أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض قاسم حسن العلي - لماذا علينا أن نقرأ لعزيز الشعباني؟ قراءة غير متكاملة في المجموعة القصصية ( هو الذي رأى برهان امه ) الصادرة عن دار قناديل / بغداد / 2019.















المزيد.....

لماذا علينا أن نقرأ لعزيز الشعباني؟ قراءة غير متكاملة في المجموعة القصصية ( هو الذي رأى برهان امه ) الصادرة عن دار قناديل / بغداد / 2019.


رياض قاسم حسن العلي

الحوار المتمدن-العدد: 7089 - 2021 / 11 / 27 - 22:44
المحور: الادب والفن
    


هذه المجموعة هي أول لقاء لي مع نصوص عزيز الشعباني وهو لقاء كنت انتظره منذ زمن طويل.
يقدم الكاتب نصوصه بلغة سلسلة وبسيطة بدون تعقيد او وصف مبالغ به او تهويمات كما يفعل البعض وهذه البساطة لا تخلو من عمق فاصعب الاشياء أن نقدم الافكار للناس ببساطة ووضوح وبلا تعقيد فنصوص هذه المجموعة تقدم المتعة البالغة للقارئ بالاضافة الى التأمل الذي لابد منه بعد كل نص.
فالبحث عن مقاصد النص والفكرة التي يريد ان يوصلها الكاتب لقارئه يحتاج فعلاً الى تأمل ولكل قارئ فهمه الخاص به ودرجة تقبله للنص لها علاقة بتفاعله معه.
والكاتب يعمد في بعض الاحيان الى السخرية السوداء. هل تتصورون اني كنت ابتسم وانا اقرأ، هذا نادراً مايحدث ان تلتقي انفعالات جسد القارئ مع نص لكاتب.
لكن والحق يقال انه ليس كل النصوص بمستوى واحد من الجودة بل توجد قصص كنت افضل كمتلقي ان تكتب بشكل اكثر جودة مما هي عليه.
لكن اعترف بان نصوص عزيز الشعباني هي من النصوص التي تقرأ اكثر من مرة فخلال ثلاثة ايام فرغت نفسي لها وقرات كل نص خمس قراءات استطعت ان اخرج بحصيلة من الانطباعات المتفاوتة.
وهذه الانطباعات سجلتها وانا متأكد بأن لكل قارئ ربما يختلف معي او يتفق فيها لذا فهي غير متكاملة، فلا يوجد رأي قطعي خاصة فيما يتعلق بالقراءات السردية.
-----------------
في النص الاول ( بعده الميتافيزيقي) وقفت طويلاً اتأمله وقرأته مرات عديدة بسبب جماله اولاً ومحاولة لأكتشاف مايخفيه من دلالات وأشارات يمتلئ بهما النص فالكاتب يمزج هنا بين التصوف والميثولوجيا وتاريخ دروايش بغداد الذين يتجولون في ازقتها العتيقة وتلك الهمهمة التي تخرج من افواههم ولا يفهمها احد ولكن ايمان الناس بهم يخلق لهم كل تغيير يرجوه.
النص يرويه أبن وهو يتحدث عن أبيه وفيه حكايات كثيرة كثفها الكاتب ولو راد ان يستمر في الحكي لما شعر القارئ بأي ملل.
الكاتب يجعل من القارئ شريك في تأويل مايكتب فهو يرمي نصف السرد عليه وعلى القارئ ان يقرأ بسرديته الخاصة وهو يبحث في ازقة الكتابة كما يجول هذا الاب في ازقة بغداد وهو يمنح بركاته على المارين.
اقرأوا الاستهلال الصادم ( أبي المعلم الاول الذي علمني الكذب).فالكاذب الاول يتبعه كذبة آخرون فالكاتب لم يقل (الوحيد) بل قال ( الاول)..ومن هو الاول؟ الاب.وكم تلقينا الاكاذيب من اسلافنا سواء عشنا معهم ام لا.فالابناء يكتشفون كذب اباؤهم والاب هنا ليس بالضرورة الاب الحقيقي بل يمكن ان يكون اي شئ اخر والكاتب لبسه لبوس الاب الفيزيائي كي يستطيع ان يكذب علينا هو الاخر، يمكن ان يكون سياسي او مؤرخ او رجل دين او كتاب او وطن بأكمله نعيش كذبته كل يوم ومنذ آلاف السنين.
