه، قتلنا تلك الأراضي الخصبة بزحف الإسمنت المسلح..سهل متيجة وحده كان في مقدوره تحقيق دخل سنوي يتجاوز الـ 30 مليار دولار من تصدير الحمضيات وحدها، حسب بعض الخبراء الفلاحيين..و..أين سهل متيجة الآن؟..أين سهول عنابة وسطيف والطارف وغيرها..
أرض الجزائر مليئة بكل أنواع المعادن، من الحديد إلى الذهب إلى الألماس..وبكل انواع الطاقة، من غاز وبترول وطاقة شمسية ..إلخ..
سياحيا، الجزائر بلد سياحي بامتياز..عاداتها وتقاليدها لا حصر لها..تتنوع طبيعيا، كل الفصول فيها في وقت واحد.. مناظر خلابة تفاجئك بجمالها في كل مكان، تغريك بالإقامة فيها..متاحف مليئة بمختلف آثار الحضارات التي مرت بها تذهب بك بعيدا في تخيلها....إلخ..إلخ..
المؤسف، وبعمق، أننا لم نستفد أبدا من كل هذا التنوع..همشناه بشكل عجيب، مؤلم..ضيعناه وضعنا معه..
لم نجعل من آثار الحضارات التي مرت ببلادنا قبلة لسواح الخارج ولا لسواح الداخل..أغلقنا أبواب المتاحف..تركنا الآثار التي تزخر بها مختلف المناطق للرياح تعصف بها وللغبار يغطيها..في الوقت الذي نرى جيراننا القريبين التونسيين والمغارية يجعلون من ابسط أثر معلما سياحيا جذابا، يحققون به مداخيل مالية تفيدهم في حياتهم..
لغويا وعرقيا وثقافيا، قتلنا تنوعنا اللغوي بالتعصب..العربي،لا يرى إلا نفسه وينفي عن الأمازيغي حقه في الوجود اللغوي المعترف به..الأمازيغي، كرد فعل، لا يرى إلا لغته..الأمر نسبي، طبعا..هناك جهات متنفذة تحرص على جعل الوضع هكذا..تتبنى مقولة فرق تسد..
حال الدين لا يختلف في شيء عن حال اللغة، حيث نجد تعصب كل مذهب لمذهبه..نجد رفض الآخر المختلف دينيا ومذهبيا..هيمنت ثقافة الخوف علينا..صرنا ريعيين فكريا، بعضنا يتبنى مقولات الأسلاف وأفكارهم ويرى فيها الطريق التي لابد من السير فيها..بعضنا يتبنى أفكار الآخر الغربي،ويرى فيها الطريق التي بها ندخل العصر ونتحضر..وفي الحالتين نضيِّع حالة التفكير بذواتنا لنوجد الطريق التي بها نتقدم ونزدهر فعلا..حاربنا الفكر النقدي وجعلنا فكر الولاء يهيمن علينا..
سياسيا، قتلنا المعارضة السياسية..جعلنا منها واجهة، ليس إلا..جعلنا المجتمع المدني بمختلف جمعياته ونقاباته خاضعا، لا استقلالية له..
الجزائر،للأسف الشديد،تضيِّق على نفسها،باسم الثورة،تارة،باسم الدين،تارة اخرى،باسم العرق،تارة ثالثة...الخ..
اقتصاديا، سرنا في طريق اقتصاد الريع، وأغلقنا الأبواب على الاقتصاد المنتج للثروة.. وعمقنا بذلك إفلاسنا وجعلنا منا مجتمعا تهيمن على سلوكاته اللامبالاة والانتهازية والرشوة ..همشنا الكفاءات ودفعنا بها إلى الهجرة ( حسب ما قرأته مرة في بعض الصحف يتجاوز عدد العقول الباحثة التي تركت الوطن الـ 40 ألف باحث..)..نكونهم ويستفيد منهم الآخرون.. و..إنه الجنون..
سياحيا، حدث ولا حرج..لم نعمل على إنشاء بنية سياحية، فيما جيراننا التونسيون والمغاربة ذهبوا بعيدا في ذلك..حتى السياحة الداخلية نفتقدها بشكل كبير..قدرة المواطن الجزائري الشرائية ضعيفة جدا،لا تسمح له بالتنقل سائحا في بلاده..خدمات فندقية رديئة وغالية الأسعار..مجتمع ذكوري متعصب،شبه منغلق على العالم..
خلاصة الكلام، نحن مجتمع التضييق بامتياز..التضييق الثقافي والسياسي والاجتماعي..
في التضييق ذاك نخسر الكثير الكثير من ذواتنا..نخسر العقول والمشاعر..نخسر التخيل.. نخسر القيم الإيجابية..نخسر السلوك الواعي المسؤول، حيث نحن أناس لا مبالون، تعكس سلوكاتنا السلبية في الشارع، في العمل،في الأسرة، في علاقتنا بالمرأة خواء عقولنا ومشاعرنا وشدة يأسنا..و..لا تنتظر شيئا من مجتمع اليأس، إنه مجتمع الأنانية المفرطة وعقلية الحوص الذي لا حد له..
تبقى الأسئلة مطروحة:
- لماذا نحن هكذا؟..
- إلى أين نسير( قلت نسير ولم أقل نمشي)؟..
- ماذا علينا أن نفعل لنجد الطريق التي توصل إلى بر الأمان؟
الحراك رسم لنا الكيفية التي بها نبني مستقبلنا..لكننا، واأسفاه،أغمضنا عيوننا عنها،حاربناها.. وواصلنا السير في ظلامنا..
رغم كل الخراب الذي وصلنا إليه حين رفضت السلطة التي تتحكم في تسيير شأننا العام فتح باب الحوار الحقيقي، الجاد والمسؤول، مع الحراكيين أحزابا وجمعيات ومثقفين وحقوقيين وشبابا ، للوصول بالجزائر إلى توافق وطني بين كل مكوناتها الاجتماعية والسياسية والثقافية يخرجها من أزمتها ويجعلها تمشي إلى الأمام في الطريق السوي،إلا أنها ما تزال تصر، وبشكل لا مسؤول ولا عقل يحكمه، على مواصلة السير في نفس الطريق التي سارت فيها منذ بداية الاستقلال حتى الآن..
لماذا؟..السبب واضح، إنه الحرص على البقاء في كرسي الحكم، ليس إلا..
وفي المثل الشعبي: اللي في كرشو اتْبن يخاف من النار ( من في بطنه التبن يخاف من النار)..



