أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض قاسم حسن العلي - ليست رواية بل مسودة رواية















المزيد.....

ليست رواية بل مسودة رواية


رياض قاسم حسن العلي

الحوار المتمدن-العدد: 7082 - 2021 / 11 / 20 - 22:58
المحور: الادب والفن
    


قراءة في رواية ( من المجنون) لهيفاء التميمي الصادرة عن دار ومنشورات وتر في البصرة سنة 2021 .

اشعر بسعادة كبيرة تغمرني وانا اسمع ثمة رواية او عمل ادبي صدر لأن هذا يعني حراك ثقافي وأدبي نحن بحاجة اليه.
لكن...
اليس من المفروض ان تكون كتابة الرواية بحاجة الى استعداد وتدريب وقراءات كثيرة وقدرة على كتابة السرد بطريقة صحيحة وليس مجرد قدرة على الحكي، وان يتم مراجعة المسودة عشرات المرات لتجنب الثغرات واعادة صياغة اللغة والاسلوب.
ومشكلة الكّتاب الشباب تكمن بقلة الخبرة والاستعجال بالنشر وهذا ما يجعل اغلب النتاجات الروائية تفتقر الى اشياء كثيرة منها الاسلوب اللغوي الضعيف واخطاء في المعلومات وعدم واقعية بعض الاحداث وحاجتها الى اضافات كثيرة او احتوائها على حشو زائد فالرواية يفترض انها تملك مساحة كبيرة وهي لعبة السارد كي يملئها بما يشبع رغبة القارئ في متعة الحكي وبمتن حكائي متقن ومحبك وخالي من اي ثغرات ، وهذه العيوب تنكشف بسهولة أمام القارئ لذلك يجب على أي كاتب سرد ينوي اصدار روايته أن يعرف انها بوابته لدخول عالم السرد وان يتأنى كثيراً قبل دخوله لأنه عالم صعب جدا.
حينما قرأت رواية ( من المجنون) شعرت بأنها عبارة عن مسودة رواية تحتاج الى الكثير من مقومات السرد لكي يمكن ان نقول عنها رواية بمعنى الكلمة وبشروطها وقواعدها وتقنياتها.
فالكاتبة استخدمت اسلوب السارد العليم لنقل الاحداث لكنها انتقلت الى صوت شخصية سردية في منتصف الرواية وهي شخصية سارة ولا اعرف بالضبط لماذا هذا الانتقال وما الحكمة منه فتعدد الاصوات تقنية يلجأ اليها السارد لتحقيق رؤية متعددة للحدث وليس لمجرد تغيير في نمط الروي وهذه المشكلة يقع فيها الكثير من الروائيين.
لكن هذا السارد العليم - في هذه الرواية- لم يكتف بنقل الحدث فقط بل كان يطلق احكام واراء ذات طابع أجتماعي واخلاقي ونفسي ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان نسمي تلك الاراء هي ميتاسرد فهذا الاخير له ضوابطه وتقنياته لكن بعض الكتاب يستخدمونه لأيصال الخطاب وهذا الخطاب لا صلة له بالسرد بل هو مجرد رسائل يريد الكاتب لها أن تصل الى القارئ وهي تعبر عن وجه نظره هو حتى تصير الرواية كأنها كتاب وعظي لذلك يقع بعض الكتاب في هذا المأزق وهذا يعود كما قلنا لقلة الخبرة.

والرواية تخلو من أي اشارة الى مكان وزمان وقوع الاحداث فلايوجد أي اسم لشارع او مدينة او محلة ولم يتسن لي كذلك معرفة زمن الرواية الخارجي لكن يمكن ان يفهم من بعض السياقات ان زمنها معاصر من خلال وجود اجهزة الموبايل مثلاً او كما جاء على لسان ادهم في صفحة 65 او ما ذكرته الكاتبة على لسان الطفلة ذات الستة سنوات في صفحة 72 وهو بالمناسبة كلام لا يتناسب مع عمرها.