النص كما قلت مفتوح امام كل تأويل يمارسه القارئ وهو يقرأه بشغف ومتعة وربما يكتفي بتذوقه بدون اي تأويل متبعاً سردية الكاتب المذهلة ذات القدرة على الحكي بدون توقف..
لذلك كرهت عزيز الشعباني لأنه توقف.
------------------
في النص الثاني ( الليل خيمتنا الامينة) يستحضر الكاتب شئ من التراث لكن بطريقة جديدة وموضوع من مآسينا الكثيرة.
هل نكتفي بالاستماع الى تاريخ الانسان وفق رؤيته؟
ماذا لو حدث وان انصتنا الى مايقوله غير الانسان؟
كأن يكون كلب مثلاً.
في روايته خمسة عشر كلباً للكاتب الكندي اندريه اليكسس نجد ان الكلاب تتحدث وتقرر وتفكر كما حدث في حكايات كليلة ودمنة وكذلك في رواية عبد الهادي سعدون مذكرات كلب عراقي غير ان كلاب الشعباني التي تمارس وظيفتها تختلف عن كلب عبد الهادي الذي قرر ان يترك وحشية الحيوان.
كلاب الشعباني تسخر من الانسان وهي على حق وهي تنبت انيابها في جثث المتصارعين فلايهم لمن تكون الجثة طالما ان الانسان لم يهتم بذلك.
اذن نحن امام نص فنتازي لكنه مشبع بالواقعية وهو نص يمكن ان نقول عليه السرد المستحيل فهو يجعل من كلابه يكتبون الاساطير ولدى بعضها شئ من الثقافة وهي تنظر الى الاشياء نظرة فلسفية وتمتلك افكار بل هي تدين تفاهات البشر وتعد الحرب أنتاج بشري بامتياز بل انها تعقد الاجتماعات وتتباحث في شؤونها ولكلاب الشعباني قواعد اخلاقية في التهام الجثث وقد استخدم الكاتب التناص مع قواعد الحرب التي وضعها الانسان.
-----------------
في النص الرابع ( رسالتان لحلم واحد) يشتغل الكاتب بالدرجة الاولى على فيوضات وجماليات اللغة السردية بشكل اشبه بالشعرية الفائقة فنقرأ مثلاً : ( ...كنت اظن أن الطقس حين يحمل النهار يفرض الشمس فرضاً ، ويربي صغار الامل في حديقة النور) أو : ( رأيت السماء مسحورة بثوبك الابيض ورأيتك تمتد، تمتد، تمتد، للمنتهى) أو ( ...غسلت حزن الشيخ بسحابة بيضاء جرفته على منحدرات الفرح) أو ( تلك الشذرات التي تلون حلم العيون بنطفة فيستفيق الندى ) وغيرها وهذه اللغة التي تنساب كالشعر لم تمنع من حدوث تلك المفارقة بسبب اختلاط ورقتي الفحص لكن الكاتب هنا استخدم مااسميه بالتلفيق السردي ليجمع احلام امراتين وهو الامر الذي ادى الى ضعف في الحبكة.
حتى في تقنية استخدام الصوت السردي كانت مربكة وغير موفقة الى حد كبير حيث استخدم الكاتب ثلاث اصوات دفعة واحدة الاول هو صوت امجد ثم السارد العليم ثم احمد .
--------------------------
النص الخامس ( خيبة الثبات على الحياة ) ينتمي الى ما يسمى بالسرد المستحيل حيث يذكرنا برواية الروائي المكسيكي خوان رولفو ( بيدرو برامو) الصادرة سنة 1955وكذلك في بعض فقرات رواية اروهان باموق ( اسمي احمر) وكذلك بقصة ( رجل كثير الاسفار ) للؤي حمزة عباس وقصة (اينوما ايليش) لعلي عباس خفيف فسرد الموتى هو ما يسميه الدكتور حسن سرحان بالسرد المستحيل وعلى الرغم من قصر نص الشعباني الا انه يحمل الكثير من التأويل والتأمل فالميت هنا يشعر بأن الاحياء يعانون من خيبة الثبات على الحياة ولا ينسى الكاتب ان يستخدم مفارقاته اللغوية حيث يصف الموتى وهم يشربون الخمر ( كان اصدقائي الموتى يترنحون بسكر مميت) فكيف يكون السكر مميت وهم موتى اصلاً؟ وهذا لا يحدث الا في لغة الشعباني.