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تكون كاتبا مؤثرا؟
- عن مثقفينا وكرة القدم
- تمدين ودمقرطة المجتمعات المخرج الوحيد لمواجهة الأزمات
- عن الجزائر الجديدة
- أنظمة الحكم العربية خطر على شعوبها
- كورونا..بين الرأسمالية والتعداد البشري المهول
- عن حرية الإبداع ..عن مشاعر صائمي رمضان
- في معنى الأخلاق..كيف هي عندنا؟..كيف هي عندهم؟
- بيان مثقفين جزائريين
- عن مصالح الرعايا..عن مصالح المواطنين
- بين الدولة الدينية (الإسلامية) والدولة العلمانية
- الوانتوثريست*..البطالة والفساد الأخلاقي
- البنية ودلالات الأسماء في رواية-صخرة نيرموندا-
- عن معيقات الحداثة في عالمنا العربي الإسلامي
- بين الهند والجزائر
- أن ينتقِدوا، ذاك حقهم ..من واجبكم مجادلتهم والرد عليهم بالحس ...
- من المسؤول عما نحن فيه؟
- هذا ما يفعله مسؤولو ال تحت في شعوبنا العربية
- عن الإيديولوجيا..عن مخاطرها
- في معنى الأصالة


المزيد.....




- الاحتلال يمارس الكراهية والانتقام ضد الأسرى الفلسطينيين وذوي ...
- الأمم المتحدة: نزوح 370 ألف شخص جراء المعارك في سوريا
- الأمم المتحدة: نزوح ما لا يقل عن 370 ألف شخص بعد تجدد الاشتب ...
- سلوفاكيا تعتزم تخفيض الدعم المالي للاجئين الأوكران
- بين صراع الظلم والمجاعة: الفلسطينيون يواجهون قسوة الأزمات ال ...
- دولة قطر تؤكد ضرورة اضطلاع الجمعية العامة للأمم المتحدة بمسؤ ...
- نائب في -الرادا- الأوكراني يدعو لاعتقال زيلينسكي فور إبرام ا ...
- رسالة الجولاني لبشار الأسد ورؤيته لمستقبل سوريا ووضع الأقليا ...
- الأمم المتحدة: العراق اليوم أكثر أمناً واستقراراً
- رئيس إسرائيل يدعو إيلون ماسك للتوسط في إحياء صفقة تبادل الأس ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الطيب طهوري - لماذا نحن هكذا؟