أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض قاسم حسن العلي - شئ عن التنوير/اراء ومواقف















المزيد.....

شئ عن التنوير/اراء ومواقف


رياض قاسم حسن العلي

الحوار المتمدن-العدد: 7017 - 2021 / 9 / 12 - 01:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ظهرت كلمة التنوير -كما يرى محفوظ ابي يعلا- أول مرة في فرنسا حين استخدم الأب دي بوس لفظ عصر التّنوير في العام 1733, واستخدمه جان جاك روسو في الخطاب الأول العام 1750 واستخدمه جان لورون دالمبير عالم الرياضيات الذي ساهم في كتابه المهم موسوعة العلوم والفنون والحرف بالتعاون مع ديدرو سنة 1751, ثم استخدمه آخرون في كلّ أنحاء فرنسا. وأمّا في ألمانيا، فقد ظهر لفظ التّنوير عندما تساءل كانت في نقاش حوله سنة 1784 عن: هل نحن نعيش الآن في عصر متنور؟ وكانت الإجابة لا, بل نعيش في عصر التّنوير أمّا في بريطانيا، فقد استغرق اسم التّنوير أكثر من قرن حتى ظهر باللّغة الإنجليزيّة ذلك أنه أطلق أول مرة على مذهب فلاسفة فرنسا المتنورون لفظ: تفلسف، وبعد سنوات طويلة ظهر مصطلح الاستنارة، وبعدها في العام 1899 استعمل أحد مترجمي كتاب هيغل فلسفة التّاريخ كلمة تجليّة أو إيضاح الفرنسيّة, وذلك لأنه ليس هناك لفظ متداول في اللّغة الإنجليزيّة يدل على تلك الحركة التنويريّة. وقد ظهرت الطبعة الحادية عشرة الشهيرة لدائرة المعارف البريطانيّة في العام 1911 من دون أن تتناول موضوع التّنوير، إلا أنه في الطبعة الرابعة عشرة في سنة 1929 تضمنت الموضوع، وأطلقت؛ أي دائرة المعارف البريطانيّة، اللّفظ على الألمان خصوصًا ولم ينطبق على الفرنسيّين والإنجليز إلا بشكل عرضي.
وحينما سئل الفيلسوف الألماني ايمانويل كانت عن مفهوم التنوير أجاب بقوله : "خروج الإنسان من حالة الوصاية عليه.. والتي هي عجزه عن استعمال عقله دون إرشاد من غيره.." وأورد كانت أمثلة توضح طبيعة الوصاية "حين يخضع الإنسان لسلطة كتاب (مقدس) بدل الاسترشاد بعقله، وحين يمتثل لسلطة مرشد ديني أو روحي بدل الاهتداء بوعيه وضميره.."

