أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد طه حسين - هلُمّ نبني وطناً!














المزيد.....

هلُمّ نبني وطناً!


محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)


الحوار المتمدن-العدد: 6244 - 2019 / 5 / 29 - 09:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قرنٌ مضى جرت ودارت فيه ثوراتٌ لا تحصى، أدارها نُخبٌ من الصفوة الثورية كانت تنتمي معضمها، امّا الى الفكر الديني ذو الأصول التراثية، أو الى الفكر القومي ذو الاصول التأريخية التي ترعرت مع المشاعر الوشائجية في الدم و القرابة، أو بالأحرى الفكر الذي أراد أن يزُجَّ بوجوده الفطري المبعثر كونياً الى الوجود المنظّم ضمن الأُطر القومية والوطنية المختلفة. وفكر يساريٌّ حاول تحقيق أحلامه المفرط في الإنسانية ألا وهي المساوات وإشاعة حياةٍ من دون إضطهاد ودون فروقٍ في الإنتماء الطبقي وكذلك في الإنتماءات البيوفيزيكية والبيوإجتماعية.
قادت معضم هذه الثورات رجالات ومجموعات كانت تدعي تحقيق النهضة بشعوبهم والوصول بها الى التحديث في ضمن الأُطر الحداثوية التي ظهرت قبلها في أوربا الغربية وكانت تظهر في مشارق الأرض ومغاربها فيما بعد، مجموعات لم تقدر حفظ مآربها فسرعان ما وقعوا في الشباك والمصائد. حداثةٌ في جعل الأمم أن تتمأسس:
• سياسياً في الأحزاب ومن ثم في المنظمات الجماهيرية وكذلك ما كان يسمى بالديمقراطية.
• إجتماعياً في المؤسسات الإجتماعية التي رأت وظيفتها في التحويل بالأمة الى كائن آخر يسلك بإرادة ورغبة كلّانية ضمن ستراتيجية بناء ثقافي تترجم الحداثة الى معانيها الوضعية والمادية كالجامعات والمؤسسات الثقافية والصحافية والسينما و.....الخ، ولكن عملت كل هذه المؤسسات للتجزئة وليست لبناء بيوت تجمع الكل في كيانات واعية تعي ما تهدف.
• إقتصادياً وذلك في تحويل الدكانين لبيع الحاجات اليومية الى محلات وأسواق للحاجات الجمالية والرغبية المنتجة في أسواق الغير وليست ناتج عقولنا وأيادينا، التي تشبع النزوات الإستهلاكية والدوافع التملكية المدفوعة يومها بظاهرة المواكبة مع التقدم.
• دينياً وذلك في تحويل العبادة والعلاقة الروحية بين العابد والمعبود الى تنظيمات سياسية ضمن الأحزاب والحركات الأصولية المؤسسة وفق النمط الحديث لتشكيل الأحزاب، التي حاولت وجاهدت كثيراً للوصول الى السلطة كالأحزاب القومية والشيوعية آنذاك. أحزاب دينية عمِلت على تصغير مفهوم (الله) وتأليه المرشد، على العكس من الحركات القومية التي كافحت للوصول بالبطل القومي الى مصاف الآلهات والأرباب.
• فنياً وأدبياً، حيث تُرجمت الحداثة بشكلها ومضمونها المتطرف في مجال السينما والتلفزيون وكذلك المسرح، وتوجهت المراكز التي إدعت التنوير والتحديث الى صناعة الثقافة بالمقلوب وذلك في مبالغتها في التقليد غير الرشيد للثقافة الغربية ومنابع الفكر الحداثوي المتنوعة دون الإعتبار للتراث ومستويات الوعي التي توقفت عندها مجتماعتهم حينها في جميع المجالات. بمعنى التوصيل الفكري والوعيوي بين الحداثة والتراث والقيم الاجتماعية والثقافية السائدة لم يكن متوازناً ودقيقاً، حيث بدأوا في ما رأوها في الأحلام وليس ما نتعايش معها في الواقع، ولهذا ظهرت فيما بعد الانفلاتات في جميع النواحي.
بُنيت الدول الكولونيالية تلك ليست لأهلها بقدر ما هي لأصحاب النفوذ المنتصرين في الحروب المدمرة التي كانت تدور حينها للحصول على مصادر الطاقة واسواق العبيد والرق في شكلها الحديث المتمثل في المَلَكِيات والجمهوريات المزيفة التي تتداعى بين فينة وفينة واحدة تلو الأخرى بفعل التغيرات التي تحصل في أمزجة صانعيها.
دول لكائنات بيولوجية فقط لا تريد المزيد، أكثر من الحاجات التي تفي بالغرض البيولوجي وهو البقاء حياً ومنفعلاً دون الوصول بهم الى التفكير الراقي الا وهو التفاعل مع المحيط ووضع آثاره العقلانية عليه. ساكني هذه الأوطان الإستيطانية تناغموا مع المايسترو الغربي وكذلك الشرقي أيام الشيوعية الزائفة التي كانت تقودها موسكو، حيث لم يرتقوا الى الفاعل المؤثر و المتفاعل في بناء السياسات، باتوا كما هم ذخائر بشرية قطيعية لإستيفاء التعسكر البشري لهؤلاء المونوبولات على هذه الأراضي.
الموظفون الجدد، القائمون على إدارة الديستوبيا الحالي في العراق مثلاً، يرددون مفاهيم لا يمكن لأي ملِّم بالفكر السياسي أن يضعها في محلها المُعرَب وطنياً وعقلانياً، كونهم مسلوبي الإرادة أساساً ومكلَّفين فقط بإدارة السيناريوهات وليس بمقدورهم أن يوحِّدوا الخطاب الوطني الأصيل وذلك لترجمة الإرادة السايكوسياسية الجماهيرية الى العمل المشترك لبناء وطن جديد على هذه الأطلال من بقايا الأزمان الكولونيالية.
حالة قانونية دولية واقعية وجاهزة إسمها العراق، لم تزل تتنفس إصطناعياً، يمكن أن تنتعش وتتحول الى كائن سياسي يحمل هوية أخرى وكذلك خطاب حداثوي أصيل تنعكس هذه الهوية الترجمة الحقيقية للصورة الحداثوية لبناء الدولة، التي تجعل من هذا الكائن أن يضم الكلّ المكون من إختلافات عدة يظهر بملامح دولتية تختلف عن سابقاتها في كل الجوانب. يبقى الواقع الجغرافي والجيوسياسي كما كان، ولكن الإرادة لهدم التـاريخ الزائف والبدأ بكتابة تأريخ جديد لدولة جديدة تتطلب من الوطنيين الجدد مراجعة عقلانية تنقذ الكانتونات من تشرذماتها وتجعلها تعي أهوالها التي وقعت في مستنقعاتها وتدرك واقعاً له بنىً دستورية ومقررات شرعية قابلة للتحقيق، هذه الرؤى ليست خيالاً بقدر ماهي تحمل البديل الأقوى لكل البدائل التي طالما هوت واحدة تلو الأخرى.



