أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد رضا عباس - بين تظاهرتين















المزيد.....

بين تظاهرتين


محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7118 - 2021 / 12 / 26 - 19:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ونعني هنا تظاهرات المنطقة الغربية التي انطلقت في نهاية شهر كانون الأول 2012 وانتهت في اواخر كانون الأول 2013 لتفتح المجال لدخول تنظيم داعش العراق واحتلال ثلثه , والأخرى تظاهرات تشرين عام 2019 والتي شملت بغداد والمحافظات الجنوبية والتي استطاعت اسقاط حكومة السيد عادل عبد المهدي وغيرت الخارطة السياسية في العراق الى الابد. الأولى جاءت على خلفية اعتقال السلطات الأمنية مجموعة من حماية السيد رافع العيساوي وزير المالية آنذاك بتهمة المشاركة في عمليات إرهابية , فيما كان سبب الثانية هو استخدام القسوة المفرطة مع المحتجين من ذوي الشهادات العليا المطالبين بالعمل في بغداد.
كلا التظاهرتين رفعت شعارات وطنية تطالب توفير فرص العمل , القضاء على الفساد الإداري والمالي , توفير الخدمات , القضاء على المحاصصة. ايد الشارع العراقي شعارات التظاهرتين بكل حماس ودفع بأبنائه المشاركة الفعالة فيهما حتى وصلت اعداد المشاركين لكل منهما بمئات الالاف.
ولكن , كما اثبتتها التجارب , عندما تستمر التظاهرات او الاحتجاجات أكثر من ثلاثة أيام , اعرف ان هناك ايادي خفية خلفها , كلا التظاهرتين اثبتت ذلك. تظاهرات المنطقة الغربية خرجت من اجل مطالب مشروعة وقد حاولت حكومة السيد نوري كامل المالكي تحقيق ما يستطع تحقيقه , الا ان , وبمرور الزمن , كلما حاولت الحكومة تحقيق بعض المطالب رفع المتظاهرين مطالب جديد اعلى من سابقتها. لقد دخل عليها المندسين وأصحاب الاجندات الخاصة والطائفيون , واعداء العملية السياسية. وفي الثانية , تشرين , دخل عليها أيضا أعداء العملية السياسية , أعداء الإسلام السياسي , وأحزاب السلطة من اجل الدعاية لأحزابهم وكسب الأصوات باسم نصرة المظلومين.
كانت حجة قادة التظاهرات الأولى هو ان ظلم وحيف قد وقع على المكون السني من قبل الأحزاب الشيعية , وبذلك صبوا كل غضبهم على الحكومة والمكون الشيعي , وكان الحكومة كانت تمثل الشارع الشيعي وليست حكومة يشارك فيها المكون السني والكردي. على كل حال , قادة التظاهرات الغربية اتهموا السيد المالكي بانه عميل إيران وانه ينفذ اجندتها , وان رئيس الوزراء الفعلي كان قاسم سليماني وان الجيش العراقي أصبح " جيش سليماني , " جيش كسروي " , و" جيش صفوي", وبذلك حللوا قتل افراد هذا الجيش حتى في اجازتهم وهم في طريقهم الى مدنهم. لقد ظهر من بين قادة التظاهرات رجال دين يدعون الى القتل ويدعون الدول العربية تسليحهم للقضاء على التجربة العراقية , وسوف لن ينسى العراقيون دعوة الشيح سعيد اللافي والذي دعا الى منع دخول " عبد الزهراء" الى الانبار في إشارة له الى المكون الشيعي ومن ثم دعوته برمي القنابل على افراد الجيش والقوى الأمنية التي كانت تحمي المتظاهرين.
نهاية تظاهرات المنطقة الغربية كانت مكلفة للعراق والمنطقة الغربية خصوصا. لقد هرب منظمو التظاهرات بعد دخول داعش المدن الغربية وقتل من قتل وشرد من شرد , ولكن الدمار والقتل في المنطقة الغربية كان على أعظمه خلال عمليات تحرير المدن من تنظيم داعش الاجرامي. لقد كان عدد من قتل في معارك التحرير من اهل المناطق الغربية لا يقل عن 50 إلف مواطن , تشريد مئات الالاف منهم والعيش تحت الخيام , فيما وصل حجم الدمار المادي للعراق على الأقل 100 مليار دولار. لم تجني المنطقة الغربية من التظاهرات التي اندس فيها أعداء العملية السياسية غير القتل والتشريد وضياع مستقبل ابناءهم , اما قادتها فقد هربوا الى الدول الشقيقة, ولم تستطع الحكومات العراقية المتعاقبة محاكمة واحدا منهم.
رجوعا الى تظاهرات بغداد والمنطقة الجنوبية , والتي كانت هي الأخرى ضحية تدخلات القوى المضادة للتغيير, واستطاعوا بكل مهارة حرف أهدافها النبيلة , واستخدموا العنف ضد القوات الأمنية وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وعطلوا المدارس والجامعات ودوائر الدولة بحجة " ماكو وطن.. ماكو دوام " في بعض مناطق العراق الجنوبية. لقد كان دخول أعداء التغيير في التظاهرات واضحا , والا ما شغل المتظاهر السلمي بمحاولة احراق القنصليات الإيرانية في النجف وكربلاء والبصرة؟ وما علاقة المتظاهر السلمي بمحاولة احراق ضريح الشهيد محمد باقر الحكيم؟ وما دخل المتظاهر السلمي بحرق مخيمات رقود زوار الحسين في كربلاء. لقد رفع المتظاهرون في هذه الفترة شعار " اريد وطن ", الا ان الأوطان لا تبنى بالفوضى وتعطيل الدوام الرسمي او قطع الطرق والجسور او اغلاق الموانئ العراقية والتي تشكل الشريان الذي يغذي العراق ما يحتاجه من بضائع. لقد دخلت على التظاهرات عملية البيع والشراء مثل اختها في المنطقة الغربية فكان نتيجة في كلا منهما سقوط ضحايا , وتدمير منشأة واضرار في الاقتصاد العراقي ,ودخول العراق في فوضى امنية واقتصادية وهذا ما كان يطمح اليه أعداء العراق الجديد. يريدون العراق ان يغرق في مشاكله من اجل ان يزدهر الاخرون , وفي النهاية لم يجني المشاركين الاحرار في كلا التظاهرتين الا الموات والجراح. قادة تظاهرات المنطقة الغربية هربوا الى الدول التي دعمتهم , فيما ان بعض قادة تظاهرات تشرين قبلوا بالوظائف التي وفرتها لهم حكومة السيد مصطفى الكاظمي. اما البقية الباقية فقد رحلوا ايضا عن العراق مندحرين.
لقد كشفت تظاهرات المنطقة الغربية ما يلي:
1. رفض قادة التظاهرات التغيير السياسي الجديد. لقد اعتبروا قرارات الغاء مؤسسات النظام السابق استهداف لهم.
2. غياب المرجعية الدينية والسياسية المقبولة عند المكون السني وأصبحوا من دون مرجعية واحدة يلوذون لها وقت القرارات الصعبة.
3. غياب الوعي الوطني لقادة الاعتصام, حيث منذ الأيام الأولى لبدء التظاهرات رفعت لافتات وشعارات تسيء الى المكون الشيعي بأبشع الالفاظ.
4. انتصار الطائفية على الوطنية. شعارات التظاهرات لم تكن وطنية وانما رفعت ضد الشيعة ونعتهم بالخنازير وعملاء إيران واولاد الزنا , ولافتات كتب عليها " لن نقف الا بتحرير العراق.. لن نقف الا في طهران" , " يا أولاد الزنا اخرجوا المعتقلين", و " يا أولاد الزنا.. اذناب إيران".
5. ازدراء وتحقير للمؤسسة العسكرية. لقد اوغل قادة الاعتصامات في إهانة المؤسسة واعتبروها قوات " صفوية", " كسروية", "فارسية", " طائفية" , "عميلة", و"مالكية".
6. إيران تحل محل إسرائيل على قائمة الكره العروبي. الشيخ قصي الزين هتف في وجه الدول العربية بالقول " اعرونا مدافعكم لنقف امام أعداء الدين وملالي طهران."
7. تراجع اقتصادي محلي ووطني. رافق تظاهرات المنطقة ازدياد عدد العمليات الإرهابية مما منع الكثير من تجار المناطق الغربية والجنوبية التسوق من شورجة بغداد " خشية التفجيرات والسيطرات الوهمية".
8. تورط رجال الدين بقيادة التظاهرات. شيوخ الدين المشاركة في التظاهرات كانت تحث المشاركين فيها على التمرد والعصيان على الحكومة غير مكترثين بنتائجها المدمرة على المجتمع العراقي.
9. ازدياد وتيرة القتل الطائفي. حسب تقرير روسيا اليوم , كان عام 2013 في العراق الأكثر دموية منذ عام 2003. بلغ عدد ضحايا التفجيرات الإرهابية اليومية الى 8955 ضحية.
10. الاختلاف على الفيدرالية بين قادة التظاهرات. الشيخ عبد الحكيم السعدي اعتبر كل من يسوق للفدرالية من كبار رجال الدين " ليس كبار علماء وفيهم من يتحدث في العلن غير الذي في داخله".
11. تدخل جيران العراق. كثير من ساسة العراق تحدثوا عن التدخل الخارجي في تحريك التظاهرات , فقد جاء في تصريح النائب مشعان البوري , ان التظاهرات جاءت بتوجيه خارجي , وان " للأتراك والقطريين وبعض العرب ضغوط من اجل استئناف الصراع الطائفي في العراق".
12. دعم سياسي داخلي. كان هدف التظاهرات تحقيق عدد من الأهداف وعلى راسها اسقاط حكومة السيد نوري المالكي. هذا الهدف عمل عليه الحزب الإسلامي العراقي , حزب البعث, وتنظيم القاعدة.
13. وقفت الإدارة الامريكية على الحياد وان كانت لا ترغب بالسيد المالكي. الإدارة الامريكية اعتبرت التظاهرات مسالة داخلية ويمكن حل عقدها بالتفاهم بين الأطراف.
اما تظاهرات بغداد والجنوب فقد كشفت:
1. نقص الحنكة السياسية عند قادة التظاهرات. لقد كان شعارهم " نريد وطن" وبنفس الوقت يؤسسون لجان " غلق الدوائر الحكومية".
2. عداوة غير مبررة للحشد الشعبي , ذلك الحشد الذي حرر الأرض والرقاب في أكثر من ثلث الأراضي العراقية.
3. الاستفراد بإيران دون دول أخرى خلق شك وريبة في قلوب الكثير من العراقيين.
4. وقوف المرجعية الدينية في النجف الاشرف مع التظاهر السلمي ورفض التخريب والتعدي على القوى الأمنية.
5. لم تكون التظاهرات جامعة شاملة وانما اختصت بالمكون الشيعي في بغداد وجنوبها.
6. انكشاف وهن البيت الشيعي واستمرار تشرذم قواه السياسية.
7. خسارة الإسلام السياسي مكانته في مدنه ومحافظاته.
8. هجوم شرس على الديمقراطية بعد فشل الحكومات ما بعد التغيير تلبية حاجات المواطنين الضرورية.
9. دعوات الى عودة العلمانية بحجة انها تستطع انجاز ما لم تستطع الأحزاب الإسلامية إنجازه.
10. الحنين الى بيان " رقم واحد" السيء الصيت.
11. التظاهرات انتهت، وأمريكا ربحت العراق.