وثمة اخطاء كثيرة في الرواية نذكر مثلاً منها الخطأ في التتابع السردي حيث ذكرت الكاتبة في صفحة 56 وصف سارة للمنزل الذي تسكنه حياة حيث تنتبه الى وجود طفل لكن سارة بعد دقائق قليلة وفي صفحة 59 صعقت سارة لمنظر الطفل وحتى لو كانت قد دهشت للون بشرته فيفترض انها شاهدته قبل ان تحمله امه.
وثمة خطأ اخر وهو اكمال خالد الذي ولد في السجن محكومية امه المسجونة التي توفيت واذا قلنا ان الخيال الجأ الكاتبة الى هذا الحال لكن الخيال لا يعني ان نكتب بشكل غير واقعي وغير صحيح.
ومن اخطاء التتابع السردي ما ورد في صفحة 82 حيث ذكرت الكاتبة :
( - لا افهم عما تتكلمين،
- حياة...أدهم...جون؟
تطلعت سارة بعيني امجد ورددت اسماءهم.)
فهي رددت اسماءهم ثم تطلعت بعيني امجد وليس العكس الا اذا كانت الكاتبة كانت تصف الحالة وهنا كان عليها ان تضيف ( حينما او عندما ) وليس حرف العطف كي يستقيم السياق.
ومن الاخطاء ايضا ورد في صفحة 35 ان عمر حياة حينما باعها اخوها الى المبغى كان سبع سنوات بينما في صفحة 84 ذكرت الكاتبة ان عمرها ثمانية سنوات.
وفي صفحة 85 ذكرت الكاتبة على لسان امجد انه أدعى امام مربية حياة أنه اخوها لكن لم يكن يدعي بل هو اخوها فعلاً.
ورد في صفحة 55 ان سارة كانت تتطلع الى ارقام المنازل المستأجرة فهل كانت المنازل المستأجرة تختلف عن تلك التي يسكنها اهلها او غير المستأجرة.
ورد في صفحة 65 ان خالد حكم بالسجن لمدة عشرين عاماً لقيامه بقتل احد النزلاء ولا اعرف بالتحديد على اية مادة قانونية اعتمدت الكاتبة عليها لتقرر هذا الحكم الذي يخلو منه قانون العقوبات العراقي.
ومن الاخطاء المطبعية نذكر مثلاً كلمة ( المادة ) والصحيح المائدة و ( هاله) والصحيح هالة في صفحة 87 وكلمة ( النضر ) والصحيح النظر ووردت ( ولو ) في صفحة 98 والصحيح ولن وكذلك ورد اسم ( رحمه) والصحيح رحمة جاء في صفحة 101 كلمة ( ابنة) والصحيح هو ابنه.وفي نفس الصفحة ذكرت الكاتبة كلمة ( دارها ) والصحيح غرفتها.
وماذكرت كان على سبيل المثال وليس الحصر.

والشئ الذي لفت انتباهي في هذه الرواية انها تعاني من خلل كبير في التنقيط بحيث نجد جمل كثيرة متصلة ببعض والمفروض ان يتم فصلها بعلامات تنقيط كي يستقيم السياق والمعنى واعتقد ان هذا ناجم عن عدم وجود مصحح لغوي لدى دار النشر يقوم بأعادة صياغة النص لغوياً فحتى لو كانت المسودة كانت خالية من هذا التنقيط فكان على دار النشر ان تنتبه اليه .

وكذلك يلاحظ القارئ تكرارها لكلمة واحدة في مشهد سردي واحد فعلى سبيل المثال كررت الكاتبة كلمة ( المنزل ) مرات كثيرة في مقاطع محددة الرواية وفي جمل متقاربة وكذلك تكرر الامر في صفحة 103 في كلمة ( حرص) وكان يمكن لها ان تستعين بالضمائر لتتخلص من هذا التكرار الذي لا داعي له،وكذلك استخدامها لتعابير عامية متداولة دون استخدام الاضافات لها كاستخدامها لكلمة ( الفرع) و ( الفروع) كناية عن الشوارع المتفرعة او الفرعية وهذا مما اخل بجمالية اللغة، واسلوب الكاتبة في كتابة الجمل والمشاهد السردية ينتابه ضعف واضح ولغة الرواية بشكل عام تحتاج الى مراجعة ففيها الكثير من الثغرات والهفوات ، نقرأ مثلاً :
( كان عليك الحضور في ساعة من قبل الان) ص 53. فهل هذه الجملة صحيحة؟
( السرقة اصبحت حلالاً في الشريعة السياسية ) ص 65 فماذا تقصد الكاتبة بالشريعة السياسية ؟
( كيف لها ان تعرف كيف تجعل هذا الجبل ينهار؟) ص 81 .
( لم يبق خبرهم ساكناً بل كان يستمع الى العديد من الكلمات التي تصدر بحقه دون توجيه مباشر) ص 31.

واما قلة المعلومات لدى الكاتبة فيمكن تقديم نماذج كأستخدامها لكلمة ( جنود) لوصف منتسبي مديرية تابعة للشرطة وليس للجيش فهذه المديريات عناصرها شرطة وليس جنود وكذلك استخدمتها للاشارة الى حرس السجن.
وفي صفحة 39 تتحدث عن أمجد بأنه مسؤول شعبة الجرائم لمركز المدينة وفي صفحة 58 تتحدث عنه بأنه مسؤول كبير في الجيش ، فهل شعبة الجرائم تابعة للجيش ام للشرطة.