---------------
في نص ( صورة ظل،لصمت الجدة ) يمزج الكاتب بين اللغة الشعرية والافكار الفلسفية والتصوفية ووحدة الوجود من خلال وصف السارد للحظات صمت الجدة. ويمكن القول ان هذا النص هو من النصوص المفكرة فهو لايقدم للقارئ سردية احداث او حركة شخصيات بل هو يمنح للقارئ حرية التفكير في رمزيات الصمت من خلال وصف السارد وهذه الجدة التي يرتبط بها الاحفاد برباط الحكايات وبالتحديد حكاية النهايات ،وهي حكايات عن نهار يحتضر او وجهاً بعدة عيون للموت او جندياً يعاني العودة من العدم بلا اسمال وغيرها فالجدة هنا كناية عن هذا العالم والذي يقود اقدارنا بصمته المجازي فالصمت هنا ليس صمت بلا معنى بل انه يحمل في احشاءه نهاية كل حكاية .
النص يحتاج قارئ نوعي ليفتح ابوابه الكثيرة.
---------------------
في نص ( وادي الشك) يلعب الكاتب على ثيمة الحلم مرة اخرى والتي تكررت في نصين فيما سبق وفي هذه المرة فأن السارد يكون بين النوم واليقضة فلا يستطيع القارئ ان يعرف حقيقة مايرويه هل هو حلم بصوت عال ام حقيقة، لكن الكاتب يضع قارءه امام اختبار صعب فهو يستهل نصه بكلمة ( افقت....) لكن هذه الحيرة اعتقد انها تتلاشى في العبارة التي تليها ( ....من اغفاءة حلم) فالسارد لم يفق من النوم بل من اغفاءة حلم، اذن هو مازال نائماً لكنه افاق من حلمه فقط وما تصرفات تلك الفتاة في الحافلة الا ما رآه في الحلم او بالاحرى المنام فمن يضمن لنا ان السارد لم يدخل في اغفاءة حلم أخر.لذا فانه يدخل القارئ في حيرة فمرة يقول ( نفضت عن شعوري رذاذ النوم ) وبعد قليل ( مازلت سجين ناقوس الحلم) اذن فان الحلم مازال مسيطراً عليه والسارد يبقى رهين وادي الشك كما هو القارئ ، ماذا لو كانت تلك الفتاة التي تشبه الغجريات هي زوجة الشخصية الساردة؟فالسارد يقدم لنا اشارات مثل (أشفقت لحالها ، اقصد لحالنا ) او ( تذكرت كم هي ماهرة في التقليد ) او ( حقيبتنا) وهذه الفتاة غاضبة ولا نعرف لماذا هي كذلك.
--------------------
نص ( تعال لأضمك أيها الاله، ونبكي) فيه استحضار لاسطورة ديموزي لكن وبكل صراحة النص كان ضعيفاً وفكرته لا تضيف أي شئ للقارئ ويمكن له ان يتعداه دون ان يثير دهشته فالنص لا يحمل اي مفارقة او حدث مشوق او التفاتة سردية مميزة.
