أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم البيك - قصة عاشق اسمه أبو علي مصطفى














المزيد.....

قصة عاشق اسمه أبو علي مصطفى


سليم البيك

الحوار المتمدن-العدد: 1656 - 2006 / 8 / 28 - 08:51
المحور: القضية الفلسطينية
    


ليس كغيره من العشاق كان, لم تتسن له الأيام, أو لم تكفه, ليصب ثورته على معشوقةٍ واحدة شلالات من الانتماء. فجُبل بعشيقات كثر, أعرف منهن البندقية و الجبهة و الشعب و أحلا كل العشيقات في كل الأزمنة, فلسطين.
ليس كغيره من عشاق فلسطين, عشقها حتى الثمالة شهادةً, و كان حين يغازل بندقيةً, يغمز من طرف فلسطين, الرائع في الأمر أن باقي عشيقاته تتجمل و تحمرّ وجنتاها عشقاً حين يغازل فلسطين فيها. كانت "جبهته" مثلاً تزداد احمراراً و ثورةً حين يغازلها, لا لشيء إلا أن فلسطين موسومة في كل ملامحها, في بسمتها, في ثنايا جسدها, في روحها. من عطر جسدها كان يلاعب رذاذ ليمون فلسطين و برتقاله.
لم يكن كغيره من العشاق, كثيراً ما كان يتسلل إليها ليلاً, خفيةً عن النجوم الشائكة, و حرس الحدود, و الاحتلال. يقضي الليل مع معشوقته قبل أن يصحا السجان. يمارس حبه إلى فلسطين إلى أن يصحا العسكر, فتنام فلسطين المتعبة لساعة أو بعضاً منها, إلى أن تصحا شمسها على صوت أطفالها, يلعبون لعبتهم المفضلة قبل و بعد المدرسة و أثناءها, لعبة الحجارة و الدبابة.
يغادر معشوقته صباحاً ليمضي النهار مع الأخريات و يحكي لهن عنها, تغص سماؤها لفراقه, ترافقه إلى الحدود, و تبقى, حين يَعِدها بالرجوع لتَعده بالسهر كل ليلة, تُعِد البرتقال من رحمها و الزيتون من صدرها و كأسين من ريقها المسكِر, تشعل الشموع و تَعُدّ الطلقات و تنتظر.
لن يكون كغيره من العشاق, عبأ البندقية بوعوده و عاد بعد أن سئم الليل و طرقاته, صرخ على الملأ, هي لي.. أحبها.. و هاأنذا.. عدت يا عسكر.. إن كان للموت مكان.. فلن يكون إلا في حضنها. عاد ليمارس حبه ليل نهار في رام الله. لم يتسع حقدهم لعشقه, قتلوه قبل أن تشهد باقي أطراف جسدها في عكا و الناصرة و غيرها رائحة عرقه. كان ما أراد و استشهد في حضنها, رمى حقدُهم أشلاءَه شبقاً على جسد فلسطين الدامي, فارتعشت وِحدةً و بكت:" عاشق آخر.. شهيد آخر.. ينام أبداً على صدري.. إلى متى سأغتسل بالدماء كل صباح و كل مساء.. يا الله.. ليس أبو علي مصطفى.. يا الله..", و تبكي.
كان أبو علي عاشقاً للحياة معها, لا الموت, و لكن إن كان الموت, فليكن فيها أو لا يكون. كان هذا الموت, و رأسه على صدرها, أشهى له من أن يذرع الحياة كفاحاً و كفاحاً خارج حدود جسدها المثقل بالآلام, اختار أن يعيش الموتَ في حضنها, أجمل الإناث.
فلسطين اشتاقت إليك أبو علي, عشيقاتك الأخريات اشتقن لتغزلك بهن. اهدأ قليلاً يا رفيق, للورد في فلسطين أوانه, سنلبسها طرحةً من الورد و تاجاً من البنادق, ستغتسل لا بدماء الشهداء هذه المرة, بل من كل الدماء, و ستحيى أنت و كل الشهداء. ستشهدَ من عندك لون ترابها المثير, بنيٌ محمر, لتثور فيك الوطنية من جديد, فأرضنا هذه كلما عُتقت, ارتقت جمالاً و شبقاً لعشاق جدد, لشهداء جدد, إلى أن يحين أوان الورد فيها.
ربيع فلسطين آت يا رفيق, فليقطفوا من وروده و ليقطعوا من زيتونه و ليحولوا بياراته إلى مناطق عسكرية مغلقة, فليشيدوا السجون و المقابر على جسد معشوقتك. للورد يا رفيق على جسدها أوان, و لحريتنا ثورة, و لثورتنا ورود حمراء, و بكل الألوان. لحينه, لن تبقى وحيدةَ ليلها, فلتهدأ أبو علي, عشاقها كثر, و عشاقك و عشيقاتك كثر.


كاتب فلسطيني مقيم في أبو ظبي
[email protected]



#سليم_البيك (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبّ فلسطيني... في أربع ساعات
- موسيقى الكاتيوشا
- مع حبي.. ترشيحا
- في الجليل.. حياة
- أحمر أبيض
- وطن من اثنين
- غباء بكل الأحوال
- لا مكان للمساومة
- لرؤوس أصابع طاغية
- حرية تكفي.. لجمالها
- -اقعد عاقل-
- رفيقي فلاديمير
- ألا يكفي؟
- اختلفت المسميات
- سلام لمحمد الماغوط
- -خلصونا بقا-
- سعدات: المواجهة أو الموت
- إلى سعدات مرة أخرى
- حظاً أوفر
- أتوا.. و لكن


المزيد.....




- -فيرساتشي- تتمرّد على القيود بأسبوع الموضة في ميلانو
- جوليا روبرتس تتألق بربطة عنق في نيويورك
- ما سبب الجدل حول أول برلمان في سوريا منذ سقوط حكم الأسد؟
- ميرتس: نحن في حالة اللاحرب واللاسلم
- أميرا هاس: 5 أمور تدل على أن اتفاقيات أوسلو حية وفي صالح إسر ...
- نيويورك تايمز: أميركا ترحل 100 إيراني بعد اتفاق مع طهران
- مقتل عائلة أوكرانية في هجوم روسي وبوتين يؤكد انتصار قواته في ...
- -صُنع في إيطاليا-..علامات تجارية -تحيي- الشعار الرنان بميلان ...
- نتنياهو يهدد: إسرائيل -ستُنهي المهمة بنفسها- إذا رفضت -حماس- ...
- البيت الأبيض ينشر صورة لحظة -إجراء ترامب ونتنياهو- اتصالا مع ...


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم البيك - قصة عاشق اسمه أبو علي مصطفى