وفي صفحة 74 تذكر الكاتبة أن ابن امجد نصب قاضياً بعد اربع سنوات من تخرجه من كلية القانون وهذا مخالف للحقيقة حيث ان تنصيب القاضي في العراق يحتاج الى دراسة في المعهد القضائي لمدة سنتين بعد تخرجه من الكلية وأن يكون لديه خبرة في المجال الحقوقي لا تقل عن ثلاث سنوات وأن يكون عمره لا يقل عن 28 سنة .
وفي الفصل الاخير ذكرت الكاتبة شئ عن مرض جون الذي يسبب فقدان ذاكرة مؤقت بشكل يذكرنا بما تناولته السينما كثيرا ولكن هل ان المصل هو العلاج الصحيح لهذا المرض، والكاتبة لم تستثمر هذا المرض في بناء سردية وأكتفت بالاشارة اليه في الفصل الاخير.

واستخدمت الكاتبة ما أسميه التلفيق السردي في ربط الاحداث الشخصيات بطريقة تشبه مايحدث في الميلودراما الهندية فهل ان قصة سرقة بيت اخ حياة من قبل زوجها دون ان يعلم جاءت بشكل مقنع للقارئ ثم يتضح فيما بعد ان امجد كان يعلم بهما وكان يراقبهما وكذلك حادثة ان تمكث جوليا في الميتم سنة كاملة واهلها كانوا يتوقعون انها في امريكا لغرض الدراسة فكيف كانوا يتصلون بها وهي في العراق وكذلك اعتراف امجد الكامل لأخته سارة وبكل التفاصيل جاء بشكل غير مقنع للقارئ فلايمكن ان يعترف امجد بسهولة لمجرد ان سارة واجهته باسماء حياة وادهم وجون وهو ضابط التحقيق المحنك وكذلك ذهاب امجد لدار الايتام وطلبه من مديرة الدار ان يأخذ جون كعبد وكان يمكن له ان يطلب منها تبنيه بكل بساطة وينتهي الامر فهل من المعقول انه كان يعتقد بقبول طلبه بأن يكون جون عبداً له وهذا ماتريده الكاتبة كنوع من التلفيق كيفما اتفق وليس في سياق سردي طبيعي والتلفيق هنا يعني الملائمة وهو مصطلح يستخدم حتى في مجال الفقه.
لكن والحق يقال أجد أن الكاتبة لديها قدرة جيدة جداً على توليد الحكايا المتشظية حتى وأن كانت لا تضيف شيئاً الى ثيمة الرواية كما حدث في الفصل رقم 12 وهذه القدرة ناجمة عن مخيلة واسعة تحتاج الى ان توضع في مكانها الصحيح وهذا يأتي بالطبع بالقراءة المكثفة والتمرين المستمر فلديها - اي الكاتبة - الامكانية على خلق الحكاية لكن ينقص هذه الامكانية توظيفها في شكل سردي متقن وهي قادرة على ذلك، ومن الاشياء الجيدة في الرواية والتي اعتقد انها تثبت قدرة الكاتبة على كتابة رواية جيدة في المستقبل هو ربط الاستهلال بالخاتمة واعتقد لست جازماً ان هذه التقنية اشتغلت عليها الكاتبة بتأني وروية دون استعجال وان لم تكن جديدة لكنها كانت موفقة بشكل كبير.
وهنا لابد ان اتكلم عن غلاف الرواية فلا اعتقد انه يمت لثيمة الرواية بصلة لا من قريب ولا من بعيد فهو مجرد تجميع لصور مأخوذة من الانترنيت وربما للكاتبة وللناشر رأي اخر.
والسؤال الاخير الذي لم اجد له أجابة : من هو المجنون وماهي علاقة الجنون باحداث الرواية.
وفي النهاية اشد على يد الكاتبة على هذا الجهد وأتمنى لها كل التوفيق في اعمالها القادمة.



#رياض_قاسم_حسن_العلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحجر لمحمد خضير / كتاب قصصي بلا قصص
- قراءة في رواية ( اوتو ) لخلدون السراي
- الشعر النهودي
- كائنات البن ل بلقيس خالد انحسار السرد أمام طغيان الشعر
- شئ عن المدينة
- الادباء والمقهى
- قراءة في مجموعة جنوب خط 33 القصصية للكاتبة خولة الناهي
- جمود فكري
- جمود فكري
- شئ عن التنوير/اراء ومواقف
- مقدمة في الحاجة الى منهج جديد للتفكير


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض قاسم حسن العلي - ليست رواية بل مسودة رواية