------------------------------
في نص ( الولد الذي رأى برهان امه) والذي اتخذه الكاتب عنوانا لمجموعته يصف السارد لحظة مضاجعته لامراة وربما عن طريق الحلم وليس الحقيقة والكاتب يستخدم الاحلام لتمرير سردياته كالعادة فمن اشارات الحلم في هذا النص : ( لا ادري ايضاً متى سحبتني سكرة النوم والى أي عمق) و ( اختلط عندي الاحساس بين الحلم الصحو) و ( في الحلم كان الخوف مبالغاً به، في الصحو لا أقوى على الالتفاتة) لذا فأن المتلقي يفهم ان ماحدث ربما يكون قد حدث في الحلم، وحتى لحظة اكتشاف قطعة الملابس الداخلية السوداء فانه - أي السارد - يشببها بقطع ملابس امه التي طرزت اسمه عليه ، فعقدة اوديب حاضرة هنا وبقوة فتلك الملابس المعلقة على حبل الغسيل بقيت في ذاكرته فكل لباس داخلي اسود من صنع شركة الرافدين هو يشبه لباس امه وينقصه أسمه ليكون لأمه ولما كانت شركة الرافدين من اختراع الكاتب فلابد انه يقصد به رمزية معينة وهذه الرمزية تخص كلمة الرافدين وهي واضحة هنا اذا علمنا ان هذه المرأة - أمه- استشهد زوجها بعد شهرين من زواجهما وهذا السارد يمارس شهوة التلصص بفيتشية جنسية نفسية وتتوضح هذه الرغبة المخفية بقوله ( هناك أشياء نخشى مواجهتها ، لا نجرؤ حتى على تذكرها) .
لكن هل يمكن لنا ان نقول ان تلك المرأة هي الارض التي سلمت نفسها طوعاً وبسهولة في جنح الليل وترك بعدها الجنود ملابسهم وراءهم؟ ففي فعل الحرب بين الخسارة والانتصار ثمة تشبيه بالفعل الجنسي.
لمن كان يبوح هذا الولد؟
هذا النص من اكثر نصوص المجموعة مشبعاً بالرموز والدلالات واعتقد ان كل قارئ سيؤوله بحسب وجهة نظره وهو من النصوص المهمة جداً.
------------------------
في نص ( احلام السيد الرئيس ) نجد رجل ينصب رئيساً للوزراء بعد الانتخابات وتبدأ احلامه ورغباته تتسع بمرور الوقت وهي تعبر عن بداية الحكم البسيطة التي تتحول تدريجياً الى رغبة عارمة للتملك والتسلط وكان الحلم حاضراً في هذا النص..
النص واضح جداً ولا يحتاج الى اي تاويل وتفسير وهو يخلو من أي حدث وهو نص فكرة لكنه ليس بالنص الذي يثير الانتباه.
-----------------------
نص (أنا والشلل ، صديقان) من النصوص التي توقفت عندها كثيراً وعلى الرغم من انه نص واضح جداً ولا يحتاج الى تأويل او تفسير لكنه مع ذلك نص كبير فمنذ اول كلمة على القارئ ان يستعيد مرحلة ماوراء النص ( شاؤوا...) من هم هؤلاء الذين شاؤوا؟ ولماذا شاؤوا ومالذي دفعهم الى شن الحرب او الحروب ، ففي الحرب لا يقاتل الجندي فقط بل حتى الطالب الجامعي والمدني فبطل النص لم يدخل حرباً واحدة كجندي ففي الحرب الاولى كان يتلقى القذائف وفي الحرب الثانية كان يحصي الموتى وفي الحرب الثالثة عليه ان يحضر بدلة عمل ووووو...
الحرب لا تعني الجبهات فقط ففي داخل كل انسان تشتعل حرباً تتزامن مع حرب الجبهات.
لكن هذا الرجل يشعر بأن شلله من جراء قصف الغارات جعله يخذل الحرب مما جعله يخجل منها، انها الاجندة التي يتبعها الذين (شاؤوا) في جعل الحرب شئ مقدس وعدم المشاركة فيها فعلياً يتبعه الخجل والشعور بالخذلان. ( يتوخون الدقة كي يحيلوا الموتى على التقاعد ويفتحوا سجلات جديدة للمتطوعين) ، تعمد الكاتب على تكثيف النص في صفحة واحدة فقط مما اعطاه حيوية فائقة.
--------------
في نص ( سقوطنا ) يقدم الكاتب أشارات ودلالات واضحة جدا لخطابه القصصي فالحافلة هي العراق والركاب هم العراقيون ويمكن للقارئ أن يفهم بعدها كل شئ.
-------------------
نص ( جرح لا يبكي) بسيط جداً لايقدم شئ الى القارئ واعتقد انه كتب بتقريرية وخطابية مع شئ من اللغة الشعرية.
--------------------
في نص ( العد الشبقي للحواس) يقدم الكاتب رؤية جميلة لما يحدث من لقاءات حميمية في الدردشات الالكترونية بين الرجل والمراة او بالاحرى بين الذكر داخل الرجل والانثى داخل المرأة فالكلمات تثير الحواس والمشاعر والرغبات الجنسية تكاد في بعض الاحيان تتطابق مع الحقيقة.
