أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد طه حسين - الفشل الثنائي في تشكيل الدولة














المزيد.....

الفشل الثنائي في تشكيل الدولة


محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)


الحوار المتمدن-العدد: 5779 - 2018 / 2 / 6 - 15:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الفشل العربي في تأسيس العراق والاحتفاظ به كدولة منسجمة ومتناسقة والفشل الكردي في بناء دولتهم القومية ذات البنية الداخلية والخارجية الرصينة يلتقيان عند نقطة واحدة وهي الفشل الثنائي في بناء المدنية المؤسسة أصلاً على قاعدة الوعي الحضاري الداعم لعقلية الحياة المشتركة بين الاختلافات.
على الرغم من وجود عوامل عدة ولكن الفقر المدني الموبوء أصاب كل النخب من الساسة وممثليات الأديان والطوائف والقوميات وكذلك ما صُنِّفَت وسُمِّيَت بالهيئات الثقافية على كل الصعد والمستويات، والتأقلم المدني والحضاري لكل هؤلاء مع اشعاعات التنوير والفكر الحداثوي والمعطيات العلمانية والمدنية لم يكن مبنياً على الوعي بالقدرات المعرفية والثقافية المتشكلة للكيان المجتمعي التقليدي من جهة وبالمناهل والمنابع الأصيلة للفكر الحديث من جهة اخرى، ولهذا برزت نزعات متطرفة قومية سواءً من الجانب العربي أو من الجانب الكردي حيث (يَعدُّ كلٌّ منهم الجوز في جيبه) كما يقول المثل الكردي الشائع، ويكيل كل طرف اطاره المعتقدي بالأطر المعرفية الغربية والتي بنت عليها أشكال وجوهر الدولة القومية على نمطها الحديث ولكن بالمقلوب، اذ تأسس الفكر الدولتي الحداثوي على بنى وقواعد فكرية وفلسفية مدعومة من تطور علمي متحوّل امتد قرون من الصراعات العقائدية مع الزمن الدائري الكنسي، ولكن هنا بيننا تأثرت النخب السياسية القومية بالمنتَج الغربي سطحياً ولم تكتشف الماورائيات والبواعث وقادوا نزعاتهم مقلدين النماذج الغربية شكلياً دون الالتفات الى تأريخ بناء هكذا نماذج كي يؤسسوا مؤسسات القوة من منابعها الداخلية الأصيلة بحيث تجنبهم من الاقتداء غير الرشيد.
التطرف في التقليد لمنتجات الحداثة ليس أقل من التطرف القومي والديني والمذهبي وأي نوع من حالات التطرف الأخرى، فالتقليد لا يقابله التطابق والتناسخ الجوهري وهو ليس سوى شعور عُقَدي طفولي سايكوثقافي يجبر النخب القومية (القارئة والكاتبة!!) على التماهي شكلياً مع الخارج واستبعاد التفكير والتأمل جانباً بغية حمايتهم من حمل أثقال العقل والأخذ بنمذجة أيقوناته، هذه الحالات ليست الّا هروباً ونكوصاً صوب الماضي والاختفاء وراء سياسة الاستقواء بالآخر.
النتائج الفاشلة الثنائية المؤلمة ها نحن الآن نتذوقها دون الوعي بالاشارة الى موضع الألم ومسبباته، فالسقوط في أوحال وأهوال القومية البدائية والتطرفات الأخرى ليست سوى تدنيس للفكر القومي والوطني الأصيل وتشويشه وذلك جهلاً به ومن ثم تقديس هذا الجهل وجعله يتوارث بين الأجيال الى أن وصل بيننا ولا نزال نعاني من صفعاته المتكررة.
الدولة تؤسس ولا تتوارث وتقدس، هي صناعة بشرية جاءت نتيجة لجدلية التأريخ وضرورات العقل المُتَحَول، وهي مؤسسة عقلانية مبنية على وحدة وتماسك الشعور الجمعي والذاكرة الجمعية التي بدورهما تجعلانها كائنا حياً يتحول وفق مبادئ التطور والنمو العقلي.
العقل المدني هو الباني لأيقونات الانتماء وفي مقدمتها الدستور والذي بدوره من المفروض أن يؤسس لتشكيل المواطن الشاعر لقيمته واحترامه داخل هذا الاطار الجغرافي المسمى بالدولة التي تربطنا بها مشاعر المواطنة بالمعنى الحديث للمفهوم. الفشل الثنائي هو نتاج الجهل بالمدنية وثقافة تشكيل الدولة، فالدولة كانت تجهزت خرائطياً ولكن الكائنات التي تضمنتها فشلت في صناعتها وتٲسيسها وجعلها بيتاً نحس بداخله بالأمان كحالة روحية. نحن نعيش حالة فشل مزمنة دون ادراكٍ لعقلية التئامه فالكل يتمسك برَبعِه السياسي منجذباً نحو الطبيعة البدائية للمجموعات البشرية البدائية، والغياب القاتل لعقلية التأسيس للبيت الحداثوي مازال منتشراً.



#محمد_طه_حسين (هاشتاغ)       Mohammad_Taha_Hussein#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الٲمان الاتكالي المزيف
- الی احلام مستغانمي.... صوت(الانوثة المفقودة).
- ما نزال عند نقطة البداية!
- افواه وفوهات متلازمة في النطق
- فرويد ومن تنفس بمفاهيمه
- وطن بلا مواطنين!
- نهاية التأريخ والانسان الأوّل!
- ٲي كردي ٲنا!؟
- رهاب الاختلاف وسلوكيات الاستقواء
- نخاسة عقلي
- البناء النفسي والبناء الثقافي
- الاقتصاد النفسي....ستراتيجية تصريف الطاقة
- ذات غير سوية.....جسد غير متوافق
- كم هو صعبٌ أن تكون بسيطاً!
- حكاية محنطة
- رسائل محنطة
- المبدع والنائم!
- الأنسان الهيراكليتي الفوكوي
- فلنحب ولا نعشق
- ادعاءات شاعرية.....اراقص عقلي


المزيد.....




- مغنية تؤدي النشيد الوطني الأمريكي بالإسبانية احتجاجًا على مد ...
- -أضرار جسيمة- بمستشفى بعد موجة صواريخ إيرانية في جنوب إسرائي ...
- قطر.. سفارة أمريكا تعلن تقييد الوصول إلى قاعدة العديد مؤقتا ...
- ‌‏وزير الدفاع الإسرائيلي: خامنئي سيدفع الثمن
- سياسة برلين الشرق أوسطية على نار الحرب بين إيران وإسرائيل
- الكربون في الرئة يكشف سر تطور الانسداد الرئوي
- مستشفى سوروكا يتعرض لأضرار خلال استهداف إيراني واسع في جنوب ...
- موسكو: ننتظر مقترحات واشنطن لاستمرار الاتصالات معها
- -أكسيوس-: الجيش الأمريكي وحده يحتفظ بسلاح حاسم في المواجهة م ...
- نتنياهو: سنجعل النظام في طهران يدفع ثمن القصف وسنزيد قصف إير ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد طه حسين - الفشل الثنائي في تشكيل الدولة