أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - عن حرية الإبداع ..عن مشاعر صائمي رمضان















المزيد.....

عن حرية الإبداع ..عن مشاعر صائمي رمضان


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 6505 - 2020 / 3 / 3 - 13:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كل مراقبة للإبداع فكرا كان أوفنا هي عمل على تدجينه..على إخضاعه لإرادة الجماعة التي تكون غالبا سياسية أو دينية..و..
بهذا المعنى هي ضد الحرية الفردية..ضد الخروج عن إرادة الجماعة..ضد حرية الإبداع..ضد تطور المجتمع وازدهاره..
الإبداع، فكرا كان أوفنا لا يزدهر،لا يرتقي إلا في واقع الحرية..خارج مجال الحرية يختنق ويموت ..يصير اجترارا لا ينتج عنه إلا الكسل ولا يتميز حينها إلا بالضحالة والسطحية..بشح المشاعر وجمود الخيال..بتقلص الروح الإنسانية..
لكن، ما الحرية التي نعني؟..
الحرية هي الحرية..في الفن ذهاب عميق ممتد في الحياة وآفاقها..عناق لها.. في الفكر نقد لكل معيق يمنع الحياة من الرقي والازدهار ولا يسمح للفرد بان يكون مواطنا حقيقيا..إبداع أيضا للأفكار التي ترفع من وعي الناس وتحسِّن من ادائهم في الحياة بكل تجلياتها ، سياسة واقتصادا واجتماعا وثقافة..والتي تجعل ضمائرهم حية وشعورهم بالمسؤولية عاليا..
الحرية ليست سبا وشتما ..الحرية مسؤولية..احترام للآخر..إيمان بأني والآخر المختلف عني مواطنان لنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات، مهما كان عرق كل واحد منا او لونه او معتقده أوفكره..في الحرية تلك لا أكثرية ولا أقلية..كلنا مواطنون..نتميز عن بعضنا بالكفاءة..الكفاءة هي من تجعلني ارتقي في مناصب المسؤولية او تجعل الاخر المختلف عني هو من يرتقي..كلانا يعمل على خدمة بلده بما يرفع من شأنها..لسنا في خدمة فئة ما على حساب الفئات الآخرى..لا ننحاز لهذا الجانب أو ذاك..الحرية انتماء للوطن..خدمة لمواطنيه كلهم..
معيقات كثيرة في واقعنا تحد من حرياتنا..تحد من حريات المبدع فكرا وفنا أساسا..تراكُم تلك المعيقات وجماعيتُها سياسيا أو دينيا أو اجتماعيا يوجد في ذاك المبدع ما يسمى بالمراقبة الذاتية التي هي نتاج الخوف من رد فعل الجماعة..المراقبة الذاتية خضوع للجماعي..حد من الفردية في انفتاحها على الحياة..بقاء للمجتمع في سكونيته..في تخلفه..
ترفض الجماعية الخروج عنها..الجماعية قطيع..القطيع تشابه..التشابه إبقاء على الواقع كما هو..
الفردية خروج عن القطيع..نقد له..تفكيك لمختلف الآليات السلطوية الجماعية التي تتحكم فيه وتبقيه على نفس الوضع..فضح للمستفيدين من ذلك الوضع..كشف لنتائج ذلك الوضع السلبية..
الفردية بذلك تحدٍّ..مواجهة..صراع مع الجماعي..
الفردية كإبداع فكري وفني مخالفٍ متهمةٌ بالمس بثوابت الأمة..بالهوية.. بالخيانة أيضا..بالإلحاد والزندقة..
الاتهامية لعب على عواطف الجماعة..تهييج لها..دفعها إلى مناصبة الفردي العداءَ..تعميق للتعصب والإقصاء..
الاتهامية سلاح الاستبداد ،سياسيا كان أودينيا أواجتماعيا أوثقافيا..
الاتهامية ترسيخ للجماعية..للتشابه..للقطيع..للتخلف..
من ينتقد السلطة السياسية يتهم بالخيانة..بخدمة أجندات خارجية..يحارب..
من ينتقد السلطة الدينية أو ممارسات الشارع المتدين يتهم بالمس بالدين..بالزندقة..بالإلحاد..بالمس بالهوية..يحارب..
من يدعو إلى تعايش المختلفين إيديولوجيا أو دينيا يجد أمامه من يرفض رأيه باسم الدين..تُقرأ على مسامعه الآية : (ولن ترضى عنك اليهود ولاالنصارى حتى تتبع ملتهم)..ويقال له: كيف نتعايش مع ملاحدة أوشيوعيين..أو..أو..
لا ينتبه القائلون إلى الخفي فيما يقولونه أو يستشهدون به ، وهو: (لن يرضى عنك المسلمون حتى تتبع ملتهم) يقولها اليهود ويقولها المسيحيون كذلك..
