أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد طه حسين - الانتماء الفطري والانتماء الحداثوي














المزيد.....

الانتماء الفطري والانتماء الحداثوي


محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)


الحوار المتمدن-العدد: 6746 - 2020 / 11 / 28 - 10:46
المحور: المجتمع المدني
    


الإنتماء الفطري والإنتماء الحداثوي
ينتمي السنونو الى عشه إنتماءً جينياً، وكذلك العصفور يبني عشه بالدافع ذاته، يشاركهم في هذه الصفة باقي الحيوانات الأخرى والطيور وكل الكائنات الحية. ولكن إنتماء البشر الى مكانه الذي قُذِفَ اليه وجودياً مثلما يقول مارتن هايدجر يخرج عن الإرادة والتخطيط الجينيين، حيث الفطرة هي التي ترسم له مدارات الجاذبية حول ونحو المكان أو الأرض التي بنى عليها البيت الأول له. المكان يَفرِضُ قوانينه على من يَخرُجَ الى الحياة فوقَهُ ويختار له آليات المواجهة للبقاء والحفاظ على نفسه، إرادة المكان تواجه فيما بعد إرادة الكائن البشري. في المواجهة هذه يظهر العقل والذكاء الإنسانيين، هذا عندما طبق ما كتب له في تفعيل ذهنه ومعرفته لإدارة هذا الصراع والخروج منه موزوناً وسليماً دون التسليم المطلق لإرادة الطبيعة المكانية.
إنتماء البشر الى مكانٍ محدد ليس مطلقاً كون الإنسان مزود بإستعداد وراثي لتحويل الحالة الفطرية للإنتماء الى الحالة العقلانية وتحويل الجاذبية الى المكان الى المراكز المؤسّسة عليه من خلال إنتصارات العقل في صراعاته مع الطبيعة ووضع آثاره عليها.
نحن هنا نعيش الى الآن في مراحل ما قبل المدنية بالمعنى الحداثوي والعقلاني للمفهوم، فالإنجرار وراء الآلة وإستخداماتها الميكانيكية لا ينعكس الوجود الفاعل المؤثر بقدر ما يبين الوقوع في الشيء والإبتلاء به، بدل الوقوع الجدلي الواعي في العلاقة بالشيء التي تستهدف إيجاد معادلة الذات الفاعلة والموضوع المدرك.
المدنية لا تعني غير ما تعني تحويل النزعات الفطرية وانجذاباتها من حالاتها البدائية الى تَشَكُّلاتها العقلانية، فالإنتماءات هنا بيننا هي ما تزال فطرية، لم تزل تقاس بالإنجذاب الطبيعي الى الأرض حيث لم ترتق من خلال البنية المعرفية التأسيسية التنظيمية الى طورها الحداثوي المتمثل بصناعة الحياة من نوعٍ آخر ألا وهو مَكنَنَةِ الزمن وتَذويته وإستغراق وجود الفرد الفاعل في الأنشطة الإعمارية المستخرجة في النهاية لأيقونات النظام والحياة المؤسسية .
بمعنى آخر وأسهل تحويل دلالات الإنتماء وترسيم خطوطه من الفرد الى العائلة والأرض الى المؤسسات المعبرة عن الوطنية والمدنية والحياة التشاركية ذات الجمالية العقلانية التي تتجلى في التمثيل السياسي والمدني والديمقراطي وكذلك التمثيل الثقافي والحضاري العقلانيين المتمظهران من الآثار والمنتجات الخارجة من أثر إنضاج التفكير والقدرات الإبداعية للأفراد داخل المجتمع.
كائنات الفطرة نحن ونجاهد بكل الاسف شعورياً أو لاشعورياً لحد الآن لأجل الحفاظ على هذا الطور البدائي، ولم نزل نتجاهل هذه الحقيقة ونتظاهر كأننا في زمن آخر غير زمن الأجداد، حيث نحاكي الآخرين في العوالم المتقدمة في سلوكياتهم الظاهرة دون الخروج من الأنماط التقليدية لتفكيرنا وإبداع لحظات حياتنا، ودون العمل بهدف التحرر من القيود الفطرية ذات الجذور الأسطورية الراسخة في أعماق الماضي السحيق.
الإنتماء الفطري لا تتأسس عليه الحياة المدنية ولا يطلق سراحنا من أسر العش القبلي والعشيري، تغيرت صور ومغزى الإنتماء في زمننا، فالرابط بيننا وبين المكان يتمدد من الذات الواعية الى ما أسسناها على هذا المكان والعكس غير صحيح بالمعنى الحداثوي للمعادلة.



#محمد_طه_حسين (هاشتاغ)       Mohammad_Taha_Hussein#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التلوث الذهني والذاكرة الموَسوِسة
- الصدمات والثقافةالنفسية
- عولمة الوباء واختراق الثقافات
- لعنة العولمة وٲهل القرية الصغيرة
- اتذكر غدي
- جهل يجدد نفسه...يرقص مع راقصات الحداثة
- هوّذا قد كتبت مقالا عن احتقار الثقافة!
- عقدة(الٲب الخالد)!
- ثورة الغضب وثورة العقل
- قروية ومدنية الفكر
- الانا الضائع وكائنات الغرائز....قراءة موجزة سايكولوجية للّوح ...
- هلُمّ نبني وطناً!
- حقائق في علمِنا النفسيّ
- الضاحك الباكي
- كلمات تتشاجر كالطيور
- خوفٗ من الحبّ...ٲم حبٗ من الخوف!؟...ثنائية ...
- ديمقراطية الغرائز وكائنات الشهوة!
- مجال ملٲته الدّناسة
- سبات حبلی بالبلادة
- مكان خارج الزمان


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد طه حسين - الانتماء الفطري والانتماء الحداثوي