المصادر : محمد رضا عباس , خيام ودماء , أوراق , بغداد , 2021.
محمد رضا عباس , التظاهرات التي لم تنته بعد, اوراق , بغداد , تخت الطبع .



#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن يحصل انهيار للدينار العراقي
- كيف تعامل الكتاب العراقيون مع تصريح الشيخ الابراهيمي؟
- ماذا تغير في لبنان بعد استقالة السيد قرداحي؟
- رفع سعر الفائدة يطفىء لهيب الاسعار , لماذا قررت تركيا العكس؟ ...
- يا شيخ الابراهيمي : لقد خالفت شريعة نبيك
- روسيا الاتحادية تتاجر بالسيادة السورية
- تعريف السوق في النظرية الاقتصادية الاكلاسيكية
- لماذا يختلف الاقتصاديون ؟
- ارتفاع التضخم المالي في دول جوار العراق وتاثيره على اقتصاده
- ما هي علاقة اسعار الفائدة باسعار الذهب في نظام السوق؟
- هل ستقبل اور العراقية تحدي قصر Biltmore الامريكي ؟
- الاتجاه السياسي الجديد للادارة العراقية تحت قيادة السيد مصطف ...
- انهيار الليرة التركية وتاثيره على الاقتصاد الوطني
- هل ستغادر القوات الامريكية العراق بنهاية هذا العام؟
- ضحايا التقدم الاقتصادي غير الملتزم
- هل من علاقة بين تسبة التضخم المالي و البطالة؟
- خطايا نظام السوق
- العالم يدفع فاتورة ترك ملايين الامريكان اعمالهم
- هل الاستثمارات الخليجية في العراق طبخة للبننته؟
- و تبين ان العراق كان مربط خيول ال سعود!


المزيد.....




- ترامب أمام تحدي اختيار مرشح لمنصب نائب الرئيس بين أنصاره الم ...
- البيت الأبيض يُعلق على تقرير CNN حول انتهاكات مزعومة في أحد ...
- -القسام- تنشر فيديو لإطلاقها الصواريخ نحو مدينة بئر السبع بر ...
- السعودية.. ما حقيقة -القلعة- التي ظهرت بعد سيول وادي فاطمة ب ...
- بايدن يوجه بإرسال مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 400 مليون د ...
- واشنطن تؤكد أنها ستعارض مجددا في مجلس الأمن الدولي طلب فلسطي ...
- -العقرب العراقي-، أحد أكبر مهربي البشر المطلوبين للعدالة في ...
- رفضا الخدمة العسكرية فكان السجن بانتظارهما.. سجينان إسرائيلي ...
- شاهد: جرفت كل شيء في طريقها.. فيضانات مُفاجئة تضرب شمال أفغا ...
- النازية.. من أخرجها من القبور؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد رضا عباس - بين تظاهرتين