أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد طه حسين - الأمن الفكري والإيجابية الدائمة














المزيد.....

الأمن الفكري والإيجابية الدائمة


محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)


الحوار المتمدن-العدد: 7152 - 2022 / 2 / 3 - 11:34
المحور: المجتمع المدني
    


قد يَتَعَقّد العالم أكثر فأكثر، ونَفقَد القَدرَ الأكبر من أمنِنا الإجتماعي والسياسي والإقتصادي والروحي والثقافي، بسبب تهوّرات مُستخدمي التفكير السلبي وأصحاب العواطف الجيّاشة نحو التَمَحور حول الذات والمتنفّذين النرجسيين وأصحاب نزعات الموت والعدوان على مستوى العالم، ولكن الفكر يبقى أكثر حركيةً وأنشط توجيهيةً وأقوى إنسجاميةً وتكيّفاً مع الظواهر الجديدة، حيث يغيّر بُنِيّاته وصياغاته ولا يقف عند الإنهيارات والإحباطات التي إنساقَت المعمورة تجاهها وعلى وجه الخصوص نحن مخلوقات بلاد الحضارات الأولى والديانات السماوية التي تجذّرت هالاتها في اللاشعور الجمعي والتكوين السايكوكيميكي والسايكوفيزيكي والسايكوروحي لافرادنا ومجتمعاتنا.
لا يخرج الفكر الأصيل عن إنسانيته ومشروعه البنائي للكائن العاقل. ولا يشارك العقلاءُ، المجانينَ، في مشاريعهم الهدّامة وسَقطاتِهم المتكررة في أوحال النفسيات المُغَرّرَة بِهِم والمُنساقة الى الشبقِيّة الإفتراسية وشهوانية الدَّم. فالعقل هو جوهر الوجود البشري والصمّامة التي إن وجدتها البشرية، قد تستعيد العافية التي تعكّرت منذ أن كُسِرت خواطر بروميثيوس من قبل أخيه بزواجه بباندورا وما أن فتح إبيميثيوس الصندوق(صندوق باندورا) خرجت شرور البشر وجشعه وغروره ووقاحته ولم يزل هذا الكائن المسمى إنساناً مهرولاً صوب دهاليزه متمنياً حيازة الإرادة كي يتصالح مع بروميثيوس ويواجه مشاريع زيوس الإنتقامية!. فالبروميثيوسيّ هو النسخة الأصلية من البشر الحقيقي التي تحمل طوابع الإنسان المتعقل الباحث عن النور الخارج من عِتمة اللاوجود.
لا يُحتَبَس الفكر الأصيل المَنبت أو التفكير الإيجابي في معتقلات ذوي الفكر الهدّام، فالإيجابية ترادف العقلانية بالمعنى الحديث والعلمي للمفهوم. لا يعترف المفكر العقلاني بجغرافية معينة للفكر، إنه لا يقاس بالمقاييس الإحصائية ولا الرياضية، ولا يَحِد عند سقف معين ومحدود، فالفكر يتسع وسعة اللامتناهي، وقد يتجاوزه، وهذا بديهة من البديهيات الوجودية لظواهر الفكر.
قد يصادف الفكر أجواء ملوثة إجتماعية وسياسية وثقافية وحتى إقتصادية، ولكن يستغِلّ المفكر الجدي ذو العقل المنتِج تلك التشوّهات التي خَلَقَها أصحاب التفكير المنحرف، ويجعل منها مواضيع ومباحث لذات فاعلة ونشطة وجادّة، بهدف إعادة رسم الخراب الموروث من الكتل الإنفعالية التي سميناهم بشراً ومجتمعات وكيانات آدمية.
سُذّجٌ هؤلاء الذين يعتقدون بإعتقال العقل والفكر النابض وإمكانية سَلبِه من الحركة والغوص في المجاهيل، من الطبيعي إنّ الفكر الحيّ له إستراتيجية بناء عالم أكثر توازناً من حيث الحِراك الحضاري وجدلية التلاقي والتلاقح بين الحضارات والثقافات المختلفة، ولهذا يواجه مطبّات وعراقيل صنعتها الطبيعة من جانب، والكتل المنفعلة من البشر من الجانب الآخر، وعندها يبقى (الفكر) يتمسك أكثر فأكثر بأزلية إستراتيجية صناعة الإنسان أو بالأحرى أنسنة هذا الكائن البشري الهائج المنفعل الذي لا يزال يتحكم بأغلبية ساكني هذه المعمورة، وجعله متفاعلاً مع ذاته و الآخرين وكذلك العالم الذي رُمِيَ إليه على حدّ قول مارتن هايدغر، والذي إمتلأ عدواناً وفق ما تؤكدها عالمة النفس كارين هورناى. فإن قام العلماء والمفكرين والنفسانيين بتقسيم الفكر الى السلبي والإيجابي، لا يعني إنهم يعتبرون الضِّفّة الأخرى من التفكير بأنها آمنة وصالحة لبناء الحياة، بقدر ما يضعون في الكفة الأخرى وحدات قياسية بغية معرفة الأوزان للفكر الأصيل والإيجابي البنّاء.
المفَكِّر الحقيقي ذو التفكير الإيجابي هو سلطان عالمه اللامحدود واللامتناهي، كونيٌّ في التفكير لا يمكن تعريفه وفق منهجيات بُقَعية رورشاخية التي سرعان ما تنقشع وتتهاوى بفعل الكائنات الهائجة المنافسة، والتي نفسر نحن النفسانيين تلك الكائنات بعقول شيزوفرينية تشبه رسومات العالم النفسي السويسري صاحب الإختبار الإسقاطي للشخصية (هيرمان رورشاخ،1884-1922)، أو تشبه سحابات صيفية قد تتلاشى وتختفي دون إبقاء أثرٍ لها. بمعنى أبسط، فالمفكر والمثقف الجدي المنتج للفكر البنائي للإنسان العقلاني الحقيقي هو صاحب شخصية يقظة وواعية ترسل بشكل دائمي إشعاعات صادقة للتوازن الفكري والعقلي لها، ولا يشك فيها أحد على إنها صاحبة ذاتها وتجهد دوماً لتصحيح المسار وإعادة التوازن للموازين المُختَلّة التي سادت المجتمعات البشرية وخاصة الأوحال التي سقطنا فيها نحن هنا في الشرق الأوسخ.