ومن المحن التي عانى منها اهل التنوير في اوربا نجد مثلا -كما يذكر كامل النجار- الفونس ملك كاستيل بإسبانيا (توفي عام 1284) عندما قال: لو كنت مستشار الله يوم الخلق لخلق عالماً ليس به نواقص كما نراها الآن. فغضبت الكنيسة عليه وأطلقوا الإشاعات عنه. وحدث أن الفونس اتهم زوجته بالعقر وأرسل إلى الدنمارك يطلب أميرة يتزوجها لتنجب له. وبينما كانت الأميرة في طريقها إليه حبلت زوجته. فأشاعت الكنيسة أنه ارتكب إثماً عظيماً لأنه لم ينتظر مشيئة الله في الإنجاب، وأن الله سوف يعاقبه علي ذلك في هذه الحياة. وفي ليلة من الليالي هطلت أمطار غزيرة معها برق ورعد شديدان، فما كان من الكنيسة إلا أن أشاعت أن البرق عذاب أرسله الله ليحرق قصر الفونس. بمثل هذه الخرافات حاربت الكنيسة كل من تجرأ وتحدث عن الدين أو عن الله.
ثم جاء الفلاسفة العظام وكان أولهم ديكارت (1596-1650) الذي كان خائفاً من الكنيسة في باديء الأمر فبدأ بالدفاع عن الله. وتدريجياً بدأ ديكارت بتجريد الله من بعض سلطانه، فقال بفصل الله عن الفلسفة (إن الله لا شأن له بالفلسفة إطلاقاً). ثم قال أن الكون لا نظام فيه، بل هو كون يعج بالفوضى ولا ينم عن مصمم ذكي. وأخيراً قال إن الله رحيم كريم ولكنا لا نحتاجه. وأكمل بمقولته المشهورة "أنا أفكر فإذاً أنا موجود". وبهذه المقولة ارتقى بالعقل فوق تعاليم الكنيسة ومنحه حرية التفكير والنقد.
ثم جاء سبنوزا (1632-1677) وبدأ بنقد التعاليم اليهودية فطرده الحاخامات وصبوا على رأسه اللعنات ومنعوا العامة من الحديث معه أو حتى السلام عليه. وأخيراً تجرأ سبنوزا بعد أن زال عنه الخوف من رجال الدين فقال إن قوانين الطبيعة هي الله ولا إله غيرها ،منح سبينوزا أولويّة للعقل، مستندا في ذلك إلى التطورات العلمية التي شهدتها أوروبا في القرن السابع عشر. لهذا السبب، شنّت ضدّه السلطة الدينيّة اليهودية التي تنتمي إليها عائلته هجمات عنيفة متهمة إياه ب"الإلحاد والكفر". وجرّاء مثل هذه التهم، ذاق الأمرين. مع ذلك رفض التراجع عن أفكاره كما يذكر حسونة المصباحي.
ثم جاء أليكساندر بوب (1688-1744) وحاول الدفاع عن الله وحاول صرف الفلاسفة عن الكلام عن الله، فقال إن الدراسات البشرية يجب أن تكون دراسة الإنسان. أي ما معناه: اتركوا الله في شأنه حيث يقول في قصيدة له :
(فاعهد نفسك إذن، ولا تجسر على فحص الله،
فالدراسة السليمة للبشر هي الإنسان)

ثم جاء جان جاك روسو (1712-1778) وحاول كذلك في البداية الدفاع عن الله وقال إن الشر من أنفسنا والخير من الله. ولكنه بالتدريج بدأ نقد الأديان وحتى نقد الله بطريقة غير مباشرة، وألف كتابه (اميل) Emile سنة 1762 الذي اعتبرته الكنيسة هرطقة وتعدي على الإله، فأحرقوا كتابه وهموا بحرقه لولا أن أخبره أحد الأمراء ليهرب ليلاً من باريس، ففعل وكان هذا الكتاب سبباً لإنشاء نظامٍ تربويٍ وطنيٍ جديد في خضم أحداث الثورة الفرنسية.
وبالتدريج زادت جرأة الفلاسفة في نقد الكنيسة والإله، فجاء إمانيويل كانت (1724-1804) الذي بدأ بالدفاع عن الله ثم حدث زلزال لشبونة في عام 1755 الذي دمر معظم المدينة وقتل الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ، وكان لهذا الزلزال أثرٌ عظيم في نفس كانت، فألف كتاب Critique of pure reason (نقد العقل الخالص) الذي قال فيه إن التنوير هو خروج الإنسان من عبوديته التي فرضها على نفسه باعتماده على قوة خارجية. و حث على صرف النظر عن كل الطقوس الدينية من تعصب وسلطان الكنيسة والصلاة وكل الطقوس التي منعت الإنسان من الاعتماد على نفسه ودعته للاتكال على قوة خارجية. ثم هاجم الدين وقال إن الذي يقول إن الألم والمصائب اختبار من الله، يقدم عذراً لا برهان عليه، وتكذّبه تجاربنا الشخصية اليومية. ومن يعتمد على هذا القول يشتري العزاء بحقيقة الألم الواقع لدرجة أنه يفقد المواساة للمصابين.
وعلى الرغم من مثالية سورين كيركغارد الفلسفية الا أنه يقول أن الحقيقة دائمًا في يد الأقلية ... لأن الأقلية عمومًا تتكون من أولئك الذين لديهم رأي حقيقي، في حين أن قوة الأغلبية خادعة، تتكون من القطعان التي ليس لها رأي .
ومن اكثر الامور التي عانى منها رواد التنوير هو التمسك بالتقاليد بدون وعي حيث يقول برتراند رسل
إن غريزة التمسك بالتقاليد ، والرعب من عدم اليقين ، والمصالح المكتسبة ، تعمل كلها على عدم قبول فكرة جديدة .
ومن محن اهل التنوير في مشرقنا البائس كما يذكر كريم الهاني نجد ابن الهيثم مثلاً لم يسلم من التسفيه، بعدما اعتبره البعض ملحدا خارجا عن الإسلام كأمثاله من الفلاسفة فابن تيمية كعادته، كفر ابن الهيثم، وقال في “درء التعارض” إنه “من الملاحدة الخارجين عن دين الإسلام، من أقران ابن سينا علما وسفها وإلحادا وضلالا… كان كغيره من الفلاسفة يقول بقدم العالم وغيره من الكفريات”.
ومما سجلته بعض المراجع التاريخية، أن ابن سينا كان، كما الفارابي، يعتقد بأن العالم قديم أزلي، لم يخلقه أحد؛ وأن الله يعلم الكليات لا الجزئيات، كما اعتقد بأن الأجسام لا تقوم مع الأرواح في يوم القيامة. ونتيجة لهذا الرأي، وصفه ابن القيم الجوزية في “الصواعق المرسلة” بـ”الملحد، بل رأس ملاحدة الملة”، وفي “إغاثة اللهفان” قال إنه “إمام الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر”. ابن سينا كفره أبو حامد الغزالي أيضا في كتابه “المنقذ من الضلال”، ووصفه الكشميري في كتابه “فيض الباري” بـ”الملحد الزنديق”.

