أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد طه حسين - رواية حاكم….حفريات ادبية في اغوار التأريخ














المزيد.....

رواية حاكم….حفريات ادبية في اغوار التأريخ


محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)


الحوار المتمدن-العدد: 7075 - 2021 / 11 / 12 - 12:57
المحور: الادب والفن
    


رواية حاكم.....
حفريات أدبية في أغوار التاريخ
ليس سهلاً الغوص في أعماق التأريخ وتشخيص طبقاته وتحديد فقراته ومن ثم التعرف على سماة ما يتخذُ الروائيّ منها أبطالاً لمشروعه السردي والتنقيب في سمات العصر المُحَدّد إعادة إحيائه. سهّل لنا يوسف زيدان في روايته "حاكم...جنون إبن الهيثم" العودة الى ماضٍ بعيد وإستدرج القاريء معه الى غياهب الأزمان وإستنطاق كائناته البشرية والعيش بينهم دون إظهار حالات الغربة ومشاعر الإغتراب في مسايرتهم.
رواية حساسة وذات هارمونية متجانسة من حيث التنظيم الزمني والتحولات المكانية ووحدة الفكرة الرئيسية المقصودة معالجتها في النهاية. صادفتُ الكثير من الأعمال الروائية لكُتّاب عِدّة إستخدموا تقنية التناص والتزاوج الزمني والتقارن الحقبي للأزمان، ولكن ما لاحظتها في ال"حاكم" تقنية مختلفة عن كل هذه، حيث الزمن الحالي(الزمن الأول) هو البناء الفوقي لتلك السنوات الأربعين أو الخمسين(الزمن الثاني) التي غاص بنا الدكتور زيدان معه اليها والتي أصبحت أركيولوجياً طبقة من طبقات التأريخ لشعب مصر وشعوب المنطقة، هذا ما أسميه أنا كسيكولوجيّ بتقنية النماذج البدئية التي تناولها كارل يونغ في تحليلاته النفسية.
لم يعد التأريخ عند الدكتور زيدان مختزلاً في السرد الحكائي بقدر ما هو تفحيص دقيق لمكامن الماضي ودهاليزه، والأعقد من ذلك هو إقحام التأريخ أدبياً بحيث يجعل منه كروائي مواضيعَ ذات صلاحية للتعاطي معها من جانب ومن ثم العمل على إعادة الهيبة له من خلال الرواية من جانب آخر، أو بالأحرى صناعة نوع من اللذة في مجريات الماضي السحيق وذلك بإعادة إحياء أبطاله وأشخاصه بغية إكمال صورة التأريخ بحيث تضم وحدة موَحّدة بين وحدات الزمن(الماضي-الحاضر-المستقبل).
"راضي" وهو البطل المقدم للدراسات العليا-ماجستير في دراسة المخطوطات التأريخية تناسخ روح "مطيع" كي يعود الى الأجداد ويعيش بينهم بغية إكتشاف عصر بأكمله قد حكمه الفاطميون بحيث يتقصي في هذه العودة الواقع السياسي لأهل مصر وكذلك الحالة المجتمعية من تقاليدٍ وأعراف وتعايشٍ بين مكونات هذه الأمة في حينها، ولا يكتفي بهذا وذاك حيث ينتقل الى البنى النفسية لشخصية اصحاب السلطة والجاه والتكوين السيكولوجي للفرق والطوائف الإجتماعية والدينية والمذهبية، الى أن يصل بنا زيدان في غوصه هذا الى النظم الإقتصادية وكيفية إدارة المال والأسواق والنظام الصحي المبتلي بأمراض وجوائح فتكت أهل ذلك الزمان.
راضي أول مَن وصل من قرية"نجع العِزوة" من قلب الصعيد الى الجامعة دخل تجربة العشق التعلقي الحاد مع "أمنية" فتاة من أهل المدينة بحيث وصلت به الحال الى نوع من اللاتوازن النفسي بحيث أنهكه التعلق هذا، ولكن بتركه للحاضر والبدء في رحلته التنقيبية لروح الأجداد غيبه عن العشق الذي كاد أن ينسيه ماضيه وأدخله في روحانية "مطيع" وجعل منه ثانية متيماً ل"تمني" و"صفا" والتحول من الحالة العشقية هذه الى عشق الأرض والناس والنظام ومن ثم التعلق بإبن الهيثم المرمز زيدانياً للنفوس الطاهرة التي تسعى الى سيادة العلم وكونيته وكونية البشر.
رواية ال"حاكم" هي نص أدبي في تماسكه ولغته الشعرية ولحمته الرومانسية، وهي نص تأريخي أيضاً وذلك في إحضاره حقبة زمنية بكامل موجوداته وجعل أفرادها أبطالاً وشخصيات لهذا العمل الروائي بحيث لم يعد مستوراً على القاريء معرفتهم. أدب يقتحم أغوار التأريخ ويعيد إستنطاقه، ويقدم لأهل الأكاديميا درساً من نوع آخر يُصَرِّح بأن التأريخ بلغة الأدب والأدب بلغة التأريخ هو أسلوباً راقياً لإعادة الروح الى النص الروائي التقليدي وإعادة الروح الى المادة التأريخية كمواضيع قابلة لعلم التأريخ الوصول اليها.
ينقل لنا ال"حاكم" دروساً غير متعضة منها الأجيال، سواء في الحكم وإدارة السلطة والتلذذ بها، والإنزلاق الى ظلمات الطغيان والتمثيل بالإنسانية وقيمة البشر، أو يصور لنا النظام البدائي من القيم السائدة آنذاك وجوازها بالتمييز بين الأرواح والإستخفاف بهذا المخلوق المسمى إنساناً. عِبَر الرواية هي العقلانية وصناعة بشرٍ من نوع آخر يمكنه العيش في الحاضر والرضا عن الماضي الذي لم يعد بإمكاننا إنتاجه والبقاء في أوحاله الى الأبد بقدر ما نسافر من خلاله الى المستقبل.
رواية في غاية الروعة والجمال الصوري واللغوي والنسج السردي المتناسق، اسلوب كتابي جذاب بحيث يجبرك على أن تراقب الجديد من أعمال الدكتور زيدان وكذلك العودة الى الوراء بحيث يبحث بك هذا الأسلوب عن أعماله السابقة من رواياته (فردقان ونور وغوانتانامو ومحال وظل الأفعى والنبطي وعزازيل).



