الوانتوثريست*..البطالة والفساد الأخلاقي

الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 5906 - 2018 / 6 / 17 - 20:49
المحور: المجتمع المدني
    

الناس تغلبْني ونَا نغْلب اخَّيْتي عيشه**..هكذا يقول المثل عندنا..
الوانتوثريست في بلادنا يرجع سبب البطالة التي يعيشها إلى عمل المرأة..يكره المرأة العاملة ويحقد عليها..على المرأة أن تلزم بيتها حتى يعمل هو..المرأة العاملة أمية كانت او صاحبة شهادات عليا عنده سواء..على الواحدة منهما الالتزام بالبيت وخدمة ذكوره وإنجاب الأولاد إن كانت متزوجة..
قد يجد الوانتوثريست أحيانا نفسه مضطرا إلى قبول عمل أخته ،مثلا، لتساهم في مصروف البيت كونه لا يعمل هو ذاته، وكون مدخول أبيه لا يكفي لقضاء حاجات أفراد أسرته..في مثل هذه الحالة يجعل من نفسه مراقبا لها من بعيد في غدوها ورواحها..ويا ويلها إن هي تجرأت وتحدثت مع شخص ما ليس من محارمها..وفي حالة وفاة الأب وتركه ميراثا ما يأخذ نصيبين فيما هي التي تشتغل وتساهم مع أبيه، وربما بالقسط الأكبر، في مصروف البيت تأخذ نصيبا واحدا..مبرره في ذلك ومبرر مجتمعه الذكوري أن الله قال: للذكر مثل حظ الأنثيين..
هكذا تصير سلطة الفساد في بلادنا ليست هي المسؤولة عن إفلاس البلاد الذي أدى إلى شح مناصب العمل..
الفساد الأخلاقي بدوره سببه المرأة، متحجبة كانت أو سافرة..خروجها إلى الشارع عاملة أو طالبة او متسوقة أو سائحة يثير غرائز الذكور، ويدفع بهم إلى التحرش بها..وقد يصل الأمر إلى حد التواصل الجسدي بين البعض منهن والذكور..قد يكون ذلك التواصل في المتوسطات والثانويات والجامعات..وقد يكون في الحدائق والمنتزهات..وقد يكون في الأماكن السرية.....حتى لا يكون كل ذلك الذي يسميه فسادا أخلاقيا على المرأة ان تلزم بيتها تلميذة كانت أو طالبة أو أستاذة أو عاملة..
البطالة سببها المرأة..الفساد الأخلاقي الذي لا يراه الوانتوثريست إلا في الجنس وما يمكن ان يؤدي إليه سببه المرأة..
وفق هذا المنطق لابد ان تكون الجزائر طالبانية ، داعشية..تنقَّب فيها كل النساء..لا تخرج المرأة إلا بمرافق يحرسها ويحميها من نفسها قبل أن يحميها من الآخرين في الشارع..
أيها الوانتوثريست..هاقد وجدت حلا ( مؤقتا) لبطالتك ..طرد كل العاملات وأخذ مناصب عملهن..
وجدت حلا ( وهميا) لغرائزك الجنسية المثارة..إلزام النساء بالبقاء في بيوتهن..لا عمل..لا تعليم..
لا بأس..والآن..ماذا أنت فاعل مع الرشوة والمحسوبية والواسطة ونهب المال العام والحقرة وباقي أنواع الفساد الأخرى..
الوانتوثريست لا يفكر في ذلك أبدا، أبدا..
الوانتوثريست يكره الكتاب..يكره العمل الفلاحي..يكره عمل البناء والحفر وما إليهما من أعمال تحتاج إلى بعض الجهد العضلي..يفضل الأعمال البسيطة غير المتعبة..يفضل الاشتغال بوابا أو كناسا في البلدية لمدة ساعتين أوثلاث ساعات في اليوم، ولا احد يراقبه في عمله ذاك..
الوانتوثريست يلهث وراء مقابلات كرة القدم..يتعلق ببعض اللاعبين حتى الهوس..يحب الجلوس في المقاهي والتسكع في الشوارع والوقوف أمام المؤسسات التعليمية وقت خروج تلميذاتها وتلاميذها للتحرش والبسبسة ..يحب السهر وعيناه مشرعتان عن ىخرهما على المواقع الإلكترونية الإباحية أيضا..
فم الوانتوثريست مليئ ببذيء الكلام..قد يسب إلهه إذا غضب بأبذئه ( الكلام)..يشارك في المسيرات الهائجة الصراخية ضد كل من يتجرأ من المفكرين على نقد دينه، وضد كل من يتجرأ على رسم رسوله من الفنانين..يا ويل أخته إذا رآها تحادث شخصا ما، وقد يكون ذلك الشخص زميلها في الدراسة..ستضرب وتهان من قبله حتما..لقد مُس في صميم شرفه..في نفس الوقت لايتورع هو ذاته عن محاولة إقامة علاقات ما مع بنات الآخرين..
إذا تزوج يحرص على أن ينجب الكثير من الأبناء..لقد أوصاه رسوله بذلك: تناكحوا تناسلوا تكثروا، فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة..لا يفكر الوانتوثريست ..لا يدرك أن كل مولود من أولاده يحتاج إلى مقعد دراسي ومنصب عمل ومسكن..و..و..الرزق على الله، يقول..ومن خلق لا يضيع، يضيف..
الوانتوثريست كل همه المرأة..كل تفكيره فيها..كل حقده عليها..
لا بأس أيضا..ستلزم المرأة بيتها....ماذا ستفعل مع اللواط الذي سينتشر ، حتما، كانتشار النار في الهشيم؟..كيف تلزم السالبين بالبقاء في البيوت؟..
نظام الفساد في بلادنا يحرص أشد الحرص..يعمل كل ما في وسعه ليجعل من كل شبابنا وانتوثريست..يسعده ذلك كثيرا كثيرا..السبب: الوانتوثريست يعتبر الوعاء البشري الذي لا ينضب أبدا بالنسبة لقوى الإسلام السياسي المتشدد..وتلك القوى كما يعرف الجميع تعتبر السلاح الأشد فتكا في أيدي ذلك النظام الفاسد، المفسد..
ما أردأ الجهل..ما أردأ الجهلة..
ـــــــــــــــــ
*الوانتوثريست: نسبة إلى العبارة: واحد، إثنان، ثلاثة، تحيا الجزائر..وهي العبارة التي يستعملها أنصار فرق كرة القدم في الجزائر ناطقين أرقامها بالإنجليزية وجملتها ( تحيا الجزائر) بالفرنسية، هكذا: One two Three Vive l Algérie
**الناس يغلبونني وأنا أغلب أختي عائشة..

#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل