أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الطيب طهوري - مقبرة الحجارة














المزيد.....

مقبرة الحجارة


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 5385 - 2016 / 12 / 28 - 22:20
المحور: الادب والفن
    


إلى فنان الحجارة السوري نزار علي بدر

لا حياة في هذه البلاد إلا للموت..لا وجود إلا للقبور..هكذا قال متألما وسار يذرع حقله الطويل الذي بنى فيه منزله الصغير الذي لا منزل له سواه..
في مكان قصي من ذاك الحقل نصب لوحته( مقبرة الحجارة)..
ما إن يسمع آذان العصر حتى يسرع إلى كوم الحجارة خلف منزله..يختار حجرا أو حجرة..هذه جثة اليوم، يقول..يختار ثلاثة أحجار أوأربعة أو أكثر، أنتم من سيحمل نعش الميت، يوجه إليهم كلامه ..مجموعة أحجار أخرى،أنتم من سيسير خلف النعش..
يضع الجثة في جيبه اليسار..في الصندوق الخشبي يضع حاملي النعش والسائرين خلفه..يحمل الصندوق بيده اليمنى ويسير..
يحفر القبر أولا..ينصب الأحجار الثلاثة أو الأربعة أو الأكثر..يضع الجثة فوقها..في الوراء وعلى بعد سنتيمات قليلة ينصب حجارة السائرين خلف النعش..يقف..يؤبن الميت الحجر أو الميتة الحجرة.. تحمَّل أوتحملت كل قساوة برد الشتاء..كل جهنم الصيف..حمى أو حمت الخنافس ..استظلت به أو بها بعض العصافير أو بعض الزواحف..الرحمة لروحه أو روحها..يقرأ الفاتحة..يحمل الجثة.. يضعها في قبرها..يهيل التراب عليها باكيا..يعيد الحجارة إلى صندوقها الخشبي..يحمل الصندوق ويقفل راجعا بخطاه الثقيلة..هكذا كان دأبه كل يوم ..
***
هذه المرة اختار حجرة ..ستكونين ميِّتة اليوم، قال لها..أربعة أحجار،أنتم حاملو نعشها..مجموعة أحجار أخرى، أنتم من سيسير خلف النعش..و..
فوجئ..لن أموت، قالت الحجرة..ما زلت أحب الحياة..اختر واحدة أخرى، أضافت..
لن نحمل جثة الميتة أو الميت، صارت الموت لا تفارقنا أبدا..كل يوم ميت أو ميتة..كفانا موتا، قالت الأحجار الأربعة..
لن نسير خلف النعش، قالت الأحجار الأخرى بحدة ..
ضرب فنان الحجارة كفه اليسرى بكفه اليمنى..جلس..وضع رأسه بين ركبتيه ..سمعت الحجارة نحيبه..نظرت إلى بعضها البعض حائرة حزينة..تقدمت متتابعة إلى جسده ..حجرا فوق حجر..حجرة فوق أخرى راحت ترتقي جسده وتحضنه..كل جسده صار حجارة..أحجارا فوق أحجار..حجرات فوق حجرات..بعد دقائق راحت تنزل متتابعة ..و..
فوجئت هي الأخرى بالجسد ينهار على الأرض..
بابا، بابا،نادت صغرى بنات الفنان..لم تسمع صوته..
كررت: بابا بابا بصوت مرتفع أكثر..ولا صوت له..تقدمت..حركت الجسد: بابا بابا، ولا صوت رأت..
ولولت الأم زوجته..أبوك مات، قالت لصغرى بناتها..
***
وجدوا في جيبه ورقة..ادفنوني في مقبرة الحجارة، كانت وصيته..
بجانب قبور الحجارة حفروا قبره..وضعوه في القبر وأهالوا التراب عليه وعادوا حزانى تائهين..
تحرك كوم الحجارة وقد عادوا..صفين شكل..حجرا وراء حجر..حجرة خلف أختها..في اتجاه مقبرتهم ساروا جميعا..كل حجر حفر قبره باكيا..كل حجرة حفرت قبرها نائحة..كل حجر أهال التراب على قبره واندس عميقا فيه..كل حجرة أهالت التراب على قبرها واندست في عمقه..
***
في الغد زاروه..شجرة ورد كان قبره..أزهارا قزحية كانت قبور الأحجار والحجرات





#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هنا، لا أمام لي
- من آخرته عاد أبي
- عن الحب..عن القبائل الأمازيغ في الجزائر
- الإسلاميون والخوف
- رمالا تعوي ريح ُ عباد*
- لنبني حدائق ثقافية لأطفالنا
- العرب المسلمون يعيشون مخياليا في الماضي
- بين تقدم الغرب وتخلفنا..الأسباب أساسا
- تأملات فيسبوكية
- لماذا نحن لا ننتحر..لماذا هم ينتحرون؟
- الأقوياء المتنفذون وحدهم من يخدمهم الدين في الواقع
- لا خروج لنا من تخلفنا إلا بانفتاحنا على الحياة وتفاعلنا مع ب ...
- من المستفيد من دروس التربية الإسلامية في مدارسنا؟
- لماذا لم يتحرر المسلمون من استبدادهم ؟
- عالمنا العربي يتردى أكثر..ماذا نحن فاعلون؟
- عطشي الأرض..وأمطار يديك النار
- شيء من العشب..أو ..من دمي
- واصل غناءك أيها الرمل..واصلي رقصك أيتها النار
- النهر يعشق أيضا
- أطلال أخرى..


المزيد.....




- حماس تنفي نيتها إلقاء السلاح وتصف زيارة المبعوث الأميركي بأن ...
- العثور على جثمان عم الفنانة أنغام داخل شقته بعد أيام من وفات ...
- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...
- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الطيب طهوري - مقبرة الحجارة