#محمد_طه_حسين (هاشتاغ)       Mohammad_Taha_Hussein#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة للبيع!
- عنصرية النص، تعليق للخيال الضيق….اليف شافاك نموذجا
- الجرٲة النفسية كشرط وجودي لحفظ الذات
- الانتماء الفطري والانتماء الحداثوي
- التلوث الذهني والذاكرة الموَسوِسة
- الصدمات والثقافةالنفسية
- عولمة الوباء واختراق الثقافات
- لعنة العولمة وٲهل القرية الصغيرة
- اتذكر غدي
- جهل يجدد نفسه...يرقص مع راقصات الحداثة
- هوّذا قد كتبت مقالا عن احتقار الثقافة!
- عقدة(الٲب الخالد)!
- ثورة الغضب وثورة العقل
- قروية ومدنية الفكر
- الانا الضائع وكائنات الغرائز....قراءة موجزة سايكولوجية للّوح ...
- هلُمّ نبني وطناً!
- حقائق في علمِنا النفسيّ
- الضاحك الباكي
- كلمات تتشاجر كالطيور
- خوفٗ من الحبّ...ٲم حبٗ من الخوف!؟...ثنائية ...


المزيد.....




- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد طه حسين - رواية حاكم….حفريات ادبية في اغوار التأريخ