فالعقلية الشرقية تميل الى العبودية فالشيء الذي يهيمن على روح الجماهير ليس الحاجة إلى الحرية كما يذكر غوستاف لوبون و إنما إلى العبودية. ذلك أن ظمأها للطاعة يجعلها تخضع غرائزياً لمن يعلن بأنه زعيمها.

إن ذلك الذي يوقن أنه يحوز الحقيقة -بحسب جون لوك - ويقبض عليها بيديه ، وأن الحجج -وليس المَيل والخيال- هي التي تجعله واثقا في معتقده ، وهو مع ذلك لا يطيق معارضة رأيه ، ولا يحتمل الإصغاء للآخر ، أو تفحص رأيه ووزنه بالحق ، إن مثل هذا الشخص يحكمه التحيّز والهوى لا غير .
فأنت قد تقضي عمرك كله وأنت تدافع عن افكارك ، ثم تكتشف انك كنت تدافع عن افكارهم التي زرعوها في عقلك كما يذهب برتراند رسل. لأنه من الصعوبة بمكان أن يتحقق السلام بين شخصين يعتقد كل واحد منهما أن الله غاضب على الآخر بحسب روسو.

وكمثال على تحكم نمط التفكير التقليدي نجد أن
لقد كان اكتشاف التخدير مناسبة أخرى تدخل فيها اللاهوتيون للحيلولة دون التخفيف من المعاناة الإنسانية. ففي عام 1847 اقترح سيمسون استخدام التخدير في حالات الولادة. ولكن رجال الدين اعترضوا على ذلك وذكروه على الفور بأن الله قال لحواء في الإصحاح الثالث أية 16 من سفر التكوين :"بالوجع تلدين أولادك."
فكيف إذن يتحقق ذلك إذا كانت المرأة تحت تأثير مخدر الكلورفورم ؟
غير أن سيمسون نجح في إثبات أنه ليس هناك ثمة ضرر في تخدير الرجال نظراً لأن الله وضع آدم في نوم عميق عندما نزع ضلعه. ولكن رجال الاكليروس - وهم ذكور - رفضوا الإقتناع بتخفيف ألام المرأة وهي في حالة الولادة على أقل تقدير.
يقول سام هاريس بشئ من الاسى "‏أنا فعلاً مستاء لأنني أعيش في مجتمع لا يمكنني أن أقول فيه الحقيقة البسيطة الواضحة دون الإساءة إلى 90% من السكان"
فلماذا أكونُ أنا ضالاً وفاسداً ومدمراً إذا خالفتك؛ ولا تكون أنتَ كذلكَ إذا خالفتني؟ بحسب القصيمي.



#رياض_قاسم_حسن_العلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة في الحاجة الى منهج جديد للتفكير


المزيد.....




- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض قاسم حسن العلي - شئ عن التنوير/اراء ومواقف