#محمد_طه_حسين (هاشتاغ)       Mohammad_Taha_Hussein#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقائق في علمِنا النفسيّ
- الضاحك الباكي
- كلمات تتشاجر كالطيور
- خوفٗ من الحبّ...ٲم حبٗ من الخوف!؟...ثنائية ...
- ديمقراطية الغرائز وكائنات الشهوة!
- مجال ملٲته الدّناسة
- سبات حبلی بالبلادة
- مكان خارج الزمان
- قول في التنمية الثقافية والاستثمار الفكري
- سايكولوجيا الاحتجاج
- الموت خارج الجسد!
- دول وانظمة وثورات فاشلة!
- علاج معرفي لعلل معتقدية!
- الزمن الفردي والزمن المجتمعي
- الفشل الثنائي في تشكيل الدولة
- الٲمان الاتكالي المزيف
- الی احلام مستغانمي.... صوت(الانوثة المفقودة).
- ما نزال عند نقطة البداية!
- افواه وفوهات متلازمة في النطق
- فرويد ومن تنفس بمفاهيمه


المزيد.....




- استطلاع يظهر معارضة إسرائيليين لتوجيه ضربة انتقامية ضد إيران ...
- اكتشاف سبب غير متوقع وراء رمشنا كثيرا
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الكرات النارية إلى سمائنا مع بداي ...
- اكتشاف -مفتاح محتمل- لإيجاد حياة خارج الأرض
- هل يوجد ارتباط بين الدورة الشهرية والقمر؟
- الرئيس الأمريكي يدعو إلى دراسة زيادة الرسوم الجمركية على الص ...
- بتهمة التشهير.. السجن 6 أشهر لصحفي في تونس
- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد طه حسين - هلُمّ نبني وطناً!