لا ينتبهون إلى أن من يدعو إلى تعايش المختلفين يريد بناء مجتمع على أساس المواطنة لا على أساس المعتقد الديني..
الله يقول في قرآنه: (من شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر)..ويقول أيضا : ( إنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء)..ويقول كذلك: ( ولو شاء الله لهداكم أجمعين)..ويقول: ( وما تشاؤون إلا ان يشاء الله)..بمعنى انكم احرار في اختياركم، والله يشاء لكم ذلك الاختيار..أي يفتح لكم باب حرية اختياركم..لا أن يفرض عليكم ما تتبونه..
في الحالتين( انتقاد السلطة السياسية أو الدينية) تكون النتيجة زرعا للخوف في نفوس المبدعين..هروبا إلى الصمت..أو..هروبا إلى الخارج..وقد تدفع بالمبدع إلى الارتماء في أحضان هذا الطرف أو ذاك نتيجة اليأس الذي يشعر به..وقد تصير انتهازية مكشوفة..
في رمضان مثلا، من لا يصوم محارب..من لا يصوم يجد نفسه مضطرا إلى الأكل سرا..قد ياكل في المراحيض حتى..قد يكون هذا الآكل مصابا بمرض مزمن يفرض عليه الأكل..قد يكون هذا المريض مسافرا أو عاملا بعيدا عن بيته ومضطرا إلى الأكل..قد يكون ليس مسلما..في كل الحالات يقال له: لرمضان حرمته وعليك ان تحترمه..عليك ان تحترم الصائمين..عليك ان لا تثير مشاعرهم..قد يتعرض الآكل إلى الأذى الجسدي من قبل الصائمين..الأذى اللفظي أمر مفروغ منه..لا بد أن يكون..
ما هي هذه الحرمة؟..ما تلك المشاعر؟..
ترتفع أسعار مختلف مواد الاستهلاك الرمضاني..يفرط الناس في الاستهلاك..يتضاعف التبذير..تتضاعف القمامات المنزلية التي تمتلئ بمختلف المأكولات التي ترمى..يتقلص وقت العمل بربع ساعة من كل ساعة عمل..يقل الإنتاج بشكل مذهل..تسوء أخلاق الناس..كل هذا لا يقال عنه مس بحرمة رمضان أوإثارة لمشاعر الصائمين..
أذكر: كنت أقف مع بعض الزملاء قريبا من أحد الجزارين..كان هناك شخص يقول للجزار: أعطني من هذه كذا..من هذه..من تلك..و..أشار أخيرا إلى كرشة كانت معلقة..بجانبه كان يقف رجل..تفاجأنا بالرجل يسرع إلى تلك الكرشة ويضع عليها يده..سمعناه يقول للمشتري المرفه متألما: منذ أن بدأتَ الشراء وعيني على تلك الكرشة وتريد أخذها مني؟..لن تأخذها..هي لي..هذا ما طار لي ( هذا ما استطعت الوصول إليه)...للأسف، لا يرى الصائمون في مثل هذه الحالة مسا بمشاعر الصائمين البسطاء..
قبيل العيد ترتفع أسعار مختلف الملابس..ترتفع مختلف مواد صناعة حلويات العيد..يستغل التجار المناسبة ليربحوا أكثر..للأسف،لا يرى الصائمون في ذلك مسا بمشاعر المواطنين وأبنائهم..
أذكر أيضا: أخذت زوجتي إلى العيادة العمومية بعد الإفطار لتأخذ حقنتها..
لا يمكن ان تأخذها إلا بعد الإفطار، قال العامل البواب..
أين الممرض؟..أين الممرضة؟..سألت
إنهما في المسجد يؤديان صلاة التراويح، أجاب..
انتظرنا مع المنتظرين الكثيرين حتى انتهت صلاة التراويح حيث جاء الممرض والممرضة..، للأسف، لا يرى الصائمون في ذلك مسا بمشاعر الناس المرضى..
تذهب إلى مختلف الإدارات لا ترى إلا النعاس يمشي على رجليه مغتبطا..لا مباليا..يقول لك النعاس متثائبا: عد بعد رمضان..نْعَيْدو وربي ورحمتو...للأسف،لا نرى في ذلك مسا بمشاعر المواطنين الذين يتأخر قضاء مصالحهم..
يسهر الذكور ليلا في رمضان..في العشية ينامون..المرأة في المطبخ تواجه حرارته عرقا يتصبب ..تواجه روائح مختلف الأطعمة التي تحضرها له..تزداد عطشا وتعبا هي الصائمة مثله..لا يرى الصائمون في ذلك مسا بمشاعرهن النساءَ..
فقط، فقط، يرون المس بحرمة رمضان وبمشاعر الصائمين في شخص يأكل في النهار الرمضاني مضطرا في الغالب..
يا لها من حرمة..يا لها من مشاعر..
وهكذا تسير الحياة عندنا إلى خلفها..هكذا تصير..و..
هكذا سأكون خارج القطيع.. متهما..