-----------------------
(وساوس) قصة قصيرة جدا وفيها فكرة أن الكثير مما نكرهه ربما هو مانريده حقاً لكن نحتاج ان نزيل هذا الكره او حاجز الكراهية.
نص بسيط جداً.
------------------
في نص ( مستديم) يستخدم الكاتب تقنية الجمل القصيرة للوصف الدقيق مما اعطى النص تدفق الحركة بانسيابية وسلاسة وشكل رؤية بصرية فائقة الجودة من خلال تتابع الافعال ، وتذكرني تلك الشخصية ببطل مسلسل مونك المهووس بالترتيب بشكل يكاد ان يكون مرضي وخاصة سيره على بلاطات الشارع بدون ان تمس قدماه الفواصل بينها.
لنقرأ مثلاً : ( يضرب الجرس، نخرج للأستراحة، أشتري، يشترون،ينزوي هو بركن يمارس سرحانه، الكزه بكتفي...) .
وطبعاً فان الحلم حاضراً في هذا النص ولو بشكل عرضي.
واعتقد ان الكاتب اشتغل على هذا النص كثيرا واعاد كتابته مراراً بعناية بالغة كي يصل الى هذا الكمال اللغوي والسردي البديع، فهو من النصوص التي ستبقى في ذاكرة القارئ طويلاُ.
----------------------
اعتقد ان استهلال نص ( في اللوحة جرح ثان) فيه خطأ في التتابع السردي حيث يبدأ الكاتب بوصف صالة البيت بينما القادم لم يدخل الى البيت بعد،وثمة امر اخر ان الرجل الوسيم اخبر الطبيب في العيادة ان زوجته لم تتكلم حتى مع نفسها منذ ذلك الحادث الاليم بينما ان الطبيب حينما دخل الى البيت ورأى تلك الفتاة اعتقد انها هي المقصودة بينما هي تكلمت معه.
وهذا القادم هو طبيب نفسي جاء كي يعاين زوجة ذبحوا ابنها امامها مما اصابها نوع من المرض النفسي، وصف السارد لجمال البيت واناقة اصحابه وادبهم ومقارنته مع ماحدث لهم هو في الحقيقة وصف لوطن باكمله كان يعج بالجمال في كل تفاصيله لكن يأتي احدهم ويبث القتل والدم ثم يعتذر .
الالات الموسيقية واللوحات والكتب وآواني الزهور نموذج للجمال الذي كنا نعيشه قبل ان تهجم علينا طيور الظلام وتبث السواد في كل مكان.
--------------------------
في نص ( هذه اللعبة ) يضعنا الكاتب امام مشهد انساني ورغم بساطة النص الا انه يعبر عن النفس البشرية التي تسيئ الظن ثم يظهر عكس ذلك.
واعجبني استخدام الكاتب لتقنية الجمل القصيرة في الوصف مرة اخرى في المشهد الاستهلالي.
------------------------------
في نص ( خذ هذا المثال) ثمة خطاب ايديولوجي واضح وموقف من بعض ادعياء الدين لكنه مع ذلك نص عادي وبسيط جداً وكان يمكن ان يكتب بشكل افضل
---------------------
ويكرر الكاتب مايشبه فكرة النص السابق في نص ( السبات السحري ) لكن بشكل ميتافيزيقي بعض الشئ فمن خلال مرآة وأنعكاس الصورة في مياه النهر، فالتراث الديني يهيمن على تفكير وخيال الانسان ويظهر في الوعي واللاوعي بنفس الدرجة.
نص ايديولوجي محمل بالافكار الجدلية.
ويظهر الحلم مرة اخرى بشكل كابوسي هذه المرة.
-------------------
في نص ( حلم الله الابدي ) يكرسه الكاتب على ثيمة الحلم بشكل كامل وبلغة شعرية ذات بعد صوفي طغت على السرد من خلال هذيان شخص في عيادة طبيب ربما يكون اختصاصه الطب النفسي.
لكنه ليس من النصوص التي تشد القارئ.