#محمد_طه_حسين (هاشتاغ)       Mohammad_Taha_Hussein#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصر النظر الميتامعرفي!
- نهاية الشخصية السياسية!
- رواية حاكم….حفريات ادبية في اغوار التأريخ
- ثقافة للبيع!
- عنصرية النص، تعليق للخيال الضيق….اليف شافاك نموذجا
- الجرٲة النفسية كشرط وجودي لحفظ الذات
- الانتماء الفطري والانتماء الحداثوي
- التلوث الذهني والذاكرة الموَسوِسة
- الصدمات والثقافةالنفسية
- عولمة الوباء واختراق الثقافات
- لعنة العولمة وٲهل القرية الصغيرة
- اتذكر غدي
- جهل يجدد نفسه...يرقص مع راقصات الحداثة
- هوّذا قد كتبت مقالا عن احتقار الثقافة!
- عقدة(الٲب الخالد)!
- ثورة الغضب وثورة العقل
- قروية ومدنية الفكر
- الانا الضائع وكائنات الغرائز....قراءة موجزة سايكولوجية للّوح ...
- هلُمّ نبني وطناً!
- حقائق في علمِنا النفسيّ


المزيد.....




- -بحلول نهاية 2025-.. العراق يدعو إلى إنهاء المهمة السياسية ل ...
- اعتقال العشرات مع فض احتجاجات داعمة لغزة بالجامعات الأميركية ...
- مندوب مصر بالأمم المتحدة يطالب بالامتثال للقرارات الدولية بو ...
- مندوب مصر بالأمم المتحدة: نطالب بإدانة ورفض العمليات العسكري ...
- الأونروا- تغلق مكاتبها في القدس الشرقية بعدما حاول إسرائيليو ...
- اعتقال العشرات مع فض احتجاجات داعمة لغزة بالجامعات الأميركية ...
- تصويت لصالح عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- الأمم المتحدة تدين الأعمال العدائية ضد دخول المساعدات إلى غز ...
- الإمارات تدين اعتداءات مستوطنين إسرائيليين على قافلة مساعدات ...
- السفير ماجد عبد الفتاح: ننتظر انعقاد الجامعة العربية قبل الت ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد طه حسين - الأمن الفكري والإيجابية الدائمة