أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد طه حسين - الأنسان الهيراكليتي الفوكوي














المزيد.....

الأنسان الهيراكليتي الفوكوي


محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)


الحوار المتمدن-العدد: 5449 - 2017 / 3 / 3 - 23:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأنسان الهيراكليتي* الفوكوي*
محمد طه حسين
الأنسان الذي أعلن فوكو موته على الورق قبل ما يقارب نصف قرن، يظهر دوماً خلف اسطر السّاسة وتُجّار البشر، غاضباً يُنَبِئُ بسطوته على المراجع الفلسفية والفكرية الميتاانسانية، ويُكَذِّبُ أدعاءات مابعد الحداثيين و يَصرُخَ مرتعشاً أياديه من شدة الغضب: سأهدِمُ ولن أدع الدنيا تستكين، سأُدَمِّر ولم أعطي فرصة التنفس لمن يدعي أعادة أنسنة الكون، أعادة صياغة العقول.
الأنسان الفوكوي كان هو المشروع البنيوي الراديكالي العلمي الرافض لكل المشاريع الهشة التي بنت الأنسان والأنسانية عبر التاريخ. الأنسان الفوكوي مؤسَّس على بُنِيّات عقلية منطقية لا يفسح أي ثغرات لعواطف وأنفعالات الجانب البيولوجي من البشر أن تُتَرجَمَ الى سلوكات اجتماعية وعلائقية. أنه لا يسلك أنعكاسياً، لا يتحرك شرطياً، لا يشعر عاطفياً، ونوستاليجياً، لا يلتفت لا للماضي ولا يراهن على المستقبل والأزمان التي لا يعيها ولا قدرة له للتنبؤ بكيفية أِتيانها.
الأنسان الفوكوي هو الأنسان الهيراكليتي، الذي يقدم نفسه مجرداً من التأريخ، منسلخاً من القيم الغاضبة، البالية النتنة، التي لم تفلح بأيجاد انسانٍ فريدٍ واعٍ بنفسهِ وجسدهِ وعقلهِ وزمنهِ ومكانهِ.
الأنسان الفوكوي هو متبرئ من كل الحكايات التي سلبت العقول جيلاً بعد جيل، وأطلقت العنان لكائنات الموت، لأبطال الخيال، والأحلام، أن يسيطروا على أذهان الأحياء ويقودهم بوخزات البغاة.
حلَّل فوكو الأنسان بمشراح فكري تأريخي جينيالوجي طبقاتي الى أن وصل الى مناهل الفساد الأنساني ومنابع الذهن النتن، رأى بأن الكائن المؤنسن على هذا الشكل الموجود بيننا في كل الثقافات دون استثناء هو من أخطاء الفكر الذي أخذ فيما بعد صيغاً تأليهية مقدسة واستُنسخَت منها ولادة بعد ولادة. أو بالأحرى من أخطاء التطور الذي استهزء به فيما بعد العبقري داروين بسلالته و عاد به الى أجداده الزواحف!.
الشكل الأرقى لأنسان اليوم هو مبني على القوة التي ينتجها سواعده وأطرافه لا عقله، هو يبكي أكثر مما يضحك، يكره أكثر مما يحب، يقتل أكثر مما يُحيِي، يهدم أكثر مما يبني، يسرق أكثر مما يعطي، يهرب أكثر مما يأتي، يغضب أكثر مما يفرح وهكذا دواليك. فكيف أذن نأمل من هذا الطراز الأنساني أن يظهر كمنقذ أسطوري يهدينا الى المسلك الصحيح والسوي لأنسانٍ مبدعٍ ومرن، مستقرِ متوازن، مفكر عقلاني لا منفعل هيجاني.
النموذج الهيراكليتي للأنسان الفوكوي الخارج من العتمة الى النور ليس الّا نفسه هو(ميشيل فوكو) ومجموعة أفراد فلاسفة ومفكرين عاشوا يترددون صيحة الفشل لمشروع الأنسانية عبر التأريخ ونادوا بأستمرار لأمكانية أعادة الأنسنة والعقلنة، حيث دمقرطة السلطة والحرية والأقتصاد والسياسة والثقافة بمعناها البنيوي الأستكشافي الفاحص، وليس من خلال اللجان والتوافقات التي تراعي توازنات القوى الكلاسيكية المنتجة لنفس العقول المركبة بكيمياء الأنفعالات والعواطف البدائية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الأنسان الهيراكليتي: استعارة من فلسفة هيراكليتس" من العتمة الى النور...في الأعتام أذن يبدأ التفكير"، اي الأنسان الجديد، في كتابه (جدل الحب والحرب).
*الأنسان الفوكوي: اشارة الى مفهوم موت الأنسان لميشيل فوكو.



#محمد_طه_حسين (هاشتاغ)       Mohammad_Taha_Hussein#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلنحب ولا نعشق
- ادعاءات شاعرية.....اراقص عقلي
- ماض لا يمضي
- نبضات ملحنة
- ظلُّ الموتى
- بيت الشياطين
- وطن من الكلمات
- السقوط الی الاعلی
- في الامس اعيش
- رثاء جرح ازلي
- سمير أمين.....(المسألة الكردية كيف كانت؟) عصبية مبطنة أو خِر ...
- سلمت قدري لابي الهول¡¡
- ذنبٌ يلدُ حباً
- ميتاسيكولوجيا العقل.......عودة لاكانية لفرويد
- موتى يتنفّسون!
- كلمات مهداة الى الأرواح المغادرة لجسدها!
- الشخصية الوطنية.....البنية والمفهوم
- تخَيَّلتُ اصفادا!!
- ظلمات ننتمي اليها!!
- عولمة الجهل


المزيد.....




- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد طه حسين - الأنسان الهيراكليتي الفوكوي