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في معنى الأخلاق..كيف هي عندنا؟..كيف هي عندهم؟
- بيان مثقفين جزائريين
- عن مصالح الرعايا..عن مصالح المواطنين
- بين الدولة الدينية (الإسلامية) والدولة العلمانية
- الوانتوثريست*..البطالة والفساد الأخلاقي
- البنية ودلالات الأسماء في رواية-صخرة نيرموندا-
- عن معيقات الحداثة في عالمنا العربي الإسلامي
- بين الهند والجزائر
- أن ينتقِدوا، ذاك حقهم ..من واجبكم مجادلتهم والرد عليهم بالحس ...
- من المسؤول عما نحن فيه؟
- هذا ما يفعله مسؤولو ال تحت في شعوبنا العربية
- عن الإيديولوجيا..عن مخاطرها
- في معنى الأصالة
- عن ديمقراطية الشعر..عن لا ديمقراطيته
- عن القصيدة/ القبيلة العربية ومجتمع حاضرنا العربي
- مجتمعنا العربي وعالم الحداثة
- بين ثقافة الولاءات وثقافة الكفاءات
- مقبرة الحجارة
- هنا، لا أمام لي
- من آخرته عاد أبي


المزيد.....




- قوات الاحتلال تقتحم قرية ياسوف في سلفيت بالضفة الغربية المحت ...
- محمد اسلامي:نعمل في اطار الوكالة الدولية وهي تشرف على انشطة ...
- تردد الجديد لقناة طيور الجنة 2025 للاطفال عبر الأقمار الصناع ...
- استقبل الان على جهازك قناة طيور الجنة بترددها الجديد 2024 عل ...
- فخري كريم: الخيار الوطني يتطلب تبني مواطنة حرة ونبذ الطائفية ...
- إضراب بإيطاليا للاحتجاج على دعم إسرائيل يثير غضب الجالية الي ...
- صار عنا بيبي.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 علي مخت ...
- “استقبل الان” تردد قناة طيور الجنة للاستماع الي باقة كبيرة م ...
- بيان للهيئة الروحية والاجتماعية في بلدة حضر السورية بعد دعوا ...
- 50 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - عن حرية الإبداع ..عن مشاعر صائمي رمضان