-----------------------
في ( من باب الخروج عن النص) يقدم لنا الكاتب جمالية بالغة الثراء من خلال التماهي مع لعبة الخلق والفن التشكيلي والعطور والاستناد الى اراء فلاسفة مفترضين صنعهم السارد من خياله، فلكونه يعشق امرأة من نسج خياله فانه يقرر ان يصنع لها تمثالاُ،انه يقلد لعبة الخلق بل ينفذها بحذافيرها.
الم يقل مايكل انجلو للتمثال ( انطق ياموسى ،انطق ايها الحجر) فالسارد يستحضر مشاعر انجلو وهو يقف مذهولاً امام التمثال.
ويذكني هذت النص برواية العطر لباتريك زوسكيند ربما بسبب ثيمة العطر لكن الكاتب هنا يستخدم العطر كوسيلة لبث الروح في التمثال.
ربما الخالق خرج عن النص كثيراً وهو يجسدنا كتماثيل امامه.
نص ملهم واكثر من رائع.
-----------------------
في نص (ذلك الخميس) يقدم الكاتب بانوراما واسعة لموضوع اثير عند الكتاب العراقيين الا وهو الحرب، والكاتب هنا يفكك العلاقة بين الابداع الادبي وبين السلطة بشكل يبين للمتلقي عظم الهوة بين الاثنين فالكاتب بلا حرية ليس بكاتب وانما هو بوق للسلطة أي كانت هذه السلطة .
وفي هذا النص يكرر الكاتب المرآة التي وردت في نص ( السبات السحري) حتى انه يكرر نفس الجملة ( قتال شرس) لكن الفرق ان القتال في النص الاول خارج المرآة وفي النص الثاني داخل المرآة.
وصفعة المعلم ترافقت مع بداية الحرب ففي يوم الاربعاء 22 ايلول سنة 1980 بدأت الحرب وكانت الصفعة الاولى ولم تمر الا ساعات حتى نال السارد الصفعة الثانية.
والكتابة السردية عن الحرب لا تعني وصف المعارك والموجهات كما كان يحدث في السلسلة السردية التعبوية التي اصدرتها السلطة ابان الحرب بل بصيغة تقترب من الاسلوب الذي استخدمه عبد الستار ناصر في مجموعته القصصية ( الشمس عراقية ) فالحرب لا تعني المعارك فقط بل انها تعني ما يحدث داخل الانسان وهو الشئ الذي كتبه الشعباني في هذا النص.
نص اكثر من رائع .
----------------------
في نص ( اللعنة ) يتناص مع افكار ومرويات دينية كمروية ان لكل ملاك مهمة محددة او مروية نزول الملائكة للارض او مروية ابليس وامهاله الى يوم يبعثون لكن الكاتب قدم لنا رؤية بالغة الجمال بكل ماتحمله الكلمة من معنى وهذا الجمال هو الذي كلف بحمايته هذا الجان الذي ترقى الى رتبة الملائكة في لحظة توزيع المهام.
---------------
في نص ( اشعر اني حامل ) يستحضر الكاتب كل شئ ، الحروب، التقاليد والاعراف، الحلم، الاجهاض، العراق، كأنه اراد اختتام المجموعة بنص يريد به ان يقدم للمتلقي خطابه السردي وفكرته التي لن تنتهي وهي ان العراقي وهو في بطن امه مكتوب عليه ان يقاتل في كل حرب قادمة.



#رياض_قاسم_حسن_العلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليست رواية بل مسودة رواية
- المحجر لمحمد خضير / كتاب قصصي بلا قصص
- قراءة في رواية ( اوتو ) لخلدون السراي
- الشعر النهودي
- كائنات البن ل بلقيس خالد انحسار السرد أمام طغيان الشعر
- شئ عن المدينة
- الادباء والمقهى
- قراءة في مجموعة جنوب خط 33 القصصية للكاتبة خولة الناهي
- جمود فكري
- جمود فكري
- شئ عن التنوير/اراء ومواقف
- مقدمة في الحاجة الى منهج جديد للتفكير


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض قاسم حسن العلي - لماذا علينا أن نقرأ لعزيز الشعباني؟ قراءة غير متكاملة في المجموعة القصصية ( هو الذي رأى برهان امه ) الصادرة عن دار قناديل / بغداد / 2019.